المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

قره سو: ينبغي على الدولة ألّا تُبقي العملية عالقة في مكانها بل يجب أن تتخذ خطوة إلى الأمام

24

صرّح مصطفى قره سو، أن نهج حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية والمسار الحالي الذي تتبعه اللجنة لا تتناسب مع العملية، وقال: ”لا يمكن أن يكون هناك اندماج بدون سلام ومجتمع ديمقراطي، بل إن اندماجاً كهذا سيكون استمراراً للانصهار والإبادة الجماعية“.

وصف عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) مصطفى قره سو اللقاء الذي جرى مع القائد آبو في 28 آب المنصرم بأنه “لقاء متأخر جداً”. وأكد قره سو على ضرورة فهم الدور الذي يضطلع به القائد آبو كرئيس للمفاوضين بشكل صحيح في هذه العملية التي تتسم بالحساسية الشديدة، والتي تتعلق بدمقرطة تركيا وحل القضية الكردية.

وأشار قره سو إلى أن تأخير العملية أمر غير مقبول، مؤكداً أن تهيئة الظروف التي تمكّن القائد آبو من أداء دوره بحرية وفاعلية هي ما سيمهّد الطريق أمام الحل أولاً. وأضاف قائلاً: “كل خطوة تُترك رهينة للزمن تنطوي على مخاطر”، مشيراً إلى أن إحراز تقدم في مسار التحول الديمقراطي ومعالجة القضية الكردية في تركيا يتطلّب تسريع وتيرة اللقاءات وتمكين القائد آبو من الاضطلاع بدوره كاملاً.

أجاب عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) مصطفى قره سو، على أسئلة قناة “مديا خبر” بخصوص عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، وكذلك سياسات الدولة التركية تجاه سوريا.

https://cdn.iframe.ly/XZFTe5eJ
وفيما يلي الجزء الأول من المقابلة التي أجرتها قناة “مديا خبر” التلفزيونية مع مصطفى قره سو، عضو المجلس التنفيذي في منظومة المجتمع الكردستاني  (KCK):

بعد مرور شهر كامل، في 28 آب المنصرم، قام وفد إمرالي لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) بزيارة القائد آبو. كيف تُقيّمون إجراء هذا اللقاء بعد مرور شهر؟

قبل الخوض في هذا الموضوع، أستذكر بكل امتنان واحترام الرفاق كمال، خيري، عاكف، وعلي الذين استشهدوا في صيام الموت عام 1982. إن تطلعاتهم ستتحقق حتماً من خلال نضالنا. بالطبع، إن استشهاد هؤلاء الرفاق لا يشكّل فقط القيمة التاريخية للمقاومة في السجون، وأساس تحقق هذه المقاومة وجوهرها، بل كان أيضاً جسراً مهماً لنضالنا في الفترة التي انسحبت فيها حركتنا، ولعب دوراً كبيراً في مسألة إعادة تنظيم نضالنا وتطوره. وبهذا الشكل، ستظل دائماً في ذاكرة النضال التحرري الكردستاني. وإنني أستذكر الرفيقة بيريتان آمد، التي استشهدت في هذا الشهر، بكل احترام وتقدير. لقد كانت جزءاً من نضالنا لعقود، وتولت القيادة، وناضلت على خط حرية المرأة، وكانت رفيقة عزيزة جداً لنا. ونظراً للمشكلات الصحية التي واجهتها، فقدناها وارتقت إلى مرتبة الشهادة، وأتقدم بأحر التعازي لعائلتها ولعموم شعوب كردستان. كما استشهد أحد رواد حركة الشبيبة، الرفيق جيا رزكار، أيضاً بسبب المرض. حيث كان له مكانة مهمة جداً في نضالنا، وبفضل حماسه وريادته، أسهم بإسهامات مهمة في كل من حركة الشبيبة ونضالنا. وإنني أستذكره أيضاً بكل امتنان واحترام.

وكما أسلفتُ آنفاً، اللقاء الذي جرى في 28 آب المنصرم كان لقاءً متأخراً جداً. إن تأخر انعقاد هذا اللقاء إلى هذا الحد يوضح، بالطبع، نهج السلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية (AKP)، ففي قضايا بالغة الأهمية كهذه، أطلق القائد آبو دعوة السلام والمجتمع الديمقراطي، واتخذ خطوات هامة جداً فيما يخص دمقرطة تركيا وحل القضية الكردية. بحيث قام بخطوات لم يتوقعها أحد، وأحدث بذلك أملاً في مسار دمقرطة تركيا وحل القضية الكردية. وفي جو وسياق من هذا القبيل، فإن تأخر انعقاد اللقاءات إلى هذا المستوى يُعد، بلا شك، أمراً غير مقبول.

لأن القائد آبو هو رئيس المفاوضين، وقائد الشعب الكردي، وهو الطرف المعني بالقضية الكردية، كما أنه أيضاً الطرف المعني المحاور في دمقرطة تركيا، إذ إن عدم تحقيق الديمقراطية ينبع من عدم حل القضية الكردية. ولذلك، فإن مسألة دمقرطة تركيا أيضاً يمكن أن تتحقق من خلال الاعتماد بالأساس على مخاطبة القائد آبو، وعلى نضاله، ومفاوضاته مع الدولة. ومما لا شك فيه، أن نضال الديمقراطية مستمر منذ عقود، وقد خلف تراكماً معرفياً وتجريبياً على مدار هذا الوقت. كما أن النضال التحرري للشعب الكردي مستمر منذ مئة عام، وله تراكماً مهماً من الخبرة والمعرفة. وبالاعتماد على كل هذه الخبرات والتراكمات، يسعى القائد آبو إلى إرساء دمقرطة تركيا وحل القضية الكردية. في قضية بالغة الأهمية كهذه، وفيما يخص أهم القضايا الأساسية في تركيا، هناك فاعل رئيسي ومفاوض رئيسي، وواقع القائد آبو الذي يمكنه القيام بدور كبير. ففي وضع من هذا القبيل، يُعد تأخير انعقاد اللقاء مؤشراً على عدم الجدية في التعامل مع العملية. نحن نفهم الأمر على هذا النحو. في حين أن موقف القائد آبو في حل القضية الكردية، وموقفه في مسألة دمقرطة تركيا، وموقفه في القضايا الأخرى الأساسية في تركيا، وكلماته جميعها، تعتبر ذات أهمية بالغة جداً. ولذلك، دعك من الانتظار لشهر أو حتى 15 يوماً؛ يجب أن يكون القائد آبو قادراً على الالتقاء باستمرار مع مختلف الأوساط، ومع الأوساط الديمقراطية، والمثقفين، والصحفيين، والسياسيين. ومن خلال هذه اللقاءات، يمكن تحديد الطريق الأمثل لدمقرطة تركيا، والخطوات التي ينبغي اتخاذها. لأن المناقشات واللقاءات تساعد على نجاح ونضوح العملية، وتوضح الخطوات والأساليب اللازمة للوصول إلى نتائج ملموسة.

