المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

التحدي الأسطوري……من بين قضبان سجن إمرالي إلى نفوذ الهيمنة الرأسمالية

471

بقلم: آمنة خضرو

9/10/1998، هذا التاريخ الذي ترسّخ في أذهان الشعب، حيث تكمن أهمية العلاقات الاستراتيجية التي بناها القائد الأممي عبدالله أوجلان بين كل الأطراف الإقليمية والدولية أنّها كانت جيدة، خاصة مع الدولة السورية التي كان يترأسها “حافظ الأسد” آنذاك ، إلى أن قامت السلطات التركية بجرّ مدرعاتها وإعلان حالة الحرب ما لم تتخذ الحكومة السورية إجراءات ضد القائد.  

على هذا الأساس توتّرت العلاقات التركية – السورية وانقلبت رأساً على عقب، وتبيّن أنّ بؤرة الخلاف وصلت إلى حافة الهاوية، حيث صرّح وزير الدفاع التركي “عصمت سزجين”  حينذاك قائلاً “إنما للصبر حدود!”، على هذا الأساس تمّ حشد عشرة آلاف جندي على الحدود السورية في ظل احتدام حدّة التهديدات المباشرة لاجتياح الأراضي السورية، وبدأت المناورات بالطائرات العسكرية التركية على حدود سوريا، ورفع وتيرة التهديدات بقصف معسكرات تدريب حزب العمال الكردستاني في البقاع اللبناني الذي كان تحت سيطرة الجيش السوري.

وعلى إثر توتر العلاقات بين دمشق وأنقرة في “١٩٩٨” آنذاك، برزت وساطة إيرانية بين الطرفين في صنع النفاق والخداع على الشعوب، حيث تم الاتفاق على تخلّي “الأسد” عن لواء اسكندرون إلى جانب السماح لتركيا بالتدخّل بعمق خمسة كيلو مترات ضمن الأراضي السورية، والتخلي عن دعم حزب العمال الكردستاني وترحيل القائد إلى خارج سوريا.

ولأنّ القائد صاحب قضية استراتيجية أساسها حريّة الشعوب، اتّخذ قرار الرحيل وخلق بداية جديدة تواكب عصر الحريات الذي كان يخطط له من أجل حرية الشعوب. وعلى هذا تمّ اتخاذ القرار الحاسم من أجل انطلاقة جديدة في ظل وعود وهمية قدمتها الأنظمة العالمية للقائد على أمل خروجه السريع من الأراضي السورية.

9/10/1998 اليوم الأسود في تاريخ الأنظمة التي تآمرت على الشعوب وعملت على إبعاد القائد آبو عن الساحة الاستراتيجية وعن مكانتها الجيوسياسية للمنطقة.

وبتاريخ 15/2/1999 وبعملية استخباراتية بحتة تم اختطاف القائد الأممي عبدالله أوجلان من نيروبي عاصمة كينيا. وهذه العملية كانت أكبر عملية استخباراتية في القرن العشرين والتي أسماها القائد “بمؤامرة الغلاديو الكبرى”، ووصف القائد بقاءه في نيروبي قائلاً: “في جهنم نيروبي وضعت أمامي ثلاثة سبل:

أولّها: موت مزيّن بمشهدٍ اشتباكي بحجة عدم الإذعان للأوامر لمدة طويلة.

ثانياٍ: امتثالي لأوامر وكالة الاستخبارات الأمريكية دون جدل واستسلامي لها.

ثالثاً: تسليمي إلى وحدات الحرب الخاصة التركية المعدّة منذ زمن بعيد”.

وبعد تسليم القائد إلى السلطات التركية وحتى اليوم تمارس السلطات التركية العزلة على القائد الأممي عبدالله أوجلان وحرمانه من كل حقوقه. على سبيل المثال منعه من التواصل بالعالم الخارجي، ومنعه من الالتقاء بعائلته ومحاميه منذ 33 شهراً، ومنعه من متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدم وجود المؤهلات الصحية والنفسية في الحجرة الانفرادية. ومجرّد احتجازه في زنزانة خالية من مقوّمات الصحة النفسية والجسدية تثير القلق الشديد بخصوص وضع القائد.

