المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

القائد عبدالله أوجلان… فكرة تتجاوز الجسد، ورمز يختزن حقّ الأمل

34

للمبادرة السورية لحرية القائد عبدالله أوجلان
بقلم: زكي مهدي صالح من اليمن
كاتب مهتم بالشؤون الإنسانية – عضو سابق في الحزب الشيوعي العراقي – معارض سياسي لنهج سياسة البعثيين
حين نذكر اسم عبدالله أوجلان، لا نتحدث عن شخصٍ مجرّدٍ من سياقه، بل عن فكرة تتجاوز حدود الفرد إلى رحاب الإنسانية. إنه تجسيدٌ لمسيرةٍ فكريةٍ تضع الإنسان في مركز الوجود، وتربط الحرية بالوعي، والسياسة بالأخلاق، والنضال بالكرامة.
في زمنٍ تتكاثر فيه العزلة السياسية والعنف الفكري، يصبح صوت أوجلان في زنزانته ضميرًا حرًّا يذكّرنا بأن الأمل لا يُسجن، والفكر لا يُختطف.
لقد أراد النظام التركي أن يُسكت هذا الصوت، لكنّه لم يدرك أن الأفكار لا تُقيّد. فكما علّمنا التاريخ، الأنظمة قد تحاصر الأجساد، لكنها تعجز عن تطويق المعاني.
إنّ اختطاف ومحاكمة القائد أوجلان لم يكن مجرد حدث سياسي، بل لحظة سقوط أخلاقي وإنساني في سجلّ النظام التركي، إذ أظهر كيف يمكن للدولة أن تُفرّط بقيم العدالة حين تخاف من فكرة.

البعد الإنساني للنضال… من فلسطين إلى أوجلان

سبب إخفاق تحقيق انتصارات واضحة في النضال الفلسطيني، منذ بداية الاحتلال ولغاية قبل طوفان الأقصى، أنّ القضية الفلسطينية كانت محصورة في القومية والإسلام.
لكن إذا رجعنا بالذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضي، سنلاحظ بوضوح أنّ القضية اتخذت بُعدًا أمميًا. فقد ظهرت منظمات تضامنت مع النضال الفلسطيني من ألمانيا واليابان، وأشهرها تلك التي كان يقودها كارلوس.
اليوم، يمكننا رسم خطٍّ إنسانيٍّ جديد، يتجاوز الإطارات القومية والدينية، ويُسلّط الضوء على صحوة الشعوب العالمية ووعيها بحقوق الإنسان والحرية.
ومن خلال هذا البعد الإنساني، يمكننا أن نُبرز النضال العربي والكردي في آنٍ واحد، وخاصة نضال القائد عبدالله أوجلان، دون استفزاز النزعات الحيوانية في أنظمة المنطقة، بل بإبراز فكر السلام العادل الذي يجمع بين المقاومة والفكر.

تركيا بين السلطة والضمير

في كفّة الميزان يقف القائد عبدالله أوجلان، وفي الكفّة الأخرى تقف دولة بكامل أجهزتها ونظامها، أما الشعب التركي تضامنا مع الشعوب الأخرى فهي الكفّة التي يمكن أن تُرجّح نحو العدالة أو تُسقط في الظلم.
إنّ عظمة تركيا – إن كانت هناك عظمة – لن تُبنى بالقوة ولا بالقمع، بل بقدرتها على مواجهة ذاتها والاعتراف بالحق، لأنّ الدولة التي تكمّم أفواه مفكّريها، وتخاف من كلمة، لا تصنع مجدًا بل تُكرّس الهشاشة في أساسها.

أوجلان وحقّ الأمل

القائد أوجلان لا يُختزل في عنوانٍ قومي أو إطارٍ سياسي ضيّق، بل هو صوت للإنسان الباحث عن الأمل.
حقّ الأمل ليس رفاهًا فكريًا، بل هو ضرورة وجودية لكل إنسان يطمح إلى العدالة والسلام والكرامة.
إنّ فكره حول الأمة الديمقراطية لا يدعو إلى تقسيمٍ أو إقصاء، بل إلى تجاوز الحدود المصطنعة نحو إنسانيةٍ جامعة.
وهنا تتجلّى فلسفته في ربط الحرية بالمسؤولية، والأمل بالوعي، حيث لا حرية بلا وعي، ولا وعي بلا إيمانٍ بإمكانية التغيير.

نداء من أجل الحرية والوعي

إنّ الحرية التي نطالب بها للقائد عبدالله أوجلان ليست مطلبًا شخصيًا، بل نداءٌ عالمي من أجل الكرامة الإنسانية.
هي دعوة لتركيا والنظام العالمي أن تواجه حقيقتها بشجاعة، وللإنسان أن يستعيد ثقته بالأمل كقوةٍ مبدعة في مواجهة القهر.
الحرية لأوجلان هي حرية لكل فكرة حُوصرت، ولكل وجدانٍ أُرغم على الصمت.
وفي ختام هذا الموقف الفكري والسياسي،
أعلن انضمامي الكامل إلى حملة الحرية للقائد عبدالله أوجلان – الحل السياسي للقضية الكردية،
إيمانًا بأن طريق العدالة يبدأ من الاعتراف بالحق في الأمل والحق في الفكر.