المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

قره يلان: ستبقى الرفيقة كلستان دائماً الرائدة الخالدة في نضالنا

17

أكد قائد قوات الدفاع الشعبي (HPG) مراد قره يلان أن العديد من الأشخاص الذين كانت حياتهم أشبه بالملحمات قد نشأوا في حركة التحرر، وقال إن كلستان تارا كانت واحدة من أولئك اللواتي عشنّ حياة أشبه بالزاهدات في سبيل خدمة شعبها، وقدمت كل ما تملك.

استذكر قائد قوات الدفاع الشعبي (HPG) مراد قره يلان كلستان تارا، الصحفية وعضوة حركة التحرر الكردستانية التي استشهدت جراء هجوم الدولة التركية، موضحاً أنها عملت في الأجزاء الأربعة من كردستان على مدى 25 عاماً، ووثقت الهجمات اللاإنسانية للمحتلين، ودافعت عن حقوق الشعب الكردي.

https://cdn.iframe.ly/JkUgjiEl


وتحدث قائد قوات الدفاع الشعبي (HPG) مراد قره يلان، في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد كلستان تارا، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، وجاء تقييم قائد قوات الدفاع الشعبي (HPG) مراد قره يلان ما يلي:  

“كانت الرفيقة كلستان تارا شخصية معروفة لدى الرأي العام، لأنها عملت في مجال الصحافة، وبحكم دورها وإسهاماتها في العمل الصحفي، فقد لقي خبر استشهادها تفاعلاً واسعاً واهتماماً كبيراً من قبل الوسط الإعلامي والرأي العام عند تعرضها للهجوم الغادر، ولقد تعرضت الرفيقة كلستان تارا برفقة رفيقتها هيرو بهاء الدين لهجوم من قبل الدولة التركية في محيط مدينة السليمانية، وكان هذا الهجوم جباناً وإرهابياً بكل المقاييس، فقد كانتا تعملان في الصحافة، وغير مسلحتين، ولم يكن بحوزتهما سوى القلم والكاميرا. ولكن مع ذلك، استهدفهما العدو، وبرر المهاجمون فعلتهم بالقول إنهما تنتميان إلى حزب العمال الكردستاني، لكن، سواء كانتا منتميتين للحزب أو غيره، فإن استهداف الأشخاص المدنيين الذين يعملون في المجال الإعلامي، أو الذين يخوضون نضالاً فكرياً، يعد عملاً إرهابياً وجباناً. ففي ذلك المكان، استُهدفت هاتان الرفيقتان العزيزتان، اللتان كانتا تمثلان المرأة الكردية الحرة، والعضوتين في الصحافة، من قِبل الدولة التركية، ونالتا شرف الشهادة، ولا شك أننا ندين هذا الهجوم بأشد العبارات.

وكانت الرفيقة كلستان كانت بلا شك عضوة في حركة التحرر، وهي إنسانة كرست خمسةً وعشرين عاماً من عمرها للنضال، وخاضت العمل والنشاط في الأجزاء الأربعة من كردستان، وخلال هذه الأعمال كتبت عن هجمات المحتلين ولاإنسانية المحتلين، وكشفت للجميع حجم المظالم الواقعة على الشعب الكردي، فهي كانت دائماً تسعى خلف الحقيقة، بل نذرت وكرّست نفسها للحقيقة، فقد كانت الرفيقة كلستان رفيقة من هذا النوع. ولقد عرفناها عن قرب. فعندما كنتُ في رئاسة المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني  (KCK)، التحقت بالعمل والنشاط لدينا في إطار العمل الإعلامي. وعملنا معاً على مدى ثمانية أعوام، واليوم يُظهر العدو صورها التي التُقطت آنذاك محاولاً القول: ’لاحظوا، ها هي، إنها من الأشخاص الذين كان يجب استهدافهم‘، نعم، تلك الصور حقيقية، لكنها كانت تقوم بعملها الصحفي؛ كانت من الكوادر الإعلامية، وكانت في الوقت نفسه من كوادر حرية كردستان. كما أن استهداف الأشخاص المدنيين في أي مكان من العالم يتعارض مع القوانين الدولية للحروب. غير أن الدولة التركية تنتهك القوانين الدولية للحروب وتضرب بها عرض الحائط، وتطلق مثل هذه الادعاءات لتغطية جرائمها. لم يقل أحد قط إن الرفيقة كلستان كانت شخصاً عادياً. فهي بلا شك كانت مناضلة في صفوف حركة التحرر، إلا أن مجال عملها كان محصوراً في الإعلام.

