المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

فرزندا منذر: كلمة بمناسبة يوم السلام العالمي

204

ضيوفنا الأعزاء، أصدقاء ومحامو القائد أوجلان، تحياتنا لكم من القلب، مرحباً بكم جميعاً…

في مثل هذا اليوم “يوم السلام العالمي ” قبل ٢٥ عاماً بتاريخ١-٩-١٩٩٨أعلن القائد عبد الله أوجلان  عن وقف إطلاق النار من طرف واحد، وابدى استعداده ِ للحل السلمي والديمقراطي كأفضل حل للقضية الكردية في تركيا، سعياً مِنه لِوقف نزيف الدم وتفضيل لغة الحوار والتفاوض حيث قال: {وصلنا الى نقطة، حيث يجب ان تسكت الأسلحة وتتحدث الأفكار} فبدل أن تتبنى الدولة التركية هذه المبادرة وتؤسس خارطة طريق بناءً عليها، بدأتْ بنسج مؤامرة بمساندة القوى العظمى سُميت وقتذاك بحملة الطوفان، وكانت أولى نتاجاتها هي إخراج القائد عبد الله أوجلان من الشرق الأوسط وهذا ما تم بتاريخ ٩- ١٠ -١٩٩٨.

تطرَّق المفكر أوجلان إلى تلك الأحداث في مرافعاته قائلاً: وهكذا كنا قد وصلنا إلى منعطف الطريق، وكنا أدركنا أننا لن نستطيع الاستفادة من منطقة الشرق الأوسط كالسابق. وما كان علينا فعله، إما التوجه نحو الجبال والتموضع فيها كقيادة عسكرية، وتصعيد الحرب إلى أقصاها؛ أو البحث عن الحل الديمقراطي والسلمي، والسعي إلى تطوير ذلك بشكل مضمون ضمن أجواء وظروف أوروبا. وقد اخترتُ الطريق الثاني، وقررتُ الاستمرار في البحث عن السلام”. حيث إن وعود بعض البرلمانيين اليونان عن حزب “الحركة الاشتراكية اليونانية – باسوك”، وكذلك قيام ١٠٩ نائباً في المجلس اليوناني بدعوة السيد أوجلان إلى أثينا لعب دوراً هاماً في اتخاذ القرار. ولكن، لم يتم الوفاء بالوعود، ولم يتم النظر في طلب اللجوء السياسي

ليتوجه القائد الى روسيا. وبعد يومين، يصرح رئيس الوزراء التركي قائلاً: “بناء على المعلومات التي وصلتنا من منظمة استخباراتية من بلدان أحد الحلفاء، تفيد بوجود أوجلان في روسيا”. ونتيجة الضغوط من قبل أمريكا وإسرائيل والناتو وتركيا، اضطر رئيس الوزراء الروسي بريماكوف أن يضرب عرض الحائط قرار مجلس الدوما الذي صَوَّت على الموافقة على طلب اللجوء السياسي للسيد أوجلان بـ٢٩٨ صوتاً مقابل صوت واحد فقط معترض، وذلك بتاريخ ٤ تشرين الثاني ١٩٩٨؛ فطالب رئيس الوزراء الروسي من القائدَ أوجلان بأن يغادر البلاد خلال تسعة أيام، وإلا فسوف يُطرَد منها. وفي النهاية، وبتدخل من النائب عن الحزب الشيوعي الإيطالي المستحدث، السيد رامون مانتوفاني” يتجه السيد أوجلان من روسيا إلى العاصمة الإيطالية روما بتاريخ ١٢ تشرين الثاني ١٩٩٨.

هكذا يتحدث السيد أوجلان عما حصل بعد ذلك:

“بينما كنت أنتظر الصداقة لدى وصولي إلى إيطاليا، فقد تم اعتقالي. لقد رفعت المحكمة بعد ذلك حُكم الاعتقال عني، ولكنها أبقتني ضمن حصار مشدد جداً، وجُرِّبَت كل الوسائل والسبل كي أغادر من هناك أيضاً. وكان الرئيس الأمريكي كلينتون قد بدأ بممارسة الضغط على إيطاليا بذات نفسه.

