الأم عويش..الأم التي كانت حياتها دائماً في حالة حرب
يقول القائد آبو: عندما كنتُ أنظر إلى نساء القرية وأمهاتها، كنتُ أراهن أنهن كنّ مغلوبات على أمرهنّ وبائسات، كنتُ أعتقد أن كل النساء مغلوبات على أمرهنّ وبائسات على هذا النحو، لكن شخصية والدتي سمحت لي باستكشاف قوة المرأة الإلهية وإبراز جوهرهنّ.

منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، اعتبرت البشرية أن الولادة ذات معنى ومقدسة، وحتى يومنا الحالي، تحظى الولادة في المجتمعات الطبيعية (المجتمعات خارج دائرة الدولة) بأهمية كبيرة، بالنسبة لنا، نحن الشعب الكردي، كان ميلاد القائد آبو بمثابة ميلاد وطني جديد، فبالنسبة لنا جميعاً، يُعتبر هذا الميلاد ذات معنى ومقدساً، حيث إن ميلاد الشعب الكردي هو ميلاد للشرق الأوسط، وحتماً سيكون لهذا الأمر تأثير على العالم أجمع، وكما هو معروف، فإن الكرد تعرفوا في الغالب على الأم عويش من خلال تقييمات وتحليلات القائد آبو، واعتبروها مثالاً لآثار آلهة ثقافة العصر الحجري الحديث، حيث يتطرق القائد آبو بالحديث عن فترة طفولته وعلاقته بأمه عويش في كتابه بعنوان “كيف نعيش” وفي العديد من كتبه وتحليلاته ومرافعاته.
وقد جعل القائد آبو من تحليلاته أساساً لتشكيل شخصية الباحثين عن الحقيقة خلات دورات تدريب الكوادر، حيث يحاول القائد آبو دائماً بناء الشخصيات الحرة ليصبحوا رائدين حقيقيين للمجتمع الكردي، ففي كتاب “كيف نعيش”، يذكر القائد آبو فيه شخصيته ووالدته ووالده وقريته، ويقوم بتحليل المجتمع الكردي حتى يكون قدوة ومنارة للمجتمع الإنساني، حيث يحلل القائد آبو شخصية الأم عويش بشكل مفصل، ويقول في هذا الخصوص: “كانت والدتي امرأة مقاتلة، كانت شخصية واثقة من نفسه وذو إرادة حازمة، وعلى أي حال لم يكن بمقدور أحد في القرية من إخضاعها ولم تكن ترضى بالهوان والظلم، فأنا تعلمتُ من والدتي حماية نفسي بقوتي والثقة بنفسي، وأصبحتُ شخصية تتحلى بالإرادة وشخصاً مبادراً وواثقاً من نفسه، وتعلمتُ من والدتي قيمة الجهد”.
كما يقول القائد آبو أيضاً: “لم تكن والدتي تتنازل أبداً أمام أي شخص، سواءً كان امرأة أو رجلاً، ومهما كانت الحقيقة، كانت تقولها بتحد في وجوههم جهراً”، ويتطرّق القائد آبو في حديثه إلى لعنات والدته، قائلاً: “كانت تقول لنا دوماً: أدعو الله أن يجعل الخبز أرنباً، ويجعلكم صعاليك، كي تركضوا خلف لقمة الخبز وتدركوا قيمتها”، ويؤكد القائد آبو أنه تعلّم من والدته عدم قبول الهوان والظلم والاضطهاد بحقه وحق شعبه، قائلاً: “أصبحت معلمتي الأولى”، وبكل الأحوال، الأشخاص الذين يعرفون أمنا عويش، يتحدثون عن شخصيتها ويقولون إنها كانت امرأة عزيزة النفس وذات قدر كبير من الذكاء والفطنة، ونعلم جميعاً كيف كانت نظرة أهالي منطقة رها تجاه المرأة، حيث كانوا يعتبرون النساء ضعيفات جداً وجاهلات، أما أمنا عويش، فقد عاشت وناضلت في بلاد مثل رها، ويقول القائد آبو أيضاً في إحدى تحليلاته: “عندما كنتُ أنظر إلى نساء القرية وأمهاتها، كنتُ أراهن أنهن كنّ مغلوبات على أمرهنّ وبائسات، كنتُ أعتقد أن كل النساء مغلوبات على أمرهنّ وبائسات على هذا النحو، لكن شخصية والدتي سمحت لي باستكشاف قوة المرأة الإلهية وإبراز جوهرهنّ”.
وأدرك القائد آبو أن المرأة ليست جاهلة بطبيعتها، فبدأ بخوض نضال عظيم كهذا، وعندما تقول أمنا عويش للقائد آبو: “أحضر لي بضعة أمتار من القماش”، يجيب القائد آبو قائلاً: “لن أُحضِر لكِ قطعة قماش، لكنني سأهديكِ أنتِ وكلَّ بنات جنسكِ الحريّة”، وها هو القائد آبو قد أوفى بوعده، وأهدى أمه وجميع الأمهات الحزب والجيش والحرية، والآن أيضاً، لا يزال يهدي السلام والمجتمع الديمقراطي للمرأة والشعب والإنسانية، ونحن مدينون للأم عويش لأنها أنجبت قائداً مثل القائد آبو إلى الدنيا، والذي حقق آمال الشعب الكردي والنساء، فنحن ممتنون تجاه جهود الأم عويش بكل احترام وتقدير، والأم عويش هي أمنا نحن الكرد، ومنبع انبعاث الثورة، ونستذكر مرة أخرى أمنا الآلهة عويش بكل احترام وامتنان وننحني تكريماً لعظمة هيبتها وجهدها الحثيث، ونحن نقول إننا مدينون لكِ لأنكِ أنجبتِ قائداً مثل القائد آبو إلى الدنيا.
وإننا كنساء مناضلات، نعد بتبني جهود أمنا عويش، وجهود النساء المناضلات في شخص الأم عويش، وتتويج آمالهن بالنجاح، فنحن كنساء وكأمة، تعلمنا من القائد آبو أن نكن الاحترام تجاه الأمهات وجهودهنّ، وندرك قيمة جهودهنّ ونتمسك بثقافتهن الأصيلة، فأنا لا أعتقد أن أحداً يحب أمه بقدر ما يحب القائد آبو، فالقائد آبو يُعبّر عن حُبّه من خلال إبداء الاحترام وبذل الجهود؛ إذ كان منشغلاً دوماً بالاهتمام بالناس والعمل على تدريبهم، وبالأساس، كان يقول لكل المناضلين والمناضلات: “إنني انتقدكم، لأنني أحبكم، فأنا أحاول إيصال جبهاتكم إلى النجوم”، وقد كانت محبة القائد آبو دائماً خوض النضال وبذل الجهد وإبداء الاحترام والانخراط في النشاط، حيث كان القائد آبو يقول للرفاق والرفيقات دائماً أن من يخوض الحرب يصبح جميلاً، ومن يصبح جميلاً يصبح محبوباً.
في الواقع، اتخذت رفيقتنا القيادية والبطلة بيريتان هيفي أيضاً هذه الجملة من القائد آبو كأساس لنفسها، وكانت تقول: “إننا نصبح جميلين لأننا نخوض الحرب، وسيمنحنا هذا الجمال فرصة أن نكون محبوبين، فما تعلّمته من القائد آبو هو أن الحب لا يُكتسَب برخص”