المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

براديغما الأمّة الديمقراطية ومشروع أخوة الشعوب يواجه أجندات الثالوث المظلم 

329

بقلم: آمنة خضرو

الحديث عن مشروعٍ دام أمده أكثر من عقدٍ من الزمن، هذا يعني أنّ إستراتيجيةً عميقة استطاعت تنظيم قاعدة جماهيرية من عدة مكوّنات من المجتمع مع تحدّيات وصعوباتٍ لم تشهدها المنطقة على الإطلاق في سابق عهدها.

الجدير بالذّكر أنّ مواجهة حربٍ طاحنة ليست بالأمر السهل، و بدأت أفق التحولات الكبرى وكان لا بدّ من خوض مرحلة تاريخية حاسمة، حيث بدأت المعركة وبدأت حياة جديدة – سياسة عارية وأعداء كثر.

مجريات الأحداث التي شهدتها مدن عديدة في سوريا:

خرابٌ ودمارٌ وقتلٌ وتشريد. تجارةٌ على مستوى عالٍ للأعضاء البشرية، طرقٌ عديدة للنهب والسّلب وظهور أجنداتٍ متعددة. فصائل وألوية وتنظيماتٍ إرهابية، والدّور الأمني هزيلٌ، خائرٌ في سُباتٍ عميقٍ لا حول له ولا قوة، إلى أنْ أصبحت الأراضي السورية حلبة المصارعة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية، لذا كان يجب ألّا يترك ذمام الأمور للسّاعين في سفك الدماء أنْ يصولوا ويجولوا على هواهم، لذلك تأثّرت كل المناطق الآمنة، وأصبحت بؤراً ساخنة متأجّجة وفي قمة الفوضى العارمة.

تمّ تشكيل قوى شعبية منظمة لحماية المناطق التي تخلّت عنها أجهزة الأمن السورية، وتمّ تشكيل وحدات حماية الشعب للتصدي لكل الهجمات على مناطق شمال وشرق سوريا. على هذا الأساس تمّ حماية الشعب السوري بكل أطيافه ضمن هذه المناطق التي شكّل ملاذاً آمناً لكل السوريين.

نرجسية النظام السوري في معالجة الأزمة السورية:

النرجسية التي لا تخلو من ذهنية الهيمنة التي تتبعها سلطة دمشق لم يناسبها ظهور فئة ديمقراطية تدير نفسها بنفسها بانتهاج الخط الثالث المتوازن، والهدف منه الحفاظ على فسيفساء ومكتسبات الشعب السوري وعدم انجراره إلى حربٍ أهلية ليس لها نهاية، وعلى الرّغم من محاولاتٍ عديدة قامت بها الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بطرح آلياتٍ لتقارب وجهات النظر بينها وبين سلطة دمشق، إلا أنّها لم تثمر عن نتائج تذكر، لأنّ ذهنية السلطة المطلقة لا تقبل أي نوعٍ من التعدّدية الديمقراطية التي ترتكز على معادلة المساواة والحرية بعيد عن المركزية التي أصبحت عبئاً على تطلعات الشعوب السورية في إدارة نفسها.

الدور الإيراني السيكوباتي المستبد:

الملفت أنّه ومنذ بداية الأزمة السورية كان الدّور الأول والأبرز في مساندة سلطة دمشق للنظام الإيراني الذي تبنى جوانب السيكوباتية المستبدة المعادية للشعوب من خلال المنظور الظلامي الغير مرغوب فيه، والذي يختلس في خفايا السبل للتمدّد بمشروع الهلال الشيعي الذي هو غاية تبرّر فيه الوسيلة بكل دناءتها التي تستخدم ضد الشعوب لإحباط الحلول ضدهم وانتهاز فرص الثغرات لكي تقضي على ثقافة المجتمعات بتجريدها أرضاً وشعباً. هذا ولم تكتفي إيران في التمدّد بل على العكس كان الشريك في الإجرام الممنهج، حيث وقفت ضد إرادة الشعوب وساندت نظام البعث بكل السبل، ضاربة بعرض الحائط إرادة الشعوب في اختيار مصيرها بالتغيير السلمي الديمقراطي.

السلطات التركية ونفوذها الميكافيلي الوحشي:

الأكثر تعطشاً للدماء السورية الذي تسبب  في احتلال المناطق الآمنة من خلال الصمت الدولي الذي خذل وحدة الشعوب التي عوّلت على عدم الرضوخ لكل تهديدات السلطات التركية التي دخلت التاريخ من جانبه المظلم في تحدي إرادة الشعوب في تحقيق إرداتها كانت السلطات التركية التي انتهجت مفهوم الدكتاتورية العمياء بكل عنجهية، حيث لطّخت تاريخها المليء بسفك الدماء وسلبيتها في التعامل مع حقوق الشعوب بذهنية السلطة الميكافيلية، وأثبتت أنّها لا تمتلك أية قدرة على تقبّل التعددية، على العكس من ذلك، فإنّ نظامها السائد المتمثل بحزب العدالة والتنمية يجرّ جغرافية وشعب تركيا وكل الشعوب المجاورة لها إلى خلق فتن أبدية ما لم يكن هناك تغيير في السياسة المتّبعة، على عكس ذلك تستمر سياسة محاربة الشعوب والوقوف أمام طموحاتها.