بينما كنتُ بدوري أصرّح بضرورة تمكين السلام والحل الديمقراطي للقضية الكردية. وبالمقابل، كانت التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأمريكان هي “أعيدوا أوجلان إلى تركيا بأقصى سرعة”. بيد أنّ ما كنتُ أنوي ممارسته من سياسة الحل الديمقراطي في أوروبا، كانت ستضع الحد النهائي للحرب والقتال. ولو أنني تلقيتُ الدعم اللازم حينها، لكان جذب تركيا إلى هذا النهج لن يبقى عصياً آنذاك. لكن هذا ما لم يتطابق مع استراتيجيتهم جميعاً، بما فيهم أمريكا. حيث أن المزيد من الاشتباك والتناحر في تركيا والشرق الأوسط انطلاقاً من الورقة الكردية، كان يتوافق مع مصالحهم أكثر. وبمعنى آخر، فإنهم لم يكونوا مع الحل النهائي للقضية الكردية. وهكذا، فإن مغادرتي في أول فرصة سانحة باتت ضرورة لازمة.

يسرد السيد أوجلان خفايا هذه اللعبة في مرافعاته على النحو التالي:

“وبعدها تبيّن أن مصيري قد وضِعَ على طاولة الصفقات بين رئيس الوزراء الروسي بريماكوف وشركات النفط الأمريكية في قمة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي كان قد انعقد قبل ذلك التاريخ بيوم واحد فقط (أي في ٣٠ كانون الثاني). فحسب الخبر الذي نشرته الصحيفة الاقتصادية “كوميرسانت” التي تصدر في روسيا، والذي يحمل عنوان (صفقة النفط مقابل آبو) . كان بريماكوف يوعز إلى كل دول رابطة الدول المستقلة، أن هبوطي إلى مطاراتهم ممنوع. وفي ذاك اليوم نشر الإعلام الأوروبي الأنباء التي تحمل عناوين من قبيل (كل مطارات أوروبا أُغلِقَت هذه الليلة في وجه آبو)” وقد اتخذ ذلك القرار في سويسرا اما القوة التي اتخذت القرار فهي وحدة من نوع الكلاديو السرية التابعة للناتو وتحت سيطرة أمريكا.ومن هناك أُرسِل أوجلان إلى جزيرة كورفو، ليوضَعَ في حالة تجريد وعزلة. وفي تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم الثاني من شباط صعد أوجلان طائرةً خاصة قيل أنها ستتوجه نحو جنوب أفريقيا حيث مانديلا ، بناء على وعده بأنه سيتم التوجه به نحو جمهورية أفريقيا الجنوبية يستهل السيد أوجالان سرده بشأن هذا الموضوع في مرافعاته على الشكل التالي:

وقد جاء السفير اليوناني كوستولاس لاستقبالي في مطار نيروبي بكينيا، واستلمني من المطار بكل سهولة، بل وتكفل بذات نفسه تمريري من الجمارك دون أية عوائق. ثم استقلّينا سيارته وانطلقنا. وكنتُ سأعلمُ لاحقاً أن السفير كوستولاس كان يعمل في السلك الدبلوماسي ضمن الناتو لسنين طويلة.

واتضح أيضاً أنني في تلك الفترة كنت تحت مراقبة وحدة خاصة تابعة للناتو. وكان سيتضح فيما بعد أنه تم استدراجي إلى كينيا عن طريق تلك الوحدة الخاصة ووفق مخطط مدروس ومرسوم مسبقاً، وأن وظيفة تركيا كانت تقتصر على استلامي من مطار كينيا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي ترأست وأشرفت على كل تلك المراحل. كما واتضح لاحقاً أنه تم تجهيز كينيا مسبقاً وفق التحالف الثلاثي بين أمريكا – سيميتيس – تركيا، وأنه تم استدراجي إلى هناك بشكل مقصود ومدروس بكل تأكيد. ذلك أن كينيا هي كناية عن نظام دُمية بيد أمريكا، وأنها تحت نفوذ الاستخبارات الأمريكية والعملاء الإسرائيليين. وعليه، كنتُ سأدرك لاحقاً أن وعودهم لي بإرسالي إلى جمهورية أفريقيا الجنوبية كانت محض خداع ورياء. وبعد مرحلة كينيا، كانت مرحلة تسليمي إلى تركيا بتاريخ ١٥-شباط ١٩٩٩.

