المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

بقلم الرفيق أنس دوغان:

222

في ذكرى مؤامرة التاسع من تشرين الاول والتي بموجبها تمت عملية القرصنة الدولية واسر المفكر والقائد عبدالله اوجلان وذلك في 15 شباط 1999 فحقيقة إن تدخل الأطراف الدولية والعالمية، وفي مقدمتها، أميركا وتركيا والموساد الإسرائيلي في المؤامرة الدولية لاختطاف القائد عبد الله أوجلان الهدف منها تشتيت الكرد والقضاء على الحركات التحررية المطالبة بالسلام والديمقراطية في المنطقة والشرق الاوسط لذلك فقد كانت المؤامرة التي أدت إلى اعتقال القائد أوجلان بمثابة رفض وضرب أي مشروع ينادي بالحرية والديمقراطية والمساواة في منطقة الشرق الأوسط فحقيقة جاء اختطاف القائد أوجلان في ظروف عصيبة كانت تمر بها المنطقة وضغوط دولية من أجل إفشال المشروع الذي تبنّاه منذ عام 1989، بدأت تركيا بتنظيم حملة دولية محمومة لإخراج القائد أوجلان من سوريا، وهددت عدة مرات بإعلان الحرب عليها، واستغلت التشتت العربي وابتعادهم عن قضاياهم الأساسية في ابتزاز سوريا في عدة ملفات كان أهمها الملف الأمني فيما يخص الصراع العربي – الإسرائيلي، ووقوف الأتراك إلى جانب إسرائيل ودعمها، وكذلك لواء اسكندرون الذي سلبته تركيا في ثلاثينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى قضايا توزيع مياه نهر الفرات التي لم تُحلّ حتى اللحظة مع إصرار تركيا على بناء السدود والتحكم في جريان النهر إلى دول الجوار كسوريا والعراق، واعتباره نهراً تركياً عابراً لتلك الدول ومن حقها قطعه متى دعت الضرورة، ليشكل فيما بعد قضية وجود القائد أوجلان على الأراضي السورية مسألة أخرى تضاف إلى الملفات العالقة بين الدولتين، التي سرعان ما تم القفز على جميعها مع استلام بشار الأسد السلطة في سوريةإذ يقول القائد عبد الله أوجلان: إن تاريخ الإتيان بي إلى تركيا كان في الـ 15 من شباط. يصادف هذا التاريخ يوم بدء المؤامرة ضد الشيخ سعيد (15 شباط 1925). كما صدر قرار الإعدام بحقي في 29 حزيران 1999، بعد محاكمة صورية في الجزيرة، كانت أقرب إلى المسرحية في توقيت يصادف اليوم الذي أُعدم فيه الشيخ سعيد مع مجموعة من رفاقه.كانت استراتيجية الدولة التركية ومنذ نشأتها هو تطبيق سياسة الإبادة بحق الشعوب المقاومة ففي ١٩٢٥ كان الشيخ سعيد البيراني يحضر لمقاومة ضد الدولة التركية الفتية وقاد عصيان غير منظم ومجهز ولكن قام الأتراك في ١٥ شباط ١٩٢٥ وعن طريق مؤامرة بالقضاء على هذا العصيان والذي سيصبح من بعدها بداية لسلسلة من حروب الإبادة ضد الكرد فحقيقة تاريخ الدولة التركية هو تاريخ الإبادات بحق الشعوب، ففي ١٩١٥ تم إبادة الأرمن، وفي ١٩٢١ تم إبادة الشركس، وفي ١٩٢٣ تم إبادة الروم، وفي ١٩٢٤ تم إبادة السريان، وفي ١٩٢٥ تم إبادة الكرد؛ هذا يعني أن اختيار الدولة التركية لتاريخ ١٥ شباط لاعتقال القائد أوجلان لم يكن عن طريق الصدفة. إنه اختيار مقصود ومتعمد؛ لأنهم يملكون الوعي التاريخي وبذلك يريدون أن يوجهوا رسالة لنا، وهو أنه كيفما قاموا بالقضاء على عصيان شيخ سعيد سيقضوا على أي عصيان جديد، فيتم ربط الماضي بالحاضر ليقوموا بهذا الشكل من أجل ترسيخ الإحباط واليأس في نفوس الشعوب المناضلة فحقيقة ان إعدام الشيخ سعيد مباشرة بعد الاعتقال هو بسبب خوفهم من دور القيادة فالعصيان أو الثورة بإعتقادهم التي لا