الاتحادات الطبية في شمال وشرق سوريا: على وفد دولي من الأطباء التوجه إلى إمرالي
أشار كونفرانس قامشلو إلى ضرورة ضمان الحقوق الصحية للقائد آبو، ودعا إلى إشراف دولي، كما سلط الضوء على الدور الريادي للمرأة في المجالين الاجتماعي والصحي.

اختُتم كونفرانس الاتحادات الطبية في منطقة شمال وشرق سوريا، الذي انطلق صباح اليوم تحت شعار “الصحة أساس النهوض والتحرر” من أجل الحرية الجسدية للقائد آبو، في مبنى جامعة روج آفا بقامشلو.
وقد شارك في الكونفرانس ممثلون عن الاتحادات الطبية في منطقة شمال وشرق سوريا، وأطباء، وعاملون في القطاع الصحي، وممثلون عن المؤسسات الصحية التابعة للإدارة الذاتية، وممثلون عن حركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM)، وأُدير الكونفرانس من قبل كلٌ من الرئيسة المشتركة لاتحاد صيادلة منطقة شمال وشرق سوريا، عبير حصاف، والرئيس المشترك لاتحاد أطباء مقاطعة الجزيرة، مصطفى عبد الكريم، والدكتور ديار رشو.
افتُتحت أعمال الكونفرانس بمناقشة توصيات القائد عبد الله أوجلان، بعدها أُدير الكونفرانس من قبل الرئاسة المشتركة لاتحاد الصيادلة في إقليم شمال وشرق سوريا، عبير حصاف، والرئيس المشترك لأطباء مقاطعة الجزيرة، مصطفى عبد الكريم، والدكتور ديار رشو.
تطرّق المشاركون إلى الرؤى الاستراتيجية التي قدّمها لحل الأزمات المجتمعية والسياسية، وخاصة في ظل تعقيدات الوضع السوري والحروب المستمرة، وجرى التأكيد على أن أفكاره، رغم مرور أكثر من ستة وعشرين عاماً على اعتقاله، لا تزال تحمل قيمة عملية عالية وإمكانية كبيرة للتطبيق، لما تتضمنه من أدوات تحليل نقدي ورؤى لبناء نظام اجتماعي عادل.
كما وتم تسليط الضوء على قدرة القائد في الحفاظ على فاعليته الفكرية والجسدية في ظروف عزلة قاسية وطويلة، حيث ذكر الحاضرون أن هذه العزيمة تُشكّل نموذجاً يحتذى به في الصمود والمثابرة، وتؤكد أهمية التفكير المستقل والاستمرار في العمل من أجل التغيير.
وناقش الحضور السبل العملية لنقل هذه التوصيات إلى الواقع اليومي للمؤسسات المدنية والطبية والتعليمية والسياسية، بهدف تحقيق تحول مستدام يرسّخ مفاهيم العدالة والمساواة في المجتمع.
كما تناول الكونفرانس الوضع الصحي للقائد عبد الله أوجلان، حيث شدد الحاضرون على أهمية ضمان حقه في تلقي رعاية صحية شاملة تتضمن فحوصاً طبية دقيقة ومنتظمة، وطالب المشاركون بضرورة السماح لوفود طبية مستقلة ومتخصصة بزيارته والاطلاع المباشر على وضعه الصحي، تأكيداً على احترام القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة فيما يخص الرعاية الصحية للمعتقلين، جرى كذلك النقاش حول الترابط الوثيق بين السلامة الجسدية والقدرة الذهنية، حيث أُشير إلى أن الحفاظ على الصحة الجسدية يُعد عنصراً أساسياً لاستمرار القدرة على التفكير الاستراتيجي وتقديم الحلول السياسية والمجتمعية، كما هو حال القائد الذي لا يزال يسهم، رغم ظروفه، في صياغة رؤى للخروج من الأزمات الراهنة.
امتد النقاش خلال الكونفرانس ليشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية للصحة في مناطق الحروب، حيث ركّز المشاركون على التداعيات العميقة والمركّبة للنزاعات المسلحة على الصحة النفسية للأفراد والمجتمع.
