المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

سيكون العام القادم عام تحقيق الحرية الجسديّة للقائد أوجلان- آتاكان أنكين

243

 تحليل  28 كانون الأول 2022, الأربعاء – 12:21 2022-12-28T12:21:00

يناضل الكرد في آخر أيام العام الجاري بسبب حالة الغموض التي تسود في إمرالي. فقد أعلنت لجنة مناهضة التعذيب أنّها قد قامت بزيارة تفتيش لإمرالي بين الـ 20 والـ 29 من شهر أيلول المنصرم، إلّا أنّ مكتب العصر القانوني كشف بأن وفد لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية لم يلتقٍ بالقائد عبدالله أوجلان خلال زيارته. ولم تقدّم اللجنة حتّى الآن أي تصريح يتعارض مع هذا. وقد أثارت هذه التصريحات المتضاربة حالة من القلق لدى الشعب الكردي. فما الذي يحدث في إمرالي؟ يشهد كلّ من كردستان وأوروبا فعالياتٍ تطالب بتقديم معلوماتٍ عن القائد أوجلان. ويمكن القول إن هذه الفعاليات ستمتدّ ويتّسع نطاقها جداً ما لم ترد معلومات عن القائد. لأنّ الشعب الكردي وأصدقاءه وحزب العمال الكردستاني والكريلا الذين بنوا هيكلاً تنظيمياً كبيراً قد أعلنوا عبر تصريحات وبياناتٍ عديدة، عدم قبولهم وتسامحهم مع العزلة المفروضة على القائد أوجلان بعد الآن. ولهذا يوجّه قياديّو حزب العمال الكردستاني في تصريحاتهم تحذيراتٍ جدية ويقولون: “لا تقوموا بحساباتٍ خاطئة”. 

ما التحذيرات التي وجّهها القائد أوجلان؟

أشار القائد عبدالله أوجلان عبر اتصال هاتفي أجراه مع شقيقه محمد أوجلان في الـ 25 من آذار عام 2021 إلى هذا الخطر، فقد كان قد قال: “إن كان هناك اجتماع سيُجرى فيجب أن يكون في الإطار القانوني”. لأنّ غياب القانون، يجعل هذه الاجتماعات تجري وفقاً لمصالح الحكومة وضغوطاتها السياسية. قال القائد أوجلان: “ما قمتم به خاطئ جداً. الدولة تخطئ وأنتم أيضاً. هذا غير قانوني ولا صحيح. ولا يمكن قبول هذا يوماً”. كما قال: “هذا أيضاً خطير جداً. أريد أن يزورني محاميّ واجتمع بهم. وهذا قانوني”. وقُطع الاتصال عند قوله لذلك. فلماذا قطعوا الاتصال؟ لأن القائد أوجلان قد أفشل ألعوبة سلطة حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية. وحذّر الجميع من أنّه لا يقبل ما تفرضه حكومةٌ لا تعترف بحقوق الشعب الكردي وأنّه يريد أن تكون الاجتماعات قائمة على أساس حقوقه القانونية المحليّة والدولية وأنّه لن يسمح باستخدام اجتماعاتٍ أخرى كابتزاز له.  

لا يمكن للعقوبات الانضباطيّة منع مقابلة المحامين

لا يوجد أي تواصل مع القائد عبدالله أوجلان منذ الـ 3 من آذار عام 2020. فمنذ ذلك الحين لا يستطيع لا محاموه ولا أسرته مقابلته وجهاً لوجه، فيما لا ترد أيضاً أي معلومات حول وضعه الصحي منذ ذلك الوقت. سابقاً كان يتمّ عرقلة الزيارات بذرائع كـ “سوء الطقس” أو “عطل في السفينة” فيما يمنعون هذه الزيارات الآن بذريعة العقوبات الانضباطية غير القانونية. لاحظوا، لا يوجد أي توضيح حتّى الآن عن سبب فرض هذه العقوبات الانضباطية. ويتمّ بهذه الطريقة منع بدء عملية قانونيّة للاعتراض. فمن حقّ المعتقل بعد فرض العقوبة عليه التشاور مع محاميه والاستئناف في المحكمة بشكلٍ قانوني. لكنّ في نظام إمرالي يتمّ فرض العقوبات على المعتقل ويُمنع من مقابلة محاميه أيضاً. يمكن لهذا القانون منع مقابلة الأسرة عبر العقوبات الانضباطية لفترة لكن لا يمكنها منع مقابلة المحامين. كما أنّهم لا يسمحون للقائد أوجلان بلقاء محاميه بخصوص القضايا التي فتحوها في اليونان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.    

يحاولون قطع اتصال إمرالي مع العالم تماماً

إنّ ذرائع كـ “العقوبة الانضباطية” أخطر بكثير من الذرائع السابقة كـ “السفينة معطلة” وما إلى ذلك. ففرض العقوبة الانضباطيّة يعني أنّ القائد أوجلان ورفاقه الآخرين يتعرّضون لقمع وضغوطٍ جدّية وأنّ هذا القمع يقابل نضالاً جديّاً وقويّاً. وبالطبع نعلم أنّ العقوبات الانضباطية تُستخدم من قبل الحكومة كأسلوب لا إنساني لتضييع وقت الحكم. وفي الواقع، فهم يحاولون عبر هذه العقوبات الانضباطية التي تستمرّ لـ 6 أشهر قطع اتصال إمرالي بالعالم تماماً. وفي المقابل يخوض القائد أوجلان باسم الشعب الكردي معركة إرادة عظيمة ضدّ جميع محاولات الحرب النفسيّة التي يتعرّض لها.

