خطوة مؤثرة أم استهلاك وقت؟ .. مصادر تتحدث عن أمانة جديدة في إمرالي
تطورات متلاحقة تخص نداء القائد أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي، والمضي قدماً في هذه العملية، رغم الخطوات البطيئة من قبل النظام التركي.

في تقرير مثير للانتباه، ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية في نسختها التركية أن السلطات في تركيا أقدمت على خطوة جديدة يمكن فهمها على أنها مؤشرات أولى بشأن خطوات جادة لكسر عزلة القائد والمفكر الأممي عبدالله أوجلان، الأسير في سجن إمرالي منذ أكثر من 26 عاماً، وفي الوقت ذاته التحضير بشكل أكاديمي لعملية السلام.
وذكرت الصحيفة أنه في إطار التطورات التي تُعتبر مؤشراً على بداية عهد جديد في البحث عن حل للقضية الكردية في تركيا، تم إنشاء أمانة جديدة في سجن إمرالي، موضحة أنها علمت من مصادرها أن المعتقلين الثلاثة من حزب العمال الكردستاني الذين تم إرسالهم مؤخراً إلى إمرالي، كانوا لهذا الغرض، وهم ممن قضوا سنوات طويلة في السجن، ومعروفين بأعمالهم الأدبية والأيديولوجية، وقد التقاهم أوجلان، في إشارة إلى زكي بيهان، ومحمود يامالاك، وأركين آتابي.
خطوة مؤثرة؟
ويأتي ما ذكرته صحيفة إندبندنت كتطور جديد في أعقاب نداء السلام والمجتمع الديمقراطي الذي أطلقه القائد أوجلان في 27 فبراير/شباط العام الجاري، ثم لاحقاً شهد مايو/أيار قرارات تاريخية لحزب العمال الكردستاني بإعلان حل هيكله التنظيمي، ووقف كافة أنشطته المسلحة، امتثالاً لدعوة (آبو)، كل هذا وسط تلكؤ من النظام التركي في اتخاذ خطوات جادة وسريعة.
هنا يقول كرم سعيد الباحث في الشأن التركي إن الخطوة التي ذكرتها الصحيفة تأتي في إطار محاولة حزب العدالة والتنمية تفكيك الأزمة مع المكون الكردي، خصوصاً بعد قرارات حزب العمال الكردستاني، وفي ظل احتياج أردوغان لتعديل الدستور مع افتقاد حزبه للأغلبية المطلوبة في البرلمان لإجراء هذه التعديلات.
ويؤكد، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن إشكالية النظام التركي أنه ليس لديه قناعة حقيقية بحل القضية الكردية، معتبراً أن إرسال 3 معتقلين في إمرالي إلى أوجلان بهذه الخلفية أمر مهم، لكنها ليست بالخطوة الكبيرة والمؤثرة.
أبعاد أيديولوجية وسياسية
ورغم أن الجهات الرسمية لم تُصدر بياناً بشأن العملية بعد، إلا أن هذه الخطوة زادت من التوقعات بتحركات إيجابية في مسار السلام، حيث تذكر الصحيفة أن إرسال أشخاص بهذه الخلفية يعني أن الأبعاد الأيديولوجية والسياسية لعملية السلام في صدارة الأولويات، وأن الأسماء المُرسلة تم اختيارها خصيصاً في هذا الإطار، وفقاً لها.
وتشير الصحيفة إلى أن إرسال الشخصيات الثلاثة إلى “أوجلان” يعني أنه لا يراد أن تحل القضية من منظور أمني فحسب، بل من منظور نظري وأيديولوجي أيضاً، ويُعتقد أن المعرفة السياسية والفكرية التي اكتسبتها هذه الأسماء في ظروف الاعتقال قد تكون فعّالة في تشكيل إطار للسلام، كما يُقال إن هذه الأمانة قد تتوسع مع مرور الوقت، وقد يُضاف إليها معتقلون جدد في سجن إمرالي.

من جهته، لم يبد الدكتور نهاد القاضي رئيس المعهد الكردي للدراسات والبحوث، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أهمية لما تذكره الصحيفة، منتقداً حالة البطء الشديد لدى النظام التركي فيما يتعلق بالاستجابة لنداء السلام، وخطوات حزب العمال الكردستاني، قائلاً إن “الكرد تحملوا الكثير، في المقابل لا يزال النظام يتعامل بعنجهية”، معتبراً أنه لا يرى أي بوادر جادة أكثر مما يتم تداوله عن أحاديث في غرق مغلقة.
وبعد استعراض وكالتنا وكالة فرات للأنباء له ما ذكرته صحيفة إندبندنت في تقريرها، عقب القاضي بأن الأمر قد يكون من وحي التحليل فقط، مضيفاً: “نحن لا نريد تحليلات، الأمر واضح إما أن يُطلق سراح أوجلان أو لا، أوجلان هو القادر على التفاوض ووضع إطار السلام”، منتقداً أي حديث كذلك على أن مطلبه بإطلاق سراح أوجلان لا يكون إلا بعد التوصل إلى اتفاق كامل يتضمن تسليم السلاح.
وتابع: “إذا سُلم السلاح، فما الذي سيجعل الدولة التركية تقبل بالسلام؟!”، مشدداً على ضرورة إطلاق سراح أوجلان أولاً، داعياً كذلك إلى ضرورة وجود أطراف دولية ضامنة لأي اتفاق، سواء كانت دولة أوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية، أو الأمم المتحدة حتى لو كان تأثير الأخيرة ضعيفاً.
لقاءات عائلية
وكان القائد عبدالله أوجلان أجرى لقاءات وصفت بـ”العائلية” في سجن إمرالي شديد الحراسة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، حيث التقى كل من القائد آبو والمعتقلين عمر خيري كونار، حاميلي يلدرم، ويسي أكتاش، زكي بيهان، محمود يامالاك وأركين آتابي مع ذويهم وأقاربهم بمناسبة العيد.
والتقى أوجلان ابني شقيقه عمر أوجلان النائب عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) وعلي أوجلان، وذلك في لقاء جمعهما يوم 7 يونيو/حزيران، وفي لقاء الأمس، تمكن القائد آبو من اللقاء مع ابني شقيقه الصغار للمرة الأولى منذ 26 عاماً.
وفي اليوم نفسه، التقى المعتقل حاميلي يلدرم بشقيقه وابن عمه، كما التقى عمر خيري كونار بشقيقه. والتقى ويسي أكتاش، أحد المعتقلين في جزيرة إمرالي، بشقيقه في إطار اللقاءات العائلية. كما التقى المعتقلون أركين آتابي ومحمود يامالاك وزكي بيهان الذين تم نقلهم مؤخراً إلى إمرالي بأشقائهم.