“إن كرونولوجيا المؤامرة تبسط للعيان، ولو نسبياً، الأبعاد الدولية للمؤامرة المحاكة ضدي. وعليه فإن حالتي هي كناية عن صلبي بأربعة مسامير على الصليب الدولي للنظام الرأسمالي العالمي . حيث دقّوا المسمار الأول في موسكو، ففيها عشتُ برودة الخيانة الأقرب إلى برودة الأفعى. ودقّوا المسمار الثاني لي في روما، حيث لم أتخلى هناك عن كرامتي مقابل الألاعيب الدقيقة للرأسمالية. ودقّوا المسمار الثالث في أثينا، إذ كنتُ مذهولاً فيها من الخيانة بحق صداقة فريدة من نوعها، فشعرتُ وكأنه أصابني الشلل من الصدمة! أما المسمار الرابع، فدقوه في نيروبي، حيث سلّموني إلى تركيا التي تبحث عني كشخص محكوم عليه بالإعدام. ونتيجة مؤامرة الصَّلب إلى أربعة مسامير تلك، أنهم زجوا بي في الحجرة الانفرادية من سجن إمرالي في عرض بحر مرمرة، وتركوني أنتظر الموت مصلوباً. بالتالي، فأنا محكومٌ دوليّ، ولست محكوماً تركياً. أما دور تركيا في المؤامرة، فيقتصر على انتظار موتي في سجن إمرالي الانفرادي. أي أنها مجرد حارس ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بالمحكوم. أما نظام إمرالي، فهو نظام مرسوم بصورة خاصة لأجلي من قبل النظام الرأسمالي العالمي، بحيث لا تسري عليه القوانين والحقوق، ويهدف إلى كسر الإرادة وتحقيق التفسخ مع الزمن لتأمين الاستسلام والخنوع. وبمعنى آخر، فإن القوانين الدولية والحقوق التركية لا تسري على هذا السجن. وعليه ، فبإمكاني القول إنه من حيث ظروف السجن، ومن حيث الاختطاف غير القانوني المطبّق عليّ بصورة غير مسبوقة، فإن سجن إمرالي قد دخل قيد التنفيذ كأول غوانتانامو.

الحقيقة الساطعة والقاطعة هي أن هذا السياق كان تحت مبادرة أمريكا منذ البداية، وأن لإنكلترا وإسرائيل أيضاً دور هام فيه، وأن اختطافي كان ثمرة التحالف الكثيف بين غلاديو الناتو والموساد والاستخبارات الأمريكية والبريطانية والتركية واليونانية. وفي المحصلة، فإن غلاديو الناتو هو الذي حبك خيوط المؤامرة، وهو الذي نفّذها. أجل، هكذا يعرّف السيد أوجلان المؤامرةَ الدولية. وما يزال ينبض بروح المسؤولية القصوى المفعمة بضمير الإنسانية ومجموع ضمائرنا أيضاً من داخل إمرالي التي ما ينفك أسيراً فيها منذ ٢٤ عاماً وضمن ظروف العزلة المشددة والقاسية التي وصلت الى درجة التعذيب الممنهج.

يقول القائد أوجلان عن اهداف المؤامرة ” كان هدف الذين قاموا بالمؤامرة هو ان يحولوني إلى كرة نارية ويحرقوا بها الشعب الكردي والتركي والمنطقة”. كانت أطراف المؤامرة تأمل بعد اعتقال القائد عبد الله أوجلان في اشتداد وتيرة الحرب والصراع. لكن على العكس من ذلك اعلن السيد عبد الله أوجلان وقف إطلاق النار مرة أخرى في 2/8/1999 وطلب من قوات الكريلا ان تنسحب من كردستان الشمالية- تركيا والعمل ان حل المشاكل على طريق الحوار والسِلم بالإضافة الى ارسال مجموعتين الى تركيا أحدها من قوات الكريلا من جبال خنيرة إقليم كردستان والثانية من أوروبا، خَطَتْ PKKهذه الخطوة أيضا. لكن مسؤولي الدولة والحكومة التركية فسروا هذه الخطوة أيضاَ بالضُعف ولم يخطوا نحو السِلمِ بل حاولوا استغلال الفرصة لزيادة هجماتهم على قوات حزب العمال الكردستاني بغية تصفيته. إن السيد عبد الله أوجلان نتيجة تعمقه الفكري، لم يتعامل مع القضية الكردية كقضية خاصة بالكرد منذ البداية، بل عاملها كقضية تمتلك أبعاد إقليمية ودولية. وفي نفس الوقت أعتبر نضال الشعب

