المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

…فلسفة أوجلان …

907

الفلسفة :  مصطلح يوناني مؤلف من  كلمتين  فيلو صوفيا وتعني ( محب الحكمة ) أو( محب المعرفة )…

بلا شك موضوع الفلسفة موضوع يحتاج إلى تعمق وبحث وفهم عميق كما أن

الفلسفة  هي أسلوب من الأساليب التي يستخدم لأجل المجتمعات ولما تعانيه من القضايا الاجتماعية حيث تطور هذا الأسلوب في كل حقبة من الزمن مع ظهور المفكرين الاجتماعيين إلى أن بات أقرب إلى الحقائق الاجتماعية حسب طبيعة المجتمع والبيئة وتأثيراتها الثقافية والتاريخية .

لا توجد في الفلسفة ثوابت فهي قابلة للتطور والنقد والتغير لأن موضوع الفلسفة مرتبط بالتغيرات والتطورات التي تطرأ على المجتمعات عبر فترات حياتها لأنه بلا شك المجتمع أيضاً يتطور ويرتقي إلى مستويات كثيرة ،ودائماً تسعى إلى الرقي نحو الحضارة.

ما يلفت العقول أكثر أنه دائماً هناك البحث عن الجديد  في الحياة الاجتماعية لذلك تلجأ الفئة المفكرة من المجتمع إلى البحث عن الطرق والأساليب الأكثر جاذبية لتطور مستوى تفكير المجتمع .

من هم الفلاسفة  ؟

هم أشخاص قاموا  برحلة من البحث محبةً بالمعرفة والحكمة في سبيل تطوير المجتمع  نحو الأفضل وهي وجهات نظر و آراء مختلفة معتمدة على التساؤلات  والبراهين والتجارب في المجتمعات القديمة وإلى يومنا هذا

من خلال العصورالتاريخية المختلفة دائماً هناك نخبة من المفكرين والمبدعين والفلاسفة حيث  درسوا مجتمعاتهم  التي كانت تعاني الكثير من  العبودية والظلم والاختلاف وقاموا بطرح نظريات وتحليلات متنوعة حسب القضايا  التي كانت تعانيها مجتمعاتهم حينذاك  كان لهم تأثير كبير في ذاك الوقت وكانوا يستخدمون أساليب أيديولوجية خاصة ومتنوعة  من أجل نشر فلسفتهم ومعتقداتهم  وأفكارهم وإلى ما هنالك من العلم والمعرفة والحكمة نظراً لحاجة هذه المجتمعات إلى شخصيات مفكرة تتمكن من إخراجهم من الظلام الذي سيطر على عقولهم مما جعل منهم أداةً للاستغلال من قبل الأنظمة الحاكمة حيث سعى هؤلاء المفكرين لتحقيق حياة هادئة يتمتعون فيها بأبسط حقوقهم وحريتهم .

-شروق المفكر عبدالله أوجلان :

 بين أروقة مدينة أورفا في ميزبوتاميا التي كانت و مازلت جنة خضراء بجبالها وأشجارها و ينابيعها وأنهارها العذبة وهوائها الطلق وغاباتها الوارفة وطيورها المتنوعة  وتاريخها وحضاراتها ،منبع الفلاسفة  والأنبياء لم تتوقف هذه المدينة التي تتمتع بخاصياتها و ميزاتها التاريخية عن إنجاب المعجزات من أبنائها وقد ظلت تحافظ على قدسيتها العظيمة . لم يكن الغرب هي الذي سبقنا بالفلسفة والعلم  كما زرعوا في عقولنا ونحن صغار  ، بل نحن المنبع الأساسي للفلسفة ونحن الجذور التي باتت متشبثة بمكانها رغم قوة الرياح التي كانت تحاول خلع هذه الجذور من أعماقها ، قوة الفكر والجذور التاريخية العميقة كانت أكبر من قوة الرياح التي اجتازتنا من الغرب وحاولت قلع هذه الجذور لا ينكر تأثيرها السلبي على مجتمعنا الأوسطي الذي بات يعاني إلى الآن من تأخير في نموه الفكري وسيطرت الدوغمائية  .

ظهر في مدينة أورفا سيدنا إبراهيم الخليل الذي وقف في وجه أحد من الملوك الأكثر ظلماً نمرود  الجبار المتمرد الذي أدعى  لنفسه بأنه الإله إلى أن أصبحت قصة سيدنا إبراهيم الخيليل أحدى المعجزات في التاريخ .

أجل مدينة أورفا لم تتوقف عند هذه المعجزة بل أبدعت بمعجزة أخرى بشروق شمس جديدة نعم هو خليلنا الثاني ومفكرنا العظيم أوجلان   

ما هي مدى قوة وتحليل فلسفة المفكر أوجلان؟

أن تكون مفكراً تعني بأنك شخصية عظيمة بلا شك ، نعم موضوع الفلسفة غالباً ما يعرف بأنه موضوع معقد بعض الشيء ، وليس أي شخص يستطيع الدخول والابحار في عمقها ، و أرى بأنه موضوع اجتماعي بحت أيضاً ،كونه يتناول المجتمع بقضاياه  المتنوعة ومن خلال الدراسة و البحوثات العلمية و الفلسفية  يمكننا الوصول إلى الحلول  الملائمة لأية قضية مهما كانت  معقدة ،ومن خلال هذه اللمحة حتماً  سنصل إلى نتيجة مفادها  قول المفكر أوجلان  عندما يقول

(لا يمكننا فصل  الفلسفة عن الميثولوجيا و الدين والعلم)

على ماذا تعتمد كل من هذه الأساليب (الفلسفية ،الميثولوجية ،الدينية،العلمية )؟

من أجل الوصول إلى الحقيقة  ،قد تكون الأساليب مختلفة ولكن هذا لا يعني بأنها منفصلة .

