المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

حقوقي بفرنسا: أوجلان مدافع عن الحرية تعرض لخيانة دولية 

68

إصرار غريب من النظام التركي على عزلة المفكر عبد الله أوجلان، الأمر الذي أصبح مثار تنديد دائم من قبل الحقوقيين والمتابعين لقضيته في شتى بقاع العالم.

عن وضع المفكر عبد الله أوجلان وعزلته في سجن إمرالي بتركيا حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF)، الحقوقي التونسي المقيم بفرنسا عبد العزيز شرف الدين عقوبي عضو الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بمدينة ليون ورئيس مؤسسة البيت الدولي لحقوق الإنسان في فرنسا، وقد أدان بشدة استمرار سجن أوجلان، معتبراً أنه رهينة سياسية ومختطف لدى النظام التركي.

واعتبر عقوبي أن الانتهاكات التي ترتكب في قضية أوجلان كانت كاشفة عن زيف النظام الإخواني القومي الحاكم في تركيا واستعمالهم لمصطلح الديمقراطية للضحك على الشعوب، داعياً إلى ضرورة أن يكون هناك تحركات لرفع دعاوى ضد السلطات التركية التي تغيب عنها الحقوق والحريات ولديها عقدة مع القوميات الأخرى.

وإلى نص الحوار:

*كيف ترى وضع القائد عبد الله أوجلان وإصرار النظام التركي على عزلته بهذا الشكل؟

– وضع عبدالله أوجلان أزمة قديمة جديدة، ونحن حين نتحدث عنه فإننا نتحدث عن رجل ثوري يدافع عن الحرية، وكما نعلم فإن لديه مكانة كبيرة لدى اليسار خاصة في أوروبا، أما عن مسألة عزلته فإننا نعلم أن تركيا تخضع لسلطة لديها أزمة كبيرة في ملف حقوق الإنسان، وهي سلطة تقوم على فكرة القومية التركية التي لديها عقدها مع غيرها من القوميات، كما أنها سلطة ذات طابع أيديولوجي ديني ينبع من أفكار جماعة الإخوان، وكما نعرف فالإخوان لديهم إشكاليات تاريخية وعداء كبير مع اليسار، وبالتالي نحن أمام دولة تغيب عنها الحقوق والحريات وحقوق الإنسان.

*هل تقصد أن وضع عبد الله أوجلان الحالي تم تسييسه؟

– بالفعل، أوجلان ليس متهماً جنائياً وإنما هو سجين سياسي، وأنا أتابع فضيته منذ زمن، وأرى أن ما حدث معه وتسليمه بالطريقة التي سلم بها إلى تركيا كانت مسألة خيانة دولية واضحة من أوروبا التي لم تحترم حقوقه كإنسان وقامت بتسليمه إلى أنقرة في إطار لعبة المصالح التي تجمع الأتراك بالدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، فلا ننسى أن تركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فما كان يجب تسليمه لدولة من المعروف أنها لا تطبق الحريات ولا تحترم حقوق الإنسان بدليل أن عضويتها في الاتحاد الأوروبي مرفوضة حتى الآن، ولكن كما أقول فهي لعبة المصالح وهي التي كانت وراء تسليمه خاصة أن تركيا لديها كثيراً من الأوراق التي تمسك بها.

*هل ترى أن استمرار سجن أوجلان وفرض العزلة عليه كان كاشفاً عن نفاق وزيف أحاديث الإخوان عن الديمقراطية خاصة عندما يصلون إلى الحكم؟

– بالفعل، هذا هو، وضع عبدالله أوجلان وعدم الإفراج عنه أحد الأدلة الواقعية على زيف مزاعم جماعة الإخوان بأنها تنظيم ديمقراطي، فحكم الإخوان في تركيا ليس حكماً عادلاً ولا ديمقراطياً وإنما يحكمون بديمقراطية مزيفة، وهذه هي طبيعة الإخوان يستعملون الديمقراطية من أجل الوصول للسلطة ويتلاعبون بفكر الناس وتطلعاتهم الدينية لتعزيز وجودهم، كما أنه في المقابل نجد أن اليسار الذي كان قادراً على مقارعة الجماعة قد ضعف في تركيا وكذلك الحركة العلمانية في فترات على نحو مكن الإخوان من السيطرة على القضاء والجيش وهذا هو نهجهم متى وصلوا إلى الحكم يسعون للتوغل في كل مفاصل ومؤسسات الدولة. وأنا أعرفهم جيداً فقد تعاملت معهم عن قرب لنحو 23 سنة تقريباً ودافعت عنهم في بعض الأوقات، لكنهم لا يعرفون إلا من هم منهم فقط وكل من هم خارج الجماعة مرفوضين خصوصاً اليسار وكما قلت فمن المعروف عنهم عدائهم التاريخي لليسار.