الكردي وشعوب المنطقة مكملاً لبعضه البعض. وكان هذا سبباً له في أن يبدأ بالنضال مع رفاقه من الشعب التركي والشعوب الأخرى. فلأجل تخليد ذكرى حقي قرار الذي هو أول شهداء PKK, تم تأسيس PKK, وهذا نموذج ظاهر للعيان. في نفس الوقت بعد ذهابه إلى لبنان عام 1979, وعلى هذا الأساس بنى علاقات وصداقات مع شعوب لبنان، فلسطين وسوريا وكذلك دول عربية في الشرق الأوسط.  من اجل تطوير الصداقة والتعايش المشترك لشعوب المنطقة بالاعتماد على قوته الجوهرية وعلى الشعب الكردي، كان مستعداً لكل التضحيات وتاريخ نضاله دليل على ذلك.

– وما يستوجب ذكره أنَّ الشهيد عزيز عرب يعتبر أول شهيد من سوريا استشهد عام ١٩٨٦ في جبل كابار وهو من المكون العربي.

أهم مبادرات القائد لأجل السلام:

لأجل حل القضية الكردية بادر القائد أوجلان ومنذ عام 1993 إلى تاريخه بالإعلان عن مبادرات سلام من طرف واحد لحل كافة الخلافات بالطرق السلمية ومنها:

مبادرات السلام المتتالية لحل القضية الكردية، وذلك خلال عهد رئاسة الجمهورية التركية توركوت أوزال 1993 والرئيس الوزراء نجم الدين أربقان 1995 ورئيس الحكومة بولنت أجاويد 1998, حيث قام بوقف إطلاق النار من طرف واحد واستمرت مبادراته هذه وتلك من   1999الى 2004 حيث عهد حكومة أردوغان وكذلك عامي 2006 و2009 وتلاها رسمه لخارطة الطريق وبفضل كل هذا وذاك توجهتْ مجموعة السلام

 الثانية إلى تركيا في شهر تشرين الأول من عام 2009 ولخلق أجواء انسب للحل السلمي واضفاء القوة والإيجابية للحوار الجاري مع الحكومة التركية أرسل مجموعة أخرى من أعضاء حزب العمال الكردستاني الى تركيا حيث انطلق من مخيم الشهيد رستم جودي مخمور – الموصل وليتم دخولها الى تركيا عبر معبر إبراهيم خليل ترافقهم جماهير كردية غفيرة أينما حلوا، وفي امد ” ديار بكر ” تم استقبالهم من طرف داعمي السلام زاد عن مليون شخص استقبلوهم استقبال الابطال ومناضلي السلام، حيث قام هؤلاء الثوار بالإعلان عن نيتهم ونية حزبهم للسلم وارتباطهم المطلق مع قائدهم, وحان وقت وطي مرحلة العنف والاقتتال والعيش معا في جمهورية ديمقراطية على أساس الحرية والمساواة -2009 وخلال تلك الفترة نشر القائد كراسه المعنون بـ “خريطة الطريق”. وأكدَّ مجدداً على وقف إطلاق النار من طرف واحد وتأكيداً على ذلك، دعا الكريلا للانسحاب إلى خارج حدود كردستان الشمالية وتركيا، بناء على “إعلان نوروز 2013” فضلاً عن مناشدات التفاوض، وتصريحات نوروز في 2014-2015 واتفاقية دولما باخجة ذات البنود العشرة.

يقول القائد: أظهر لنا التاريخ أنه أن لم تكن هناك قيادة ذات قرار للسلم فأن المشاكل التاريخية الأليمة المليئة بالدماء والموت ستستمر وتنتج لنا المزيد من الظلم والموت.

-تحقيق السلام أصعب من الحرب ولكن كل حرب لا بد أن تنتهي بالسلام حين كنا نقاوم لم نكن نخشى المقاومة والآن حين سنتفق سوف لن نخاف من الاتفاق.

