المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

خبات أندوك: لغة وسائل الإعلام تعمّق عدم الثقة

102

صرّح خبات أندوك، عضو المجلس التنفيذي في منظومة المجتمع الكردستاني، بأن حزب العدالة والتنمية قَوّض القيم الأساسية في تركيا، وأسهم في تسميم المجتمع عبر الإعلام، مؤكداً أن تجاوز مشكلة البقاء يتطلب اعتماد لغة السلام كخيارٍ استراتيجي.

قيّم عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) ، خبات أندوك، كيفية متابعة عملية الحل الديمقراطي في مناطق الدفاع المشروع، مسلطاً الضوء على واقع الإعلام خلال فترات الحرب والسلام، وتأثير اللغة الإعلامية على المجتمع، وقد أدلى بهذه التصريحات خلال حديثه مع الصحفي أردال أر.

وفيما يلي تقييمات خبات أندوك التي بثتها قناة مديا خبر (Medya Haber) التلفزيونية:

https://cdn.iframe.ly/ZIpVSBgb
كما هو معروف، لقد تغيّر العالم كثيراً، حيث حدثت تغيرات شديدة للغاية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما تحسنت إمكانيات الوصول إلى المعلومات بشكل كبير، فنحن نتابع القنوات التلفزيونية بشكل مكثف والتي تُعتبر مصدرنا الأساسي لاستقاء المعلومات، كما نتابع العديد من القنوات التلفزيونية، وبالإضافة إلى ذلك، لدينا الفرصة للوصول إلى جميع التطورات المكتوبة والمرئية في مجال الإعلام الرقمي في وقت قصير.

وبصفة عامة، لدينا حالة من المتابعة والمواكبة، أي أن هذا يرجع إلى الهوية التي نمثلها والمشاكل التي نتعامل معها، ففي نهاية المطاف، نحن الآن في خضم عملية تُسمى الحرب العالمية الثالثة، أي أن توصيفنا للأمر يكون على هذا النحو، وهذا ما يتم تنفيذه في الشرق الأوسط لبعض الوقت، وقد تحوّلت كردستان في الواقع خلال المرحلة الحالية إلى مركز هذه الحرب، فهي حرب عالمية، لهذا، نحن نعلم أننا أحد الأجندات الرئيسية للقوى العالمية، وعلاوة على ذلك، عندما ننظر إلى القضية الكردية، والتي تحظى بأهمية كبيرة للغاية فيما يتعلق بعملية الحل والتي نريد حلها في المقام الأول، هي في الأساس قضية عالمية بامتياز، فهي قضية خلقها النظام الرأسمالي العالمي منذ بداية القرن العشرين، وقد أصبحت هذه القضية بمثابة بلاء عظيم اُبتليت بها شعوب الشرق الأوسط، وخاصة شعبنا، وعليه ينبغي لنا أن نحلها، ولذلك فهي قضية مدرجة على جدول أعمال القوى العالمية في هذا الصدد، وقضية مدرجة على جدول أعمالنا مباشرة لأننا نعاني من مشاكل في الوجود والحرية، فهي قضية إقليمية، لأنها قضية تخص أربع دول على الأقل في الشرق الأوسط بسبب طابعها، وفي هذا الصدد، بما أنها مسألة تعني الجميع، فنحن بدورنا نتابع بشكل مكثف ونراقب ونؤخذ في الحسبان عند تشكيل تلك التوازنات، كما أننا نواجه جهداً مكثفاً للغاية حتى لا نكون خارج تلك المعادلات، فكل هذه الأمور موجودة، ومن ناحية أخرى، لدينا استقلالية خاصة أيضاً، واستقلاليتنا تتمثل في قائدنا، بعبارة أخرى، فإن مصدر استقلاليتنا الأساسي يتمثل في قائدنا، إذ يجسد موقفاً مغايراً، إنه قائد يخاطب شعوب المنطقة، وبشكل خاص الشعب الكردي، ويسعى إلى معالجة قضايا هذه الشعوب باعتبارها تعبيراً عن حرية الشعوب، وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً للهوية الأيديولوجية التي يمثلها، فإنه يمثل بادرة إنسانية، إنه قائد يقدم مشاريع حول كيف يمكن لجميع النساء وجميع القوى الاجتماعية وجميع الشرائح الاجتماعية المناهضة للنظام السلطوي-الدولتي أن تبني حياة حرة ومتساوية ضمن شروط الحداثة الرأسمالية، وهو قائد يتسع نفوذه ويتنامى تدريجياً، لذلك، فإن القيادة، والحركة، والقضية لا يمكن اختزالها في كونها مجرد موضوعات تُرصد أو تُقيّم من منظور الدول فقط، كما أنه يحظى بمتابعة متزايدة ومكثفة من قِبل كل النساء، والشعوب وكل القوى المقاومة ضد النظام، غير القوى الدولتية والسلطوية، حيث تتابعه بشدة، وتتجه إليه، وتريد أن تفهم ما يقوله، وتريد أن ترى كيف قام بتنظيم نفسه، أي بمعنى مجال من هذا النوع، وفي هذا الصدد، نحن نعلم أننا في الواقع على جدول أعمال القوى الإقليمية، وخاصة القوى المهيمنة، لأننا نتعرض لتوجهات شديدة للغاية، وقد كان هذا هو الحال منذ سنوات، وهو ما يتم معايشته في يومنا الحالي أيضاً، كما أنه عدا عن ذلك، نحن على دراية بحقيقة وهي أننا أيضاً على جدول أعمال جميع الشرائح الاجتماعية، وخاصة النساء، فنحن تنظيم يتوجهون إليه؛ لقد أصبحنا شعباً، ولدينا نظام اجتماعي معين، ونحن تنظيم نضالي، ولذلك، نحرّص على متابعة التطورات ذات الصلة بنا، سواء من منظور القوى الحاكمة أو من منظور النساء، والشعوب، والشرائح الاجتماعية، وذلك بدرجة عالية من الحساسية والجدية، ولا سيّما فيما يتعلق بتطوراتها، وعلاقاتها، وتوجهاتها الراهنة تجاهنا.

