المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

القائد عبد الله أوجلان وإحياء ليليث في مواجهة سلطة الذهنية الذكورية:

92

بقلم: محمود مصطفى عبد الرحمن

عضو المبادرة السورية لحرية القائد عبد الله أوجلان

  • مقدمة:

يعد الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان، من أبرز المفكرين الذين أعادوا قراءة قضايا المرأة من منظور تحرري ثوري، حيث طرح رؤية فلسفية توحد بين مفاهيم المقاومة والتحرر الاجتماعي والجنسي والسياسي. في هذا السياق، تبرز شخصية ليليث كرمز لمقاومة المرأة الحرة والمتمردة على الأنظمة الذكورية السلطوية، وفي الوقت ذاته تظهر المرأة المقاتلة كنموذج تطبيقي لهذه المقاومة في الواقع. يشكل فكر القائد أوجلان لليليث والمرأة المقاتلة مفتاحاً لفهم فلسفته حول تحرير المرأة وتحرير المجتمع بأكمله وذلك من خلال تحرر المرأة.

  • ليليث في فكر الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان . . . رمز المقاومة والتحرر:

يرى الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان أن ليليث ليست شيطانة كما صورها التراث الديني الأبوي، بل “المرأة الأولى الثائرة” التي رفضت أن تكون تابعة للرجل أو خاضعة له. هي رمز رفض الاستلاب الجنسي والاجتماعي والسياسي الذي فرضته الهيمنة الذكورية على المرأة عبر التاريخ.

فهي بذلك تعتبر تجسيداً إرادياً لرفض السيطرة الأبوية، وتُعَدّ رمزاً لتجاوز السجن الكبير الذي يمثله النظام الأبوي الذي يقيد حرية المرأة ويحد من إمكانياتها.

  • المرأة الكوردية المقاتلة . . . نموذج المقاومة الواقعية:

إلى جانب الرمز الأسطوري لليليث، يؤكد القائد أوجلان على أهمية المرأة المقاتلة كنموذج حي للتحرر والمقاومة الفعلية، خصوصاً في نضال شعوب كوردستان ضد القهر والاحتلال. المرأة المقاتلة تمثل تجسيداً عملياً لإرادة ليليث في رفض الهيمنة، وهي قوة ميدانية قادرة على قلب موازين القوى التقليدية.

المرأة المقاتلة في فلسفة القائد عبد الله أوجلان ليست فقط مدافعة عن نفسها، بل هي حامل لرسالة الثورة والتحول الديمقراطي، حيث تقوم بدور حيوي في حماية الأراضي، المجتمع، والحريات الفردية والجماعية.

  • العلاقة الجدلية بين ليليث والمرأة الكوردية المناضلة:

تُشكّل ليليث رمزاً أسطورياً لفكرة التحرر التي استمدتها المرأة الكوردية المقاتلة لتصبح واقعاً ملموساً.

في هذا الإطار، تعبر المرأة الكوردية المقاتلة عن الموقف الثوري الذي تعبر عنه ليليث، وهي تؤكد على أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير المرأة والمجتمع معاً.

  • السجن الكبير وإرادة التحرر:

يرتبط مفهوم “السجن الكبير” عند الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان بفكرة الهيمنة الذكورية التي تقيد حرية الإنسان، وخاصة المرأة. هذا السجن لا يقيد الجسد فقط، بل يقيد الروح والوعي ويحول المرأة إلى أداة خضوع واستسلام.

في هذا السياق، تقول مقولة الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان في إحدى تقيماته عام (٢٠٠٥م):

“ليليث هي رمز المرأة التي تعلن رفضها لهذا السجن، وتصرّ على حقها في الحياة الحرة الكاملة، دون قيود أو حدود فرضتها تقاليد متخلّفة. والمرأة المقاتلة هي من يحقق هذا الرفض على أرض الواقع، بكسر هذه القيود بالدفاع والمقاومة.”

يرمز هذا السجن الكبير إلى كل أشكال القمع التي تمارسها الأنظمة الذكورية ضد النساء، ويضع ليليث في مركز المقاومة التي تناضل من أجل التحرر الكامل.

  • دور المرأة المقاتلة في فلسفة الأمة الديمقراطية:

في فلسفة الأمة الديمقراطية، التي تبنّاها الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان، تتحول المرأة من موقع المقهورة إلى موقع الفاعلة الحاسمة في بناء مجتمع تعددي ديمقراطي ومساواة حقيقية، على مبدأ أن تحرير المرأة هو شرط أساسي لتحرير المجتمع بأكمله. فالمرأة في هذه الفلسفة ليست نصف المجتمع، ولا مجرد “مساعدة” للرجل، بل هي العنصر المحوري لبناء مجتمع عادل ومتساوٍ، وتلعب المرأة المقاتلة دوراً استثنائياً في الحفاظ على هذا المشروع وإدامته.

“تحرير المرأة هو تحرير المجتمع بأكمله، والمرأة الحرة والمقاتلة هي الضامن الأساسي لبقاء الأمة الديمقراطية ونموها.”

القائد عبد الله أوجلان، الأمة الديمقراطية عام (٢٠١٢م).

تُعتبر ليليث في هذا السياق رمزاً للمرأة التي رفضت الخضوع وقررت أن تكون فاعلة في صناعة التاريخ، مستمدة من أسطورتها قوة جديدة تعزز نضال النساء في كوردستان والعالم.

  • الاستلهام التاريخي والمعاصر من ليليث والمرأة المقاتلة:

في كوردستان، خصوصاً شمال وشرق سوريا، أصبحت المرأة المقاتلة نموذجاً يُستلهم من قصة ليليث، حيث تناضل النساء ضد قهر الأنظمة السلطوية والذكورية. هذا النضال اليومي هو تعبير حي عن إرادة الحرية التي جسدتها ليليث في الأسطورة، لقد استلهمت من أسطورة ليليث في مقاومتهن السياسية والاجتماعية. ليليث تمثل نموذجاً للمرأة التي لا تقبل أن تكون مجرد تابع، بل تطمح إلى قيادة التغيير والتحرر.

من خلال الخطابات والأعمال النضالية، يظهر كيف تُعيد المرأة تعريف معاني المقاومة من خلال ممارستها الحياتية، منها:

رفض الأدوار التقليدية، المشاركة في كافة المجالات العسكرية والسياسية، بناء المجتمع المدني، تطوير ثقافة الحرية والتعددية الحقيقية، إعادة بناء منظومة البيئة.

  • خاتمة:

في فكر الفيلسوف الأممي عبد الله أوجلان، ليست ليليث مجرد أسطورة قديمة بل هي رمز حي للمرأة المتمردة التي تؤمن بالحرية  والمساواة الحقيقية. أما المرأة المقاتلة، فهي تجسيد حي لهذه الرؤية، حيث تتحول الأسطورة إلى فعل نضالي ثوري حقيقي.

هذا الدمج بين الرمز الأسطوري والنموذج الواقعي يُمثل جوهر فلسفة القائد عبد الله أوجلان في تحرير المرأة وبناء مجتمع أخلاقي سياسي ديمقراطي إيكولوجي حر.