على الرغم من كل هذه الأساليب غير الإنسانية، تجرّد القائد من كل الضغوطات وأطلق فلسفة العصر بفضاء الفكر الحرّ، ليصبح مفكر وفيلسوف القرن الواحد والعشرون الذي يناصر كل القضايا الإنسانية، وأطلق عدة اطروحات منها: “مشروع الأمة الديمقراطية”، وإنشاء آلية الخلاص بمفهوم “أخوة الشعوب”، وطرح نظام “الإدارة الذاتية الديمقراطية” الذي قام بحماية واحتواء كافة الفئات الموجودة بمناطق شمال وشرق سوريا، وتكليف مهام وواجبات ثورة روج آفا  على عاتق المرأة  التي خاضت أعنف المعارك العسكرية التي اجتازتها بتحدّيات عاتية ضد مفهوم “السلطة” التي دعمت بالفصائل الإرهابية من قبل كل الدول التي أرادت الوقوف أمام طموحات الشعب السوري بكل أطيافه والتي  دحرت بالذخيرة الأيديولوجية التي تغذت منها المرأة فكرياً في صفوف الحركة النسوية ألأولى في الجبال.  

وفي ثورة روج آفا التي توسعت تأثيراتها إلى جميع المطالبين بالحرية عامة، ولكافة النساء اللواتي رفعن أصواتهن بوجه سياسة القمع والإقصاء والالتفاف حول شعار “المرأة، الحياة، الحرية Jin Jiyan Azadî” أيضا بفكر وفلسفة القائد الذي أهداه للمرأة.

نرى اليوم الصراعات المتأزمة في الشرق الأوسط والعالم وابتكارات الدول الرأسمالية في ضخ النزاعات للاستفادة من خلق الحروب والدمار النفسي للشعوب وترويج الأسلحة بكافة أنواعها والاستفادة من خيراتها الباطنية والخارجية، واحتلال مناطق جديدة تخدم مصالحها في ظل احتدم النزاعات وتحقيق مطامحها على حساب الشعوب.

لذلك نرى أنّ فرض النفوذ الذي تستخدمه السلطات الدولية في الشرق الأوسط هو نتيجة عدم وجود القائد جسدياً في هذه المناطق وتقييد حرية تحرّكه، لذلك فإنّ وجود القائد كان بمثابة عمق استراتيجي وصمام الأمان للمنطقة، وشوكة في حلق الرأسمالية المعاصرة.

 نستنج من هذه الأساليب التي اتخذتها الهيمنة العالمية بحق القائد بسبب خوفها من انتشار وتبلور أفكار القيادة الحقيقية التي غيبت عن الساحة السياسية في الشرق الأوسط. ونرى كيف تعالج هذه الأنظمة القضايا حسب مصالحها ضاربةً عرض الحائط تطلعات الشعوب في تحقيق أمانيها وتطلعاتها حقها في إدارة نفسها بنفسها.

كما أنّ العقوبات الانطباطية الفريدة من نوعها التي تستخدمها السلطات التركية في داخل العزلة في إمرالي، ماهو إلا انتهاك واضح وصريح للقوانين الدولية التي نصّت على تمتع السجناء السياسيين بحقوقهم داخل السجن. لذلك تستغل السلطات التركية صمت المجتمع الدولي تجاه “قضية العصر” في ظل الهيمنة الرأسمالية وأثرها الذي اتّضح بالخوف من فكر القائد تجاه نظام الاستبداد السائد والمنمّق للشعوب.

وعلى هذا الأساس تطالب الشعوب بتحقيق العدالة والمساواة تجاه قضية السجن الجسدي للقائد، الذي يشهد أبشع مؤامرة تاريخية فرضت وحكمت بها على شخص يقاوم من أجل حرية الشعوب.

وبهذه المناسبة نناشد كل الشعوب أن تكون شرارة الانطلاقة في الضغط على الأنظمة لتحقيق حرية القائد والوفاء له بما قدمه للإنسانية والشعوب، وهو الذي صرّح علناً: “لإيقاف الإرهاب أنا جاهز أن أعمل ما يقع على عاتقي لإيجاد حل سياسي للقضية، توجهت إلى إيطاليا. هذا موقف حزب العمال الكردستاني، وهي فرصة للخروج من مرحلة دموية. أتمنى من الإنسانية جمعاء وعلى رأسها مؤيدي الديمقراطية وحقوق الإنسان”. ((عبدالله أوجلان))

حان وقت الحرية..!