المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

زارت إمرالي 9 مرات.. تقارير (CPT) متروكة على الرف لا جدوى منها

231

زارت لجنة مناهضة التعذيب (CPT) أكثر من مرة سجن إمرالي على مر عقدين لكنها لم تستطع تغيير وضع وظروف العزلة المشددة المفروضة على القائد أوجلان، وتركت تقاريرها على الرف دون جدوى لم تنفذ دولة الاحتلال التركي أي منها.

 خبر  11 تشرين الأول 2022, الثلاثاء – 08:04 2022-10-11T08:04:00 مركز الأخبارـ أحمد سمير

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

إمرالي الرهيبة ذات الصيت السيء، هي جزيرة صغيرة في جنوب بحر مرمرة تتبع لمدينة بورصة التركية، إذ منع الطيران فوق الجزيرة، وحظر صيد السمك بالقرب من سواحلها، وهي إحدى جزر مرمرة الأربعة الكبرى.

جرى أول استقرار جماعي في الجزيرة بعد القرن السابع، وبعد توقيع معاهدة لوزان عام 1923 رحل أهالي الجزيرة إلى اليونان. بقيت إمرالي خالية من عام 1924 حتى عام 1925، كانت تعرف كمعقل للفارين، في عام 1935 افتتح سجن، وبدأت تستخدم كمعتقل عام 1936.

خلال أعوام 1940 تحولت إلى مركز إنتاجي كبير لأغطية المفارش والطاولات والمناشف والجوارب المصنعة في ورشات سجن إمرالي وتباع في جميع أنحاء تركيا.

بعد انقلاب 1960 استخدم سجن إمرالي لمعاقبة المسؤولين الأتراك، حيث سجن فيها رئيس الوزراء التركي السابق عدنان منديريس، وزير الخارجية السابق في حكومة مندريس فتين رشدي زورلو، وزير المالية حسن پولاتكان.

كذلك اعتقل في إمرالي السينمائي المعروف يلماز كوناي، والمصور الروماني أنغولوس ستافونوديس، المؤلف الأمريكي الذي ألف كتاب قطار نصف الليل بيلي هايز كان يقضي عقوبة السجن المؤبد حتى فراره.

وبعد مؤامرة معقدة شاركت فيها استخبارات الدول المهيمنة، أعدت خطتها من قبل أمريكا، اختطف القائد أوجلان من مطار نيروبي في 15 شباط 1999، ونقل بعدها إلى إمرالي حيث يقضي عقوبة مدى الحياة فيها.

حصلت تطورات في جزيرة إمرالي بعد اختطاف القائد أوجلان ونقله إليها، إذ نقلوا المعتقلين فيها إلى سجون أخرى، وأصبحت منطقة عسكرية محظورة شديدة الحراسة، أنشئ نظام جديد لاتباع سياسات خبيثة لكسر إرادة القائد الذي وصف الأوضاع فيها بمثابة وضع الإنسان حيّاً داخل تابوت.

بعد 24 سنة على اعتقال القائد أوجلان يتبين أن المصالح السياسية والاقتصادية فوق كل اعتبار كذلك الأمر بالنسبة للمنظمات الإنسانية والحقوقية المعنية.

وتحظر البروتوكولات الموقعة والمنصوص عليها من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين، ووفقاً للمادة الثالثة لا يجوز فرض العقوبة المهينة للكرامة.

وتقوم لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية (CPT)، أحد أهم أجهزة المجلس الأوروبي والتي نشأت بغرض منع التعذيب والتحقيق في معاملة الأشخاص المسلوبين حرياتهم ودعمهم وحمايتهم.

ويمكن لهذه اللجنة زيارة السجون في 46 دولة موقعة على عهود ومواثيق وقوانين المجلس الأوروبي، دون الحصول على إذن مسبق، ولا يحق لأي منها إغلاق أبواب السجون والمخافر أمامها، إلا أن دولة الاحتلال التركي ضربت القوانين والمواثيق والعهود التي وضعت من قبل المجلس الأوروبي بعرض الحائط، وأخلّت بالاتفاقات التي وقعت عليها، وذلك بحجز القائد أوجلان في سجن انفرادي وفرض عقوبات انضباطية عليه ومنعه من التواصل مع موكليه وذويه.

