المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

المرأة في فلسفة عبدالله أوجلان مفتاح الحياة وبداية تحرر المجتمعات

15

يولي القائد عبدالله أوجلان مكانة كبيرة للمرأة، إذ جعلت من أفكاره وكتاباته نموذجاً ملهماً يضع الحركة النسائية على الطريق الصحيح والانطلاق نحو الحرية.

تشكل مكانة المرأة في فكر وفلسفة عبدالله أوجلان جزءاً أساسياً من رؤيته السياسية والاجتماعية، فمن عنده انطلقت الحركة النسوية الحقيقية، وقد أظهر لدور المرأة تقديراً كبيراً في المجتمع، ورأى أن تحررها هو مفتاح للتحرر الاجتماعي والسياسي بشكل عام، وهي جزء لا يتجزأ من أي نضال تحرري.

ولم يمكن الحديث عن المرأة في فلسفة القائد آبو مجرد كلام استهلاكي، بل وضع رؤية شاملة تتضمن خطوات عملية لتحقيقها، حيث أكد ضرورة إعادة تقييم وتغيير البنية الاجتماعية التي قيدت دور المرأة لقرون طويلة، وضرورة إخراجها من الأدوار التقليدية إلى تشاركية تتسع لها في كافة المجالات المجتمعية، فهي لديه “مفتاح الحياة”.

بداية الانطلاقة النسوية الحقيقية

تقول نوجين يوسف عضوة أكاديمية جنولوجيا في الشرق الأوسط إن الانطلاقة النسوية الحقيقة والجوهرية والمعرفية الأكثر تنظيماً بدأت منذ بدء تأسيس الحركة الثورية الكردستانية، التي انطلقت من إيديولوجية معتمدة على تحرر المجتمع الكردستاني من الظلم والإبادة في أجزاء كردستان الأربعة، والتي نمت بفضل القائد عبدالله أوجلان وفلسفته الديمقراطية، التي أدركت وآمنت بضرورة الوجود النسوي في هذه الحركة، وبدأن بفضل ذلك في الطريق نحو الحرية.

وأضافت، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه هنا تأسست الحركة النسائية ونظمت نفسها، وتعرفت النساء على ذواتها بفكرة الوجود، والتعمق حول وجود المرأة وماهيتها التاريخية والكونية، التي تأسست على الاستفادة من التجارب التاريخية لدى النساء، والتي بفكرها استطاعت رغم كل المخاطر والممارسات التي تعرضت لها أن تدرك أن المرأة بوجودها قوة مؤثرة وفعالة.

وأكدت نوجين يوسف أن الحركة الثورية الكردستانية عززت الإدراك لدى المرأة بأن القضية الكردية وتحرر الشعوب يتطلبان الإيمان والعشق الحقيقي والتضحية، الأمر الذي اتسمت به الثورة الحقيقية التي ترسخت في كردستان وبالأخص في شمال وشرق سوريا، والتي أثرت بدورها على الشرق الأوسط بأكمله، كما أن المقاومة الكردية استطاعت التأثير من خلال نضال النساء وأيديولوجية التحرر المتمثلة برؤية جنولوجيا القائمة على فلسفة أوجلان.

ولعل شراكة المرأة للرجل وحقها في الدفاع عن وطنها انطلاقاً من فلسفة المفكر عبدالله أوجلان جرى التعبير عنها في التضحيات التي قدمتها النساء الكرديات وغيرهن في إقليم شمال وشرق سوريا، سواء خلال المواجهة مع الإرهاب وتحديداً تنظيم “داعش” الإرهابي، أو مواجهة الهجمات البربرية للاحتلال التركي والمليشيات الموالية له، حيث وقفت جنباً إلى جنب مع الرجل.

