البروفيسورة هداية البصري: تطبيق فكر القائد بات ضرورة للمنطقة بعد انهيار نموذج الدولة القومية
باتت هناك حاجةٌ مُلِحّة إلى نشر الوعي بفكر القائد بين العوام، ليكون أداةً قويةً في الصحوة القادمة، إذ إنّ القوى الدولية لا تسعى إلى السلام بقدر ما تسعى إلى الاستثمار في النزاعات.

قالت البروفيسورة هداية البصري، الأكاديمية والباحثة السودانية، إن أطروحات القائد عبدالله أوجلان تُعَدّ بمثابة شعاع نور في أفق مظلم، لأنها خلقت حالة من الأمل بين المهمَّشين والشعوب المغلوبة على أمرها.
وأضافت في حوار مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الأفكار التي بُنيت عليها تلك الأطروحات تجسّد المشاكل الآنية في مختلف الدول، وتطرح سبل حلها ببساطة ودون تعقيد. وأشارت إلى أن فلسفة القائد ستواجه مقاومة من الأنظمة التي لا تسعى إلى التغيير، فضلاً عن مواجهة الفكر الإمبريالي وفكر الحداثة النيوليبرالية الذي يسعى إلى السيطرة على الثروات واستمرار آلية غبن الشعوب. وتطرقت البروفيسورة هداية البصري، خلال الحوار، إلى العديد من النقاط المهمة… فإلى نص الحوار:
في البداية كيف ترين ففكر القائد عبدالله أوجلان ومدى ملائمة أطروحاته للمنطقة وإمكانية تطبيقها على الأرض؟
إنّ فكر عبد الله أوجلان يقدّم استجابة حقيقية لطموحات المهمشين، ويعبّر بعمق عن معاناتهم وتطلعاتهم إلى العدالة والحرية. فهو ينطلق من نقد جذري لمفهوم الدولة القومية وما خلّفته من أزمات بنيوية، ليطرح بديلاً يقوم على الديمقراطية التشاركية والتعددية المجتمعية، وهو تصور يستجيب للظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، بل ويتجاوزها ليقدّم نموذجاً إنسانياً عاماً قابلاً للتطبيق في كل مكان يعاني من الإقصاء والهيمنة.
ما هي فلسفة القائد لحل مشاكل دول المنطقة وهل بالفعل يمكن أن تؤدي إلى استقرار؟ وهل ستوافق الدول الغربية على اعتماد فلسفة القائد منهجاً لتطبيقه في المنطقة، ولماذا؟
أما بالنسبة لفلسفة أوجلان، فإنها -بحسب ما أرى- تعمل على معالجة أزمات المنطقة، وهي قادرة على إرساء الاستقرار رغم تعارضها مع مصالح النخب الإقصائية المستفيدة من الفوضى، وعلى الرغم من أنّ هذه الفلسفة تتعارض مع مصالح النخب الإقصائية محلياً، كذلك أعتقد أنها لا تحظى بسهولة بقبول القوى الغربية التي اعتادت الاستثمار في الصراعات الداخلية للغير، لتمرير أجنداتها، لكن تظل فلسفته مشروعاً واقعياً يحمل إمكانية حقيقية لإرساء الاستقرار في دول المنطقة وخارجها، وتراهن على الشعوب المقهورة التي يجب أن تشملها الصحوة بالتعرف على فكر القائد ليكون سائداً بين العوام، وحينها قد تفرض الأغلبية رؤيتها التي تتعارض بالطبع مع مصالح القلة من النخب الاقتصادية سواء على الصعيد الدولي أو المحلي.
كيف تنظرين إلى الدور التركي في المنطقة وتعامل أردوغان مع قضية السلام والمجتمع الديمقراطي؟
بالنسبة لتركيا، فإن دورها في المنطقة يكشف طموحاتها القديمة ويجدد نزعتها التوسعية الاستعمارية التي أظهرت سعيها إلى إعادة إنتاج الحقبة العثمانية، في وقت يتعامل فيه أردوغان مع قضايا السلام والديمقراطية كأوراق تكتيكية أكثر منها استراتيجية، ومن ثم فإن تعامله مع قضية السلام والمجتمع الديمقراطي لن يخرج عن حيز التعاطي الحذر القائم على المصلحة السياسية والبراغماتية النفعية، وهو ما يؤشر على مشاكل قد تؤدي إلى تعثر عمل اللجنة البرلمانية.
هل بالفعل انهارت الدولة القومية في المنطقة وما هو النموذج المفترض اتباعه لفرض الاستقرار؟
إنّ مؤشرات تراجع نموذج الدولة القومية في المنطقة تجعل تطبيق مشروع أوجلان أكثر إلحاحاً، إذ يفتح أفقاً لبناء مجتمع ديمقراطي جديد يمنح الأغلبية المهمشة موقعها الطبيعي في صياغة المستقبل، ويضع أسس استقرار وازدهار مستدامين، بما يجعله خياراً فكرياً وسياسياً قادراً على تجاوز الأطر التقليدية التي كبّلت المنطقة لعقود طويلة، كما أراه خياراً فكرياً وسياسياً قادراً على تجاوز الأطر التقليدية في خارج المنطقة. ففكر أوجلان أصبح كونياً لا ينبغي أن نحصره في دول المنطقة، لأنه قدم ومازال يقدم على الرغم من عزلته عملاً نوعياً نادراً، فمن هنا نؤكد بأن هذا الفكر الأوجلاني لا يمكن النظر إليه باعتباره خياراً هامشياً فحسب، بل هو دعوة مفتوحة لتأسيس مجتمع ديمقراطي جديد قادر على تجاوز أزمات ماضي الشعوب وحاضرها من أجل الانفتاح على مستقبل جديد للأجيال بروح الحرية والعدالة. وأخيراً نتطلع لأن يتخذ أردوغان خطوات حقيقية تجاه التحول نحو الأمة الديمقراطية لتصبح تركيا نموذجاً تقتدي به الدول متعددة الشعوب والثقافات.