وبعد مضي أكثر من عقدين على اعتقال القائد أوجلان لم تلعب لجنة مناهضة التعذيب CPT دورها بالشكل المطلوب في الضغط على دولة الاحتلال التركي لإنهاء العزلة، وكأن قوانينها حبر على ورق.

تصرفات هذه اللجنة وعدم تحركها طوال كل هذه السنوات والاكتفاء بالمشاهدة وإطلاق تصريحات وشعارات، يضع مصداقيتها مثلها مثل باقي المؤسسات الدولية التي تم تشكيلها عقب الحرب العالمية الثاني، في موضع الشك.

لحفظ ماء وجهها، أعدت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب تقارير مخزية خلال طيلة هذه السنوات تحدثت فيها عن انتهاك حقوق الإنسان في سجن إمرالي لكنها لم تتحرك لإيقافها واكتفت بالمراقبة فقط.

ولم ترد أي معلومة عن وضع القائد أوجلان منذ 18 شهراً، حيث لم تستمع لجنة مناهضة التعذيب إلى نداءات وصرخات شعوب المنطقة المطالبة بالكشف عن وضعه الصحي وسلامته.

وأجرت لجنة مناهضة التعذيب 9 تحقيقات منذ اعتقال القائد أوجلان عام 1999، إذ قدمت بعد كل تقرير جملة من التوصيات لإنهاء العزلة، ودعوة السلطات التركية إلى اتخاذ إجراءات للحد منها.

وخلال الـ 10 سنوات الماضية قامت اللجنة بزيارة سجن إمرالي3 مرات فقط، وعندما زارت تركيا عام 2021 لم تجد أي ضرورة للذهاب إلى سجن إمرالي.

فيما يلي ملخص لتقارير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب عن الزيارات لسجن إمرالي خلال سنوات اعتقال القائد أوجلان:

عام 1999: لا ينبغي تركه بمفرده في السجن

زار وفد لجنة مناهضة التعذيب سجن إمرالي لأول مرة في 2 آذارمارس 1999، وصدر التقرير الخاص بهذه الزيارة في 5 أيار مايو 1999، وذكر في التقرير أنه لا ينبغي ترك عبد الله أوجلان بمفرده في السجن.

وحول سوء الأوضاع والظروف في سجن إمرالي أيضاً، جاء في التقرير “إنه متروك بمفرده في مكانٍ لا يوجد فيه أحد، في ظل وضع أمني مشدد للغاية، كما أن لهذه الظروف تأثير سلبي على صحة السيد أوجلان، وينبغي اتخاذ إجراءات لمنع استمرار ذلك الأمر”.

عام 2001: يجب فسح المجال لمشاهدة التلفاز والاستماع إلى الراديو

بعد اعتقال القائد أوجلان بسنتين زارت لجنة مناهضة التعذيب سجن إمرالي بين 2 و14 أيلول 2001، وقالت اللجنة في تقريرها أنهم لم يجدوا دلائل على سوء وضع القائد صحياً، لكنهم طالبوا السلطات التركية بتغيير وتهيئة الظروف ليتمكن من لقاء سجناء أخرين.

وطالبت اللجنة أيضاً بمنح المجال للقائد أوجلان مشاهدة التلفاز والاستماع إلى الراديو متعدد القنوات، وإجراء المحادثة الهاتفية مع ذويه ومحاميه، وإمكانية التحرك بحرية بين زنزانته والغرف المجاورة.

عام 2003: لا يجوز تقييد حق الزيارة

منعت الدولة التركية باستمرار في أوائل العام 2000، القائد عبد الله أوجلان من لقاء عائلته ومحاميه بذريعة “السفينة معطلة” أو “الطقس سيء”، وقامت بتقليص اللقاء مع العائلة والمحامين، الذي كان في البداية مرتين في الأسبوع، إلى مرة واحدة في الأسبوع، ومن ثم تم تقليص مدة اللقاء من ساعتين إلى ساعة واحدة، وفي انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية، قامت بمنع اللقاء لأسابيع وبالتالي سمحت له باللقاء مرة أو مرتين في الشهر.

