المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

”لنجعل من 15 آب عاماً نلبي فيه متطلبات التاريخ القاسية“

12

إن اقترابنا اليوم من حلّ قضايانا الممتدة منذ قرن من الزمن، والتي تحولت إلى عقدة عصيّة، يُعد تطوراً كبيراً. فلا ينبغي أن تخيفنا هذه القضايا، بل على العكس، وبما أننا قد اقتربنا من الحل، فإن البحث عنه، والوصول إلى حقيقته، يجب أن يكون مصدر سرور لنا.

أيها الطلبة الأعزاء في أكاديمية معصوم قورقماز، وانطلاقاً من تقليد راسخ، أحيّي في شخصكم جميع شهداء أكاديميتنا هذه، التي كانت ولا تزال مصدر قوة التدريب والريادة، وأستذكر بطولاتهم، واستذكر القادة والمقاتلين الذين أوصلوا مسيرة النضال إلى يومنا هذا، واعبّر عن بالغ احترامي وتقديري لهم، وأوجه أسمى التحيات لهم.”

إنني أعيش حقاً، ليس فقط فخر إيصال مسيرة التحرر الوطني إلى هذه المرحلة، بل في الوقت نفسه أيضاً البهجة العميقة والحماس لكوني كنتُ شاهداً على انبعاث الإنسان الجديد في هذا الصرح، وعلى هذا الأساس، أجدّد في شخصكم تهنئتي لشعبنا بهذه القفزة التاريخية العظيمة. ولقد وجد التاريخ اليوم، بحق، معناه في هذه القفزة، وهو يسير من أجلنا، بل وإن الإنسان الجديد يستمد معناه مما ننجزه من أنشطة وأعمال هنا، وإننا نواكبها ونعيشها بحماس وشغف، ونخلق وجوداً هنا بطريقة واضحة، وسواءً بالنسبة لقضيانا وحلول التحرر الوطني، أو بالنسبة لقيادة الحزب وقوات الكريلا، فإن التدريب يُعدُ أساساً، فنظام المدرسة هو أمر مهم للغاية، حيث أنه بدون هذا التدريب، وبدون هذه المدرسة، لن نكون قادرين على المحافظة على وجودنا، ناهيك عن الحرب، ويجب أن نتطرق بالحديث مرة أخرى عن أهمية هذه الأمر؛ هذه المدرسة لم تُبنى فقط لإنقاذ فترة خاصة على وجه التحديد، بل إنها تتجاوز واقع حدودنا الوطنية ويؤثر في الإنسانية بمستوى تحليلها، فهي لا تعبّر فقط عن الجانب العسكرية بل عن الحياة الجديدة بكل جوانبها أيضاً، فهي تكشف عن قيم نحتاج إليها أكثر من الخبز والماء وتجعلها ملكاً للشعب، أولا وقبل كل شيء، لأول مرة في التاريخ الحديث، أنشأنا مدرسة لأنفسنا.

الشعب بلا مدرسة هو شعب مهزوم

إنَّ الشعب المحروم من التدريب هو شعب متخلف ووحشي، بحيث يمكن للجميع فرض هيمنتهم عليه ويكون عرضة للاستثمار وتجريده من إنسانيته، فقد أصبحنا، نحن أيضاً، من أكثر شعوب العالم طمساً للهوية، لأننا بقينا بلا مدرسة وبلا تدريب، ومن ثم، فإننا لا ننظر إلى مدرستنا هذه من خلال طلابها العابرين فقط، ولا من خلال ما تلقّوه واستوعبوه من التدريب، بل في الوقت نفسه من خلال قيمها التاريخية، وما تحملها من تحليلات عميقة وكوادر يتطورن بتلقي التدريبات ، بحيث أصبحت من الآن فصاعداً ملكاً للحياة، وجعلت النصر أمراً حتمياً، بحيث أنه من الصائب أن يقول المرء إنها ”ستحمل تطورها العظيم إلى القرون“. وقضيتنا هي أن نعرف ونعلم بأي نوع من النشاط سنعمل على إنجاح هذا الحاضر، وإذا ما أمعنتم النظر، لقد خضتُ وقدمت النضال الأكبر هنا، وكما يشهد الجميع تقريباً، والعدو يعرف أيضاً، أنه لولا خوض النضال هنا، لما أمكن مواصلة خوض الحرب في أماكن أخرى، ولم يكن من الممكن حتى الصمود والمقاومة لأربع وعشرين ساعة. وعلاوة على ذلك، لو كان ذلك بشكل أعمق وأكتر تماسكاً، فإن الانتصارات كانت لتكون بكرة جداً وحاسمة من خلال هذه المدرسة، فإنا لا أقلل من نتائجها، لكنني لا أراها كافية أيضاً.

وإننا نكن لكم احتراماً كبيراً لحماسكم وحسن نيتكم ولشعب الطيب، ونظراً لوجود هذه السمة بالأساس، فقد منحنا هذه القيمة العظيمة وأوصلناها إلى مستوى نظام المدرسة، وحققنا بعض النجاحات، لكن المشاكل لم تنتهِ، بل ازداد حجمها تدريجياً. ولا شك أنه حيثما تزداد المشاكل، تكون طرق الحلول في متناول اليد، حيث يقول المعلمون: ”كلما كانت المشكلة أكثر حدة وتشابكاً، كان الحل أكثر نضجاً“، وهذا يُعدّ تطوراً كبيراً بحيث أننا الآن نقترب من التوصل إلى حل ناضج للمشاكل التي ظلت دون حل لعدة قرون، فلا يجب أن تخيفنا هذه المشاكل؛ بل على العكس، فالاقتراب من التوصل إلى الحلول ينبغي أن يمنحنا الأمل ويشجعنا ويدفعنا إلى البحث عنها.

