المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

قصة حقيقية لعاشِقَين ساهم القائد عبد الله أوجلان في إنقاذهما_ ضياء اسكندر

177

بعد قصة حب طويلة عاشها أحد الرفاق مع رفيقته في الحزب الشيوعي السوري أواسط عام 1987، تعرّضا خلالها لشتى صنوف العذاب من ذويهما؛ لانتمائهما لمذهبين مختلفين في الدين الإسلامي نفسه.

قرّر العاشقان الزواج بمعزل عن رضا أهلهما، بعد يأسهما من الحصول على الموافقة، ضاربيْن عرض الحائط بكل العادات والتقاليد التي ترفض هذا النوع من الزواج، ووضعا حدّاً لتلك الضغوط وفرضا الأمر الواقع على الجميع.

 وبحكم ظروفهما المادية الصعبة، فقد اضطرا للسكن بالإيجار وبأثاثٍ أقلّ ما يمكن القول عنه إنه في الحدود الدنيا للعيش، وشاءت الصدف أن تقع الشقة التي استأجراها إلى جوار شقة عائدة لمجموعة كوادر من حزب العمال الكردستاني في حي الرمل الشمالي باللاذقية .

وبعد مُضيّ عدة أشهر، نشأت علاقة تعارف بين الزوجين الجديدين وجيرانهما في الحزب المذكور، ما لبثت أن تحوّلت إلى صداقة.

في ذلك العام، شنّت السلطة الحاكمة في دمشق حملة اعتقالات واسعة، طالت المنتسبين إلى حزب العمل الشيوعي المحظور، الذي كان يُعرف بـ (رابطة العمل الشيوعي).

 كانت حملة لا تفرّق بين الفصائل التي ينتمي إليها الشيوعيون، فقد شملت أعضاء من الحزبين الشيوعيين المنضمين إلى الجبهة الوطنية التقدمية، بالإضافة إلى تنظيمات ماركسية أخرى مثل الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي وغيره.

شعر الزوجان أن حملة الاعتقالات قد تطالهما، علاوةً على استمرار الضغوط عليهما من قبل ذويهما وتعرّضهما للتهديد بالقتل، ففكّرا بالفرار والسفر خارج البلاد، وطرحوا الفكرة على جيرانهم في حزب العمال الكردستاني، وكان جوابهم؛ سنستشير بهذا الأمر القائد عبد الله أوجلان..

وبعد أيام، جاءهما الخبر السّار؛ بأن القائد أوجلان قد تعاطف معهما، وقال إثر سماعه لقصتهما:

«بلّغوهما تحياتي وتمنياتي لهما بحياة رغيدة، وقولوا لهما إن هذا الظلم الواقع على المرأة لن يستمر، وهذه التفرقة سواء بين الأديان أو بين المذاهب المختلفة في الدين الواحد، والتي يستثمرها المتربّصون الذين يستغلون الدين لمآربهم الدنيئة الخاصة، سوف تزول مع انتشار الوعي والفكر التحرري. (وختم بالقول) قدّموا لهما ما بوسعكم لتأمين سفرٍ لائق لهما إلى إحدى الدول الأوروبية».

وبالفعل، تم مساعدتهما ووصلا إلى إحدى الدول الأوروبية وكان في استقبالهما رفاق من حزب العمال الكردستاني أمّنوا لهما المسكن والعمل. وما زال الزوجان يعيشان هناك منذ عام 1988 وحتى تاريخه، وهما من أصدقائي الأعزاء.

 كما أنهما دائميْ الذكر في جلساتهما مع معارفهما، قصة سفرهما، بفضل حزب العمال الكردستاني وقائده ومؤسسه عبد الله أوجلان.

أردتُ من ذكر هذه القصة الحقيقية، بمناسبة عيد ميلاد القائد في 4 نيسان، القول: لقد سبق عصره هذا الرجل الفيلسوف الفذّ، وربط الفكر بالعمل والممارسة والسلوك، وكرّس حياته كلها في خدمة قضايا الإنسان، ودفع ضريبة قلَّ نظيرها في عالم السجون، الذي يرزح في أغلاله منذ أكثر من ربع قرن في ظروفٍ قاسية مزرية؛ جرّاء مؤامرة دولية حاكها ونفّذها النظام الفاشي في أنقرة.

ولن يهنأ لنا العيش ولن يعانقنا الفرح الحقيقي ما لم نحتفل بخروجه من عزلته وسجنه في إمرالي، لمتابعة اللقاء والنضال مع جماهيره ومن جميع المكوّنات التي عشقت فكره وسيرته، لنصلَ إلى تحقيق الحلم التاريخي في تآخي ــ ليس فقط شعوب المنطقة ــ بل شعوب العالم قاطبةً، في ظل نظامٍ دوليّ جديد يسوده السلم والأمان والتطور والازدهار.