المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

من مقتطفات القائد عبدالله أوجلان

99

لقد نمَّ شتاتُ اليهود (انتشارهم على وجه الأرض)بعد هدم الإمبراطورية الرومانية للمعبد الكبير في القدس للمرة الثانية عام ٧٠م عن قضايا ونتائج كبرى ،سواءُ في الشرق الأوسط أم في أوربا ،بل وحتى في كافة أرجاء المعمورة مع التوجه صوب حاضرنا. بيد أنه تمت معايشة قضايا ونتائج شبيهة في السابق أيضاً. فهجرة سيدنا إبراهيم من أورفا إلى جوار القدس لا ينفكُ تأثيرها مستمراً حتى يومنا من جهة المشاكل والنتائج التي أسفرت عنها،ولكن بشكل أضخم عالمياً. ومغامرةُ أحفاده في مصر، وحادثة يوسف ، وهجرةُ موسى أيضاً أحداثُ تركت بصماتها على الصعيد العالمي. كما أن إعداد الكتاب المقدس وتأسيس المملكة العربية الأولى قبل ذلك،السبي البابلي، والعلاقات المبتدئة في ذاك العهد مع البرسيين والإغرايق ؛قد أدت كلها إلى نتائج مهمةٍ تميزت بمكانةٍ بارزٍة في تاريخ المدنية من حيث تداعياتها وصداها. بل إن إعداد الكتاب المقدس بذاته حدث عظيم. إنه نوع من رسمية الأديان الإبراهيمية. وامتلاك الكتاب حدث عظيمُ جداً وله أثره التاريخي. لكن الشتات الحاصل بعد عام ٧٠م ولد نتائج جذرية أكثر تأثيراً بكثير. لن أدون التاريخ هنا. بل سأكتفي بالتقييمات المقتضبة. فالرأي المجمع عليه عموماً هو انقسام التجمع الناجم عن الشتات والهجرة إلى فرعين، أحدهما في الشرق والآخر في الغرب (السفارديم٥٦ والأشكنازيم٥٧). واختلفت تأثيراتهما بالتأسيس على ذلك. فمن المعلوم أن يهود المشرق انتشروا أساساً فيما يسمى اليوم بسوريا والعراق وإيران وشواطىء بحر قزوين وروسيا ،ويحتمل أنهم انتشروا فيما بعد حتى آسيا الداخلية. معلوم أيضاً أن أولئك اليهود عاشوا كمستوطناتٍ مهمةٍ في الأماكن التي هاجروا إليها. أما هجراتهم نحو الغرب، أي مستوطناتهم التي أقاموها في الساحات الخاضعة لحكم الإمبراطورية الرومانية بشكلٍ عام ،فقد حققت تنامياً مستمراً . إذ تصادف الهجرات والمستوطنات بدءاً من شمال أفريقيا إلى أوروبا الشرقية ،ومن شبه جزيرة إيبيريا وصولاً إلى البلقان. أما بلاد الأناضول ،فهي بمثابة المركز الذي يجري فيه الانقسام إلى المشرق والمغرب. وتأثيراتهم تتميز بأهميتها على صعيد بعدها الديني إلى حين انهيار روما. هذا ولا جدال في أنهم ذوو تأثيرٍ رياديّ ،سواء كحركةٍ موسوية أم كمسيحيةٍ مولودةٍ من الموسوية .فقد أسسوا ماهو أشبهُ بالإمبراطورية المعنوية في عهدهم.