برز الكفاح المسلح إلى الواجهة كخيار لضمان وجودنا

نظراً لاضطرارنا إلى ذلك، فقد لجاءنا إلى الكفاح المسلح، وبرز جانبنا العسكري إلى الواجهة، لأنه لا توجد طرق أخرى، فأنت تواجه قضية وجودية، وتحتاج إلى وسيلة نضال من أجل الوجود، فعلى سبيل المثال، بما أن القنوات المطروحة حالياً، كقناة السياسة الديمقراطية، ليست مفتوحة، والتي هي مطروحة على جدول الأعمال في الوقت الراهن، وبما أن سياسة الإنكار الصارمة جداً هي السارية المفعول، حتى يمكننا القول بما أن سياسات التطهير العرقي والانصهار هي سارية المفعول وقيد التنفيذ، فقد قاومنا ضدها بهذه الطريقة، ونحن لنا تأثير على هذا الأمر، وبعبارة أخرى، يلجأ الإنسان إلى مثل هذا الأسلوب من النضال بدافع الاضطرار، ولكن أبعد من ذلك، فإن سبب في بناء تصور من هذا النوع هو الحرب الخاصة، وبعبارة أخرى، فإن الشعب الكردي في أذهانهم ”متخلف“ بشكل عام، وإذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك ونظرنا إلى الأمر من هذا المنظور، فإن الشرق الأوسط متخلف بالمقارنة مع الغرب، فالقرية متخلفة أيضاً في مواجهة المدينة، على أي حال، فالشعب الكرد متخلف، أي أن الأمر الراسخ في أذهانهم هو على هذا النحو، حتى شخص مثل أجاويد حتى وفاته، كان يعتقد أن قضية الكرد ناجمة في الواقع بسبب الإقطاعية وعدم التحضر، وأن القضية يمكن حلها بمشاريع القرية – المدينة، لأن هناك صراعاً يُشن ضدنا، بمعنى آخر، يُظهر الطرف الذي يخوض النضال ضده على أنه سيئ وضعيف بحيث يمكنه من خلال ذلك إضفاء الشرعية على الجرائم التي يرتكبها ضده، على سبيل المثال، مثلما يحدث اليوم في الشرق الأوسط حيث تُشن على أنواع الهجمات باسم الحرية، وإلا، فقد كانت حركتنا في الواقع حركة أيديولوجية حتى قبل أن تخوض القتال، أي أنه خلال حقبة تحزبنا، تمثل العسكرة الحقبة الثانية، أما الحقبة الأولى فهي حقبة التثقيف الأيديولوجي، وبعبارة أخرى، فإن الحقبة الأولى التي نسميها حقبة تأسيس الحزب هي حقبة الأيديولوجيا، وإذا كنت ستقوم بعمل ما، فإنه يجب عليك أولاً أن تفهم وتدرك وتعرف وتعي متطلباته، وعليك أن تنظم نفسك كقوة تدريبية، وكحركة تدريبية. 