وهذا بدوره يسهم في تطوير عملية السلام والمجتمع الديمقراطي. ومن هذا المنظور، إذا كانت الدولة، والسلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية – الحركة القومية، ترغب فعلاً في حل القضية الكردية، فلا ينبغي أن تمتد هذه اللقاءات لفترة طويلة. فتمديدها على مدى طويل يعد عدم جدية في التعامل مع العملية، وفي وضع كهذا، وظل تعدد القضايا لهذا الحد في تركيا، وتصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، يجب أن تكون الوتيرة والأسلوب في هذه الفترة مرتفعين. يجب اتخاذ خطوات سريعة وفي الوقت المناسب. وإذا لم يتم ذلك، فهذا يعني أن العملية لا تُفهم بشكل صحيح، أو لا يُتبع نهج مناسب، أي أنه يتم المماطلة وتمديدها على الزمن. ومن الواضح أن كل ما يُمدّد على الزمن سيكون محفوفاً بالمخاطر، إذ لا يمكن التنبؤ بما سيحمله المستقبل. وإذا لم تُحل القضايا العالقة في وقتها، فقد تتعقد هذه القضايا وتتعثر، أو تتدهور، أو تنتقل إلى مسارات مختلفة. ولهذا، فإن حل القضايا في وقتها وبشكل مبكر، وتسريع اللقاءات من أجل ذلك، وخاصة تسريع أداء القائد آبو لدوره، يعد أمراً بالغ الأهمية. ومن الآن فصاعداً، سيكون معيار مدى الجدية في التعامل مع العملية مرتبطاً بكيفية التعامل مع القائد آبو، وهذا مرتبط بما إذا كانت اللقاءات مع القائد أوجلان ستزداد أم لا. والأهم من ذلك، هو تحسين ظروف عمل القائد آبو، واتخاذ الخطوات الملموسة من أجل حريته. ولهذا السبب، نحن نتابع العملية عن كثب.

لقد نُشرت الرسائل المهمة التي أدلى بها القائد آبو خلال هذا اللقاء للرأي العام، حيث ركّز بشكل خاص على ثلاثة مفاهيم رئيسية في سياق العملية: المجتمع الديمقراطي، السلام، والاندماج. وقد حظي هذا التقييم باهتمام كبير. والسؤال المحوري هنا هو: كيف ينبغي فهم هذا التحليل والتوصيف الذي قدّمه قائد الشعوب؟

لقد جرى الآن لقاء مع القائد آبو، وقد تم الكشف والإفصاح عن فحوى بعض جوانب هذا اللقاء، كما قدّمت بروين بولدان بعض التقييمات والمعلومات حول اللقاء على التلفزيون. وبالفعل، قدّم القائد آبو خلال هذا اللقاء تقييمات مهمة جداً وحدد مواقف واضحة، موضحاً نوعية التوجه الذي يجب أن تسلكه العملية. وقال القائد آبو بشكل صريح إن هذه العملية يجب أن تُقيّم بجدية ودون مماطلة. ونحن بدورنا نؤكد ذلك دائماً، وقد حدد القائد آبو دوره أيضاً. وأوضح أن دوره ليس دوراً ثانوياً أو عادياً؛ بل هو دور المفاوض الرئيسي، الذي سيؤدي دوراً جوهرياً في إنهاء الحرب التي استمرت 50 عاماً، إنه قائد بهذا المعنى. ومن أجل حل القضية الكردية الممتدة منذ 100 عام، أخذ القائد زمام المبادرة، وهو قائد بهذا المعنى. ومن هذا المنطلق، يجب التعامل معه على هذا الأساس. فهو ليس أي شخص عادي، بل إن القائد آبو هو فاعل محوري. ومن هذا المنظور، يجب على الدولة أن تتعامل مع القائد آبو بطريقة صحيحة، ويجب على المسؤولين اعتماد النهج الصحيح في التعامل معه. ولقد قلنا ذلك مراراً من قبل؛ القائد آبو لا يُخدع ولا يخدع الآخرين. ومن المستحيل خِداع القائد آبو، فهو لا ينخدع. ولذلك، ومن هذا المنطلق، إن النهج المتمثل في اللقاء بالقائد آبو بهدف المماطلة أو ترتيب الوقت وفق أجندة الخاصة، أو وضع خطة لهذه العملية بناءً على ما يراه مناسباً، فهذا في الحقيقة خداع للنفس، وهو دليل على التعامل غير الجاد مع هذه العملية.

وقد أدلى دولت بهجلي بتصريح قال فيه: “ليأتِ إلى البرلمان، وليحلّ التنظيم”، وأضاف: “ليُطبق حق الأمل”. وهذا ما قاله بالضبط، هذا الأمر بمثابة وعد، وهو وعد من الحكومة، وليس مجرد رأي دولت بهجلي فقط. حيث التقى دولت بهجلي مع أردوغان، وتم اتخاذ هذه الخطوة بقرار مشترك. عندها، يجب أن يذهب القائد آبو إلى البرلمان ويلقي خطاباً. بل وقال: “ليأتِ ويمارس السياسة ضمن صفوف حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî)، وأضاف: “ليُطبق حق الأمل”. والآن، إذا لم تُنفَّذ هذه الأمور، فما معنى هذه الوعود؟ لماذا تُقدَّم هذه الوعود؟ يجب تطبيق حق الأمل. ويجب أن يحصل القائد آبو على ظروف حرة للعمل. ويجب أن يلتقي بالصحفيين والمثقفين والسياسيين، ويجري لقاءات متكررة مع الوفود. ولهذا السبب، لا يرى القائد آبو هذا التأخير أمراً مقبولاً، بل يراه بلا معنى. وهو يعتقد أن هذا التأخير يعكس مقاربة خاطئة تجاه هذه العملية ونحو شخصه. ومن هذا المنطلق، فإن الأمر واضح. ونحن نقول أيضًا؛ كيف سيكون التعامل مع القائد آبو؟ هل ستتعاملون معه بالنهج الصحيح؟ هل ستنظرون إليه كمفاوض رئيسي؟ هل ستعتبرونه الفاعل الأساسي في حل القضايا العالقة؟ أم أنكم ستضعون خطة بما يتماشى مع تصوركم، وتحاولون استغلاله، وتماطلون فيها؟ ومن هذا المنظور، يجب على الدولة والمسؤولين إفصاح موقفهم بشكل جلي. فهذه الحركة تناضل منذ 50 عاماً، ولديها خبرة واسعة. كما أن القائد يتمتع بخبرة ومعرفة سياسية كبيرة تراكمت عبر سنوات طويلة من النضال. ولذلك، يجب اتباع النهج الصحيح في التعامل. وإذا لم يتم إظهار النهج الصحيح، فإن الضرر الأكبر سيصيب الدولة التركية. في حين أن القائد آبو يريد حل هذه القضية، وها هو يقول، السلام، المجتمع الديمقراطي والاندماج.

