المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

القائد والمرأة

305

القائد والمرأة:لو أردنا أن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء كثيراً ،وقلّبنا صفحات التاريخ القديم للوصول إلى العصر الأمومي ،أو بمعنى أصح إلى العصر الطبيعي،حيث كان المجتمع -وقتئذ- يتميز بالطبيعة والعدالة والمساواة،فالعصر كان عصر المرأة ،الإلهة،العاملةوالمبدعة في جميع المجالات، فمن الزراعة إلى التقاط الثمار،واختراع الأدوية من النباتات والأعشاب ،وبناء الملاجئ والمساكن الأولية واختراع الكثير من الأدوات والآلات ،وإلى جانب كل هذا الإبداع فقد كانت الأم الرؤوم المنجبة للأطفال ،المشرفة على تربيتهم وتغذيتهم الأخلاق والآداب وعلوم الحياة وفنونها مع لبَنها ،فالمرأة -وكما يقال -كانت المهندسة المشرفة على هندسة الكون فهي بذلك كانت تمتلك مكانة فُضلى لاتجاريها مكانة ،ولكن -وللأسف- قد فقدت تلك المكانة تدريجياً ومع التطور التاريخي حيث اُستُبدِل عصرها الأمومي بالعصر الأبوي الظالم والمتسلط والنهّاب لقدراتها، وحريتها،وأنوثتها ،وإنتاج أعمالها ،حيث شرع الرجل يستحكم بها أبشع استحكام، دافعاً إياها إلى أدنى مستويات المجتمع، بدءاً باستبعادها عن العلم والسياسة والانتاج وكافة الفعاليات الدينية والاقتصادية والمادية وانتهاءً في استكمال فرض طُغيانه عليها في حكمه ،دون أن يجد رادعاً يردعه عن دكتاتوريته وجبروته ،وبهذا فالمرأة آلت للسقوط والانهيار والوقوع تحت رحمة وحشيته التي لا تجد لنفسها رحمة أو رأفة ،وبالتأكيد فمادامت المرأة تشكل حجر أساس المجتمع ودعامته قد آلت للسقوط، فالمجتمع بأسره قد آل للسقوط عينه ،ولإنقاذ المجتمع من تلك التهلكة لابد من إنقاذ المرأة وإعادتها إلى مستواها الطبيعي الذي كانت تتميز به في العصر الطبيعي ولابد من استعادتها لدورها الرائد كما كانت،وبلا ريب فلايمكن أن يتم هذا أو ذاك إلا بتحول المرأة تحولاً ثورياً ،فثورية المرأة-وكما يقول القائد آپو – بأن لها أهمية كبرى ،وإذا تحقق الموقف السليم من المرأة ،فسيظهر عنصر جديد من عناصر الحرية ،وهذا ليس بسيطاً ،إذ يجب ألاّ ننسى مدى صعوبة تحقيق التحول الثوري لدى المرأة ذاتها لأن ظاهرة المرأة تشكل البؤرة الأساسية لحل كافة المشاكل الاجتماعية ،ولهذا فيجب رفع شعار(تحقيق الانكسار الجنسي الثالث الأكبر على حساب الرجل)،والحرية الحقيقية للمرأة لا يمكن أن تتحقق إلا بإزالتها للمشاعر والإرادات الاستعبادية المسلطة عليها،ومن المحال كشف النقاب عن هوية المرأة الحرة،دون تمرير كافة القوالب الفكرية والدينية والعلمية والفنية التي خلّفها عالم الرجل المهيمن تجاه المرأة من مصفاة الانتقادات المكثّفة ،فعلى المرأة أن تكون ملك ذاتها أولاً كي لا تصبح ملكاً لأحد ،وعند القول أن مستوى حرية المجتمعات يرتبط بمستوى حرية المرأة ،فيعني هذا أنه من لا يكون حراً لن يكون جماليّاً ولكي تحقق المرأة أعلى مستويات الجماليّة عليها أن تسيّر نضال حريتها بشكل متداخل ،بدءاً من تأسيس حزبها الذاتي الخاص بها ،مروراً بتكوين حركة المرأة الجماهيرية ،ووصولاً إلى تأسيس كافة منظمات المجتمع المدني،والبُنى السياسية والديمقراطية.