المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

الاعتزاز بالقومية الكردية…

203

الاعتزاز بالقومية الكردية
حلّت عندي ضيفة منذ عدة أيام ، وكانت في صحبتها ، طفلتها التي لم تتجاوز السادسة من عمرها ، كانت طفلة حسناء ، حيية ، لا يُسمع لها صوت ، فظن طفلي الصغير بأنها بكماء ، ولهذا بدأ يداعبها بأسئلته الطفولية البريئة ، ما اسمك ؟ كم عمرك ؟ ولكنه لم ينل ما أراده من الأجوبة من ضيفتنا الصغيرة ، ولهذا اقترب منها وهمس في أذنيها بصوت مسموع بعض الشيء : هل أنت عربية ؟
فإذ بها تصرخ بصوت جلجل جدران الغرفة ، لا لا أنا كردية .
كم اتسمت ملامح هذه الطفلة بالعزة والإباء ، وهي لا تقبل أن تنعت بغير أصولها ! كم كانت أميرتي الميدية الصغيرة جميلة ، وهي تفتخر بقوميتها !
هذا الموقف الطفولي أشعل في نفسي مئات الاستفهامات ، حول سبب تعلق الكرد بقوميتهم لدرجة الانصهار ، ولهذا هرعت إلى مرافعات القائد أوجلان ، والتي يشرح فيها هوية الكرد ، وتاريخهم ، وكنت واثقة كل الثقة ، بأني سأجد الجواب الوافي ، لاستفهاماتي هذه ، والذي سيكون بلسماً لشعور الدهشة التي أصابتني من ردة فعل أميرتي الميدية الصغيرة .
فالكرد هم أبناء أقدم حضارة تاريخية ولدت في منطقة قوس طوروس – زاغروس . هذه المنطقة التي تدين البشرية لها بالشيء الكثير ، فهي المنطقة التي ولدت فيها الثقافة الآرية ، والتي اغتنت بها الثقافة السامية ، وحتى الثقافة الصينية ، وهي المنطقة التي ولدت فيها الزراعة ، فمناخها معتدل ، وأراضيها خصبة ، وغلاتها وفيرة ، وأمطارها غزيرة ، لها فصول أربعة ، وصدق من نعتها بجنة الأرض ، والشعب المولود في هكذا أرض ، كيف عساها تكون حضارته ، التي نحتها في جباله ، ووديانه ، وطقوسه ، وزيه ، وفلكلوره ، وأبجديته ، وأخلاقه ، وفكره ، ونفسه التواقة أبداً للحرية ، لأنه تعوّدها ، وتعايشها مع خرير أنهار منطقته ، وأصداح طيورها.
إنها كردستان ، فلا لوم على أبنائها الافتخار بقوميتهم العريقة ، والتي تتغلغل في دمائهم مذ إن كانوا أجنة في أرحام أمهاتهم ، ولا لوم على أميرتي الميدية الصغيرة أن تعتز بكرديتها ، لأنها موقنة بأن أجدادها هم صانعو حضارة راسخة بجذورها في عمق التاريخ .


بقلم : جيان أركندي….