المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

الوعي البيئي هو جسر بين الفلسفة والأخلاق

65

للمبادرة السورية لحرية القائد عبدالله أوجلان، بقلم السيدة بسيمة سعد الله موسى: مختصة في دراسة علم الجيوغرافي وباحثة في علوم طبقات الأرض (الجيولوجي)

وفاءً لما بذله الباحث والمفكر والفيلسوف عبدالله أوجلان بكل حب “أرغب اللقاء مع عبدالله أوجلان” وانضم للحملة العالمية من بين جذور الزيتون المتمردة.

في عصر يعاني فيه كوكب الأرض من أزمات بيئية متزايدة، أصبح الوعي البيئي أكثر من مجرد توجه علمي أو نشاط سياسي؛ إنه قضية فلسفية وأخلاقية بالدرجة الأولى. فكما ترتبط البيئية بمفاهيم مثل الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية، فإنها تمتد أيضًا إلى مجال الأخلاقيات الإنسانية التي تُوجه سلوكنا تجاه الكائنات الحية والموارد. يعكس الوعي البيئي فهمنا العميق لارتباطنا بالطبيعة، ويضعنا أمام مسؤولية أخلاقية تجاه البيئة، وهو بذلك يشكل جسرًا يجمع بين الفلسفة والأخلاق في معركة عالمية ضد التدهور البيئي.

 الوعي البيئي: تعريف وتطور

الوعي البيئي هو الوعي بمسؤولياتنا تجاه البيئة وتحديد تأثير أفعالنا على النظم البيئية. يتعلق الأمر بفهم التفاعلات المعقدة بين الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان، والبيئة الطبيعية. على الرغم من أن الوعي البيئي بدأ في الظهور في أواخر القرن العشرين، إلا أن أفكار الفلاسفة البيئيين، مثل موراي بوكشين وعبد الله أوجلان، قد ساهمت في تطوره وتوسعه ليشمل أبعادًا أخلاقية وفلسفية عميقة.

 الفلسفة البيئية كجسر بين الأخلاق والطبيعة

تعتبر الفلسفة البيئية مجالًا دراسيًا يعنى بدراسة العلاقة بين الإنسان والطبيعة، ويسعى للإجابة على أسئلة أخلاقية وفلسفية مثل: ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه الإنسان في حماية البيئة؟ وهل يمكن اعتبار البيئة كائنًا له حقوق؟ تبرز الفلسفة البيئية هنا كجسر يربط بين التفكير الفلسفي حول مكانة الإنسان في الكون، وبين الأخلاق التي تحكم سلوكه تجاه مكونات الطبيعة.

إحدى الأسس المهمة في الفلسفة البيئية هي فكرة أن الإنسان ليس كائنًا منفصلًا عن الطبيعة، بل جزءًا منها. هذه الفكرة تطرح سؤالًا أخلاقيًا مهمًا: هل من الأخلاقي أن يواصل الإنسان استغلال الطبيعة دون مراعاة لحقوقها أو تأثير ذلك على الأجيال القادمة؟

 الوعي البيئي والأخلاق

الوعي البيئي يعكس تحولًا في النظرة الأخلاقية تجاه الطبيعة. فبينما كانت الحضارات القديمة ترى في الأرض كائنًا حيًا يجب احترامه، فإن المجتمعات الحديثة، خاصة في ظل التحولات الرأسمالية والصناعوية، فشلت في الحفاظ على هذا الارتباط الصحي مع البيئة. فمثلاً، التلوث البيئي، تغير المٌناخ، وانقراض الأنواع تعتبر نتائج مباشرة للأنماط الاستهلاكية التي تفتقر إلى الحس الأخلاقي تجاه الأرض.

يضع الوعي البيئي الأخلاقي الفرد والمجتمع أمام مسؤولية جماعية تحتّم عليهم التفكير في تأثير تصرفاتهم على البيئة. في هذا السياق، يُعتبر التوجه البيئي ليس فقط خيارًا اقتصاديًا أو اجتماعيًا، بل هو مسألة أخلاقية تتطلب وعيًا جماعيًا لحماية الكوكب من الدمار.

 دور الفلاسفة البيئيين في إرساء الأسس الأخلاقية

بعض الفلاسفة البيئيين، مثل موراي بوكشين، قدّموا نظريات علمية عن كيفية بناء علاقة متوازنة بين الإنسان والطبيعة. في هذا السياق، يرى بوكشين أن الوعي البيئي ليس مجرد سياسة تَحكم الموارد الطبيعية، بل هو ضرورة فلسفية للارتقاء بالأخلاق الإنسانية.

أما الباحث عبد الله أوجلان، فيرى أن الفهم البيئي يجب أن يرتبط بالمفاهيم الأخلاقية الأساسية في المجتمع، مثل العدالة الاجتماعية والمساواة. بينما يتحدث أوجلان عن ضرورة بناء نظام اجتماعي لا يتعدى فيه الإنسان على حقوق البيئة، إلا أن فكره يمكن تفسيره على أنه دعوة لفهم البيئة كجزء أساسي من وجودنا الأخلاقي. وبذلك يُعد الوعي البيئي جسرًا مهمًا بين الفلسفة الأخلاقية والواقع البيئي، لذلك طرح إنشاء كومونات بيئية وفقاً لخصوصية كل منطقة.

الوعي البيئي في الحياة اليومية

يمكن للوعي البيئي أن يُترجم إلى ممارسات حياتية يومية، مثل الزراعة المستدامة، الحد من التلوث، استخدام الطاقة المتجددة، وحماية الموارد الطبيعية. على الرغم من أنها قد تبدو صغيرة في البداية، إلا أنها تساهم بشكل كبير في الحفاظ على التوازن البيئي. من خلال تعزيز هذا الوعي داخل المجتمع، يصبح كل فرد مسؤولًا عن بيئته ومحيطه.

الوعي البيئي والأخلاق المستقبلية

مع التحديات البيئية المتزايدة في عصرنا الحالي، يصبح من الضروري أن يتم دمج الوعي البيئي بشكل كامل في فهمنا للأخلاق والفلسفة. إذا كانت الأخلاق تتعلق بما هو صواب وخاطئ، فإن التفاعل مع البيئة يعتبر اختبارًا أخلاقيًا يتطلب إعادة النظر في الطريقة التي نعيش بها على كوكب الأرض. الوعي البيئي، من خلال التوجيهات الفلسفية والأخلاقية.

إن هذا الوعي ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو ضرورة جماعية لبناء مستقبل مستدام وأكثر عدلاً للأجيال القادمة. ومع تزايد الأزمات البيئية، يصبح أكثر أهمية أن يتوحد العالم في رؤية بيئية مشتركة تضمن بقاء الأرض وحيواتها في سلام.