وكشفت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب، التي زارت إمرالي في الفترة ما بين 16 و17 شباط 2003، تقريرها بهذا الصدد في العام 2004 وطالبت بإنهاء العزلة في سجن إمرالي، واقترحت وضع حد للعقبات التي تحول دون عقد اللقاءات، وذُكر في التقرير أيضاً أن تعطيل اللقاءات لأكثر من ثلاثة أشهر هو وضع خطير وغير مقبول بالنسبة للسجين.

عام 2007: يجب معالجته

قامت لجنة مناهضة التعذيب بالزيارة الرابعة إلى سجن إمرالي بعد محاولة الدولة التركية تسميم القائد أوجلان، حيث عقد المحامون في 1 آذار/ مارس 2007 مؤتمراً صحفياً في روما، وأعلنوا أنه تم فحص شعرة من شعر القائد أوجلان في المختبر ونتيجة لذلك تم تحديد وجود مواد كيماوية بمستويات عالية من مادة السترونتيوم والكرومين في جسده، وتم توصيف هذا الأمر على أنه تسمم ممنهج.

وبدأ 18 سياسياً وناشطاً كردياً إضراباً مفتوحاً عن الطعام لا رجعة عنه في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، في شهر نيسانأبريل 2007، من أجل تشكيل هيئة مستقلة لمعالجة عبد الله أوجلان، ونتيجةً للإضراب عن الطعام الذي استمر لـ 39 يوماً وجمع أكثر من 100 ألف توقيع في غضون أسبوع، قررت إدارة اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب إرسال وفد إلى سجن إمرالي.

وصدر تقرير حول زيارة اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في الفترة ما بين 19 و22 أيارمايو 2007 بعد ذلك بعام، واقُترحت بعض التوصيات لكي يتمكن القائد عبد الله أوجلان من التواصل مع العالم الخارجي ويتم علاجه، كما ذُكر في التقرير أن ظروف سجن إمرالي لم تتغير إطلاقاً أو تغيرت قليلاً مقارنة بالزيارة التي تمت قبل 4 سنوات.

عام 2010: ما زال التلفاز غير متوفر، ويمنع استخدام الهاتف

وجرت الزيارة الخامسة للجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب إلى إمرالي بعد بناء سجن جديد في الجزيرة وإرسال 5 سجناء آخرين إلى الجزيرة، وتمت الزيارة في 26-27 كانون الثاني يناير 2010، التي ضمت أيضاَ رئيس اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب “ماورو بالما”، وكُشف تقرير هذه الزيارة أيضاً في شهر تموز من العام نفسه، حيث تم اقتراح الخطوات التي يتوجب اتخاذها لكي يتمكن القائد أوجلان من رؤية النور في زنزانته، كما طُلب أيضاً منح السجناء المنقولين حديثاً إلى سجن إمرالي إمكانية اللقاء مع بعضهم البعض.

وطُلب في التقرير أيضاً، توفير التلفاز للقائد عبد الله أوجلان، مثله مثل غيره من السجناء الآخرين في إمرالي، وإمكانية التحدث مع عائلته عبر الهاتف بين الحين والآخر.

عام 2013: محروم من نور الشمس يجب عدم القبول بالعقوبات

زارت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب سجن إمرالي للمرة السادسة في 16-17 كانون الثانييناير 2013، وكشفت تقريرها حول هذه المسألة في عام 2014، وذُكر في التقرير الذي سلط الضوء مرة أخرى، على أن القائد عبد الله أوجلان لا يزال محروماً من نور الشمس في الزنزانة ومن فرصة لقاء السجناء الآخرين، وأنه لم يُسمح له بالتحدث بالهاتف منذ سنوات.

وأشير في التقرير إلى عدم القبول بـ”العقوبة الانضباطية” التي تفرضها دولة الاحتلال التركي بشكل تعسفي، وبحسب اللجنة، لا يجوز أن تتجاوز العقوبات الانضباطية 14 يوماً من السجن الانفرادي.