 تم الاقتران من قبل الثالوث المظلم لخلق مؤامرة وزرع فتنة بين مناطق شمال وشرق سوريا، وتمّ الاتفاق على العزف على هذا وتر خلق فتنة بين العرب والأكراد ليقضوا على بعضهم البعض، والمستفيد هو ثلاثي هرم سلطة الشّر.

نعم، تمّ زرع بعض ضعاف النفوس مثل “إبراهيم الهفل” من قبيلة عشيرة العكيدات، وأمثاله  وإغراءهم بالأموال والسلطة لإشعال فتيل فتنة الحرب بشكل يتماشى مع مصالحهم، ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث تفطّن العقلاء من مشايخ العشائر وأخمدو نار الفتنة  بسرعة متناهية.

وعي أهالي دير الزور كان له سابق إنذار من الأحداث التي جرت وما أثارته التنظيمات الإرهابية التي مارست أبشع أنواع الانتهاكات بحق كل الأهالي والتي تمّ دحرها على يد قوات سوريا الديمقراطية قد حال دون وقوع الفتنة، وعزّز عدم رغبة الأهالي إلى الانجرار لحرب نتائجها محسومة، لذلك تمّ الالتفاف حول  قوات سوريا الديمقراطية التي ضربت بيدٍ من حديد، وتصدّت للمعتدين لحماية الأهالي وتأمين الاستقرار والأمان لكل الشعوب في مناطق شمال وشرق سوريا.

السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا قدمت هذه الأنظمة لشعوبها؟ ولماذا تريد عرقلة مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب؟

بكل بساطة، لأنّهم مفلسون بحق شعوبهم وبحق شعوب المنطقة بشكل عام، وبحق مناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص، لأنّ تعزيز حرية الرأي وتمكين الديمقراطية يشكل خطراً بالنسبة لهم، لأنّهم يتمثلون بآلية حكم دكتاتورية بكل المعاني، لذلك فإنّ خطر فكر القائد عبدالله أوجلان ومشروعه هو هدفٌ يجب القضاء عليه من قبلهم، لكي يبقوا على دفة الحكم السلطوي قاهر الشعوب، والإجرام الذي تسببت فيه هذه الأنظمة بحق الشعب الكردي عارٌعلى تاريخهم الأسود، لذلك فإنّ قسد تمثل إرادة الشعوب، وإرادة الشعوب تمثل قسد. مرّة أخرى تنتصر قسد أبناء الشمس والنار.

زعزعة الأمن تحت راية قسد أمرٌ محال:

أثبتت المقاومة الجبارة تصدّرها الرقم الصعب في محاربة الإرهاب والاستبداد، على الرغم من الاتفاق الثلاثي من قبل أنظمةٍ تناطح السحاب، رغم ذلك سُحقوا ودُحروا وجروا أذنابهم الخائبة ومحاولاتهم البائسة، وستبقى أذنابهم تكتظ في مناطق مختلفة، لن يكفوا عن زرع خلايا سامة،  سيُهزمون في  كل مرّة أمام إرادة الشعوب أقوى وأعظم من نواياهم البائسة، سيُخذلون، ولن ينالوا مبتغاهم الدنيئة، وإنّ تلقينهم دروساً جديدة في الخسارات ستكون واجباً على كل الشعوب المتعطشة للحرية.

سننتصر كل مرة بفلسفة الحياة الحرة وأخوّة الشعوب:

 من خلال تمكين مشروع الأمة الديمقراطية الذي أطلقه ملهم الثورة الإنسانية من جزيرة نائية محاصرة من كل جوانبها، تفتقر لكل جوانب الحياة، ومع ذلك يُبدع قائدنا في طرح براديغما العصر، لمناصرة الإنسانية والدفاع عن قيمها الأخلاقية. كلّ الشعوب التي نهلت من الفلسفة  الأوجلانية تنتفض ضد قوى الحداثة الرأسمالية التي تريد الإطاحة بإرادة الشعوب، ولكن في كل اختبار ومحنة تثبت الشعوبُ أنّها أيقنت أنّ خلاصها في وحدتها وتمسّكها بمشروعية المشروع السامي الذي يؤمن ويضمن حقوق الجميع، لذلك نستطيع القول:

“انتصرت أخوة الشعوب، وأنّ قوات سوريا الديمقراطية تمثل إرادة الشعوب.. حان وقت الحرية.”