المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

متلازمة الحرية الفكرية والحرية الجسدية

45

(عبد الله أوجلان والدعوة إلى الحرية الجسدية)

للمبادرة السورية لحرية القائد عبدالله أوجالان، بقلم الدكتور: حسني أحمد مصطفى، باحث اجتماعي،  يتناول الدراسات البينية المهتمة بعلاقة الانسان بمختلف الانساق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

    الجسد ليس مجرد كيان بيولوجي، وإنما هو حامل للروح والعقل والإرادة، ومن ثم فإن تقييد الجسد بالسجن أو التعذيب أو المنع من الحركة هو في جوهره تقييد للروح وتعطيل للعقل، فحرية الفكر لا تُمارَس في فراغ، بل تحتاج إلى جسد سليم قادر على الحركة والتواصل والمشاركة في الشأن العام، فتحرير الجسد من الاعتقال والسجن شرط أولي لأي مشروع للتحرر الاجتماعي والسياسي، بذلك تصبح الحرية الجسدية شرط انساني.

    وتُعَدُّ قضية الحرية الجسدية من أبرز القضايا التي شغلت فكر المفكر الأممي عبد الله أوجلان، لا سيما في ظل ظروف أسره الممتدة منذ عام 1999، إنّ هذا المفهوم عند أوجلان ليس مجرد مطلب شخصي للتحرر من السجن، بل هو قضية إنسانية وسياسية وفلسفية تتجاوز الفرد إلى المجتمع، وتُلقي بظلالها على مستقبل الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، فالحرية الجسدية في تصوره متلازمة مع الحرية الفكرية والسياسية، ومن دونها لا يمكن الحديث عن حياة حرة أو عن إمكانية ممارسة النقد والإبداع وإنتاج المعرفة.

– الحرية الجسدية بوصفها حقاً جماعياً:

    لا يقف أوجلان عند حدود مطلب الإفراج عن شخصه، بل يحول قضية سجنه إلى رمز لتعريف معاناة الشعوب المكبلة بالقيود السياسية والاجتماعية، إنّ الحرية الجسدية بالنسبة له تمثل حرية جماعية، إذ إن إطلاق سراح الجسد الفردي يرمز إلى إطلاق طاقات المجتمع بأسره، من هنا نستطيع التأكيد أن تحرره الشخصي هو خطوة نحو تحرر ملايين من البشر الساعين إلى العدالة والديمقراطية والمساواة،  ويكشف هذا المنظور عن عمق فلسفي يجعل من الحرية الجسدية مدخلاً لفهم الحرية المجتمعية.

– البعد الفلسفي والسياسي:

    في إطار نقده للحداثة الرأسمالية والدولة القومية، يوضح المفكر أوجلان أن الأنظمة السلطوية لا تكتفي بالسيطرة على الموارد والاقتصاد، بل تسعى أيضاً إلى السيطرة على الأجساد، فهي تُخضع الإنسان للرقابة والقمع، وتفرض عليه حدود الحركة والتعبير، ومن هنا تصبح الحرية الجسدية تحدياً مباشراً لتلك البُنى السلطوية، ومقاومة فعلية لمحاولات مصادرة إنسانية الفرد، فالتحرر الجسدي عنده لا يعني الانفلات من القوانين، وإنما بناء مجتمع ديمقراطي يحترم حرية الجسد كجزء أصيل من احترام كرامة الإنسان.

– الحرية الجسدية والمعرفة:

    يربط المفكر أوجلان بين الجسد والمعرفة ربطاً عضوياً، فالمعرفة لا تتطور في ظل السجون والجدران، وإنما في فضاء مفتوح يسمح بالتفاعل والتجريب والحوار، لذلك فإن استمرار أسره لم يكن مجرد قضية قانونية، بل كان محاولة لمنع انتشار رؤيته الفكرية، التي تمردت على سقوف الجدران وانتشرت عبر المحيطات. ومن هذا المنطلق تأتي الدعوات والمناشدات المتكررة إلى أن الحرية الجسدية شرط لإطلاق العنان للإبداع والمعرفة، وبالتالي شرط لتطور الإنسانية.

– نحو أفق حرية قائمة على الوعي والمعرفة:

    إن الدعوة إلى الحرية الجسدية للمفكر عبد الله أوجلان – كمطلب له استحقاق واجب المنال – ليست شعاراً عاطفياً، بل مشروعاً فلسفياً وسياسياً متكاملاً يربط بين حرية الجسد وحرية العقل وحرية المجتمع، إن تحرير الجسد هو تحرير للوعي من القيود، وإطلاق لطاقة المجتمع نحو مستقبل أكثر عدلاً ومساواة، لذلك تظل هذه الدعوة قائمة ما دام هناك إنسان يعاني من قيود السجن أو من قهر الأنظمة، لتصبح الحرية الجسدية حجر الأساس في بناء حياة إنسانية حرة وكريمة. وحملة “أرغب اللقاء مع عبدالله أوجلان” هي إحدى المرتكزات التي سنصل بها إلى تحقيق مطالب الشعوب ومن هلال هذه الحملة نعلن انضمامنا آملين أن نكسر كل القيود ونحقق حرية المفكر والفيلسوف عبدالله أوجلان.