-الفلسفة؟

الأسلوب الفلسفى  الذي يتميز بالنزعة العقلية التأملية التي تهدف إلى كشف حقيقة الانسان وسر وجوده في الكون، حيث يعتمد على التأمل العقلي والتحليل المنطقي والتفكير الفلسفي الشامل حيث يربط ظواهر الحياة الجزئية معاً ليكون حقيقة كلية شاملة

-الميثولوجيا ؟

تعتمد على  القصص والأساطير القديمة  ولكن هناك مغزى من هذه الأساطير توصلنا إلى حقيقة ما.

-الدين ؟

له أسلوبه  فهو  يعتمد على الكتب السماوية المقدسة وذلك عن طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكذلك يوصلنا إلى حقيقة ما .

-العلم ؟

يستخدم في هذا الأسلوب طرق علمية من خلال التجارب والأدلة العلمية وهو أكثر الأساليب تطوراً في راهننا لأنه يسعى دائماً إلى ابتكار طرق علمية متطورة تعتمد على التكنولوجيا التي تعتبر لغة العصر الحالي ..

في النهاية نرى بأن هذه الأساليب جميعها تهدف إلى الحقائق والوصول إليها ولكن بطرق مختلفة لذلك دائما يقول القائد لا يمكن فصلها عن بعضها.

ماذا يقصد المفكر أوجلان بمقولة (لم أخن طفولتي قط)؟

الطفولة هي مرحلة طبيعة في حياة الإنسان وغيره من الأحياء الأخرى ، ولكن نعلم جميعاً بأن ما يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات الحية  هي طريقة التفكير والخلق و الإبداع ، و غالباً ما يبدأ الطفل الصغير بالتساؤلات والبحث والكشف لما يدور حوله من الأمور والتناقضات وهذا أمر طبيعي وبديهي جداً ،ربما هذا الطفل قد يصل لنتيجة ويقتنع بها  حسب طريقة تفكيره ويتوقف عن الكشف أو البحث لكن تكوين الشخصية تبدأ في هذه المرحلة أيضاً عندما يستمر هذا الطفل بالبحث دون التوقف في نقطة معينة ،وهذه هي نقطة اختلاف المفكر العظيم أوجلان في طفولته التي تدفقت فيها الأفكار والتناقضات   كالمياه  رغم كل من  العوائق والمعاناة.    

المفكر عبدالله أوجلان بدأ برحلة بحثه منذ  أن كان طفلاً ومن هنا بدأت انطلاقة  فلسفته بتناقضات قد واجهته عبر مسيرته الحياتية حيث كانت تلك التناقضات سبباً رئيسياً لتطور فلسفته ومدى عمقها وتنوعها .

وهذا ما جعل من فلسفة أوجلان فلسفةً تلتمس لمعاناة المجمعات والاجناس والاطياف والمعتقدات حيث تركت أثراً كبيراً بين الشعوب في العالم  ولا يزال لها تأثير كبير  عليهم  ،نظراً إلى غناها التاريخي وتحليلاتها العلمية  وقوة أطروحاته ونظرياته الاستراتيجية  في وضع الحلول الجذرية لكافة القضايا المجتمعية .   

كانت مسيرة بحثه أشبه  بمسيرة رسولٍ ينشر رسالته بين الأمم والشعوب، و لم تقف أمامه أية من  العوائق التي واجهته في طريقه وذلك لإيمانه ويقينه  بهذه الرسالة السامية بمعانيها الأخلاقية والإنسانية والجمالية في سبيل تحقيق الحرية والسلام للشعوب دون استثناء

 المفكر أوجلان  ذو حكمة وإدراكٍ عظيم  لا مثيل لهما: 

لم تقتصر فلسفة أوجلان  على  قضية مجتمع فحسب ، بل شملت المجتمعات والشعوب المتعطشة للحرية

نعم إنه عبدالله أوجلان الذي قلب  المعادلات والموازين  العالمية  بفكره وفلسفته وعمقه ودراسته لما تعاني منها الشعوب من العبودية والخضوع لأحكام السلطة   والأنظمة الرأسمالية حيث كشف أقنعتها  وأسدل الستار عنها وقلبها رأساً على عقب

فلسفته مختلفة  لأنها تعتمد على التحليلات  و التفسيرات العلمية من  جميع الجوانب في الكون و  حياة الإنسان

 من النشوء و الوجود والتكوين وإلى ما هنالك من السياسة والأخلاق وعلم الجمال والبيئة وعلم المرأة وسوسيولوجية الحرية لم يبق باب قضية ولم  يتطرق إليها من القضايا الاجتماعية ،والاقتصادية ،والبيئية …وغيرها ، ومنها ما لم يخطر ببال أية من الفلاسفة السابقين .

بقلم : نهى عمر ..