المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

كلمة المبادرة في مؤتمر الصحة

223

أيّتها الرفيقات، أيّها الرفاق

الحضور الكرام

باسم المبادرة السوريّة لحريّة القائد أوجلان، نرحب بالحضور الكريم ، و بجميع المشاركين في هذا المؤتمر الذي عقدته هيئة الصحة في شمال و شرق سوريا ، تحت شعار ( العزلة هي أكبر تهديد لصحة الإنسان ، و انتهاك لأبسط حقّ في الحياة ) ، كما نوجّه الشكر و الامتنان لهيئة الصحة في شمال و شرق سوريا ، على إتاحتها لنا فرصة المشاركة في هذا المؤتمر  ، راجين له النجاح و تحقيق الهدف المنشود .

أيّتها الرفيقات ، أيّها الرفاق

الحضور الكرام

إنّها لَمناسبةٌ جليلة بأن يتيح لنا هذا المؤتمرُ هذه الفرصةَ ، لنسلّط الضوءَ على أحداث هامة في إطار الحملة العالميّة التي انطلقت في العاشر من تشرين الأول المنصرم ، تزامناً مع الذكرى السنويّة للمؤامرة الدوليّة ، تحت شعار ( الحريّة ل عبدالله أوجلان ، و الحلّ السياسي للقضيّة الكرديّة )  ، و التي كانت ردّا صريحاّ و واضحاّ ضدّ الانتهاكات و الممارسات اللاإنسانيّة المرتكبة بحقّ القائد أوجلان ، و إثباتاً دامغاّ على مرور الحلّ السياسي للقضيّة الكرديّة ، من خلال تحقيق الحريّة الجسديّة للقائد أوجلان .

و بلا ريب ، فقد تساءل الكثيرون عن الأسباب التي جعلت هذه الحملة ، لتكون عالميّة ، و لتنطلق في أربع و سبعين مدينة ، و ليشارك فيها هذا العددُ الجمُّ من عشّاق الحريّة من الوطنيين و الأحرار ،  المثقفين ،  العلماء ، الأدباء ، السياسيين ، الفلاسفة ، الحقوقيين ، الحائزين على جائزة نوبل ، و من القارات الست ، لتزداد رقعةً و إصراراً على تحقيق الهدف الذي انطلقت من أجله ، لتشمل جهات المعمورة الأربع .

فأسبابها عديدة ، وهي متداخلة ، و مكمّلة بعضها البعض ، لتشكّل كلّاً متكاملاً  و تأتي القضيّة الكرديّة في مقدّمة تلك الأسباب ، فالقضيّة الكرديّة عندما قُسّمت و جُزئت بين تركيا ، إيران ، العراق ، سوريا ، فالقوى العالميّة  (فرنسا و بريطانيا ) هي من قامت بهذا التقسيم و التجزئة من خلال معاهدة لوزان  .

و القائد أوجلان بفكره و فلسفته ، قدّم مفتاح الحلّ السياسي للقضيّة الكرديّة ، و لكلّ  القضايا المستعصيّة ، و بنى من خلال أطروحة الأمة الديمقراطيّة ، الأرضيّةَ المُثلى لتحقيق الديمقراطيّة و الحريّة و السلام و أخوّة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط كنقطة بداية ، لتشمل فيما بعد جميع الأصقاع و الأرجاء .

و لا يُخفى على أحد بأنّ السبب الثاني من هذه الحملة يكمن في دفع الظلم الذي وقع على المفكّر و القائد آبو من كلّ حدب و صوب ، و ذلك عبر الانتهاكات و الممارسات التي تُرتكب بحقّه ، و التي هي انتهاكات واضحة وضوح الشمس لكلّ القوانين و النواميس و الشرائع السماويّة ، و الأرضيّة ، العالميّة و الدوليّة و الأوروبيّة لحقوق الإنسان .

و بلا شك ، فالسبب الثالث لها يكمن في فكر ورؤى و أطروحات القائد أوجلان ، هذا الفكر النيّر الذي طرح الحل الأمثل والأعمق و الأشمل ، لكلّ القضايا و المشاكل المستعصية ، كقضيّة الشعوب المضطهدة ، الأديان ، المرأة ، الأيكولوجيا ، الديمقراطيّة ، فحلوله حلول منطقيّة و موضوعيّة ، جذريّة , عالميّة ، قائمة على البحث العلمي و العمق التاريخي و الجغرافي ، و الإثبات بالحجّة و المنطق ، لهذا فكلّ من أراد تحقيق الحلّ الأفضل لتلك القضايا ، فلا بدّ له أن ينتهل من ذاك الفكر ، و أن يتعمق من تلك الرؤى .

ولكن ، و بكل أسف ، فعلى الرغم من نضال القائد أوجلان و جهوده الجبارة ، خدمةً للإنسانيّة جمعاء ، إلّا أنّ ما جاهد في سبيله و بلا هوادة ، قد قوبل بمؤامرة دوليّة دنيئة ، ليكون مآله سجن إمرالي منذ أكثر من خمس وعشرين سنة .

