المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

البروفيسور مولييه-بوتانغ: عملية السلام مهمة من أجل عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي

8

أكد البروفيسور يان مولييه-بوتانغ أن دعوة القائد آبو وقرارات مؤتمر حزب العمال الكردستاني ليست مهمة فقط لتركيا، بل لأوروبا أيضاً، قائلاً: “حل القضية الكردية مهم لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وسيكون إطلاق سراح عبدالله أوجلان رسالة مهمة للاتحاد الأوروبي”.

عقد حزب العمال الكردستاني في أعقاب الإعلان عن دعوة القائد آبو ’السلام والمجتمع الديمقراطي‘ في 27 شباط، مؤتمره الثاني عشر، واتخذ قرارات تاريخية إلى جانب قرار حلّ الحركة، ولا تزال دعوة القائد آبو التاريخية وقرارات المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني تحظى بدعم دولي.

ويُنظر إلى قرارات مؤتمر حزب العمال الكردستاني على أنها خطوات مهمة لتعزيز الحل السلمي والديمقراطي للقضية الكردية، وفي الوقت نفسه، فإن المطلوب من الدولة التركية هو اتخاذ خطوات ملموسة من أجل التوصل إلى حل، وقد تحدثنا مع يان مولييه-بوتانغ، مؤسس مجلة Multitudes وعضو الهيئة العلمية للاتحاد الأوروبي الفيدراليين (UEF) في فرنسا وأستاذ الاقتصاد المتقاعد، حول هذه المسألة، وكان البروفيسور مولييه-بوتانغ قد بعث مؤخراً برسالة إلى حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) أعرب فيها عن دعمه لدعوة القائد آبو التاريخية وقرارات المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني.

https://cdn.iframe.ly/o89eOS1M


“حزب المساواة وديمقراطية الشعوب له مكانة هامة في السياسة التركية”

أوضح البروفيسور مولييه-بوتانغ أن عملية السلام قد بدأت في تركيا بفضل مساعي القائد آبو، مشيراً إلى الدور المهم لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب في هذه العملية، وأضاف: “إن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî)  حزب مهم في سياسة تركيا، فهو حزب يساري في قضايا مثل حقوق المرأة وحقوق الأقليات، على الأقل في القضايا الأساسية وفقاً لإدراكنا الحقيقي لليسار الأوروبي، ويلعب دوراً سياسياً مهماً في محاولة فتح المجال الديمقراطي في تركيا رغم كل الضغوطات والاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، وهو حزب معارض جاد قادر على هزيمة حزب أردوغان، ومع حلّ حزب العمال الكردستاني، فقد حان الوقت لوضع حد لجميع الاتهامات الموجهة ضد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî)”.

“عملية السلام مهمة لعضوية الاتحاد الأوروبي”

وأشار البروفيسور مولييه-بوتانغ إلى أن عملية السلام مع الكرد لها أهمية كبيرة بالنسبة لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وتابع قائلاً: “لا تزال تركيا مرشحة رسمياً لعضوية الاتحاد الأوروبي. ولكن مع انحراف النظام في اتجاه استبدادي، تصبح إمكانية الحصول على عضوية ملموسة بعيدة المنال أكثر فأكثر، هذه هي النقطة الأولى، أما الثانية، في رأيي، كلما تدهورت العملية البرلمانية والديمقراطية والتمثيلية في تركيا وتراجعت، كلما ابتعدت البلاد أكثر فأكثر عن الترشح للاتحاد الأوروبي، ومن وجهة نظري، فإن الحل الوحيد للقضية التركية هو أن يكون لدى البلاد إمكانية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بالفعل، حتى ولو لفترة زمنية معينة، ولكن منذ عام 2016 والنظام التركي يتجه تدريجياً نحو التشدد والجمود ويتخذ جميع الخطوات نحو شكل غير ليبرالي من الديمقراطية، وما أقصده بـ “الديمقراطية غير الليبرالية” بلداً تُجرى فيه الانتخابات وكأنها لم تُجرى، وتوجد فيه المعارضة ولكنها مقموعة.

في الواقع، هناك بالفعل قوة معارضة في البلاد، كما أنه هناك انقسام ضمن المعارضة اليسارية، وبسبب هذا الانقسام، لا يبدو واضحاً أنه كيف سيتم إعادة نظام أردوغان إلى جادة نظام ديمقراطي، وبهذا المعنى، أعتقد أن حملة السلام هذه التي يقودها حزب المساواة وديمقراطية الشعوب مهمة وذكية، فهو يقوم بما يجب القيام به بشكل ذكي”.

“عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ستحل العديد من القضايا”

توّه البروفيسور مولييه-بوتانغ إلى أنه سيكون من المهم قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وتابع قائلاً: “أعتقد أنه من المهم للغاية بالنسبة لأوروبا أن تقوم تركيا بتمتين ارتباطها مع أوروبا، ربما لدي وجهة نظر غير معروفة، ولكن إذا نظرتم إلى الخريطة، لا يزال هناك عدد قليل من الدول التي ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي، فأنا أضع سويسرا جانباً، وهي مشمولة بشكل غير مباشر، وبريطانيا المنفصلة مؤقتاً، وعندما تنظرون إلى ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا الشمالية وآسيا ويوغوسلافيا السابقة، كما هو الحال في البوسنة-الهرسك، فإن هذه المنطقة لها وجود إسلامي تاريخي في أوروبا منذ العصور الوسطى، قد أدى هذا الوجود، مع مرور الوقت، إلى تشكّل أقليات دينية وأحياناً عرقية أصبحت تُشكّل الأغلبية في بعض المناطق.”

وما يحول دون تنفيذ مشروع الاتحاد الأوروبي يبرز هنا بالضبط، فبالطريقة نفسها التي تعاني فيها أوروبا من مشاكل مع الأقليات من الهجرة المغاربية، تعاني أوروبا الوسطى من أقليات من أصول مشرقية أو تركية ولا تستطيع حل هذه المشاكل، لأنه في الأساس، يُنظر إلى المسلمين على أنهم أقلية صغيرة للغاية يجب أن تندمج وتنصهر وتتلاشى عاجلاً أم آجلاً، والشكل النهائي للاندماج هو تغيير الدين، وإن ما تفعله فرنسا هو في الأساس نفس ما فعله الكاثوليك الأوروبيون بالبروتستانت لقرون: سيتم خلق أقليات يجب أن تختفي في نهاية المطاف.

وفي بلد شديد المركزية مثل فرنسا، هناك حديث عن الاندماج، ولكن في الواقع ما يدور في ذهن الحكومة والمجتمع هو الانصهار “المعقول”، ومع ذلك، ولأسباب مختلفة، لا تحب الأقليات مثل هذه الأنظمة الانصهارية، ففي أوروبا، وخاصة في أوروبا الشرقية ويوغوسلافيا السابقة، بعد قرون من النقاشات والصراعات، تم حل هذه المشكلة جزئياً، لكنها لا تزال قائمة.

دعوة أوجلان مهمة لأوروبا أيضاً

هناك كردستان وكرد تركيا، وفي أوروبا هناك أقليات دينية انبثقت من الإسلام، ولا يزال وضعهم غامضاً، بالنسبة لي، يُعدّ انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، الذي لطالما دافعتُ عنه، سبيلًا لخلق مجتمعات متوازنة في جميع أنحاء أوروبا: شمال أوروبا البروتستانتية، وجنوب أوروبا الكاثوليكية، والأجزاء المسلمة من أوروبا الوسطى، ومناطق أخرى التي يسكنها السلافيين… إلخ.

قوى التوازن هذه تشجعهم نحو الحل الديمقراطي، على حد علمي، تقدمت تركيا بطلب الترشح عام ١٩٦٦، ومنذ ذلك الحين، تسارع مشروع التحول الديمقراطي الشامل في تركيا، لكنه في السنوات الخمس عشرة الماضية كان يتجه في الاتجاه المعاكس: نحو نظام استبدادي خطير وغير ليبرالي. ولهذا السبب، تُعدّ قضية كردستان مهمة لنا نحن الأوروبيين، وللشرق الأوسط بأكمله.

أنا ضد العنصرية في بلدي بشكل عام، أعتقد أن القومية ليست هي الحل، لذلك أكثر من فيدرالي، أنا فيدرالي أوروبي، ولذلك كانت دعوة أوجلان ذو معنى بالنسبة لي، وأنا أتفق مع زميلي، ولكن على النهج الأوروبي.

حلّ حزب العمال الكردستاني هو قرار في حد ذاته

لفت البروفيسور مولييه بوتانغ الانتباه إلى أهمية قرارات المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني من أجل عملية السلام، وتابع: “يجب على كلا الجانبين تقبّل حقيقة أن الكفاح المسلح والحرب لن يوصلهم إلى أي مكان على المدى البعيد، لذلك، فإن التخلي عن الكفاح المسلح، وحل الحزب، والاستفادة من التطورات الاستثنائية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حالياً، ربما تكون المرة الأولى التي يُتخذ فيها قرار في الوقت المناسب”.