بعد إصابة آمال أردوغان بالخيبة في انتخابات 7/6/2015 وخسارة حزب العدالة والتنمية AKP لبعض أصواته على عكس توقعات أردوغان وازدياد أصوات حزب الشعوب الديموقراطية HDP وتخطي حاجز الانتخابات, هاجم أردوغان وحكومة AKP بشكل غيرقانوني على الشعب الكردي ودعاة السلام في تركيا. بعدها يومياً كانت تتم التضييق على الحرية السياسية، حرية التعبير عن الراي، حرية الصحافة والحريات المدنية. وآخرها كانت رفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء البرلمان من HDP. ولكن على الرغم من هذه الهجمات فإن السيد أوجلان يصر على التحالف ما بين الشعوب وصداقة الشعوب ويحاولون أن يقطعوا الطريق على ازدهار التعصب العرقي.

–  مرحلة امرالي: توصل القائد الى حقائق يصفها بانه لو عاش الف عام لما توصل اليها ولاسيما معرفة حقيقة الحداثة الرأسمالية وكذلك   تم التوصل إلى تشخيص الحقيقة التالية ان:{ السلطوية والقوموية والدينوية  والصناعوية والدوغمائية والجنسوية } من أهم القضايا التي تجر المنطقة والعالم نحو المآزق والأزمات المستدامة والفوضى الهدَّامة والحروب المدمرة. بالإضافة إلى تأكيد الحضور على أن حقيقة الدولة القومية السائدة في المنطقة قد لعبت دور الأداة الرئيسية في نثر بذور العداوة بين الشعوب والعقائد المتعايشة مع بعضها البعض منذ آلاف السنين، وفي استجرارها إلى حرب دموية دائمة فيما بينها. ولهذا اقترح الحل والبديل لهذه القضايا والأزمات: على سبيل المثال: يرى بان الطريقَ إلى استتبابِ السلامِ وتأمينِ الحلِّ يمرُّ من التخلي عن تلك الركائزِ الثلاثيةِ للحداثةِ الرأسمالية (الدولة القومية، الراسمال المالي، والصناعوية)، وتصييرِ مقوماتِ الحداثة الديمقراطيةِ بديلاً لها (الأمة الديمقراطية، اقتصاد السوق الاجتماعية الخالي من الربح، والصناعة الأيكولوجية). ويقيم أهمية الامة الديمقراطية كالتالي: ما من نظريةٍ اجتماعيةٍ أخرى قادرةٍ على إعادةِ توحيدِ صفوفِ المجتمعِ البشريِّ العالميِّ وإحيائِه ضمن أجواءٍ مفعمةٍ بالحرية والمساواة والعدالة، بعدَما قَطَعَت نظريةُ الدولةِ القوميةِ للحداثةِ الرأسماليةِ أوصالَه كالقَصّاب.

– أمضى قائد ومرشد الكونفدرالية الديمقراطية عامه الرابع والعشرين في السجن الانفرادي في جزيرة إيمرالي, وعلى الرغم من العُزلة المفروضة عليه والصعوبات فقد كتب الاف الصفحات وبين دفتي هذه الكتابات التي كتبها كمرافعة وقدمها للمحاكم المختلفة، قدم بحوث مهمة تحمل حلولاً بخصوص الأزمات في الشرق الأوسط والعالم. ففي مرافعاته لم يقم بالدفاع عن نفسه وعن الشعب الكردي فقط، وإنما حاول ان يحافظ على القيم الشرق أوسطية من الحداثة الرأسمالية. فهو قد دافع عن المرأة ضد منظومة وذهنية سيادة-الرجل. ودافع عن ثقافة الشعوب ضد حملات الاضطهاد و الإبادة الجماعية.

إن القائد عبد الله أوجلان على الرغم من مواجهته لشتى أنواع العُزلة والتعذيب، فقد استطاع أن يخضع نظريات علم الاجتماع للبحث وان يخرج بنتائج تمهد الطريق لثورة اجتماعية. فقد لخص نظرة تعتمد على مجتمع بيئي، ديموقراطي وحرية المرأة. وتعمقه في هذه المجالات واسعة جداً وشاملة. بلا شك انه ليس خطأً إذا قلنا بأنه أطلق ثورة في المجتمع أو في علم الاجتماع، لأنه بنظرته الخاصة غير من تأمل الأنسان نحو الأنسان، والمجتمع والعالم. والمهم في الموضوع انه لا ينتقد الخلل فقط، بل يقدم حلولاً لها أيضا. وهذا ما يميزه عن بقية المفكرين. فضلا عن ميزة أخرى الا وهي انه لا يقدم حلولاً نظرية فقط، وإنما يخلق القوة والإرادة التي تنفذها. أي انه مناضلً، بقدر ثقافته، وهو تعبَوِّيًّ (خالق للتكتيكات)، بقدر ما هو مبدع للاستراتيجيات. ونقطة أخرى مثيرة للانتباه هي انه منذ البداية طبق كل أبحاثه على نفسه شخصياً ويبدأ من نفسه، ولهذا فإن تصوراته وتأملاته مجسدة في الحياة.