الحضور الكرام :

لم سجن إمرالي ؟ و ماذا يعني سجن إمرالي ؟

سجن إمرالي يعني إبادة الإنسان ، تدميره ، تحطيمه نفسيّاً و جسديّاً و معنويّاً ، فهو بموقعه الجغرافيّ قد زاد في الطين بلّةً ، حيث المناخ القاسي ، و الرطوبة العالية ، و افتقاد العيش فيه لرمق الحياة ، فهذه الظروف مجتمعة تلعب دوراً رئيساً في إنهاء حياة الإنسان قبل الأوان ، و حينما أودعت السلطاتُ التركيّةُ القائدَ أوجلان هذا السجنَ ، لم يكن من الفراغ ، أو من الهباء المنثور  ، لأنّها أرادت من ذلك تحقيق مآرب كثيرة ،و لعلّ أهمها هي عزل القائد تماماً عن شعبه ، و عن جميع الشعوب التي آمنت بفكره ، من خلال تطبيق سياسة التجريد و العزلة المطلقة عليه ، في ظلّ الظروف المناخيّة القاسيّة لإمرالي و التي تفتقد لمقوّمات الحياة ، و في سجن انفرادي من فئة  (F)  ، حيث عاش القائد نظام عزلة داخل عزلة ، لأنّه كان السجين الوحيد داخل ذاك المُعتقل الكبير خلال  ( ١٩٩٩ – ٢٠٠٩ ) .

و في أعقاب ( ٢٠١٥ – ٢٠١٩ ) ، استكملت الدولة التركيّة ألاعيبها القذرة و ممارساتها اللاإنسانيّة بحقّ القائد أوجلان ، بفرض عزلة أكثر تشدّداً من سابقتها عليه ، حيث لم تسمح له اللقاء بموكّليه و ذويه إلّا لمرات تُعدّ على الأصابع  ، و التي لم تتجاوز أربعة أو خمسة لقاءات ، منتهكة بذلك ، و كعادتها ، نصوص القوانين والشرائع الدوليّة و الأوروبيّة و حتى قوانينها الداخليّة ، و التي تعطيه حقّ اللقاء بالعائلة والمحامين ، و لأكثر من مرة خلال الأسبوع الواحد .

فالدولة التركيّة بانتهاكاتها العلنيّة و السريّة، لم تحرمه من حق اللقاء بالأهل أو المحامين فحسب ، فهي قد حرمته من أهم ذلك عندما حرّمته من حق الرعاية الصحيّة ، فوفقاً للقوانين و النواميس الدوليّة و الأوروبيّة لحقوق الإنسان وُجب على الدولة التركيّة توفير طواقم طبيّة و من مختلف الاختصاصات ، تعمل على الإشراف الطبي الكامل ، مع معاينات شهريّة و فخوصات دوريّة ، و تقديم العلاج المناسب وفق الحالة الصحيّة المطلوبة ، بيدَ أنّ الدولة التركيّة انتهكت هذا الحق أيضاّ.  انتهاكها لحقوق كثيرة ، ضاربةً بعرض الحائط كلّ القوانين و التشريعات .

و لكن ، هل اكتفت الدولة التركيّة بهذا القدر من الانتهاكات في قضيّة القائد أوجلان ؟

بالطبع ، الجواب سيكون بالنفي ، لأنّها دولة فاشيّة تحترف اختراع القوانين و تركيب الأنظمة كما تشاء ، دون أن تكترث بالرأي العام  العالمي ، فانتهاكاتها و ممارساتها اللاإنسانيّة هي أمام مرأى العالم الذي يلتزم صمتاً مريعاً ، فقد واصلت السير في تطبيق سياستها الفاشيّة ، إذ منعت القائد ، و منذ عام ( ٢٠٢٠ ) ، اللقاء بمحاميه منعاً باتاً ، كما كان آخر اتصال هاتفي جمع بينه وبين شقيقه  في ( ٢٥ آذار ٢٠٢١ ) ، و الذي لم بتجاوز خمس دقائق ، لترسم بعد ذلك مخطط نظام جديد لعزلة يمكن أن نعنونها تحت مسمّى ( عزلة داخل عزلة) ، فهي بذلك لم تضاعف عزلته  و تجريده عن العالم الخارجي فحسب ، بل جعلت أوضاعه و أخباره طي كتمان رهيب ، مع فرض عقوبات انضباطيّة مُختلقة متتالية ، و بحجج واهية ، مدّتها أحياناً ثلاثة أشهر ، و أحياناً أخرى ستة أشهر ، هدفاً منها كسر إرادة القائد التي لا تُكسر ، و أملاً منها حرمانه من حق الحريّة الذي تنصّ عليه كافة القوانين و النواميس العالميّة و الأوروبيّة لحقوق الإنسان .