تملك قائداً لا يمكن أن تستمر، وهذا ما جعلهم ينفذوا حكم الإعدام بحق الشيخ سعيد ورفاقه بهذه السرعة. لذلك؛ عندما نقول بأنه يوم ١٥ شباط هوليس بمثابة يوم عادي او انه مقتصراً على شخصية القائد أوجلان او أنه يستهدف شعب بعينه او مكون بعينه أنه يوم يستهدف جميع شعوب الشرق الاوسط والشعوب المناضلة التي تنادي بالحرية والديمقراطية والتعددية وتطالب بحقوقها ااشرعية يجب أن نتعمق في تاريخنا وألا ننسى ما تعرضنا له لكي نتمكن من مواجهة الحاضر بشكل سليم؛ لأنه هناك وحتى الآن من يفكرون بأن مؤامرة ١٥ شباط ١٩٩٩ كانت فقط ضد القائد أوجلان أو ضد باكور كردستان، في حين الحقيقة شيء آخر، وهو أن الدولة التركية ترفض الوجود الكردي، وترفض أي طرح يضمن حقوق الكرد أينما كان، وبأن القوى نفسها التي تكالبوا على القائد أوجلان تكالبوا على عفرين أيضاً. القوى نفسها التي شاركت في ١٥ شباط ١٩٩٩ شاركت بشكل أو بآخر في احتلال كل من تل ابيض ورأس العين وعفرين وجرابلس وهي نفسها التي قتلت وتقل رفاقنا في الادارة الذاتية وفي قوات قسد من خلال مسيرات تركيا وعلى مرأة ومسمع منهم وهي نفسها التي تعمل على انهاء الثورة السورية وانهاء اهدافها وهي نفسها من تزرع بذور التفرقة بين الكرد وبين الاطراف السورية المعارضة ولو لم تكن لثورة روجا افا من اهمية في دمقرطة الشرق الاوسط وفي انهاء والقضاء على الفاشية والعنصرية والتفرد لما شهدنا هذا الكم من الدول المتدخلة في المنطقة لانها تعلم بأن الشرارة التي ستقضي على كل الحروب والصراعات التي يشهدها الشرق الاوسط سوف تنطلق من شمال وشرق سوريا من خلال مشروع الامة الديمقراطية لأن هذا المشروع هو الوحيد الذي يملك الحل لكافة قضايا الشرق الاوسط إذا يجب أن نعرف بأن القضية لم تبدأ من 15 شباط 1999 وإنما هي استمرارية لسياسة الإبادة التي تواجهها شعوب المنطقة منذ مجزرة الارمن ومذابح جمال باشا السفاح الى مجازر داعش بحق الايزيديين الى هجمات تركيا ومجازرها واغتيالاتها بحق الشعب الكردي وشعوب المنطقة وسياساتها للتغيير الديمغرافي فحقيقة تتغير الأسماء ولكن تبقى السياسة و الممارسات نفسها فما قام به الاتحاد والترقي التركي في بداية القرن الماضي يقوم به حزب العدالة والتنمية في الوقت الراهن إنهما وجهان للعملة نفسها فالذهنية الشوفينية التعصبية هي التي تحكمهم لذلك؛ علينا أن نتعمق في معرفة التاريخ، وكما يقال كل ما تراه له جذوره قد تتغير الأشكال ، لكن الجوهر يبقى كما هو. فحقيقة إن المفكر اوجلان حقيقة له دور محوري في كل الحلول ان كان في تركيا اوفي المنطقة وحتى في الشرق الاوسط إن الافراج عن المفكر اوجلان سيكون له رد فعل ايجابي وتأثير كبير في صنع السلام في الشرق الاوسط حقيقة منذ اعتقال القائد والمناضلين وعشاق الحرية وعشاق فكر وفلسفة القائد من كافة الشعوب وهم يناضلون من أجل الحرية الجسدية للمفكر أوجلان ولكن حقيقة هذه المحاولات العظيمة لم تسفر عن فك العزلة وتحرير القائد وذلك لأن المصالح الدولية والعلاقات الدولية والظروف الدولية هي سيئة للغاية وخاصة بعد انتشار الحروب وانحسار المفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات فحقيقة لن نحقق مانريد ولن يعم السلام المنطقة إلا من خلال النضال على أساس مفهوم اخوة الشعوب ومن أجل مستقبل ديمقراطي لشعوب الشرق الاوسط على اساس قيم ديمقراطية مشتركة . ( ر . د )