والمقصد من الاندماج، هو الاندماج الديمقراطي، أي التوحد مع الجمهورية، ولكن كيف على أساس ديمقراطي. يجب أن يتحقق هذا التوحد مع الاعتراف بوجود الشعب الكردي وهويته. ويجب فهم الأمر على هذا النحو. وإلا، فإن سياسات الانحلال والإبادة ستظلّ مستمرة ضد الكرد، وعندها، لن يكون هناك اندماج حقيقي، ولن يتحقق أي توحد، ولن تتقدم هذه العملية. ولهذا السبب، يقول القائد إن الأساس هو “السلام، المجتمع الديمقراطي، والاندماج”. سيكون هناك سلام، وسيكون هناك مجتمع ديمقراطي. أي سيتمكن الكرد من تنظيم أنفسهم بحرية، والتعبير عن أنفسهم، ويكون لديهم إرادتهم الخاصة، وسيتم الاعتراف بحقوقهم، بهويتهم، وبثقافتهم. كما سيتم الاعتراف بإرادة الإدارة الذاتية، أما الآن، فحتى البلديات تُعيَّن عليها إدارات مفروضة، ولا يمكنهم حتى تحمل البلديات. حيث إن المجتمع الديمقراطي سيقوم على أساس تحقق هذه الأمور أولاً، ثم يأتي الاندماج. فالاندماج يكون فقط في هذا السياق. إذا لم يكن هناك سلام، ولم يكن هناك مجتمع ديمقراطي، فلن يكون هناك اندماج، بل سيكون استمراراً لسياسات الانحلال والإبادة.

ولذلك، يجب اتباع نهج صحيح في التعامل. فالقائد آبو يقوم بأداء دور إيجابي، ويبدي نهجاً قائماً على الحل، ويظهر بالفعل نهجاً عقلانياً جداً في هذا الشأن. ولقد أوضح القائد أنه لا يريد الدولة، وقال القائد إنه يعارض فكرة الدولة. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك تكامل مع الدولة على أساس التفاوض، حسناً، لن تكون هناك دولة، لكن الطرف الآخر، بمعنى أنه لن يعترف بحقوق الكرد ويتحدث عن الاندماج، هذا الأمر لن يكون اندماجاً، بل سيكون استمراراً للسياسات الحالية. ومن هذا المنطلق، حذرت القائد بأن الأمور لا يمكن أن تُدار بهذه الطريقة. إذا حدث ذلك، ستتعثر العملية وسيكون استمراراً للسياسات القديمة. فقد حدثت انتفاضات على مدى مئة عام، وعبّر الشعب الكردي عن معارضته واستيائه، واستمرت الحرب على مدى خمسين عاماً. عندها، يجب إزالة الذرائع التي تسببت في بروز هذا الأمر إلى الواجهة، وفي الشأن، لن يكون هناك تعمق أو مقاربة، ولكن سيتم الحديث عن العملية! وفي هذا السياق، فإن المسألة التي يشير إليها القائد آبو بشأن السلام والمجتمع الديمقراطي هي أمر بالغ الأهمية. وفي هذا الشأن، يريد القائد آبو أن يُفهم دوره بشكل صحيح وأن يتم التعامل معه بطريقة صحيحة. وإن اتباع مثل هذه المقاربات الخاطئة – والتي يسميها القائد بـ “أساليب معاوية” – أي الخداع والمماطلة بأساليب معاوية، غير مقبولة، وكما هو معروف كيف استخدم معاوية الحيلة للفوز في معركة صفين، بينما كان الإمام علي يتعامل بنية حسنة صافية وببراءة. وبالطبع، لا يجب أن يكون المرء ساذجاً أمام أساليب معاوية. لا القائد سيكون ساذجاً، ولا نحن سنكون كذلك. ولذلك، يجب أن تكون المقاربات تجاه القائد، وتجاهنا، دقيقة وصحيحة للغاية.

على الصعيدين الخارجي والداخلي، تقيّم أطراف عديدة العملية، وبالرغم من وجود تباين بين الآراء حول هذه التقييمات في جوانب مختلفة، إلا أنَّ القاسم المشترك بينها جميعاً هو على نهج سلطة حزب العدالة والتنمية وتعاملها مع العملية، فنهج حزب العدالة والتنمية تجاه العملية، بالإضافة إلى بعض تصريحات أردوغان وهاكان فيدان، وكذلك اللغة العدائية السلبية والهجومية المسيئة للصحافة التابعة لسلطة حزب العدالة والتنمية، تؤدي إلى تفاقم انعدام الثقة بين هذه الأطراف، فهل يمكن للغة التحريض والتهديد أن تفتح الطريق أمام الحل…؟ 

