المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

أطروحة القائد عبدالله أوجلان.. خارطة خلاص من الانهيار الإقليمي ومواجهة الهيمنة الإمبريالية

27

تمثل أطروحة القائد عبدالله أوجلان طوق نجاة لدول المنطقة من خطر الانهيار، في ظل محاولات القوى العظمى استغلال الأوضاع الراهنة لإعادة ترتيب المنطقة بما يخدم مصالح الإمبريالية العالمية.

في خضم الأزمات المتشابكة من الحروب والاستبداد والتدخلات الخارجية التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط، تبرز أطروحة القائد عبدالله أوجلان كنداء تاريخي يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة التقليدية، مقدمة رؤية جذرية لإعادة بناء دول المنطقة على أسس ديمقراطية تعددية ومجتمعية. وترفض هذه الأطروحة النموذج الكلاسيكي للدولة القومية الذي أثبت فشله في احتواء التعددية الثقافية والعرقية، وتقترح بديلاً يتمثل في الكونفدرالية الديمقراطية، حيث تُبنى المجتمعات على أسس التنظيم الذاتي والعدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية. ويهدف هذا النموذج ليس إلى الانفصال أو تأسيس كيانات قومية جديدة، بل إلى تفكيك منظومة الهيمنة من الداخل وتحرير الشعوب من الاستبداد القومي والذكوري.

السلام والمجتمع 

ويؤكد القائد عبدالله أوجلان في أطروحته، أن السلام الحقيقي لا يمكن أن ينبثق من مؤسسات الدولة التي تعيش على إنتاج الحرب، بل ينبع من المجتمع ذاته. فالدولة تخلق الصراعات لتبرير وجودها، وغالباً ما تلجأ إلى ابتكار عدو وهمي لتحشيد الرأي العام المساند لها، بينما يسعى المجتمع المنظم إلى السلام كي يحيا وينظم شؤونه وفق آليات محددة تتسم بتوزيع المسؤولية على الجميع دون تمييز. ويضع هذا التحول في المفهوم المسؤولية على عاتق الشعوب لا الأنظمة، ويمنحها زمام المبادرة في بناء المستقبل. كما تشغل المرأة موقعاً محورياً في المشروع الفكري للقائد عبدالله أوجلان، ليس فقط كرمز للتحرر، بل كقوة تنظيمية قادرة على كسر دوامة العنف وإعادة إنتاج الحياة، حيث يرى القائد عبدالله أوجلان أن تحرر المرأة شرط أساسي لتحرر المجتمع، وأن النظام الذكوري يعد أحد أعمدة الهيمنة التي يجب تفكيكها من أجل بناء مجتمع عادل.

مخططات التفتيت

وفي ظل التنافس المحموم بين القوى الإقليمية والدولية على رسم خرائط النفوذ في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية، تتحول الجغرافيا إلى ساحة صراع لا تملك فيها الشعوب مشروع حياة حقيقي. فالقوى الكبرى، من إسرائيل إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين، لا تمانع في استمرار الأزمات ما دامت تحقق مصالحها الاستراتيجية؛ فلا ضير من استمرار الحرب على غزة أو أوكرانيا طالما استمر تدفق شحنات السلاح التي تنعش الاقتصادات الغربية، ولا مانع من حصار الدول وخنقها طالما أن تفجير الأوضاع يصب في صالح إعادة ترسيم مناطق النفوذ ضمن أطر الصراع العالمي. وهنا تتجاوز أطروحة القائد عبدالله أوجلان هذا الواقع، من خلال وضع حد لهذا العبث، وتأسيس نموذج مقاوم لا يعتمد على العنف، بل على التنظيم الشعبي والوعي الديمقراطي.

 خيار الشعوب

ووفقاً لأطروحة القائد عبدالله أوجلان، يقف الشرق الأوسط اليوم أمام مفترق طرق محدود الخيارات؛ إما الاستمرار في دوامة الانهيار، أو تبني نموذج القائد عبدالله أوجلان الذي يمنح الشعوب حق تقرير مصيرها بعيداً عن إرادة الدول الكبرى. وهذا النموذج لا يعد بحلول سريعة، لكنه يزرع بذور تحول عميق، يُخرج المنطقة من كونها ضحية للخرائط الإمبريالية إلى فاعل قادر على رسم مستقبلها. ومن الجدير بالذكر أن أطروحة القائد عبدالله أوجلان ليست مجرد نظرية سياسية، بل دعوة عملية لإعادة تعريف السلطة والهوية والمجتمع. إنها تشكل طوق نجاة لمن أراد الهروب من جحيم الحروب والانقسامات، وبوصلة لمن يسعى إلى بناء شرق أوسط جديد لا يُدار من الخارج، بل يُصاغ من إرادة شعوبه.

وقال الدكتور محمد محمود دوداني في تصريح سابق لوكالة فرات للأنباء (ANF)، “لقد انتشر فكر القائد أوجلان على الصعيد النخبوي خلال السنوات الماضية، وبات المثقفون العرب على علم بالقضية الكردية وبفكر القائد، الذي أسس لمنظومة عدالة تضمن أخوة الشعوب وتحقيق السلام. ومن خلال الطبقة المثقفة وكتاباتها وتفاعلاتها في الدول العربية، حدث تأثير على صناعة القرارات المتعلقة بالحريات، ولعل أبرزها حرية المرأة ومنحها مكانتها، وهو ما بدأت بعض الدول العربية الكبيرة العمل عليه، ومن ثم فإن الفضل في صحوة المرأة في المنطقة العربية يعود إلى فكر القائد عبدالله أوجلان”.

وأكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري حسن بديع في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن “تمسك القائد عبدالله أوجلان بنداء السلام يؤكد إدراكه لما يحدث في الداخل التركي وسوريا ومنطقة الشرق الأوسط، ليس فقط انطلاقاً من حسه السياسي العميق، بل أيضاً من منطلق أطروحاته الفكرية التي تستشرف مستقبل المنطقة عبر تحليل العلاقة بين الشعوب والحكام من جانب، وبين الأنظمة بعضها من جانب آخر، فضلاً عن إدراكه لفلسفة الدول العظمى في التعامل مع ملفات المنطقة وسبل التعاطي معها على كل الأصعدة بما يخدم مصالح الشعوب”.