المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

​​​​​​​بطش سياسي وقانوني يمارَس بحق القائد عبد الله أوجلان على مرأى العالم

138

منذ اعتقال القائد عبد الله أوجلان وزجّه في سجن إمرالي، يمارّس بحقه بطش سياسي وقانوني، وانتهاكات جسيمة مخالفة للقوانين التركية والقوانين العالمية بشكل ممنهج، كقانون حقوق الإنسان والمبادئ والمعاهدات الدولية، آخرها تشديد العزلة عليه منذ 27 شهراً.

سجن إمرالي ذو الرمز F هو سجن انفرادي في جزيرة إمرالي، تم إنشاؤه في شباط 1999، للقائد عبد الله أوجلان بعد أن نُقل معتقلوها إلى سجون أخرى، حيث تتم إدارته في وضع وممارسة خاصة في ظل نظام التنفيذ الذي يقال له “نظام العزلة في إمرالي”.

خلال السنوات العشر الأولى، كان القائد السجين الوحيد في سجن الجزيرة، وفي تشرين الثاني 2009، أنشأت السلطات التركية غرفاً جديدة (زنازين جديدة) وتم إدخال خمسة سجناء آخرين؛ ومع ذلك، ظل القائد محتجزاً في الحبس الانفرادي.

يقول القائد عبد الله أوجلان عن سجن إمرالي: “سجن اشتُهر بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق كبار مسؤولي الدولة في التاريخ، مناخها رطب جداً وجاف، حيث يمكن أن يدمّر الإنسان جسدياً، وعندما يضاف إلى ذلك العزلة في الغرفة المغلقة، يزداد التأثير على الجسم بشكل أكبر، وبقيت تحت إشراف قيادة القوات الخاصة لفترة طويلة”.

خلال هذا التقرير، وثّقت وكالتنا أبرز الانتهاكات التي تمارَس بحق القائد عبد الله أوجلان منذ بداية اختطافه إلى اليوم.

حق اللجوء السياسي

الانتهاكات اللا قانونية الممارسة بحق القائد عبد الله أوجلان بدأت منذ بداية خروجه من سوريا وعدم استقباله من قبل عدة دول، في خرق واضح لحق اللجوء السياسي الذي يتم الاعتماد عليه في المادة /18/ من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي على “الحق في اللجوء”، ويكفل باحترام اتفاقية جنيف لعام 1915، بالإضافة لاحترام ميثاق الحقوق الأساسية.

وكذلك المادة /14/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه لكل شخص الحق في طلبِ اللجوء والتمتع به في بلد/ بلدان أخرى، حتى لا يتعرض للاضطهاد في بلده الأم.

تخرق الدولة التركية أيضاً المادة /26/ من البند الثامن من دستورها بخصوص “حرية التعبير ونشر الفكر” بمنعها القائد عبد الله أوجلان من الاتصال بالعالم الخارجي بشكل تام، حيث تؤكد هذه المادة على “أن التعبير عن الأفكار والآراء ونشرها بالقول أو الكتابة أو الصور أو من خلال أي وسيلة أخرى حقٌ للجميع، فردياً وجماعياً.

ويتضمن هذا الحق الحرية في تلقي المعلومات والأفكار وتداولها، دون تدخل من السلطات الرسمية. ولا يمنع الحكم السابق إخضاع البث من خلال الإذاعة والتلفزيون والسينما والوسائل الأخرى لنظام تراخيص”.

السجن المؤبد

فيما يخص حكم الإعدام الذي فُرض على القائد عبد الله أوجلان خلال المحكمة التي عقدت في 29 حزيران 1999، ثم تحويله إلى حكم بالسجن المؤبد، فهو يخالف المادة /2/ و/3/ و /9/ و /10/ و/14/ من معاهدة حقوق الإنسان الأوروبية.

حيث تنص هذه المواد على “حق كل إنسان في الحياة يحميه القانون. ولا يجوز إعدام أي إنسان عمداً، ولا يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة المهينة للكرامة، ولكل إنسان الحق في حرية التفكير والضمير والعقيدة. ولكل إنسان الحق في حرية التعبير، ويكفل التمتع بالحقوق والحريات المقررة في هذه المعاهدة دون تمييز أياً كان أساسه: كالجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الانتماء إلى أقلية قومية، أو الثروة، أو الميلاد، أو أي وضع آخر”.

البطش السياسي في إمرالي

انعدام المعاملة الإنسانية واحترام الكرامة بحق القائد في إمرالي يخالف المادة /3/ في الاجتهادات القضائية للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والتي تنص على: “لا يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب ولا لعقوبات أو معاملات لا إنسانية أو مهينة”.

وأيضاً القاعدة /1/ من المبادئ الأساسية للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، حيث تنص على ضرورة “معاملة كل السجناء بالاحترام الواجب لكرامتهم وقيمتهم المتأصلة كبشر، ولا يجوز إخضاع أي سجين للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة”.

انعدام الرعاية الطبية والعلاج

هذا ما يخالف نص المادة /3/ من اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على “تلتزم الدولة بحماية السلامة الجسدية للأشخاص المحرومين من حريتهم، لا سيما بتزويدهم بالرعاية الطبية المطلوبة”.