تلتزم كلّ من لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصمت

لذا تبيّن أنّه لا يمكن كسر العزلة المفروضة في إمرالي قانونيّاً فقط. فلا القوانين الداخلية ولا الدوليّة سائدة في إمرالي. ولطالما كان الوضع على هذا الحال منذ البداية. فلولا هذا لما تمكّنت الدولة التركية من مواصلة فرض العزلة لـ 24 عاماً. ورغم وضوح كل الانتهاكات للقوانين الدوليّة في إمرالي ورغم تقرير لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية بشأن الأمور التي حدثت في إمرالي سابقاً، إلّا أنّه لم يُتّخذ أي قرار باسم القائد أوجلان في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ عام 2019، كما لم يتّخذ مجلس الاتحاد الأوروبي التي تنتمي إليها لجنة مناهضة التعذيب أي قرار بشأن انتهاك القانون هذا. ويُفهم من بيانات مكتب العصر القانوني أنّ المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية لا تؤدّي واجباتها ومسؤولياتها رغم جميع الطلبات التي قُدمت إليها وتلتزم الصمت حيال العزلة.   

لن تتوقّف الهجمات ما لم تتحقّق الحرية الجسديّة للقائد

بتقييم جميع هذه المقاربات، فإن تركيا هي إحدى ذراعي العزلة المطلقة أمّا الذراع الآخر فهو أوروبا وقوى المؤامرة الدولية. وهذا يعني أنّ المتآمرين يبذلون جهوداً ومساعٍ كبيرة في سبيل عدم حلّ القضية الكردية. فيما للنضال أيضاً ذراعين أحدهما في إمرالي والآخر أمام الهجمات التي تُشنّ على زاب، متينا، آفاشين، قنديل، آسوس، شنكال، مخمور، روج آفا وباكور. ويمكن القول إنّ مجزرة باريس الأخيرة مرتبطة بشكلٍ مباشر بالعزلة. وأنّ في قلب كل هذه الهجمات يوجد بالتأكيد القائد أوجلان. لذا لن تتوقّف هذه الهجمات ما لم تتحقّق الحرية الجسديّة للقائد أوجلان. إذاً السؤال هو؛ ما الذي يتوجّب على الشعب الكردي القيام به لكسر العزلة خلال المرحلة القادمة للنضال؟

الرد على الهجمات الشاملة

أولاً وقبل كل شيء تجدر الإشارة إلى أنّ الهجمات الجارية حتّى الآن لم تتمكّن من جعل إنجازات الشعب الكردي تتراجع خطوةً واحدة إلى الوراء وأن هذا العام قد مرّ بالنضال. وقد أوصلت مقاومة الكريلا السلطة الفاشية لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية التي تعدّ واحدةً من الأطراف الفاعلة المهمّة في الهجمات إلى الهزيمة. فعلى الصعيد العسكري، تكبّدت خسائر فادحة في متينا وزاب وانسحب جيشها من بعض المناطق التي كانت قد احتلّتها. ومن جهةٍ أخرى لم يتراجع الشعب خطوةً واحدة للخلف رغم كل المجازر والهجمات وحملات الاعتقال والتهديدات الموجّهة لأعضاء حزب الشعوب الديمقراطي والنضال السياسي الديمقراطي للشعب الكردي في باكور كردستان. بالإضافة إلى ذلك دافع أهالي روج آفا عن ثورتهم وحافظوا عليها رغم جميع الهجمات التي تتعرّض لها يومياً ولم يلزموا الصمت حيال هذه الهجمات. كما أظهر الشعب الكردي في دول المهجر مؤخّراً عبر ردّ فعلهم على مجزرة باريس الثانية وموقفهم حيالها مدى قوّتهم للجميع. لقد تصدّى الشعب الكردي للهجمات وردّ عليها في كل مكان من شنكال وحتّى مخمور. لذا تراجعت وتيرة المؤامرة بشكل ملموس لكن لا يمكن القول بأنّها انتهت. من الصعب قول إنّ المؤامرة قد انتهت ما لم تتحقّق الحرية الجسديّة للقائد أوجلان.  

لا ينبغي أن تكون هناك عقبات أمام تحقيق الحريّة الجسديّة للقائد أوجلان

لذا فإنّ العام القادم سيكون عاماً حساساً وحرجاً وصعباً من النضال بالنسبة لفاشية حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية والمتآمرين الدوليين من جهة، وبالنسبة لحركة التحرر الكردستانية والشعب الكردي من جهة أخرى. ولهذا على المرء إدراك أنّ طريق الانتصار بالنسبة للشعب الكردي في هذه المرحلة يكون عبر كسر العزلة في إمرالي، وإدراك أنّه في الوقت الذي يترقّب فيه الجميع تحقيق الحرية الجسدية للقائد أوجلان خلال عام 2022 فإن هذه الحريّة لا يمكن أن تكون إلّا بالنضال. هذا ولا تتمتّع العزلة والمؤامرة بأي أساس قانوني أو شرعي. يطالب الشعب الكردي بحرية قائده ويناضل في سبيل هذا وهذا حقّ طبيعي ومشروع. كما أنّها ضرورة إنسانيّة وأخلاقيّة أيضاً. ولهذا عندما تكون هذه القضية موضوع الأجندة الأساسية للحرب والسلام والسياسة والدبلوماسية والمرأة والشبيبة، أي باختصار عندما تتعلّق جميع الأعمال والتنظيمات بالحرية الجسديّة للقائد أوجلان فلا يمكن لأي قوى منع أن يكون العام القادم عام القائد عبدالله أوجلان.