مفتاح الحياة

بدورها تقول الباحثة والكاتبة شيماء يعقوب رجب، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن فلسفة المفكر عبدالله أوجلان وضعت المرأة في ندية طبيعية مع الرجل؛ كونها نصف المجتمع والمسؤولة عن النصف الآخر، ومن ثم فقد انتصرت للمرأة التي عانت في كثير من المراحل التاريخية من الظلم والاضطهاد، حتى تجسدت إرادة المرأة الواعية المنظمة في التعبير عن نفسها وذاتها، ورفعها لمكانة عالية دون أن تكون تابعة لأحد، ولكن بالتشارك الطوعي في الحياة الندية الحرة.

وأشادت الكاتبة والباحثة بالمكانة التي حظيت بها المرأة لدى القائد آبو، موضحة أن المرأة الكردية لم تحظ في العصر الحديث والمعاصر بالتقدير مثل ما حظت به في أفكاره، حتى أصبحت نموذجاً يحتذى به من قبل نساء العالم؛ لقدرتها على تحويل العالم المظلم الذي تحكمه الذهنية الذكورية إلى أرضية وحياة حرة وكريمة تتمتع بها المرأة.

وتلفت إلى أن فلسفة عبدالله أوجلان جعلت المرأة عضوة فعالة وفي مقدمة الحياة المجتمعية، ولها مشاركاتها البارزة في جميع جوانب الحياة، حتى أصبحت هناك الرئاسة المشتركة، التي جعلت المرأة حاضرة في كل المؤسسات والأعمال، كما أنها فلسفة رأت أن المرأة مفتاح الحياة، وأنها كانت بداية العبودية وستكون بداية الحرية في أي مجتمع وشعب.

وتقول شيماء يعقوب، في ختام تصريحاتها، أيضاً إن فلسفة أوجلان أخرجت المرأة من القيود التقليدية التي اعتادت عليها في الحياة، حيث أكدت أن المرأة لن تخلق ليس لمجرد القيام بدورها التقليدي – أي في إطار الأسرة والعائلة – فقط، إذ يرى أنها خلقت لدور أوسع وأشمل في كافة نواح المجتمع، من جهد وكفاح ونضال، وكافة حقوقها بما في ذلك حقها في الدفاع وتحرير الأوطان من كل محتل غاصب.

ثوابت فلسفة أوجلان تجاه المرأة

باختصار فلسفة أوجلان قدمت مجموعة من الثوابت بشأن المرأة، أولها المساواة الكاملة والندية، حيث دعا إلى المساواة بين المرأة والرجل في جميع المجالات، إذ رأى أن الحرية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا عندما تتمتع المرأة بنفس الحقوق والفرص التي يتمتع بها الرجل، ولهذا دعا إلى إعادة تعريف أدوار المرأة، وتفكيك المفاهيم التقليدية المرتبطة بدور المرأة في المجتمع، ففي فكره لم تعد مجرد كائن تابع أو ضعيف، بل أصبحت جزءاً أساسياً في النضال الاجتماعي والسياسي.

كما كان تحرر المرأة من الاضطهاد ركناً أساسياً في فلسفته، حيث ركز على ضرورة تحرر المرأة من الأنظمة القمعية التي فرضت عليها عبر التاريخ، وكان يعتقد أن الأنظمة السلطوية، سواء كانت دينية أو اجتماعية أو سياسية، قد أضعفت المرأة وسلبتها حقوقها الطبيعية. وشدد على أنها يجب أن تكون عنصراً فاعلاً في النضال، وقد جرى ترجمة ذلك في الدور الفاعل للنساء كمقاتلات وقياديات في الحركة التحررية الكردية.

وقد قدم أوجلان فلسفة نسوية مبنية على الديمقراطية والمساواة، حيث طالب بإعادة النظر في القيم الاجتماعية التي تهمش المرأة وأكد على ضرورة وجود المرأة في مواقع القيادة وصنع القرار، والأهم أنه سعى إلى تغيير الذهنيات السائدة حول المرأة من خلال تعليمها وتوعيتها بدورها في بناء المجتمع، وضرورة تحرير الفكر الجمعي من التقاليد والأعراف التي تقيد النساء وتحدد إمكانياتهن.