أكاديميون مصريون: حق الأمل للقائد ليس منحة وحريته الجسدية ضرورة سياسية وقانونية
إن حق الأمل للقائد أوجلان ليس منحة، بل ضرورة قانونية وأخلاقية وسياسية، كما أن الحرية الجسدية له شرط أساسي لفتح طريق السلام والديمقراطية.

في خضم النقاشات والتطورات المرتبطة بالقضية الكردية، يبرز ملف القائد عبد الله أوجلان باعتباره أحد أكثر الملفات حساسيةً وإلحاحاً، فالقائد، الذي ارتبط اسمه بالسلام، قدّم عبر سنوات عزله مبادرات جريئة لوقف العنف وفتح باب الحوار، كان آخرها النداء التاريخي الذي دعا فيه إلى سلام عادل ومستدام يضمن الحقوق والحريات، ويؤسس لمجتمع قائم على العدالة والديمقراطية. ومع ذلك، لا يزال أوجلان ورفاقه محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وعلى رأسها حق الأمل.
وفي هذا السياق، يؤكّد أكاديميون مصريون ضرورة اتخاذ النظام التركي خطوات جادّة بشأن الحرّية الجسدية للقائد وكذلك تمكينه هو ورفاقه من التمتع بحق الأمل، لا سيما وأنّ القائد قام بالعديد من الخطوات البنّاءة، كما أنه لا بد من المضي قدماً في الخطوات السياسية والقانونية، التي يتوقف عليه نجاح العملية، وهو ما نوّه إليه القائد آبو خلال لقائه الأخير بوفد إمرالي.
حق الأمل ليس منحة
وفي واقع الأمر، إن حقّ الأمل ليس ترفاً أو منحة تُمنح أو تُسحب بقرار سياسي، بل حق قانوني وأخلاقي يقرّه القانون الدولي وكل المواثيق الخاصّة بحقوق الإنسان. كما أن هذا الحق يعني أن أي سجين، مهما كان وضعه، يظل محتفظاً بإمكانية المراجعة الدورية لوضعه، وبفرصة الخروج إذا ما توفرت شروط قانونية أو سياسية لذلك.
تقول الدكتورة سحر حسن أحمد وهي متخصصة في علم التاريخ في تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء(ANF)، إن حق الأمل يأتي ضمن الخطوات القانونية التي يجب على الدولة التركية القيام بها إذا أرادت إحداث قفزة للأمام في عملية السلام، لا سيما وأن إنكار هذا الحق أو الالتفاف عليه يعبّر عن تواطؤ سياسي واضح يهدف إلى إبقاء الأوضاع مجمّدة، وحرمان أي فرصة لفتح مسار جديد نحو الحل، مشدّدةً على أنه من الضمير الإنساني الواعي والمؤمن بأهمية السلام والديمقراطية يعلم كذلك أن حرية القائد الجسدية مطلب أساسي لإنجاح عملية السلام وتحقيق المجتمع الديمقراطي، وهذا ليس مطلباً شخصياً.
وتُضيف، أن العزل الجسدي وعزله الكامل بهذا الشكل هو انتهاك لحقوق الإنسان، ويشكل عقبة أمام الحوار والعدالة والمصالحة، وبالتالي من الأهمية بمكان الإفراج عنه، منوهةً أن القائد آبو هو الوحيد القادر على تنفيذ مشروع السلام، وحريته الجسدية تُمكِّنه من تنفيذ مشروعه الذي دعا إليه في 27 تشرين، كما أن السلام لا يأتي أبداً وهناك تجاهل للحقوق الأساسية.
وبالفعل، فقد قدم القائد مبادرة للسلام، وفتح أفقاً لتجنيب المنطقة دوامات الحرب، لكنه في المقابل يُحرَّم من أبسط حقوقه الإنسانية. بل إن الوضع الراهن يُظهر تناقضاً بين خطاب الحكومات الذي يتشدق بالبحث عن حلول سلمية، وبين ممارساتها التي تُقفل الأبواب أمام مبادرات عملية كان يمكن أن تغيّر الواقع نحو الأفضل.
الحرية الجسدية للقائد
كما أن الدعوة لتطبيق حق الأمل بالتوازي مع الحرية الجسدية للقائد أوجلان ليست مجرّد مطلب إنساني، بل ضرورة سياسية وأخلاقية. فالقضية لا تتعلق بشخصه فقط، بل بمستقبل ملايين البشر الذين يرون في مشروعه رؤية للخروج من الأزمات المتلاحقة، واليوم، وبعد أن أقرّ القائد نفسه، بأن اللجنة المشكّلة من أجل السّلام في إطار المرحلة القانونية لم تصل إلى نتائج عملية، ويحثّ على ضرورة اتخاذ خطوات قانونية وسياسية، لم يعد هناك خيار أفضل من الانتقال إلى الخطوة الحاسمة: الاعتراف بحق الأمل، وفتح الطريق أمام الحرية الجسدية.

هذا ما يؤكده أيضاً الأكاديمي المصري الدكتور علي أبوالخير الذي قال خلال تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن القائد عبد الله أوجلان سجين منذ 27 عاماً، ورغم أنه رهين الأسر، إلا أنه انطلق بروحه وفكره وعقيدته ودفاعه عن الوطن نحو العالم، وحمل السلاح عندما كان ضرورة، وبادر بالسلام عندما كان الوقت مناسباً، مشدداً على أن الحرية الجسدية له ضرورة من أجل تحقيق السلام الذي ينشده الكرد والترك وكل محبي السلام.
وأضاف أن الحرية الجسدية للقائد أصبحت مطلباً ملحّاً أمام الرئيس التركي أردوغان إذا كان يريد السلام، ولديه رغبة في ذلك، لا سيما ونحن أمام شخصية لقائد لديه مشروعه الفكري والسياسي الذي يخدم الإنسانية جمعاء، مجدّداً التأكيد على أن الحرّية الجسدية له مطلب لكل محبّي السّلام في العالم بما في ذلك الشعبين الكردي والتركي.
إن استمرار حرمان القائد من حقّ الأمل يُعمّق الأزمة ويغلق أبواب الحل، بينما العكس تماماً، أي الاعتراف بحق الأمل، قد يشّكل نقطة انطلاق حقيقية نحو مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً، بالتوازي أولاً مع حريته الجسدية، وقد أكّد أوجلان، في لقائه الأخير مع وفد إمرالي، أن التقدم في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي مرتبط بالوفاء بالمتطلبات السياسية والقانونية، مشدّداً على أن المفاوضات الديمقراطية يجب أن تكون المبدأ الحاكم في جميع العلاقات السياسية والمجتمعية داخل تركيا، موضّحاً أن العملية التي بدأت قبل عام نجحت في وقف الحرب والمواجهات داخل البلاد، وتجاوزت العديد من المخاطر الكبرى، مشيداً بكل من أسهم في إنجاحها.