لذلك، يبدو هذا الحل، لمن ليسوا أعضاءً في حزب العمال الكردستاني، سواءً كانوا كردًا أو أتراكًا أو غيرهم، خياراً جيداً للغاية للمضي قدماً، لا أعرف الكثير عن تفاصيل القضية الكردية، لذا لا أستطيع أن أقول شيء عن هوية حزب العمال الكردستاني اليوم، لكنني أرى أن حزباً مثل حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، الذي يعتمد على اليسار، ويُعدّ حالياً ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، قد فهم أن هذه عملية في الوقت المناسب.

ولذلك، وكأوروبي، أعتقد أن دعم هذه العملية ضرورية، يجب ألا ننسى أن هناك تأثيرات لهذا التقدم، كانت تركيا على مدى سنوات ضمن توازنات العالم العربي وإسرائيل، ليس فقط رمزياً، بل في الوقت ذاته بشكل ملموس، ولذلك، حقاً نحن نمر بنقطة تحول تاريخية، إن موقفي هو أن أدعم هذه المحاولة”.

حرية أوجلان ستكون رسالة جيدة من أجل أوروبا

وذكر البروفيسور مولييه بوتانغ بأن الحل الديمقراطي للقضية الكردية ستعزز وتقوي العلاقات بين تركيا وأوروبا وقال:” الحل السلمي للقضية الكردية سيكون دليل قوي في إطار العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، الحل الديمقراطي للقضية الكردية ستبني أساس قوي لتركيا لطرق أبواب الاتحاد الأوروبي مرةً أخرى وفي ظروف مناسبة، إن تطور كهذا، سيتم استقباله بكل سرور من قبل قسم مهم من الرأي العام الأوروبي.

بلا شك، كل خطوة ديمقراطية في تركيا مثل إجراء انتخابات عادلة وضمان ضبطها وضمان حرية التعبير سوف تكون مؤشراً إيجابياً، مثلاً، سيكون الإفراج عن عبد الله أوجلان بعد عقود من السجن، ستعتبر خطوة إيجابية لتركيا في طريقها نحو أوروبا.

أعتقد بأن هذا الشيء ستكون سبباً في نيل تركيا دعماً قوياً وفتح الطريق أمام عضوية الاتحاد الأوروبي، حيث اليوم هناك القليلين ممن يؤيدون هذا، وهذا أمر مؤسف.

من حق الاتحاد الأوروبي أن يشارك في العملية

ونوه البروفيسور مولييه بوتانغ إلى حق الاتحاد الأوروبي للمشاركة في العملية كمؤسسة، وهذا سيكون مهماً للغاية، وتابع بالقول:” بسبب مواقف أمريكا وروسيا، لا أتأمل كثيراً من الأمم المتحدة، مقابل ذلك وحينما يكون من الجانب المؤسساتي، فإن الاتحاد الأوروبي يمكنها أن تشارك في هذه العملية، لأنه مرتبط بهذه القضية بشكل مباشر، تركيا لم تتخلى عن عضويتها للاتحاد الأوروبي، وهي لا تزال مرشحة بشكل رسمي.

لذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي التعامل مع هذه القضية على المستوى المؤسساتي، ومن الواضح أن هناك العديد من بؤر عدم الاستقرار في تركيا، وحتى داخل أوروبا، ويرتبط جزء من هذا عدم الاستقرار ارتباطاً مباشراً بما يمكن أن نسميه “الجناح الإسلامي” في أوروبا، وبمكانة تركيا كجسر يربطها بالشرق الأوسط، هذا الدور الذي تلعبه هذه الجسور، ومسألة الانفتاح على البحر الأسود، كما هو الحال في أوكرانيا، في وضع حاسم، كل هذا يمنح تركيا دوراً استراتيجياً بالغ الأهمية.

من هو يان مولييه بوتانغ…؟

وُلد يان مولييه بوتانغ في غرانسي عام ١٩٤٩وهو خبير اقتصادي وكاتب وأكاديمي.

مولييه بوتانغ هو مؤسس مجلة “مولتيتيودز” ومديرها العام، وهو منظّر مهم يعمل على التحول الرأسمالي، وقد طوّر على وجه الخصوص، مفهوم “الرأسمالية المعرفية” لطالما انخرط مولييه بوتانغ في السياسة الخضراء والحركات الفكرية اليسارية، حيث عمل في عدة جامعات في فرنسا وحول العالم.