وكانت الرفيقة كلستان رفيقة مثابرة ونشطة في العمل الصحفي، فقد كانت متمكنة في إتقان كلتا اللغتين، الكردية والتركية، كما كانت ملمة ومتمكنة بجميع الأدوات المستخدمة في العمل الإعلامي مثل الحاسوب والكاميرا، وقادرة على توظيفها بكفاءة. ولم تقتصر مهاراتها على جانب واحد، بل كانت مذيعة ومقدمة للبرامج، ومعدة للأخبار، وكاتبة للعديد من المواد الصحفية، حيث كانت تتولى صياغتها وإعدادها النهائي. ولقد وصلت إلى مستوى عالٍ من الاحترافية والتخصص وتبلورت لديها معرفة وخبرة بكفاءة عالية، إذ كانت تعرف متى وأين وكيف تُبرز موضوعاً معيناً، وأي القضايا يجب التركيز عليها، وكيف تجعل العمل الإعلامي أكثر جذباً لاهتمام الناس؛ وفي كل تلك المواضيع، كانت أدى الرفيقة كلستان خبرة واسعة.

ومن ناحية كانت لها جهود كبيرة للغاية، أي أنه هناك العديد من الرفاق الذين بذلوا جهوداً عظيمة في ثورتنا، وكانت الرفيقة كلستان واحدة من أولئك الذين تركوا بصمة بارزة بعطائهم وتضحياتهم، حيث كانت الرفيقة كلستان تعمل على الحاسوب ليلاً ونهاراً دون كلل، وكانت دائماً مستعدة لأي مهمة أو عمل، فقط كانت رفيقة اتسمت حياتها بالنقاء الشديد، ونشأت وفق ثقافة الوطنية الكردية، حيث كانت تتمتع بمقاييس أخلاقية عالية، وملتزمة بقوة بالقيم المقدسة على هذا الأساس. وكانت رفيقة تتمتع بشخصية يرغب الجميع في توطيد الروح الرفاقية والعمل معها، حيث لم يكن أحد يتألم من تصرفاتها، فقد كانت مولعة بالرفقة والروح الرفاقية الصادقة، إذ كانت وفية كردستان، بجبالها وطبيعتها، بذات القدر من الالتزام مع الرفاق ورفيقات دربها، حيث كانت حياتها بسيطة وزاهدة كالزاهدات، لم تكن تعيش لنفسها أو تتصرف وفق مصالح شخصية، بل كانت تتصرف بما يتطلبه النشاط والعمل التنظيمي، وبهذه الطريقة كانت رفيقة قد تمكنت من أن تصبح كادراً فعالاً وعاملة مخلصة بطبيعتها في النضال، حيث لم يكن أحد يفكر أو يتصور أن تتصرف بشكل مختلف أو غير متسق بأي كل من الأشكال، فقد كانت الابنة البارة لهذه الثقافة ولهذه الحركة، وهكذا كانت شخصيتها.

حيث كانت امرأة كردية قد نشأت وترعرعت في منزل وأسرة من منطقة كمنطقة باطمان، ووسط وطني ملتزم بالقيم الوطنية، ونشأت على تقاليد الكردياتية والوطنية، وقد مزجت هذه الخصائص مع الثقافية الثورية الآبوجية، وبهذه الطريقة عملت على تعزيز ذاتها، وكمناضلة ملتزمة بخط المرأة الحرة، استطاعت أن تُحدث مستوى رفيعاً من ترسيخ الإرادة في شخصيتها النضالية، وقد انعكس هذا المستوى على نهجها وموقفها ونضالها، وكان ظاهراً للعيان. ويمكن للمرء القول في الواقع إنها كانت نموذجاً يُحتذى بها في تنمية الروح الرفاقية، وفي المشاركة، حيث كان لها دور فعّال في العمل الجماعي والتعاوني، وتنفيذ واجباتها، حيث كوّنت مستوى متقدماً على الصعيدين الأيديولوجي والتنظيمي، بالإضافة إلى مهاراتها في فنون الإعلام والصحافة. بحيث كانت قادرة على تحمل المزيد من المسؤوليات، وكانت لها جهودها في هذا الصدد، لكن عطاؤها كان أكثر تجلياً، حيث كان يتجلى عطاء واعد أكثر قوة في موقفها وأنشطتها.