الإنسان الساعي إلى الحل هو أعظم إنسان

إن الإنسان الأقرب إلى الحل هو الإنسان الأقرب إلى خلق نفسه والأكثر تنظيماً والأكثر حرية تماماً، فالجماعية هي كل شيء بالنسبة لشعبنا، في هذه المرحلة، وأقول هذا لأولئك الذين لا يفكرون إلا بأنفسهم: لا مكان له في هذا البلد ولدى الشعب، ولا أساس له، لذلك، ومن أجل القضاء على الأنانية، والتشتت، والضياع الكبير، ينبغي للإنسان في البداية أن يخلق التنظيم القوى في داخل نفسه، ويجب أن يتعزز ذلك مع شخصين ومع كل مجموعة، ووضع قيمة كبيرة، وهذا هو الشرط الأساسي لخلاص هذه المرحلة، ويجب عليكم أنتم أيضاً أن تعتبروا هذا كشرط أساسي للحياة وتنظموا حياتكم وفقاً لذلك، ويجب أن تروا هذه القوة، وهذه العظمة بما يليق بمقامكم.

الرفاقية تعني وحدة الأناس الأكثر معرفة وحكمة، فالحزب هو مؤسساتية الحكمة والسياسة، حيث أن الحكمة الآن مقيدة بالقواعد هناك، والسياسة مختزلة فقط في الأهداف، وكل يشيء يسير وفقاً للقواعد، وهذا ما نعنيه ونقصده بالمدرسة المؤسساتية، وعندما يُقال الأيديولوجية، فإنه يصبح الحزبية، وينبغي فهم وإدراك الأمر على هذا النحو، وعندما يكون لديكم حكيم عظيم بهذا القدر، فإنه لا يوجد عمل لا يمكن إنجازه وتحقيق النجاح فيه، ربما ينهزم الإنسان في يعض الجوانب، ولكن النجاح العام سيكون من المؤكد تحقيقه.

ولهذا السبب، ما يجب أن يُفهم من النضال الأيديولوجي هو اكتساب الأمور الأساسية التي لا غنى لنا عنها، فأنتم سوف تناضلون من أجل ذلك، وتبذلون الكثير من الجهد بعقولكم، وسوف تتعلمون ليس فقط من خلال القراءة، ولكن في الوقت نفسه أيضاً من خلال المراقبة.

وإذا ما قمتم بالتمسك بوطنكم، وإذا ما قمتم بتعزيز قوة الحياة بذهنية الحرية، فإنكم ستحولون الجحيم إلى جنة، حيث إن الثروات الموجودة في بلادنا يمكن أن تكون كافية لجميع شعوب الشرق الأوسط، وهذا بالتأكيد ممكن بمتابعة ومواكبة الطريق القوي للحكمة، فأنا قد تعمّقت قليلاً، ولكن يمكنكم التعمق أكثر! لأني بحثت، وتعبت، وتوقفت، وتمكنتُ من التقدم بهذا القدر، وقدمته لكم بشكل جاهز.

وأعتقد أن مدرستنا ليست فقط مصدراً حقيقياً وقوياً في الحرب، بل هي كذلك في الحياة، وهذه الحقيقة التاريخية تقودكم لتكونوا أصحاب أهداف عظيمة. فالدروس شاملة تماماً، حتى إن الجوانب التي كانت تبدو فارغة وبلا معنى حتى الآن، تتحول إلى جوانب ذات معنى وغنى.

الاشتراكية هي حرية الجهد

الاشتراكية، تعني حرية الجهد، وحرية الجهد قائمة على أساس العمل، وحتى خلال الحرب ايضاً، فإن الاشتراكي لا يتخلى عنن النشاط والعمل، وإذا ما اعتبر الاشتراكي العمل على غرار الحرب، فإنه سيكون جيداً، وسيحارب بشكل جيد دون أي تقصير؛ وسينتصر حتماً.

وإذا لم تكن هناك حرب، فإنه سيخوض نضاله من الاقتصاد، ولن يترك أي شخص واحد عاطل عن العمل وسيطعم الجميع، فالاشتراكيون هم الناس الذين يقومون بفعل ذلك، وإذا ما كانت هناك حاجة إلى الأيديولوجية، فإنهم يخلقون الأيديولوجية، ويخلقون الحكمة، فالاشتراكي لا يشغل الإنسان عما يقوم به، بل على العكس من ذلك يطعمه، وما حصل وتحقق لدينا هو هذا الأمر، وهذا ما انتصر حتى الآن في واقع القائد.

وفي النتيجة هي ظهور الاشتراكية الناجح؛ والتعبير الأيديولوجي والسياسي والعملي عن واقع القائد المنتصر والباحث عن الحلول، وهذا هو أكثر ما نحتاج إليه، وهذا هو الإمكانية المقدمة لكم، لكنكم ستحققون الفوز حتماً بالحكمة والخط الأيديولوجي والسياسي الذي أنتم بأمس الحاجة إليه، دون البحث عن أعذار ودون أي عوائق ودون تأخير.

وإنني أحييكم، وأحيي القيم القتالية لمدرستنا وشهدائنا العظام ورفاقنا ورفيقاتنا وأبناء شعبنا الذين انتفضوا على هذا الأساس بكل احترام ومحبة، وأتمنى لكم نجاحات عظيمة.

* مقتبس من تحليلات القائد آبو في عام 1997