فالدولة التركيّة و بسياساتها التعسفيّة هذه ، لم تترك في ارتكاب الانتهاكات و الانتقامات في قضيّة القائد أوجلان سبيلاً ، بدءاً من إيداعه في سجن انفرادي في إمرالي إثر المؤامرة الدوليّة ، و إقامة محكمة صوريّة له ، و مروراً بالإهمال الصحي ، فضلاً عن محاولة إنهاء حياته بعمليّة ممنهجة ، و ذلك بتسميمه عبر جرعات من السم مضافة إلى طعامه و شرابه ، وفق ما قدّمه مخبر فرنسي من التحاليل و الإثباتات في هذه العمليّة .

فحياة القائد في خطر واضح للعيان، لأنّه قد بلغ الستة والسبعين عاماّ من العمر، و قضى أكثر من ربع قرن في سجن انفرادي ، في ظلّ ظروف إمرالي العصيبة ، وسط إهمال صحيّ كامل ، و تحت وطأة انتهاكات عنيفة ، و هذه الأسباب كفيلة في زرع بواعث القلق والريبة في نفوس الشعب الكردستاني ، و جميع الشعوب و الأمم التي آمنت بفكره و فلسفته ، و لا سيما أن أخباره و أحواله و أوضاعه قد طويت بين صفحات الكتمان الشديد ، منذ أكثر من ثلاث سنوات .

أيّتها الرفيقات، أيّها الرفاق:

أيّها الحضور الأعزاء:

و ردّاً على الاستفهام التالي ، والذي تبلّور في أذهان الكثيرين :

هل وقف الشعب الكردستاني ، و جميع الشعوب ، و الوطنيين و الأحرار ممن آمنوا بفكر القائد أوجلان و فلسفته مكتوفي الأيدي أمام هول تلك الانتهاكات التي ترتكبها الدولة التركيّة بحق القائد آبو ، في ظلّ صمت دولي مريع ؟

فالجواب الشافي لهذا السؤال يكمن في الحملة العالميّة التي انطلقت منذ العاشر من تشرين الأول المنصرم ، وهي تطالب بتحقيق حريّة القائد اوجلان ، والحل السياسي للقضية الكرديّة ، من خلال الفعاليّات و الأنشطة التي قامت بها ، بدءاً من قراءة كتب و مجلدات القائد ، و إقامة المؤتمرات و الندوات والحوارات ، و مروراً بالمسيرات الضخمة ،  و بمشاركة البرلمانيين و الحقوقيين و السياسيين ، و العلماء و المثقفين والأدباء و الشعراء ، و في الآونة الأخيرة ،  بانضمام (٦٩ ) عضواّ من حائزي جائزة نوبل ، و الذين قاموا بتفعيل دورهم في قضية القائد آبو ، في إطار الحملة العالميّة ، و باشروا  بمراسلة منظمات وهيئات عالميّة ، و مسؤولين أتراك من مستوى رفيع ، لمباحثتهم في هذا الشأن .

فالحملة العالميّة هذه قد حققت، دون ريب، إنجازاً دوليّاً لا يُستهان به ، و أثّرت بشكل ملحوظ على قرارات الهيئات و المنظّمات العالميّة و الأوروبيّة ، و تصريحات لجنة مناهضة التعذيب  ( CPT ) ، و مجلس الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان .

و هذه الإنجازات لَهيَ نقطة بداية هامة لانطلاقة كبرى نحو إنهاء العزلة عن القائد أوجلان و تحقيق حريته الجسديّة .

فعلينا جميعاّ مضاعفة جهودنا ، و تفعيل دورنا ، و المسؤوليّة لا تقع على فرد بعينه ، بل تقع على عاتق الجميع .

و من خلال هذا المؤتمر ، نطالب الأطباء ، و هيئات و مجالس الصحة في شمال و شرق سوريا  ، بتفعيل دورهم و مضاعفة نشاطاتهم ومتابعة وضع القائد الصحي من خلال تشكيل  لجنة  تتواصل مع المنظمات الصحية الإقليمية والعالمية وإرسال التوصيات و المطالب والاقتراحات للمؤسسات العالمية لحقوق الانسان , لإثارة الراي العام بخصوص وضع المفكر والفيلسوف والقائد آبو, لما له من تأثير على الشعوب والأحرار , ولما للقضية من جوانب صحيّة و إنسانبّة و أخلاقية ، و لا بدّ لهذه اللجنة من العمل الجاد ، و المثابرة  لعقد مؤتمرات و كونفرانسات صحيّة و طبيّة على مستوى الشرق الأوسط ، وعلى المستوى العالمي عملاً بالشعار الذي رفعته هيئة الصحة العالميّة ٢٠٢٤ ( الصحة حقي , أينما كنت ) .

نحن على قناعة تامة ، بأنّ الجانب الصحي للقائد أوجلان لم يحظ  بالاهتمام اللازم ، لهذا  فعقد هذا المؤتمر هوخطوة هامة  في سياق الحملة العالمية ، والذي يُعتبر  من  المجالات الهامة التي تعمل على إانهاء العزلة وبداية لحرية القائد الجسدية .

نتمنى أن تتكلل أعمال المؤتمر بالنجاح المثمر .

جزيل الشكر للحضور و المشاركين .