 ولقد بقيت قريبة جداً منا لدرجة أننا لم نرَ أي نقد يوجَّه إلى الرفيقة كلستان من الناحية الحياتية. لماذا، لأن حياتها كانت دائماً بسيطة ومليئة بالروح الرفاقية الصادقة، حيث لم يكن في شخصيتها أي أثر للأنانية أو التصرف بشكل مخالف. فقد كانت قادرة على التصرف في كل موقف بما يتناسب مع خصائص المكان والظروف المحيطة، وبما يتطلبه الموقف، حيث تحلت بشخصية من هذا القبيل، وقد امتلكت ثقافة قائمة على المساهمة والعمل التنظيمي الراسخ. ولذلك، كانت مثمرة في خوض الأنشطة، ففي كل مكان عملت فيه، سواء في الجبال، أو لاحقاً في روج آفاي كردستان، أو في جنوب كردستان، كنا نتابعها عن بعد، وهذا ما كان يتجسّد ويتجلى حول الرفيقة كلستان، وهكذا، كانت دائماً على استعداد للتطور والمضي قدماً نحو المزيد من التقدم. فقد كانت رفيقة صادقة، مخلصة، ملتزمة بالقيم، متعمقة في خط المرأة الحرة، وقد اكتسبت مقاييس أخلاقية وسياسية متينة وبلغت مستوى رفيعاً إلى هذا الحد، ولا شك أن الكل، مثلنا جميعاً، ليس كاملاً تماماً، فالجميع، قد يكون لديهم بعض أوجه القصور، وكمثال، مسألة الوتيرة أو الاستعداد لكل عمل، ولكن بشكل أكثر بالمبادرة، وقد يكون وُجّهت بعض الانتقادات أحياناً في هذا الصدد، لكن، بعيداً عن هذه الجوانب، لم نشهد أي نقد يتعلق بموقفها أو مشاركتها أو حياتها. فقد كانت شخصية متزنة وذات مبدأ، ولديها مبادئها، وقد أظهرت ذلك في حياتها وفي أسلوب نضالها.

كانت شخصية ذكية ومتمكنة في اللغة، فقد طوّرت لغتها الكردية وكانت مستمرة في تطويرها، أتمت إتقان الترجمة بين الكردية والتركية، وكانت متمكنة للغاية من استخدام الحاسوب. فقد كانت قادرة على كتابة وترجمة كلام أي شخص تتحدث معه مباشرة، حيث كانت شخصية ناضجة بكل معنى الكلمة. كما كانت تتمتع بإلمام أيديولوجي قوي، وبفضل هذه الصفة، ذلك، كان تفوقها يتطور بسرعة في أي مجال تعمل فيه، فقد كانت تتحلى بجانب من هذا النوع، باختصار، كانت رفيقة لها جهوداً حثيثة في الثورة، وأدرت دوراً بارزًا في المجال الإعلامي. وأثناء عملها معنا، كرّست جهوداً كبيرة لنا ولمؤسستنا، وفي الواقع كان لها دور فاعل وجهد عظيم، حيث أن جهد الرفيقات اللواتي يتميزن بهذه الدرجة من النزاهة والصدق والإخلاص ويكنّ رفيقات درب حقيقيين للرفيقات والرفاق لا يمكن نسيانه على الإطلاق، فقد كان هناك الكثير من الأشخاص النزيهين والصادقين والمخلصين والذين كانت حياتهم أشبه بالملحمة ضمن حركة التحرر، حيث اختاروا حياة زاهدية في سبيل خدمة شعبهم، وقدموا كل ما لديهم، وكانت الرفيقة كلستان واحدة من هؤلاء الأشخاص. ولهذا، فإن هؤلاء الرفاق والرفيقات المميزين، ومن بينهم الرفيقة كلستان، قد أسهمت جهودهم الحثيثة في إنتاج أثر ملموس، وما زال هذا الأثر حاضراً اليوم في العديد من كتابات الحركة، إذ تتحلى الرفيقة كلستان بدور فاعل في هذا السياق.

فالرفيقات والرفاق الذين تركوا أثراً واضحاً، ووجودهم بلا شك يُعدّ بمثابة فرصة لكل من عرفهم، ومصدر فخر لوجود رفيقة بسيطة ونزيهة وصادقة مثل الرفيقة كلستان، وهذا ينطبق أيضاً على أسرة الرفيقة كلستان، لقد استمعت إلى تقييمات أخواتها وإخوتها، وهم أيضاً أكدوا على ذلك، وكانوا على حق، فيمكنهم الافتخار بها دائماً، لأنه خرجت شخصية كهذه من الأسرة، واندمجت بهذه الطريقة في النضال التحرري، وبلغت مستوى رفيعاً، ومثّلت صفات قوية ومميزة. ولهذا، فهي مصدر فخر لهم أيضاً كونها خرجت من هذه الاسرة وهذه المنطقة. وعلى هذا الأساس نقول: الرفيقة كلستان تارا خالدة، وستظل أعمالها حضرة على الدوام، وستظل دائماً رائدة خالدة في نضالنا، وعلى هذا الأساس، نقول: ’الشهداء خالدون‘، ’الشهداء خالدون‘”.