بلا شك، هذا موضوع مهم، من يمتلك أكثر من 95% من الصحافة أو وسائل الإعلام التركية؟ إنَّه حزب العدالة والتنمية، أنه تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، كيف كانوا يعملون خلال الفترات السابقة؟ كانوا يركزون على موضوعٍ واحد، وكان الجميع يُظهر نهجاً متقارباً تجاهها، وسعوا إلى خلق جو عام، وبهذا الشكل حاولوا إدارة المجتمع وتوجيهه، والآن نود أن نسأل إدارة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية: إذا كنتم تريدون حقاً حل هذه القضية، فعليكم أن تغيّروا لغة الخطاب لدى إعلامكم، يجب على الصحافة دعم هذه العملية، ويجب أن تتعامل معها بإيجابية، يجب أن تتعامل مع القائد آبو بشكل صحيح، إذا لم يكن التعامل مع القائد آبو وفق النهج الصحيح، فسيصفونه “إرهابي” و” رأس الإرهاب”، وثم سيقولون عملية الحل، ونريد حل القضية، من سيصدق هذا…؟ سيكون هذا خداع وتضليل، إذا كانت الحكومة صادقة، وتقول “نريد أن نوصل هذه العملية إلى نتيجة”، فيجب أن يغيّروا من لغة خطاب الصحافة، لأنَّها تحت سيطرتها الكاملة، لا توجد صحافة أو إعلام مستقل، كيف كانت الصحافة قبل عام؟ كانت تقوم بالدعاية لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من الصباح إلى المساء، لماذا، الآن وفي ظل هذه العملية، حيثُ هذه القضية الأساسية في تركيا، لا تعد من القضايا الأساسية؟ لذا، يجب على وسائل الإعلام لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، أن تلعب دوراً في التقدم الإيجابي لعملية” السلام والمجتمع الديمقراطي ” ويجب التعامل معهما بإيجابية، نعم، كانت هنالك حرباً قائمةً في الماضي، لكنّ المطلوب الآن هو تحقيق السلام، كيف يُمكن تحقيق السلام؟ هل يُمكن تحقيق السلام من خلال الصراع وتبادل الاتهامات؟ إنّ جوّ السلام يعني التفاهم المتبادل والاتفاق، وعملية التوصل إلى اتفاق، في هذه العملية، إذا استمر النهج الذي يصف الحركة بالــ “الإرهاب”، والنهج المماثل تجاه القائد، فهذا النهج ليس هو النهج الصحيح، يجب على السلطة تغيير موقفها، ألا نفهم هذا؟ بلا نحن نفهم، كيف يُمكن لهذه السلطة أن تتعامل، نعم، نريد أن نوصل هذه العملية إلى النهاية ونحقق نتيجة، لقد قال القائد آبو: ” أنا ملتزم بمبادرتي التي بدأتها بنفسي”، يريد القائد آبو مواصلة هذه العملية، ونحن وشعبنا ندعمها بشكل كامل، وسندعمها، لأنَّنا ندرك أهمية هذه العملية، ولا ينبغي أن تُترك لضمير وعدالة أحد، لا يمكن أن تُترك لضمير وعدالة حزب العدالة والتنمية أو غيره، مهما كان نهجهم، سنواصل بالنضال، والقيادة بالنضال، وسيواصل شعبنا دعمها في كل مكان، لا نعلم ما ستفعله هذه السلطة غداً أو بعد غد، ومع ذلك، يجب ألا يتعامل شعبنا مع  هذا النهج بهذا الشكل، يجب أن يؤمن شعبنا بهذه العملية ويدعمها، يجب الا نتردد والا يصبح لدى شعبنا شكوك، لأنه بالدعم، سنوصل هذه العملية إلى النهاية ، بالطبع، إذا مارست الدولة وحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الألاعيب، فسنكون مستعدين لمواجهتها، عند التعرض لأي هجوم، سنُظهر النهج اللازم، ومع ذلك، فإنَّ واجبنا اليوم هو وصول هذه العملية إلى تحقيق نتائجها، لذا، علينا جميعاً اتباع هذا النهج، بالطبع، يمكن للشعب داخل البلاد وخارجها، وحتى القوى الخارجية، انتقاد حزب العدالة والتنمية، وهذا أمر مفهوم، يجب توجيه مثل هذه الانتقادات، وكشف هذه التوجهات الخاطئة. ونحن نشارك في ذلك.

قبل أن أنتقل إلى مسألة اللجنة، أود أن أتوقف عند الضغوط التي تُمارَس على المعارضة، هناك دعوى لإلغاء مؤتمر حزب الشعب الجمهوري المُقرر عقده في 15 أيلول، في وقت يدور فيه النقاش حول تعيين وكيل لإدارة حزب الشعب الجمهوري، تم إلغاء إدارة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول وتعيين وكيل، ماذا يعني هذا القرار؟ ما دامت تُصرّ على إدارة تركيا بسياسة تعيين الوكلاء، فهل ستتمكن من خلق مناخ ديمقراطي؟

إنَّ تعيين الوكلاء في البلديات، وفي إدارات المدن، وإلغاء المؤتمر، وتعيين وكلاء للحزب، كلها ممارسات مناهضة للديمقراطية، إنها استفزاز واضح ضد العملية، إنها محاولة للاستفزاز، في جميع أنحاء العالم، وفي عمليات كهذه، تسعى السلطات المعنية بهذه العملية إلى الحصول على دعم المعارضة، ودعم المجتمع، بهذه الطريقة، يمكنهم إدارة العملية بشكل صحيح، وإنجاحها، لكن الوضع الآن معاكس، هذا خطأ، هل هذا ممكن؟ تريدون حل قضية عمرها مئة عام، وهي القضية الأساسية في تركيا، ولهذا ستحتاجون إلى كسب دعم المجتمع، هل يمكن حل مثل هذه القضايا دون الحصول على دعم المجتمع؟ في قضية تتطلب أقوى دعم اجتماعي، يُعد الضغط والهجوم على المعارضة على هذا المستوى استفزازاً حقيقياً، هذا يعني بوضوح قولهم للمعارضة “لا يجب أن تتدخلوا في هذا، بل تنأى عنه” يتم استبعاد المعارضة من هذه العملية، هكذا ينبغي الإشارة إلى هذا، مع ذلك، قال أوزغور أوزيل في برنامجه، بنهج صحيح وصريح ومبرر “يريدون إقصاءنا عن هذه العملية، يريدون إخراجنا من اللجنة، هذه هي سياسة السلطة، ولن نكون أداةً في هذا”، في الواقع، أظهر الموقف الصحيح، لأنً القضية الكردية، قضية التحول الديمقراطي في تركيا، هي القضية الأساسية لتركيا، والقضية الأساسية للمعارضة، ما الذي تضمنته اللجنة؟ كان “التحول الديمقراطي”، سُميت “لجنة التضامن الوطني والتحول الديمقراطي” في ذلك الوقت، لكي تخطو هذه اللجنة خطوةً نحو التحول الديمقراطي، يجب إشراك حزب الشعب الجمهوري وقوى المعارضة بالتأكيد، ولكن، موقف الحكومة ليس موقف قبول، بل هو استفزاز، إنَّ تعيين وكيل، يعني معارضة الديمقراطية، تعيين الوكلاء في البلديات وفي الأحزاب وفي الشركات، تعيين وكيل محل هذا الشخص وفي مكان ما، هذا يعني أنَّ الإرادة ليست متروكة لأحد، لا يوجد ضمان لأي مؤسسة أو بيئة مع هذا، يمكن تعيين الوكلاء كل يوم، إذا استمر الأمر على هذا النحو، فقد يعينون أيضاً وكلاء على العائلات، لهذا السبب نرى أنَّ هذه المحاولات خاطئة، يجب على القوى الديمقراطية أيضاً اتخاذ موقف ضد هذا، يجب ألا تقع المعارضة في هذا الاستفزاز، وأن تشارك بنشاط في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، لأنَّ هذه القضية، القضية الكردية، هي أيضاً قضية ديمقراطية، هذا شيء خاطئ، هل نثق بحزب العدالة والتنمية أم لا، فهذه النظرة خاطئة، هناك عملية، ولإنجاح هذه العملية، نحن المخاطبون الرئيسيين لهذه العملية، إذا كنا نولي الأهمية لها، فيجب على المعارضة أيضاً أن تولي الأهمية لهذه العملية التي تتحرك نحو الحل ضمن الإطار الديمقراطي، يجب تقديم مثل هذه المساهمة، وهذا الدور هو مسؤولية المعارضة.