سوريا، كنموذج حي لتجربة ممتدة من الحرب والصراع، تعاني من آثار مباشرة للقصف والحصار والتشريد القسري، إضافة إلى العنف الطائفي والعائلي. كل ذلك أسهم في ارتفاع نسبة الأمراض النفسية والعصبية، كما أدى إلى تدهور في منظومة الصحة العامة وتفشي الأمراض المزمنة، وقد ناقش المشاركون أيضاً التأثيرات البيئية المرتبطة بالحرب، ومنها تلوث المياه والهواء والتربة، والتي تسهم بشكل مباشر في ارتفاع معدل الإصابات بالأمراض السرطانية والقلبية والتنفسية، ما يستدعي اعتماد سياسات صحية وبيئية مستدامة لمواجهة هذه التحديات.
وفي هذا السياق، برز دور المرأة في التصدي لهذه التحديات كأحد المحاور الحيوية في الكونفرانس، إذ رأى المشاركون أن تجربة المرأة في شمال وشرق سوريا تُعد نموذجاً رائداً في قيادة التحولات المجتمعية والسياسية. فقد أثبتت المرأة قدرتها على العمل في الخطوط الأمامية ضمن قطاعات الصحة والتعليم والإدارة، وأسهمت في بناء مجتمع ديمقراطي متماسك يتكئ على العدالة الاجتماعية والتشاركية، وقد شدد الحاضرون على ضرورة دعم هذه التجربة وتوسيعها، لما لها من أثر إيجابي على الصحة العامة واستقرار المجتمعات المحلية.
وتمخض عن الكونفرانس بيان ختامي، قرئ من قبل الرئاسة المشتركة لاتحاد الصيادلة، عبير حصاف، وتضمّن جملة من التوصيات الأساسية المنبثقة عن نقاشات المحاور التي طُرحت خلال الكونفرانس.
وأكد البيان على ضرورة إرسال وفد دولي متعدد التخصصات، من ضمنه أطباء من شمال وشرق سوريا، لزيارة القائد عبد الله أوجلان، وإجراء فحص سريري شامل ودقيق لجميع أجهزة جسمه، دون فرض أي تقييدات أو شروط على هذا الوفد في الوصول إلى سجن إمرالي.
وشدد البيان على أن المتابعة الطبية المنتظمة والشفافة هي جزء من الحقوق الأساسية التي يجب أن تُصان، داعين إلى الإفراج الفوري عن القائد، بما يضمن حريته الجسدية كجزء من العدالة الإنسانية والكرامة البشرية.
كما دعا البيان إلى ضرورة تكثيف الجهود لدعم نداء القائد عبد الله أوجلان بشأن السلام وبناء المجتمع الديمقراطي، من خلال نبذ كل أشكال خطاب الكراهية والعصبيات القومية أو القبلية، والالتزام بمبادئ التعايش والعدالة الاجتماعية، بما يصون حقوق جميع المكونات في سوريا.
وأوصى البيان بتوجيه رسائل عاجلة إلى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الإنسان، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إضافة إلى المنظمات الطبية والحقوقية الدولية، مثل منظمة أطباء بلا حدود، واللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب، من أجل الوقوف على الانتهاكات التي يتعرض لها القائد، والضغط على الدولة التركية لتحسين ظروف احتجازه وضمان رعايته الصحية الكاملة.
وأكد على أهمية حماية البيئة لما لها من تأثير مباشر على صحة الإنسان، مشدداً على ضرورة اعتماد سياسات بيئية وصحية مترابطة. كما أشار إلى الحاجة الماسة إلى تكثيف حملات التوعية الصحية في المجتمع، بهدف الوقاية من الأمراض وتعزيز فهم صحي جديد يقوم على الرعاية الذاتية والمسؤولية المجتمعية، وهو ما يُعد خطوة أساسية نحو ترسيخ ذهنية صحية ديمقراطية وشاملة.