ونقطة أخرى مهمة حيث لفت القائد انتباه الشعوب على ان تكون على قدرٍ كافي من القوة في التنظيم والوعي والنضال الموحد والا فأنها ستخسر مجدداً معركتها من أجل الحرية والسلام والديمقراطية، لذا فقد أعطى بالغ الأهمية لنضال الشعوب وثوراتهم وتوحدهم في وجه طغاة السلطة ونماردها.  

اقتباس فقرة عن حياة القائد قبل ان ننهي كلمتنا ببعض الاقتراحات: يقول القائد: لَم أتطرقْ كثيراً لحياتي الشخصيةِ في جميعِ مرافعاتي المدونةِ وحواراتي الشفهيةِ الحاصلةِ حتى الآن. وفيما عدا مشاكلي الصحيةِ العَرَضية، والعلاقات مع إدارةِ السجن؛ لَم أشرحْ كيفيةَ تحمُّلي ومدى مقاومتي

إزاء العزلةِ التي أعَدَّها النظامُ بشكلٍ خاصّ، وطَبَّقَها عليَّ أنا فقط. وأعتقدُ أنّ أكثرَ المواضيعِ التي تثير فضولكم، هو التعرف على تجاربي التي خضتها في الحياةِ إزاء هذه الوحدةِ والجمود المطلقَين. لقد تحوَّلَ سجنُ إمرالي بالنسبةِ لي إلى ميدانٍ لحربِ الحقيقةِ بكلِّ ما للكلمةِ من معنى، سواءٌ على صعيدِ فهمِ الظاهرةِ الكرديةِ وقضيتِها، أو من ناحيةِ تَصَوُّرِ فُرَصِ وإمكانياتِ الحلّ. فبينما كان القولُ والعملُ طاغيَين عندما كنتُ طليقاً، فإنّ المعنى هو الذي طغى عندي داخل السجن. وأخصُّ بالذِّكرِ أنّ تجاوُزَ الدولتيةِ القومية كان بالغَ الأهميةِ بالنسبةِ إليّ. وكلما أدركتُ أن الصراع في سبيلِ الدولتيةِ القوميةِ يعني المحاربةَ من أجلِ الرأسمالية، كلما طرأَت تحوُّلاتٌ عظيمة على فلسفتي السياسية. فالصراعُ الطبقيُّ والقوميُّ الضيق لَم يَكنُ يؤدي في النهايةِ سوى إلى تعزيز الرأسماليةِ وتكريسها. وأدركتُ حينها أني ضحيةٌ من ضحايا الحداثةِ الرأسمالية. وكلما حطَّمتُ القوالبَ والدوغمائياتِ الرأسمالية، كلما باشرتُ بالتعرفِ على المجتمعِ والتاريخِ بحماس أكبر وبنحوٍ مفعمٍ أكثر بالحقيقة.  لذا، فقد أطلقتُ على نفسي في هذه الفترةِ اسمَ “قَنّاص الحقيقة”. وبمعنى آخر، فإن مقولة “اهربْ يا أرنب، أَمسِكْ به يا كلبَ الصيد”، التي فرضَتها الحداثةُ على الكرد؛ قد قمتُ بتحويلها من حيث المعنى إلى مقولةِ “قم باصطياد الحداثة الرأسمالية”. “إن الحياة بالنسبةِ لي غير ممكنة إلا عندما تُعاشُ حُرة”. أما الحياةُ المجرَّدةُ من الأخلاقياتِ والعدالةِ والسياسة، فهي حياةٌ ينبغي ألاّ تُعاش على الصعيدِ المجتمعيّ . والحالُ هذه، ففي حالِ خروجي من السجن، فأينما يكون مكاني أو اللحظةُ التي أحياها، فبطبيعةِ الحالِ سوف أواظبُ حتى الرمقٍ الأخير على خوضِ الكفاحِ المستدام وبشتى أنماطِ الفكر والقول والعمل في سبيلِ المجتمعيةِ التي جهدتُ لتحقيقِ الانتماءِ إليها؛ وكذلك من أجلِ الكردِ الذين يَحيَون حقيقتَها الأكثرَ مأساوية، ومن أجل تحوُّلِهم القومي الديمقراطيِّ الذي هو سبيلُهم إلى الحلِّ والتحرر؛ ومن أجلِ تكريس “اتحادِ الأممِ الديمقراطية الشرق أوسطية”، الذي يشكل سبيلَ الحلِّ والخلاصِ

