المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

عبدالغني دياب يكتب….لماذا يجب أن نطالب بالحرية لأوجلان؟

146

عبد الغني دياب يكتب.. لماذا يجب أن نطالب بالحرية لأوجلان؟

على مدار أكثر من عقدين من الزمان ناصب النظام التركي العداء للسياسي والمفكر الكردي عبد الله أوجلان، لا لشيء إلا لأنه طالب بحقوقه المشروعة، واستخدم وسائله لتحقيق هذه المطالب، ورغم مرور أكثر من 25 عامًا على احتجازه ، واقتراب أوجلان من عامه الثمانين إلا أن حزب العدالة والتنمية، لا زال يناصبه العداء، في محبس غير إنساني، وبإجراءات غير قانونية تشمل منع من الزيارات، ورفض وصول محاميه إليه، ليس هذا فحسب بل إن التنكيل وصل إلى كل المدافعين عنه لتبقي تهمة الإرهاب جاهزة في أدراج النظام الأردوغاني لكل من يطلب بحرية أوجلان.

قضية أوجلان ليس مجرد موقف يسجل لدعم زعيم سياسي أخطتف؛لكنه أحد القضايا الرئيسية في العالم التي تثبت هشاشة منظومة العدل والقيم الإنسانية، سواء المرفوعة من داخل النظام الحاكم في تركيا، أو حتى في النظام العالمي الكبير، الذي يتعامل مع هذه القضية وغيرها بازدواجية معايير قبيحة، توظف كل ما هو إنساني لخدمة مصالح الكبار، لتصبح حياة السياسي الكردي، مجرد ورقة سياسية يتلاعب بها أردوغان ويستخدمها مع القوى الكبرى أو حتى الداخل للترويج لفزاعته، ولأفكار مغلوطة تتضمن شيطنة فصيل كامل، ووصمة بالإرهاب على أسس عرقية ويتجاهل تاريخ هذه الفئة وثقافتها وتنوعها وتعايشها القديم مع جيرانهم عربا وتركا.

وعلى الرغم من معرفة النظام التركي وغيره من الأنظمة التي تتبع نهجه، بأن القمع وقوة السلاح والسجن والتنكيل لا يمكن أن تفكك مطالب قامت على الفكر وترسخت في الثقافة الوجدانية، وأن الاستيعاب والحلول السياسية وإرساء دعائم السلام هي أحد أهم أركان تثبيت الدول، وأنها أول القضايا التي تقود الأمم نحو التنمية، فعلى مر التاريخ لم تبنى أمة قوية إلا على التسامح، وتحكيم لغة العقل، حتى في أحلك العصور التي وصمت بالوحشية، كانت الأمم عندما تتخذ مسلكا عنيفا سرعان ما تعود للهدوء، وتستوعب كل ثقافاتها الفرعية في داخلها، وأنه إذا ناصبت الثقافة المهيمنة العداء للثقافات التقليدية التي تشكل قطاعا واسعا من المجتمع فإن ذلك يكون بداية النهاية لهذه الأمة.

تجارة المبادئ موجودة في قواميس العدالة والتنمية منذ اليوم الأول للوصول إلى الحكم، فالبرغماتية السياسية فعلها أردوغان حتى مع أقرب الناس إليها، استخدم الكثيرون حتى من أبناء تياره الفكري لخدمه أهدافه، ثم ناصبهم العداء في اليوم التالي لانتهاء مصلحته معهم، حتى في قضايا الأمة الإسلامية الكبرى، فالرجل الذي زود إسرائيل على مدار أشهر بالمواد الاستراتيجية، وحافظ على علاقات متينة معهم لسنوات، جاء اليوم الذي يعلن فيها الانضمام لجنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، ورغم تأكده من أنها مجرد قفزة سياسية لن تثمن ولا تغني من جوع بالنسبة لسكان قطاع غزة، لكنها احتار الوقت الذي يحافظ فيه علاقاته مع الصهيونية العالمية، وفي الوقت نفسه يداعب بها مشاعر الناخبين الذين لفظوا حزبه في آخر انتخابات.

من هذه المنطلقات كلها، ورفضا للتوظيف السياسي للقضايا الإنسانية، وحريات البشر، يجب التأكيد على أن قضية أوجلان واحدة من قضايا العدالة في العالم، كما أنه يجب التذكير بأنه لا يمكن إقصاء عرقية كاملة بقوة السلاح، فكل محاولات الاستيعاب القصري في العالم ثبت فشلها، ولم تنجح أي سلطة حول العالم في إدماج جزء من شعبها لديه مطالب، بالقوة، بل العكس هو الصحيح كل تجارب التعددية السياسية والاستيعاب الناعم، هي التي أتت ثمارها على المستوى السياسي.
وهنا يمكننا استدعاء ما قاله أوجلان نفسه في رسائها التي أرسلها في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حين طالب الحكومة التركية والأطراف الكردية بضرورة التمسك بالسلام، وحذر من داخل السجن من مخططات إفشال مسيرة السلام، وهو ما يؤكد أن حل القضية الكردية لن يكون إلا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وإرساء سياسة الاستيعاب واحترام ثقافة الآخر.