المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

بيان إلى الرأي العالمي:

36
الصورة الحالية ليس لديها نص بديل. اسم الملف هو: صورة-واتساب-بتاريخ-1446-10-25-في-22.52.20_73575f6a-1.jpg


يقول القائد عبدالله أوجلان عن الشهداء : ( الشهداء هم قادتنا الحقيقيون ، و هم من رسموا طريق الحريّة بدمائهم ، الوفاء لهم يكون بالاستمرار في النضال ، و تحقيق الأهداف التي استشهدوا من أجلها )
ببالغ الحزن و الأسى ، نتقدم بأحرّ التعازي إلى شعبنا الكردي الأبي، وإلى القائد عبد الله أوجلان، وإلى ذوي الشهيدين علي حيدر قيتان – رمز الوفاء للحقيقة والقائد والحياة المقدسة – ، ورضا آلتون – عنوان رفاقية نضال الحرية والكرامة – .
إن استشهاد هذين البطلين يشكل منعطفاً تاريخياً ، و يختزل رمزية المرحلة وروحها، ويمهّد لولادة فصل جديد في مسيرة نضال شعبنا من أجل الكرامة والديمقراطية.

لقد شكّلت الرسالة التاريخية التي وجّهها القائد عبدالله أوجلان في 27 شباط دعوةً واضحة وجريئة نحو السلام والمجتمع الديمقراطي، وهي دعوة تجسّدت في المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني، المنعقد بين 5 و7 أيار الجاري، والذي أفضى إلى قرار بالغ الأهمية ألا و هو : حل الحزب وإلقاء السلاح، إيذاناً بمرحلة جديدة من النضال، ترتكز على السياسة الديمقراطية كأداة للتغيير والتحرر.

هذا القرار، الذي لا يمكن قراءته إلا عبر منظور التطورات المرحليّة ، يُعدّ تتويجاً لنضال بدأ قبل اثنين وخمسين عاماً، حين بزغت “المجموعة الأيديولوجية” المعروفة باسم “آبوجي” عام 1973، والتي نقلت مركز نضالها إلى كردستان عام 1976 باسم “ثوار كردستان”، ليُبنى لاحقاً، إثر استشهاد المناضل حقي قرار، حزب العمال الكردستاني عام 1978.

لقد تأسس الحزب في زمنٍ كانت فيه الحرب الباردة تمزق العالم بين قطبين: الاشتراكي والإمبريالي ، وكانت معظم حركات التحرر حينها متأثرة بالأيديولوجيا اليسارية و الفكر الماركسي و اللينيني ، ومرتكزة إلى الكفاح المسلح كوسيلة لتحقيق الحرية ، في ظل تلك الظروف القاسية، أخذ الحزب على عاتقه مهمة الدفاع عن الشعب الكردي في وجه سياسة الإنكار والإبادة، وواجه واحدة من أعنف أنظمة القمع والفاشية. ورغم ضخامة التحديات، فقد رسّخ الحزب بدماء شهدائه وصبر مناضليه تجربة نضالية ممتدة، صارت جزءاً من الذاكرة العميقة للشعب الكردي، ومن رصيده التاريخي.

أما اليوم، فإن الظروف الإقليمية والدولية قد تغيرت بشكل جذري فالشرق الأوسط يعاد تشكيله، والحداثة الرأسمالية مهيمنة بمفاهيمها ، كما أن الوعي المجتمعي الكردي قد تطوّر، وبدأ يدرك حقوقه وهويته وثقافته بشكل أوسع من أي وقت مضى ، وعلى الصعيد الدولي، باتت القضية الكردية تحظى بتعاطف غير مسبوق، وبات الكرد يُنظر إليهم كلاعب رئيسي في محاربة الإرهاب، وشعب محب للسلام والديمقراطية.

في هذا السياق، فإن قرار التحول من الكفاح المسلح إلى النضال السياسي ليس تراجعاً، بل هو انتقال مسؤول من طور إلى طور، يستند إلى قراءة عميقة للمرحلة كما أشار إليها القائد عبدالله أوجلان في دعوته للسلام والمجتمع الديمقراطي ، و هو تتويج لتضحيات الأمس، وبوابة نحو بناء مجتمع جديد، ديمقراطي وسلمي، تؤخذ فيه الحقوق بالحوار و الدبلوماسية ، لا بفوًهة البندقيّة .

إن حل حزب العمال الكردستاني لا يعني نهاية المشروع التحرري، بل هو إغلاق لمرحلة وافتتاح لأفق أوسع، تتعدد فيه الأدوات، لكن يظل الهدف ثابتاً: الحرية والكرامة والديمقراطية ، إنها لحظة اختبار للضمير السياسي، و الوجدان الإنساني ، ولكل الجهات المعنية محلياً وإقليمياً ودولياً ، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته التاريخية تجاه هذا التحول، فوصمة “الإرهاب” التي لطالما أُلصقت بالحزب لم تعد ذات معنى، بل بات من الضروري إعادة النظر في المواقف والمفاهيم وفق المتغيرات الجذرية الجارية.

إن هذا التحول لا بد أن ينعكس بشكل إيجابي على قضايا أخرى في المنطقة، وعلى رأسها وضع روجآفا، التي أصبحت نموذجاً يُحتذى به في إدارتها الذاتيّة القائمة على الديمقراطيّة و العيش المشترك و أخوّة الشعوب.

ختاماً، ننحني إجلالاً أمام أرواح الشهداء، ونحيي جميع المناضلين والمناضلات الذين كتبوا بدمائهم تاريخ هذه المرحلة ، ونؤكد أن مسؤولية الجميع اليوم، فرداً كان أو مؤسسة، هي الحفاظ على منجزات هذه المرحلة، وتعزيز المسار الديمقراطي، وبناء السلام على أساس العدالة والكرامة.

المبادرة السوريّة لحريّة القائد عبدالله أوجلان
قامشلو في ١٢-٥-٢٠٢٥