لقد تمَّ تشكيل اللجنة التي طال انتظارها، وعقدت اجتماعات عديدة حتى الآن، كيف ترون تقدّم اللجنة في مستواها الحالي؟

إنَّ استمرارية اللجنة وعملها الحالي لا يتماشى تماماً مع العملية، أي أنه يجب على اللجنة البرلمانية أن تتعامل بجدية مع القضية الأساسية التي تواجه تركيا، وعلى وجه الخصوص، يجب إظهار جدية في التعامل مع القيادة، نحن نقول هذا؛ ما لم تتوفر للقائد آبو ظروف العمل الحر، وما لم يكن للقائد آبو دوراً فاعلاً وتفاوضياً، فلا شيء يمكننا فعله كحركة، لقد قمنا بحلّ الحزب، وأوقفنا الكفاح المسلح، ولإظهار إرادتنا، أحرقنا الأسلحة بقيادة الرفيقة بسي هوزات، هذا كل ما سنفعله، لا ينبغي لأحد أن يتوقع منا، من الحزب، أي شيء أكثر من ذلك، لقد قال القائد ذلك، وفعلناه، لذلك، يجب على اللجنة، وسلطة حزب العدالة والتنمية، أن تأخذ هذا في الاعتبار.

 تحدّث دولت بهجلي عن الحق في الأمل، يجب أن يتحقق هذا، يجب أن تتحقق الحرية الجسدية للقائد آبو، العملية مستمرة على هذا النحو، إنها مستمرة مع القيادة، وليست مستمرة معنا، لقد قبل شعبنا القائد كمفاوض رئيسي، وقبلنا ذلك، والعالم يعرف ذلك، وقبلته الدولة بهذا الشكل، لأنَّ للقائد آبو هذا الدور، قال منذ البداية، لديّ القوة، قال، لديّ القوة لحل هذه القضية على الأرضية السياسية والقانونية، لذلك، يجب على اللجنة والسلطات مراعاة ذلك، لم يعقدوا أي لقاء مع القائد آبو، بل تركوه للوقت، القضية هي قضية تركيا، مشكلتها الأساسية، ليس نحن، بل يجب عليهم هم أنفسهم أن يدعوا القيادة بحماس ورغبة كبيرين والاستماع إليه، اللجنة هي تابعة للبرلمان، وهي المسؤولة، إنها مسؤولة أمام الشعب، وهي مسؤولة أمام التاريخ، إنَّ اللجنة المسؤولة أمام الشعب، أمام التاريخ لا تستمع إلى القائد آبو، يجب على القائد آبو أن يذهب إلى البرلمان ويلقي خطاباً، قال دولت بهجلي نفسه ذلك، لذا، يجب على البرلمان والسلطات التعامل مع الأمر بالشكل الصحيح، وإلا، فلن يتم ذلك بهذا الشكل، بل سيكون انشغالاً، اسمعوا، نحن لا نقول لا تستمعوا، فليستمعوا إلى المجتمع، ولممثلي المجتمع، ولكن يجب أن تفضي هذا الاستماع إلى نتائج، لا ينبغي أن يكون اهتمام، أؤكد مرة أخرى: لا يوجد طرف آخر قادر على حل هذه القضية سوى الحرية الجسدية للقائد آبو.

 لقد أوكلنا إليه المهمة، وكلفه بها الشعب، لذلك، ليس أمامنا ما نفعله، لم يبق لنا شيء، المفاوض الرئيسي هو القائد آبو، إنه يقود العملية، بتدخلات القائد آبو، ودوره، وبكونه فاعلاً، ستتقدم هذه العملية، وستصل إلى النتائج المرجوة، المواقف المختلفة في التعامل مع القيادة لن تسفر عن أي نتيجة، وهذا النهج في حد ذاته خداع وتضليل، لذلك، يجب على السلطة واللجنة التعامل بجدية أيضاً، وإلا، فلن يكون ذلك ممكناً بهذا الشكل، يجب على ممثلي المعارضة في اللجنة التعامل بجدية أيضاً، والضغط على حزب العدالة والتنمية، يقول أحد أعضاء حزب الشعب الجمهوري: “لن نذهب إلى إمرالي” ماذا سيحدث لو ذهبتم أم لا؟ من الواضح أنكم لا تهتمون بالقضية الأساسية التي تواجهها تركيا، لا تهتمون بالتحول الديمقراطي في تركيا، أنتم غير مسؤولين، لا يمكن قول هذا إلا من قِبل أشخاص غير مسؤولين، في مواجهة قضية جوهرية كهذه، هل يُمكن اتباع نهج غير جاد كهذا؟ يجب أن يكون الجميع أكثر جدية، وعلى وجه الخصوص المعارضة، وأن تضغط على حزب العدالة والتنمية بشأن مسألة التحول الديمقراطي وحل القضية الكردية، وأن تضغط عليه ليلعب دوراً، وإلا، فستتأخر في قضية التحول الديمقراطي وحل القضية الكردية، هل هذه سياسة المعارضة؟ عليها أن تتعامل مع الأمر بشكل أكثر جدية، يجب التخلي عن النهج العام.

ذكرتم في برنامج سابق أنه إذا وقفت عمل اللجنة على إلقاء السلاح فقط، فلن تتمكن من أداء دورها، إلا أنَّ رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش، وضع مسألة إلقاء السلاح في مقدمة تصريحاته وحدد فترة زمنية لعمل اللجنة، هل ستتمكن اللجنة التي اقتصر عملها فقط على إلقاء السلاح أن تؤدي دورها في حل القضية الكردية؟