عام 2016: ادعاءات تركيا ليست لها أي مصداقية

وبعد ثلاث سنوات، زارت لجنة مناهضة التعذيب سجن إمرالي في 28-29 نيسان أبريل 2016، ووصفت زيارتها بأنها “مخصصة” (لم يخطط لها مسبقاً) وكشفت تقريرها الاستقصائي في آذارمارس 2018، حيث أعطت الحكومة التركية الإذن بإصدار التقرير بعد ذلك بعامين.

وذكرت اللجنة في هذا التقرير أن السجناء في إمرالي وفي مقدمتهم القائد عبد الله أوجلان، لا يستطيعون التواصل مع العالم الخارجي، وقيل أيضاً إن أعذار السلطات التركية التي تدعي أن “السفينة معطلة” أو “الظروف الجوية سيئة” ليست لها أي مصداقية.

عام 2019: أعذار منع اللقاءات العائلية أعذار للتضليل

بعد عام 2016، وبعد الإضراب عن الطعام حتى الموت في سجون دولة الاحتلال التركي وجميع أنحاء العالم، تذكرت لجنة مناهضة التعذيب ((CPT سجن إمرالي، حيث زار وفد من اللجنة مكون من ستة أشخاص السجون في تركيا بين 6 و17 أيار مايو 2019 وتوجه إلى إمرالي، إلا أن التقرير الخاص بهذه الزيارة تم الكشف عنه بعد عام.

وذُكر في التقرير أن أعذار منع اللقاءات العائلية هي أعذار للتضليل وتم توجيه الدعوة إلى الحكومة التركية لاتخاذ خطوات في هذا الشأن، كما تمت الإشارة أيضاً في التقرير إلى أن نظام العزلة المفروضة في إمرالي لا يمكن قبوله.

عام 2021: لم تتوجه إلى إمرالي أثناء زيارة تركيا

قدمت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب، التي زارت إمرالي 8 مرات من أجل رفع العزلة المفروضة في إمرالي، توصيات إلى الدولة التركية بشأن هذه القضية، لكنها لم تتابع تنفيذها، وحتى أنها لم تر في العام 2021 أي ضرورة للتوجه إلى إمرالي، حيث زارت اللجنة ما بين 11 و25 كانون الثاني يناير 2021، العديد من السجون في تركيا، لكنها لم تتوجه إلى سجن إمرالي.

عام 2022: تقريرها حول تركيا بدون إمرالي

نشرت اللجنة تقرير الأعمال العامة لعام 2021 في شهر نيسان أبريل، حيث تم إعداد تقرير عن الزيارة إلى 9 دول أعضاء، بما فيها تركيا، وكان الأمر المثير للاهتمام هو أنه لم يتم تضمين أي معلومات في التقرير المتعلق بسجن إمرالي شديد الحراسة.

آخر زيارة

يمر القائد أوجلان في أسوأ عزلة مشددة اليوم بعد 23 عاماً على اعتقاله وسط منعه من اللقاء بموكليه وذويه، والتكتم على أوضاعه وصحته منذ ما يقارب 18 شهراً.

صرحت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية أن الوقت حان لإطلاق سراح القائد أوجلان، مستندة بذلك لقرار المحكمة الذي صدر في 18 آذار عام 2014 ويفيد بعدم جواز احتجاز أي شخص في السجن لبقية حياته.

وأثارت الأوضاع المشددة التي تشهدها إمرالي والتي تخالف كل القواعد والقوانين الدولية غضباً حول العالم، إذ تقدم ٣٥٠ محامياً من ٢٢ دولة أوروبية بطلب إلى وزارة العدل للقاء بالقائد عبد الله أوجلان.

وبعد مناشدات للكشف عن أوضاع القائد أوجلان، زار وفد من اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب (CPT) سجون تركيا بين 20/ 29 أيلول المنصرم، لا سيما سجن إمرالي للتحقيق في شروط وظروف سجن القائد أوجلان.

وأشارت اللجنة أنها ستعد التقرير في شهر آذار لعام 2023.

وفي ظل كل هذه الأمور لا بد من تحقيق قانون “الحق في الأمل” وإعادة محاكمة القائد أوجلان والإفراج عنه بعد قضائه فترة طويلة في السجن والتي تخالف القوانين التي وقعت عليها دولة الاحتلال التركي.

ANHA