وأيضاً القاعدة /24/ من نص خدمات الرعاية الصحية ضمن “قواعد نيلسون مانديلا”، والتي تنص على أن “تتولى الدولة المسؤولة توفير الرعاية الصحية للسجناء، وينبغي أن يحصل السجناء عل نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع”.

حق الطلب والشكوى

يجرد القائد عبد الله أوجلان، أيضاً من حق تقديم أي طلب أو شكوى بشأن معاملته، لا سيما ممارسة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ذلك ما يخالف نص المادة /34/ من اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “يجوز تقديم شكوى أمام المحكمة من قبل أي شخص طبيعي أو منظمة غير حكومية أو أي مجموعة من الأشخاص، تدّعي أنها ضحية انتهاك أحد الأطراف المتعاقدة السامية للحقوق المعترف بها في الاتفاقية وبروتوكولاتها. تلتزم الأطراف المتعاقدة السامية بعدم عرقلة الممارسة الفعالة لهذا الحق بأي تدبير كان”.

التكتم عن المعلومات

منذ نحو 27 شهراً، يتعرض القائد عبد الله أوجلان لعزلة مشددة، مع تكتم السلطات التركية على معلومات عنه، وهذا يخالف ما ورد في مضمون الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري – المادة /1/ فقرة 1 -2 من الجزء الأول “لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري”.

بالإضافة إلى حرمان القائد عبد الله أوجلان من الاتصال بالعالم الخارجي، وخاصة عائلته ومحاميه، ما يخالف نص المبدأ 16/1 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على “أنه لكل محبوس احتياطي أو مسجون الحق في أن يبلغ ويقع على السلطة المسؤولة تبليغ أعضاء أسرته أو أي أشخاص آخرين من اختياره”.

كذلك نص القاعدة رقم /37/ من القواعد نفسها، تؤكد على أنه “يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه على فترات منتظمة بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء”.

بما في ذلك القاعدة /58/ من المبادئ الأساسية للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) التي تشدد على ضرورة السماح للسجناء في ظل الرقابة الضرورية بالاتصال بأسرهم وأصدقائهم على فترات منتظمة؛ والقاعدتين /61/ و/63/ اللتان تنصان على مواصلة السجناء بالاطلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات الأهمية عن طريق قراءة الصحف والاستماع إلى برامج إذاعية، تُتاح للسجناء الفرصة والوقت والتسهيلات الملائمة لكي يزورهم محام من اختيارهم أو مقدِّم للمساعدة القانونية يتكلَّمون معه ويستشيرونه، دونما إبطاء ولا تنصُّت ولا رقابة وبسرية تامة، بشأن أيِّ مسألة قانونية وفقاً للقانون الداخلي الساري. ويجوز أن تجرى هذه الاستشارات تحت أبصار موظفي السجن، ولكن ليس على مسمعٍ منهم.

الحبس الانفرادي

كما أن العزلة بحق القائد عبد الله أوجلان تخالف القاعدة /45/ من “قواعد مانديلا” التي تؤكد على “عدم استخدام الحبس الانفرادي إلا في حالات استثنائية كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة ويكون رهناً بمراجعة مستقلة للحالة”.

تقرير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب الصادر في 5 أيار 2020، أيضاً أكد على أنه حالة عدم تلقي الأخبار (ص 48 و49) “منعزل عن العالم الخارجي”، غير مقبول ويوصى بوضع حد لهذا الوضع.

وهذا ما أكدته لجنة مناهضة التعذيب (CPT) في تقريرها الذي صدر في 5 أيار 1999، حول زيارة وفدها للسجون بعد شهر واحد من خطف القائد عبد الله أوجلان، حيث أكدت فيه أنه “لا ينبغي ترك عبد الله أوجلان وحده في السجن”.

العقوبات الانضباطية

بالإضافة إلى كل ذلك، تفرض الدولة التركية “العقوبات الانضباطية” على القائد بحجج كاذبة كل ثلاثة أشهر، هذا ما يمنعه مبدأ 16/1 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على “لكل محبوس احتياطي أو مسجون الحق في أن يبلغ ويقع على السلطة المسؤولة تبليغ أعضاء أسرته أو أي أشخاص آخرين من اختياره”.

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة /1/ فقرة 1-2 من الجزء الأول فهي أيضاً تنص على أنه “لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري”.

بما في ذلك القاعدة /39/ من “قواعد مانديلا”، حيث تنص على أنه لا يجوز أبداً أن يعاقب سجين مرتين على نفس الفعل والمخالفة، وعلى إدارات السجون أن تراعي التناسب بين الجزاء التأديبي والمخالفة التي تستوجب فرض ذلك الجزاء، وعليها أن تحتفظ بسجلات سليمة لجميع الجزاءات التأديبية المفروضة.

كل ذلك جزء بسيط من الانتهاكات الممارسة بحق القائد عبد الله أوجلان؛ وبذلك نستنتج من كل هذه الخروقات أن جميع القوانين الدولية تحولت إلى نظام فردي يتم تطبيقه على القائد في سجن إمرالي.