لقد قمنا بحل الحزب، وقلنا بأنّنا أوقفنا الكفاح المسلح ضد تركيا، لأنَّه ليس من الصواب استخدام الكفاح المسلح كمنهج، بمعنى آخر، إذا كان القانون والسياسة على جدول الأعمال، وإذا كانت السياسة الديمقراطية هي السائدة، فلماذا نحمل السلاح؟ لقد أظهرنا إرادتنا، أقدم 15 رفيقة و15 رفيق بقيادة الرفيقة بسي هوزات، على حرق أسلحتهم، وأظهرنا إرادتنا وهدفنا، قمنا بحل الحزب أيضاً، وأوقفنا الكفاح المسلح بالفعل، في وضع كهذا، فإنَّ إقدامهم على فرض هذا يعني الوصول إلى طريق مسدود، يجب الآن أن نتحدث عن قضايا جديدة، لقد مضت تلك المرحلة وانتهت، في هذا الصدد، أظهرنا موقفنا، وأوضحنا نيتنا، وبيّنا نهجنا الأيديولوجي والسياسي، الإصرار على هذا يعني إفشال العملية، لذا، لا بدَّ من اتخاذ مواقف وخطوات جديدة، وهذا العمل هو الإصرار على الماضي، أي أنَّهم يتماطلون في العملية، ومن الواضح أن هذا لا يظهر إرادة حقيقة لدفع العملية إلى النهاية،  لذا، ثمة حاجة إلى اتخاذ نهج ومواقف وخطوات جديدة، نعم، لقد اتُّخذت الخطوات الأولية، إلقاء السلاح، وحلّ حزب العمال الكردستاني، ووقف الكفاح المسلح؛ لا جدوى من مناقشة هذه الأمور، لقد أظهرنا إرادتنا بالفعل بشأن هذه القضايا، ومع ذلك، هناك أمور يمكن للدولة القيام بها، لقد فعلنا ما كان بوسعنا فعله، الآن هناك أمور يجب على الدولة القيام بها، كما لو أن هذه القضية لا علاقة لها بالدولة، كما لو أنَّ القضية التي مضى عليها مئة عام، القضية الكردية، لا علاقة لها بالدولة، فليفعلها حزب العمال الكردستاني، ماذا ستفعل الدولة؟ لا يوجد شيء تستطيع الدولة فعله؟ أو هنالك سؤال، هل جاءت الديمقراطية إلى تركيا؟ اسم اللجنة هو” التحول الديمقراطي”، هل جاءت الديمقراطية؟ هل حُلّت القضية الكردية؟ لا، لم تُتخذ أي خطوات بشأن هذه القضايا، بل يأتون ويقولون: يجب إلقاء الأسلحة، فليأتِ حاملو السلاح، فليستسلم الجميع، هل تحقق التحول الديمقراطي؟ هل اتُّخذت خطوة في حل القضية؟ لذا، فإنَّ النقاشات والتقييمات خاطئة، نحن بحاجة إلى نهج جديد، وعلى الدولة أيضاً أن تتخذ خطوات، كأنك سوف تقول بأنَّ هذه القضية قد تكونت بشكل أحادي الجانب، وإنَّ الخطوات الأحادية سوف تحلها، هل هذا ممكن؟ هذا النهج غير صحيح، ويجب التخلي عنه.

ألم يؤثر منع أمهات السلام بالتحدث باللغة الكردية أمام اللجنة على الثقة باللجنة؟

إنه أكبر من فقدان الثقة. ما هي مهمة هذه اللجنة؟ ألا يقولون، التحول الديمقراطي؟ أليست المشكلة الأساسية للتحول الديمقراطي هي أيضاً حل القضية الكردية؟ المشكلة الأساسية للقضية الكردية هي اللغة الأم، والتعليم باللغة الأم. قال رئيس نقابة المحامين في آمد، أن هذه هي القضية الكردية، يسألون، يقولون، ما هي القضية الكردية؟ هذه هي القضية الكردية، تتحدث الأمهات باللغة الكردية في البرلمان، لكن لا يُسمح لهن بالتحدث باللغة الكردية. أكثر شيء شرعي في العالم هو أن يتحدث الشخص بلغته الأم. هل هناك أي شيء أكثر شرعية وطبيعية من هذا؟ لكنهم صامتون. المشكلة الكردية هي مشكلة التحول الديمقراطي، مالم يتم حل هذه القضية، لا يمكن التوصل إلى حل لأي قضية أخرى. ولهذا فهي مشكلة جوهرية، ومن الصعب حقاً على الناس أن يفهموا موقف تركيا. هل يعقل أن يحدث مثل هذا في العالم؟ يقف شخص ما في البرلمان ويتحدث بالكردية، فيتم إسكات صوته، لا توجد معارضة جدية، والاعتراضات الصادرة عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب وبعض الأحزاب المعارضة الأخرى تبقى محدودة. أين أنتم يا حزب الشعب الجمهوري؟ لماذا لم تقولوا شيئًا؟ لماذا يُمنع هذه الأم من التحدث بلغتها؟ هل هناك ما هو أكثر شرعية وأحقية من التحدث بلغة المجتمع، بلغة الأم؟ هذا الحق هو الأكثر شرعية، إنه أشبه بالحق في الحياة. ومع ذلك، لم يُبدَ أي احتجاج أو موقف جاد من قبل اللجنة. هذا يُسلط الضوء على حالة البرلمان، ويُظهر حالة السياسة في تركيا. نهج حزب المساواة وديمقراطية الشعوب خاطئ أيضاً، كان عليهم أن يُظهروا احتجاجاً جاداً للغاية. كان على الأمهات أن يتركن الجلسة ويغادرن، هذه هي مشكلة الديمقراطية، وكما قال رئيس نقابة المحامين في آمد، هذه هي القضية الكردية، وهذا بحد ذاته يُظهر جودة ومستوى تلك اللجنة، ويُظهر عقليتها، إنه أمر غير مقبول حقاً، نعم، كان بإمكان المجتمع الكردي أن يُظهر احتجاجاً أكبر، لكنه جاء محدوداً. كان يمكنهم الوقوف في كل مكان للتعبير عن رفضهم. فما معنى أن يُقال: “لا تتحدثوا بالكردية”؟ كيف يمكن أن يُوجَّه مثل هذا الكلام إلى الأمهات؟ هذا أمر غير مقبول، ويعكس بوضوح طبيعة الوضع في تركيا، والسياسة التركية، وما يعيشه الكرد منذ مئة عام، إذا تأملنا هذا الواقع بعمق، يمكننا فهم كل شيء، ما صدر عن تلك اللجنة أظهر مستوى نوعيتها السائدة، وهو أمر لا يمكن قبوله.

