المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

مقالة:للاستاذ أنس المرفوع

16
الصورة الحالية ليس لديها نص بديل. اسم الملف هو: صورة-واتساب-بتاريخ-1446-09-11-في-12.18.30_234a3c50.jpg

الشرق الأوسط الجديد كيف تم تحويل الأخوة إلى اعداء؟ من التفتيت إلى العبودية المقنعة تحليل المفكر أوجلان للصراعات المزروعة في الشرق الأوسط :

فكما كان يجري قبل اتفاقية سايكس-بيكو من تمزيق مصطنع للجسد الاجتماعي نراه اليوم بنفس السيناريو يتكرر تحت شعار الشرق الأوسط الجديد حيث تحاك الأزمات في سوريا والعراق ولبنان واليمن والسودان وليبيا لضمان استمرار الهيمنة فاليوم يتم استهدف المكونات الاجتماعية التي تشكل نسيج المنطقة وخاصة في سوريا مثل العلويين والدروز والأكراد ليس بسبب انتماءاتهم بل لأنها خطوة مهمة لضرب التعايش التاريخي وإشعال حروب هوياتية حيث يؤكد المفكر أوجلان: أن الرأسمالية لا تنتج إلا العبودية المقنعة وحلها الوحيد هو مقاومة العقلية الدولتية عبر إعادة بناء المجتمع على أساس الديمقراطية التشاركية.وفي سياق أوسع فمنذ احتلال العراق وما تلاه من تفجير للنزاعات الطائفية والمذهبية أصبحت معالم مشروع الشرق الأوسط الجديد أكثر وضوحا فحقيقة يرى المفكر أوجلان أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يرتكز كما على تفتيت المجتمعات من خلال تأجيج الانقسامات العرقية والدينية والقومية من أجل تحويل المنطقة إلى دويلات متناحرة تدار من خلال وكلاء محليين تابعين لقوى الهيمنة الدولية وتركيا تشارك في هذا المخطط كفاعل مركزي سواء عبر سياسات التتريك أو دعم قوى الهيمنة الرأسمالية في تنفيذ اجنداتها بالمنطقة فالمفكر أوجلان يرى أن السياسة التي تغرق الشعوب في حروب أهلية هي سياسة إبادة بطيئة، فحقيقة يؤكد أن احتلال العراق لم يكن مجرد غزو عسكري بل كان إعادة هندسة للمجتمع على أسس طائفية وعرقية متناحرة متنافرة تمهيدا للصراع والاقتتال أما في سوريا فقد تحولت الثورة إلى حرب طائفية بفضل تدخل إيران وميليشياتها مثل حزب الله التي حولت الصراع إلى مجازر متبادلة مما مهد بعد سقوط النظام لإبادة متبادلة كما يصفها المفكر أوجلان تماما حيث يقول انه يقتل العرب على يد العرب ويدفع بالمجتمع إلى حلقات متكررة من الانتقام. أما في فلسطين حيث يرى المفكر أوجلان أن تعميق الانقسامات السياسية والدينية (فتح ضد حماس) لا يخدم سوى اسرائيل التي تسعى لتفريغ الأرض من شعبها وهذا حقيقة ما تشهده غزة اليوم عبر الحصار والتدمير الممنهج ومشاريع ترحيل الفلسطينين لإفراغ غزة من سكانها أما في لبنان تحول حزب الله إلى أداة طائفية بيد إيران لزجه بحروب طائفية مع اللبنانيين أنفسهم أو مع إسرائيل بحجة المقاومة مما عمق الكراهية بين المكونات حيث يرى المفكر أوجلان أن الاستعمار لا ينتصر بالسلاح وحده بل بتحويل الضحية إلى جلاد فإذا هاجمك غريب صفق جارك لموتك! وهذا ما يسميه المفكر أوجلان أيضا بلعبة الهويات المسمومة التي حولت الشرق الأوسط إلى ساحة انتقام دائم فالمفكر أوجلان يرى أن الاستعمار الحديث لا يغزو الأرض بل يغزو العقل يحول الأخ إلى جلاد والجار إلى سجان وهذا مايعمل عليه مهندسوا الشرق الأوسط الجديد الذي يحذر منه المفكر أوجلان بقوله أنه عندما تحول الهويات إلى خناجر تصبح الشعوب سجناء حرب لا تنتهي، ففي سوريا تحالف الشعب الذي خرج ضد استبداد النظام مع الجيش التركي لإحتلال الأراضي السورية وضد ابناء بلدهم الإخوة الأكراد باسم محاربة ( الإنفصال) دمرت روسيا المدن السورية باسم محاربة الإرهاب وبمساندة الجيش السوري حيث يقول المفكر أوجلان : بان الشعوب تذبح مرتين مرة بالسكين ومرة بصمت إخوتها. وفي العراق يتم السيطرة على مقدرات البلد وإبادة الشعب العراقي من قبل إيران وبمساندة العراقيين أنفسهم حيث حولت إيران الشيعة إلى حراس لها بينما داعش تقتل الشعب العراقي والسوري ( الأيزيديون والشيعة وحتى السنة) بحجة إقامة الخلافة وفي اليمن يتم مساعدة إيران بقتل الشعب اليمني من أهل اليمن نفسهم بحجة المقاومة والتحالف العربي يقصف اليمن بحجة محاربة ارهاب الحوثي ودعم الشرعية حيث يقول المفكر أوجلان بهذا الصدد هذه ليست حرب مذاهب بل هي لعبة إمبراطوريات تبتلع الدم لتبقى ويرى أنه لا فرق بين من يقتلك باسم القومية ومن يقتلك باسم الدين كلاهما يخدم السيد نفسه. والنتيجة كما يراها المفكر أوجلان أمة تشرح نفسها بسكين الهويات بينما اللصوص يسرقون بيتها! لكن الحل كما يراه المفكر أوجلان ليس في تكديس الضحايا بل في كسر القيد الذي يجعلنا أعداء لأنفسنا حيث يقول : لو توقفتم عن لعبة من الأكثر ظلما لعرفتم أن الظالم واحد وهو من يصنع هذه الألعاب الدموية فهو يرى أن القوى المهيمنة لا تخشى الوحدة بل تخشى أن يكتشف المضطهدون أن عدوهم واحد ، فالشرق الأوسط الجديد كما يراه المفكر أوجلان ليس مشروعا للتقسيم الجغرافي فحسب بل هو تفكيك للذاكرة المشتركة ولإرادة المقاومة حيث تستبدل الوحدة الوطنية بحروب الهويات الفرعية والنتيجة هي أن المنطقة أصبحت ساحة للإبادة المادية والمعنوية كما حصل مع الإيزيديين على يد داعش وكما يحصل حاليا للأكراد أو للعلويين في الساحل أو الدروز في صحنايا وجرمانا والسويداء على يد تركيا واذنابها وهنا يتجلى تحذير المفكر أوجلان حيث يقول : أن المشروع الاستعماري لا ينهب الأرض فحسب بل يسرق المستقبل أيضا، فالحل وفق رؤيته يكمن في الديمقراطية التشاركية التي تعترف بالتعددية دون تمزيق المجتمع وتقاوم الهيمنة عبر إعادة بناء العقد الاجتماعي على أسس حرية الشعوب وتقرير المصير فالبديل ليس بين الطائفية والعنف بل بين الاستعمار والتحرر وهو ما يتطلب وعيا جماعيا يرى بأن الصراع الحقيقي يجب أن يكون ليس بين المذاهب بل ضد من يصنع منها أسلحة لتدمير المنطقة. لكن التاريخ كما يقول المفكر أوجلان يعلمنا أن الشعوب قادرة على كسر قيود التقسيم إذا اتحدت حول مشروع تحرري بديل فهو يرى أن الحرية لا تمنح بل تنتزع عبر إرادة العيش المشترك واحترام التعددية ففي مؤتمر وحدة الصف الكردي الأخير أثبت الكرد أنهم قادرون على كسر الحلقة الاستعمارية التي أرادت تقسيمهم وتفتيتهم هذه المؤتمر لم يكن مجرد لقاء سياسي بل كان انتصارا على سياسة فرق تسد الاستعمارية وكان تجسيدا عمليا لفكرة العيش المشترك وتأكيدا على أن الحركة الكردية تخطت الانقسامات الحزبية ونموذجا ارى أن تحتذي به شعوب المنطقة فحقيقة أن مؤتمر وحدة الصف الكردي الأخيرة لم يكن حدثا عابرا بل كان رسالة للعالم أن شعوب المنطقة قادرة على كتابة مصيرها بيدها فكما قال المفكر أوجلان سابقا : إذا كان الاستعمار قد نجح في الماضي بتقسيم الكرد بين أربع دول فإن مؤتمر الوحدة أثبت أن إرادة الشعوب أقوى من كل المخططات الاستعمارية.وكما كسر الكرد قيود التقسيم يمكن لشعوب المنطقة كسر قيود الطائفية والمذهبية فالتجربة الكردية تثبت أن الشعوب حين تتحد حول مشروع تحرري مشترك تستطيع أن تقلب موازين القوى وتعيد كتابة تاريخها. بالنهاية شعوب المنطقة والشرق الأوسط اليوم أمام خيارين لاثالث لهما إما أن يكرروا انقسامات الماضي أو أن يصنعوا معا مستقبلا تحترم فيه إرادة كل مكون دون استثناء؟
من فكر وفلسفة المفكر عبدالله أوجلان
أعداد الأستاذ أنس المرفوع