*أشعر من تحليلك أن التعنت مع المفكر عبد الله أوجلان هو أمر تتداخل فيه الأبعاد السياسية بالقومية بالأيديولوجية، أليس كذلك؟

– أتفق معك، فهي قضية ذات بعد قومي كون أوجلان يدافع عن حقوق قوميته الكردية، وهي ذات بعد أيديولوجي يتعلق بموقف النظام الإخواني في تركيا من اليسار، كما أنها ذات بعد سياسي حقوقي لأن استمرار سجنه هكذا رغم انقضاء مدة حكمه يدل على غياب الديمقراطية والحقوق والحريات عن تركيا. كما أن النظام التركي الإخواني القومي في رأيي يخشى إطلاق سراح أوجلان حتى لا يكون ذلك بمثابة إعطاء دفعة جديدة وروح جديدة من شأنها إنعاش اليسار مرة أخرى ليس في تركيا فقط بل في مناطق أخرى خارجها، ومن هذا المنطلق يتضح لنا صعوبة الإفراج عن أوجلان، أخذاً في الاعتبار أن بعض القوى الغربية لها مصالح في إطفاء الضوء عما يحدث بحقه.

*لماذا موقف الدول الأوروبية هكذا، وكأن الدول الأوروبية وجهت الصفعة مرتين لأوجلان مرة كما قلت بخيانته وتسليمه ومرة كما تقول بعدم تسليط الضوء على قضيته؟

– أولاً وبصفة عامة الدول الأوروبية والولايات المتحدة لديهم مصالح كبيرة مع تركيا، والأخيرة لديها كثير من الأوراق التي تلعب بها خاصة أنه يتم النظر إليها باعتبارها بوابة رئيسية للشرق الأوسط، وبالتالي لا تريد خسارة تركيا ولهذا نجد القارة العجوز ليس لديها مواقف واضحة أو حاسمة فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في تركيا بما في ذلك قضية عبد الله أوجلان. إلى جانب ذلك فإن تركيا هي الأخرى لديها عداء كبير مع رموز اليسار والفكري اليساري، وبالتالي فالأنظمة الأوروبية والإدارات الأمريكية تلتقي مصالحها هنا في زاوية جديدة مع تنظيم الإخوان الذي لديه تقارب كبير مع الأنظمة اليمينية التي تحكم في أوروبا، وهذا يعطي بعداً آخر لاستمرار تركيا في عدوانها على الحقوق والحريات بما في ذلك أوجلان.

*كيف ترى حجم المخالفة الحقوقية في الوضع المفروض الحالي على أوجلان، وكيف في وجهة نظرك الحقوقية يمكن التحرك لمواجهته؟

– أنا هنا أتحدث بصفتي حقوقي بصرف النظر عن أي أفكار لدى عبدالله أوجلان، هو في وجهة نظري سجين سياسي، واستمرار سجنه كل هذه الفترة وكذلك انقضاء مدة حكمه بالمؤبد والإصرار على عزلته ومنعه من التواصل مع ذويه ومحاميه بشكل طبيعي أمر لا يخالف القوانين الدولية ذات الصلة فقط، بل يخالف حتى القوانين الداخلية في تركيا، وبما أن قضيته سياسية وتم التعامل معها بشكل سياسي بهذه الدرجة بعيداً عن الدستور والقانون فإنه يجب أن يتم تشكيل فريق قوي من المحامين والحقوقيين لرفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية والتحرك أمام الأمم المتحدة ضد السلطات التركية. إن أوجلان قضيته سياسية وهو رهينة سياسية ومختطف من قبل النظام التركي وهذا أيضاً سلوك يخالف التزامات أنقرة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما يمكن أن يتم رفع دعوى قضائية أمام المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان ضد السلطات التركية في قضية أوجلان لا سيما مسألة استمرار سجنه وحالة العزلة المفروضة عليه.

*أخيراً، كيف ترى شخصية أوجلان وما الذي يستوقفك في مسيرته؟

– عبد الله أوجلان هو رجل ثوري يطالب بحرية شعبه وقوميته في تركيا وهذا حقه ومن حق أي رجل سياسي أن يقوم بما يقوم به أوجلان، وأرى أنه قد تعرض لخيانة من الدول التي ساهمت في تسليمه إلى النظام التركي في إطار صفقة ما، وهو سجين سياسي ولكن مع قدوم الإخوان إلى الحكم في تركيا أصبح لسجنه أبعاداً عقائدية وفكرية.