المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

القائد عبد الله أوجلان

193

كثيرون هم هؤلاء العظام الذين تحتفل كتب التاريخ بأسمائهم ،فتنحني الهامات إجلالاً وتقديراً لأعمالهم ،فمنهم من نشر رسائل الحق والسلام والخير ،ومنهم من فتح أبواب العلوم والاختراعات ،ومنهم من غذّى النفوس والأرواح بعذب الكلام ،ومنهم من حلّ ألغاز الفلك والتاريخ والجغرافيا ،ومنهم من فكّ رموز الفيزياء والرياضيات ،ومنهم من حارب وقاتل إلى أن استعاد لشعبه حريته وكرامته ،أو سطّر أعظم ملاحم البطولات بدمه.
ولكن من هو ذاك القائد العظيم الذي طرق جميع الأبواب بفكره ،وفلسفته ،ووحيه ،وجعل الأفواه فاغرة ،داهشة أمام فكره الخالد الذي غذّى به العقول ،والنفوس ،وجعل من لا يبصر باصراً للرؤى المثلى من الوطنية والدينية والطبقية والفلسفية والديمقراطية ،إلى أن أصبح هدفاً لجميع القوى المعادية لحرية الشعوب وإنسانيتها ودمقرطتها ،تلك القوى التي التقت مصالحها ،وتلاقت في المشرق والمغرب لتستجمع ذكاءها القذر ،وألاعيبها الوقحة وتتفنّن في حياكة أشنع مؤامرة وألوثها ،لتوقع بهذا الأممي في شباكها ،وتسلّمه لأقذر دولة فاشية ،ولتقوم هي الأخرى باستكمال ما بدأ بها أسيادها ،وبسلب هذا الأممي حريته ،وفرض أشرس عزلة عليه ،وليُترجَم هذا الأممي في عقل كل وطني حر شريف ،وفي نفس كل محب للسلام والديمقراطية وأخوّة الشعوب إلى نبراس ،ورمز ،وقائد ما بعده قائد ؟!!
إنه القائد عبدالله أوجلان الذي ولد في الرابع من نيسان عام 1949 في قرية أمارة ،ناحية خلفتي _ أمارة ،تلقّى دراسته الابتدائية في مدرسته الواقعة في قرية جبين ،والإعدادية في نيزيب ،وحصل على الشهادة الثانوية من ثانوية ضياء غول آل ،دخل بداية إلى كلية الحقوق في جامعة استانبول ،ومن ثم سجل في كلية العلوم السياسية ،وبهذا حقق رغباته عندما بدأ يتعلم السياسة في كلية العلوم السياسية .
اُعتقل القائد آبو لمدة سبعة أشهر بسبب قيادته للإضراب الذي اندلع إثر استشهاد ماهر جايان في سجن ماماك ،وعند خروجه من السجن قام بإعداد نفسه لأجل تأسيس مجموعة مستقلة التي تمّ تشكيلها ،وبعدها تمّ اتخاذ قرار بالانفتاح على كردستان وقرار بتأسيس حزب العمال الكردستاني ،وبانقلاب 12 أيلول تمّ اتخاذ قرار الانفتاح إلى الشّرق الأوسط ،حيث خاض القائد _ وقتذاك _ عملاً كادرياً ،وقدّم تضحيات لم يقدمها أي فيلسوف ،أو نبي أو عسكري أو سياسي ،من حيث النوعية والكمية على مدى التاريخ ،ولعلّ أبرز نشاط له في الشرق الأوسط هو النشاط الأسطوري الذي يتعلّق بتحرير المرأة ،إذ جعله النشاط الأثمن والأكثر ضرورة وأولوية من أي عمل آخر ،وإلى جانب الكثير من الأنشطة التي قام بها في الشرق الأوسط ،فقد خصص نشاطه على الصعيد الدبلوماسي ،وذلك لإعلاء شأن الشعب الكردي ،وأيضاً عمل على تأسيس الأكاديميات الوطنية المختلفة كأكاديمية معصوم قورقماز ،وطرح مع نشاطه فكره وفلسفته في السلام وقام بمبادرات كثيرة لتحقيق ذلك ،وترجم تلك الفلسفة إلى أرض الواقع بالجهود الكثيفة التي قام بها لبناء الأمة الديمقراطية ،ولكن _ وللأسف _ فقد قوبلت تلك الجهود بأكبر مؤامرة دولية بشعة حدثت في التاريخ البشري ،والتي بدأت خيوطها الأولى في التاسع من شهر تشرين الأول عام 1998 ،وبمشاركة ثلّة من الدول المعادية لحرية الشعوب وسلامها ،وقد أُكمِلَت حياكة تلك المؤامرة في 15 شباط عام 1999 ،وذلك عندما تمّ تسليمه إلى تركيا التي أودعته في سجن إمرالي المغلق ،وحكمت عليه بالحجرة الانفرادية من نمط F .
فالقائد آبو هذه الشخصية التي انشغلت أبداً بالإنسانية ،وبكيفية ارتقائها ،وبحثت طويلاً عن الحقيقة ،فطوّرت الإيديولوجية والفلسفة ،وبحثت عن حلّ للقضايا الإنسانية على ضوء فلسفة الأمة الديمقراطية ،هذه الشخصية التي حملت على كاهلها أعباءً ترضخ لها الجبال ،فناضلت وقاومت وكافحت ،لتحقق الحرية للإنسانية جمعاء ،قد دفعت ثمن ذلك حريتها الذاتية.