يستمر هجوم الإعلام الحكومي على شمال وشرق سوريا بلا هوادة. وبينما تسعى السلطات في دمشق إلى اتفاق في إطار اتفاق 10 آذار، تُصرّ السلطات التركية على الحديث عن عملية وهجوم على روج آفا. وتسعى جهات عديدة وبطريقتها الخاصة، إلى الوصول لحل وتريد إنهاء الحرب في سوريا. إلا أن الدولة التركية تُصرّ على الحديث عن الحرب. في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن السلام والديمقراطية في تركيا، تُصرّ حكومة حزب العدالة والتنمية على وضع الحرب على جدول الأعمال. كيف يُفهم هذا؟

حزب العدالة والتنمية يضع خيار الحرب دائمًا على جدول أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في تصريح دولت بهجلي الأخير حين تساءل: “هل سيستمعون إلى إسرائيل أم إلى آبو، إلى إمرالي؟”. حسنًا، فليكن لإمرالي دور فاعل في هذه المسألة. لكن كيف يمكن أن يكون له دور وهو تحت ظل العزلة؟ قال: فليكن طرفاً فاعلاً في سوريا، إن عبارة “هل سيستمعون إلى آبو أم إلى إسرائيل؟” تحمل هذا المعنى بالضبط. فالحقيقة أن الشعب سيستمع إلى القائد. الكرد في روج آفا وفي شمال وشرق سوريا سيستمعون إلى القائد آبو، وهذا أمر واضح، إذ يعبّرون عنه علناً في اجتماعاتهم وتجمعاتهم اليومية، مؤكدين قبولهم له قائدًا لهم، لأنه عمل هناك لمدة 20 عاماً، أوصل هذا القائد هذا المجتمع إلى هذه النقطة. إذًا يجب أن يكون هذا القائد طرفًا فاعلًا هناك، قادراً على أداء دوره، لا، إنهم يقولون للقائد آبو: لا يمكنك الانضمام إلى ذلك المكان، ولكن يجب أن تؤدي دورك من أجله، كيف سيؤدي دوره هناك؟ لهذا السبب يجب على الحكومة أن تتعامل مع الأمر بجدية، هذا هو سبب كل هذه التهديدات والحروب، لو أصبح الكرد هناك مستقلين، سيكونون نموذجاً لنا، هذا ما يقلقهم، هذه هي المشكلة، لذلك، يجب عليكم حل مشاكلكم. وإذا كنتم فعلاً تنوون حلها، فلماذا تعارضون تطبيق الحل اللامركزي للشعب هناك؟ من الواضح أن هذا النهج خاطئ. وهم يتحدثون أيضاً عن الميثاق الملّي، ماذا تقولون؟ تقولون، يا إخوتي وأخواتي الكرد، تقولون إننا نحن الكرد والأتراك مختلطون مثل الظفر واللحم، لكن الواقع مختلف، لا تدعمون الشعب الكردي، بل تدعمون داعش، ما هذا المفهوم؟ عليكم دعم الشعب الكردي هناك فعلياً، نعم، الجميع يريد التوصل إلى حل، والقائد يريده أيضاً، ولكن كيف سيتحقق؟ لا توجد ديمقراطية، لا توجد انتخابات نزيهة، وليس واضحاً كيف تتعامل مع المرأة، فكيف ستعيش النساء الكرديات هناك؟ سيقتلون ويُعدمون جميع النساء الكرديات، سيقولون إنهن لا دين ولا إيمان لهم، لأسباب مثل عدم ارتداء الحجاب مثل نسائهم، من أراد ارتداء الحجاب فليرتديه، ومن أراد أن يتركه فليفعل، لكنهم يفرضون أيديولوجيتهم على الجميع، كيف يمكن حل هذا؟ يجب إيجاد حل، ولكن يجب أن يكون هذا النظام ديمقراطياً قليلاً، إنه يُجري انتخابات لنفسه، ويضع دستوراً لنفسه، هل بهذه الطريقة يتم حل المشكلة؟ في أي عالم أنت، هذا الأسلوب لم يكن موجوداً حتى في العصور الوسطى، فقط الأيديولوجية الفاشية هي التي تتصرف بهذه الطريقة، ولهذا السبب فإن نهج تركيا غير صحيح، لقد خففوا منه مؤخراً قليلاً، لكنهم الآن شدّدوه مرة أخرى، ماذا ستكسب تركيا إذا هاجمت هناك؟ تقول إنني أملك قوة عسكرية، وأن لديها كذا وكذا، حسناً، لديكم، ولكن، هل لديكم أي شرعية؟ تتحدثون عن إسرائيل كل يوم، وتتهمونها بالانتهاكات والهجمات، فماذا أنتم فاعلون؟ هل ستجلبون السلام إلى ذلك المكان؟ أنتم معادون للكرد إلى هذا الحد، ثم تنهضون لتقولوا إن الكرد سيختارون هذا أو ذاك. لماذا تمنحون الكرد سياسة أخرى عبر مهاجمتهم؟ ستكونون مسؤولين ومذنبين. لذا، اقتربوا من الكرد بإيجابية، وابنوا علاقات حقيقية معهم. تتحدثون عن الميثاق الملي وتصفونهم بالإخوة والأخوات، لكن يجب أن تكون هناك سياسة عملية في هذا السياق. أنتم تعادون الكرد في سوريا، وتدّعون بأن الكرد في شمال كردستان، في تركيا، هم إخوتكم وأخواتكم، من سيصدق هذا؟ حتى الكرد داخل حزب العدالة والتنمية لا يصدقون ذلك، الكرد الذين يصوتون لحزب العدالة والتنمية لا يقبلون هذا أيضاً. لذا، هذا النهج خاطئ ويجب التخلي عنه. وإذا قال دولت بهجلي: “هل سيستمع الكرد إلى إمرالي؟”، فعليهم ضمان أن يصبح القائد آبو طرفًا فاعلًا هناك ويلعب دوره بوضوح. نعم، هؤلاء هم الشعب المخلص للقائد آبو، ولا يستمعون لأحد سوى القائد آبو، فيما يتعلق بالإخلاص والوفاء للقائد آبو، فإن الشعب الكردي في سوريا، وخصوصاً الكرد في روج آفا، يحتلون المرتبة الأولى من حيث الولاء له، وعندما وقع القائد في الأسر نتيجة المؤامرة الدولية، شكر الكرد في روج آفا لأنهم كانوا من أشد داعميه، لذلك، يمكن حل المشكلات في شمال وشرق سوريا، في روج آفا، بتدخل القائد آبو، وإلّا، فستنشأ أزمة وحرب لا محالة، الكرد هناك لا يستسلمون للتهديدات، وسيقاومونها مهما بلغت، وسيقاتلون ضدها. فماذا ستجني تركيا من حرب كهذه؟ برأيي، على الدولة أن تتعامل مع الوضع بعقلانية أكبر، وأن تتصرف بحكمة، وأن تُظهر نهجاَ حقيقياً لحل المشكلات. عليها أن تسأل نفسها: ما هي الحقيقة؟ وأن تجيب عن هذا السؤال بوضوح. أما التهديد بـ”يجب ان تتخلوا عن الإدارة اللامركزية وإلا سأهاجم”، فهذا نهج بعيد تماماً عن المنطق والمعقول.

يتصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا في سوريا يوماً بعد يوم، ما هو مصدر هذا التوتر؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصل …؟

إنه وضع ملفت حقاً، لعبت تركيا أيضاً دوراً رئيسياً في قيام دولة إسرائيل، لو لم تكن هناك دولة مثل تركيا، لما وُجدت دولة اسرائيل، كانت تركيا الدولة الأكثر دعماً لإسرائيل في الشرق الأوسط، هذا شيء واضح، استمر الوضع على هذا النحو حتى وقت قريب، ما زالوا يحاولون التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، انتهجت الدولة التركية سياسة إبادة جماعية ضد الكرد بناءً على علاقتها بإسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فبدون إقامة علاقات متينة مع إسرائيل، لم تكن تركيا لتتمكن من بناء روابط قوية مع أمريكا وأوروبا.

لذلك، أقامت تركيا علاقات مع إسرائيل من أجل سياساتها في إبادة الكرد، وحصلت على دعم من الولايات المتحدة وأوروبا، نعم هناك مثل هذه الحقيقة، لكن لماذا وصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم؟ بعد أن تخلت أنقرة عن دورها التاريخي في دعم إسرائيل، بدأت الأخيرة تتخذ موقفاً مضاداً منها، بمعنى آخر، حتى وقت قريب، كانت العلاقة بين الدولتين وثيقة، لكن لا ينبغي النظر إليهما كقوى إسلامية، بل كأطراف معارضة للإسلام، فمثلًا، هيئة تحرير الشام لا تُعد تنظيماً إسلامياً بقدر ما هي جهة تستخدم الإسلام كغطاء، وهي في جوهرها معادية له، وإسرائيل بدورها لا ترغب بوجود مثل هذا الخطر على مقربة منها.

وكما لا تريد أن ترى حزب الله تهديدًا، لا تريد أن ترى هيئة تحرير الشام تهديداً أيضاً، بعد ان دعمت تركيا هيئة تحرير الشام وسيطرت عليها، نشأ توتر بينهما، ما خلق هذا التوتر هو سياسة تركيا تجاه سوريا، لأنهم ليسوا إسلاميين، إنهم يُدمرون الإسلام، إنهم داعش وهيئة تحرير الشام، بعد أن دعمهم أردوغان، اتخذت إسرائيل موقفاً ضدها.

نعم، ما دامت تركيا لم تتخلى عن سياستها، فستُحارب إسرائيل، ستتلقى إسرائيل أيضاً دعماً من الولايات المتحدة وأوروبا، ربما ترفع أوروبا صوتها الآن، وذلك بسبب المجزرة التي ارتُكبت في غزة، حقيقةً، المجزرة التي تُرتكب في غزة، الإنسانية لا تقبلها، في أوروبا، قسم من الحكومات لا تقبلها أيضاً، لا يظهرون موقفاً، لكنهم ضمنياً يدعمون إسرائيل كسياسة.

لهذا السبب، تُريد إسرائيل، إلى جانب الولايات المتحدة وأوروبا، وقف هذه السياسات التركية. برأيي، تدور الحرب في هذا السياق. هل سيتصاعد الوضع أكثر؟ إن لم تُغيّر تركيا سياساتها، فبإمكان الحالة أن تنمو أكثر. لوجود هذا الدعم لإسرائيل، هكذا تُرى.

يستعد الشعب الكردي بحماسة كبيرة للمهرجان الثقافي الكردي الدولي الثالث والثلاثين في دورتموند. وفي ظل ما يتعرض له الكرد من سياسات إبادة جماعية واستيعاب واسع النطاق، يبرز السؤال حول الدلالة التي يجب أن يحملها هذا المهرجان لكي يعكس معناه الحقيقي؟ وكيف يجب المشاركة فيه؟

المهرجانات الثقافية والفنية مهمة للغاية، نعم هذا المهرجان هو من أجل عموم أوروبا، يتم الاحتفال به منذ عام 1992، لم يتم الاحتفال به إلا مرة واحدة بسبب الحظر الذي فرضته ألمانيا، عدا تلك المرة تم الاحتفال به بلا انقطاع، واليوم تُنظم مهرجانات ثقافية وفنية مشابهة في دول عدة مثل سويسرا وفرنسا وغيرها، هذه الأشياء جيدة، لإن الشعب الكردي هو شعب تعرض لإبادة ثقافية.

لذلك، يُعدّ العمل الثقافي والفني مسألة وجود بالنسبة للكرد، وهو أمر في غاية الأهمية، فمن واجبهم الحفاظ على ثقافتهم، والمشاركة الفاعلة في ميادين الفن، والاهتمام به كجزء من هويتهم الجماعية، فالفن المقصود هنا ليس فناً فردياً أو شعبوياً، بل فن اجتماعي يعكس تطلعات المجتمع الكردي ويحمي وجوده. فالثقافة والفن لا يمكن أن يُختزلا في الجانب الشخصي، غير أن الرأسمالية حولتهما إلى شأن فردي، وهذا يُعد الخروج عن الطريق، وخيانة للثقافة والفن.

الثقافة والفن هما من أجل المجتمع، فلا يمكن أن يؤدي دورهما الحقيقي إلا حين يكونان في خدمة المجتمع، وعندها فقط يستطيع الفرد أن يطوّر ذاته ويرتقي بمستواه الداخلي، أما الثقافة والفن حين يُختزلان في الجانب الشخصي، فإنهما لا يضيفان إلى وعي الأفراد، ولا يرفعان معاييرهم أو مقاييسهم الجمالية، ولا يرسخان لديهم قيم الرفض والقبول، ولهذا السبب تُعد الثقافة والفن مسألة بالغة الأهمية، ونحن، كحركة، نولي هذا المجال دعماً كاملاً، ونقف إلى جانب كل ما يتعلق بالثقافة واللغة والفن.

نحاول استغلال جميع الفرص المتاحة لنا لدعمهم، هذا المهرجان مستمر منذ عام 1992، أنا أيضاً شاركتُ في المهرجان الثاني، وكنت متحدثاً فيه، ثم شاركنا في المهرجان الثالث، كان مهماً جداً، كما أولى الشعب الكردي أهمية كبيرة له، أصبح هذا المهرجان الآن جزءًا من حياة الشعب الكردي، يُقام كل عام، ينتظر شعبنا في أوروبا هذا المهرجان كما لو أنه ينتظر مهرجان، ويشارك فيه، إنه مهم للغاية، ولهذا السبب يجب على شعبنا في أوروبا، وخاصة النساء والشباب، المشاركة فيه، الثقافة هي جزئياً من عمل المرأة، واقع بُنيَ حول المرأة، الشباب يُحيون الثقافة، لذلك، أدعو جميع الكرد، وخاصةً النساء والشباب من جميع أنحاء أوروبا، إلى التوافد إلى دورتموند، ومن هذا المنطلق، أهنئ المهرجان الثقافي لشعبنا في أوروبا وأتمنى له النجاح.