بالنسبةِ لكافةِ شعوبِ الشرقِ الأوسطِ عموماً ولشعوبِ الجوارِ التي يُعتَبَرُ الكردُ جزءاً منها خصوصاً؛ وكذلك من أجلِ تكريس “اتحادِ الأممِ الديمقراطيةِ العالمية” الذي يشكل سبيل الحلِّ والخلاصِ بالنسبةِ إلى جميعِ شعوبِ العالَمِ التي تُعَدُّ شعوبُ الشرقِ الأوسطِ جزءاً منها. وسوف أثابرُ على مسيرتي هذه اعتماداً على شخصيتي التي تحلت بنصيب وافر من الحقيقة، متحصناً بالقوةِ الأخلاقيةِ والجماليةِ والفلسفيةِ والعلميةِ اللازمةِ لذلك. وسأفوز بالحياة بناءً على ذلك، وسأُشاطرها مع الجميع.

– القائد عبد الله أوجلان شخصية تاريخية مفكر وفيلسوف وهب نفسه لصياغة الحلول الجذرية للقضايا التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط خصوصاً والبشرية عموماً. وعليه فإن حل وإرادة الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط هي المستَهدَفة في الأصل من خلال أسر القائد عبد الله أوجلان، وتعريضه لنظام التعذيب الخاص والفريد في سجن إمرالي منذ ٢٤ عاماً، وقطع أواصره مع العالم الخارجي من خلال العزلة المشددة المطبقة عليه منذ ٥ نيسان ٢٠١٥. ولهذا السبب بالتحديد، فإن المطالبة برفع حالة الأسر عن السيد أوجلان، ووضع حد نهائي لها، لا يمكن أن

تنحصر في الشعب الكردي فحسب، بل يتوجب تناولها على أنه طلب مشترك بالنسبة لجميع شعوب الشرق الأوسط بصورة خاصة، ولكافة القوى الديمقراطية في العالم بصورة عامة.

– إنهاء نظام العزلة المفروض في إمرالي، وإطلاق سراح السيد عبد الله أوجلان الآن، هو ضرورة حتمية من أجل استتباب السلم والديمقراطية.

– الحل المناسب والممكن في المنطقة هو حل الأمة الديمقراطية الهادفة إلى استتباب السلام والاستقرار في الشرق الأوسط نعتقد بان الكونفدرالية الديمقراطية على أنها تتسم بأهمية مصيرية باعتبارها النموذج التنظيمي القادر على احتواء الواقع التاريخي والغنى السائد على صعيد الشعوب والأثنيات والعقائد الموجودة في منطقة الشرق الأوسط.

– نقترح تشكيل مجموعة من الحقوقيين والمحاميين ممثلي مختلف شعوب المنطقة، للذهاب إلى جزيرة إمرالي واللقاء بأوجلان.

– مناشدة كل المنظمات الدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة بالتحرك فوراً تجاه سياسات العزلة المطلقة التي تمارسها الدولة التركية على القائد أوجلان، ومطالبتها بإبداء الموقف الحاسم تجاه الدولة التركية، للتمكن من تذليل المخاطر التي تهدد حياة أوجلان.

– تشكيل اتحاد المحامين الشرق أوسطيين، في سبيل وضع حد نهائي لسياسات الانتهاك القانوني المطبقة بحق شعوب الشرق الأوسط متجسدةً بشخص القائد عبد الله أوجلان، ولأجل إسناد القانون إلى أرضية العدالة الحقيقية.

– تسيير الأنشطة الهادفة إلى رفع الدعوى الحقوقية للسيد عبد الله أوجلان إلى ديوان العدالة في لاهاي.

ثانية تحياتي وتقديري ومحبتي لكم جميعاً…

الحرية للثائر والمفكر والفيلسوف عبد الله أوجلان

١-٩-٢٠٢٢

فرزندا منذر…..