في الأساس، اعتمدنا على قوتنا الأيديولوجية

لأن قضيتنا كانت في الأساس قضية وجود، ولهذا السبب برز هذا الجانب لدينا بشكل أوضح، من أجل إثبات ضمان وجودنا، عملنا قدر استطاعتنا ، وخضنا نضالًا متواصلاً، ولقد خضنا هذا نضال بالدرجة الأولى بالاستناد إلى قوتنا الأيديولوجية، وكما ذكرتم، فنحن حركة تدريبية للغاية، وحركة تقوم على النقاش، ورغم ما قد يعتريها من تقصيرات، فإنها أيضاً حركة ثقافية وفنية، وفي جوهرها، تعرّض شعبنا للتقسيم بكل الأشكال، وتم تفكيك تنظيمه، وتدمير كل ما يخصه، فنحن حركة تسعى إلى جمع هذا الشعب من جديد في كل مجالات الحياة، وتدفع به نحو الحرية، وبالمعنى الدقيق، فإن هذا لا يتحقق فقط من خلال الأنشطة العسكرية، بل هو أمر بات الجميع يدركه في الواقع.

كيف نتأثر بالدولة التركية أكثر من وسائل الإعلام التركية؟

إن الإعلام الذي يبث على أساس الأيديولوجية الرسمية هو إعلام السلطة الحاكمة ويتخذ مواقفه وفقاً لأهوائه، وفي هذا الصدد، فهو بالطبع إعلام منحاز بامتياز من أعلى إلى أسفل، وإعلام يتبنى الأيديولوجية الرسمية، وبعيداً عن تأثرنا بالإعلام، كيف نتأثر نحن ككرد بهذا النظام للدولة والسلطة الحاكمة، بمعنى، ما مدى تأثيرنا من الدولة التركية وما هو الشعور الذي يدفعنا إلى الشعور به؟ على أي حال، فإن الإعلام السائد هو إعلامها، أي أنه لا وجود لنا ولا هوية ولا لغة، فهي تسعى إلى حشد وتعبئة كل إمكاناتها للمضي في عملية الانصهار، وتحتل كل مفاصل البلاد، بعبارة أخرى، تجعلك تشعر بشيء لا يمكن لإنسان شريف أن يتقبله ويعيش هكذا، وتجعلك تشعر بالغضب لأنها تهاجم وجودك ولا تتقبل أي شيء، بمعنى أنه هناك هجمات جسدية وثقافية وما إلى ذلك، وعايشنا ذلك الأمر بشكل قاسي طوال حياتنا، وكذلك الذين سبقونا، وإذا بقي هذا الوضع على حاله ولم يتغير واستمر وجود الكرد، فإن الذين سيأتون من بعدنا سيختبرونه من كل بد، لذلك، فإن همنا الوحيد هو ضمان وجود الكرد وضمان أن يتمكن الكرد من العيش ككرد في وطنهم، وإذا ما عدنا بالحديث عن الإعلام، فإن الإعلام هو المتحدث باسم ذلك، وكما ذكرتم، فإن هذا الإعلام هو إعلام السلطة الحاكمة، حيث أنه كيفما يكون تعامل السلطة الحاكمة، فإن تعامله أيضاً سيكون بنفس السوية، فخلال هذه الآونة الأخيرة، أي العملية التي نعرّفها بعملية السلام والمجتمع الديمقراطي، حيث أن هذه العملية هي نتيجة، إنها نتيجة لحقيقة من سياساتهم الصارمة والإبادة الجماعية التي لم تسفر عن أي تحقيق نتائج، بالطبع، لم تبرز هذه النتيجة إلى الواجهة لأن السلطة لم تبذل جهداً أقل، بل إذا جاز التعبير، فقد بذلت كل سلطة حاكمة وكل حكومة كل ما في وسعها، فهذا ما نراه ونعيشه أيضاً، وباتوا يدركون أن الأمر لم ينتهِ بعد، وبعبارة أخرى، ينبغي عليهم الدخول في مسار آخر، كما أن هناك أيضاً تطورات إقليمية وحرب عالمية ثالثة، بحيث لا يمكن للدول القومية أن تبقى كما كانت في السابق، وهذا أمر خارج عن المألوف، حيث يقولون أشياء كثيرة غير دقيقة ومغلوطة، بل يعرضون صورة مشوّهة للواقع. دون أن يسألونا، ويتحدثون عنا من الصباح حتى المساء، على سبيل المثال، يقولون إن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب يمثّل الكرد وهو موجود في ساحتهم، فهم يتحدثون عنهم دون أن يستفسروا منهم، ويقولون كل شيء عنهم، فهم منغلقون ومتعجرفون ومتعالون، لدرجة أنهم يضعون أنفسهم في موضع آخر؛ يقولون كل شيء عنهم، ولا يشعرون بالحاجة إلى أن يستفسروا منهم، وحتى أنهم يقولون أشياء أسوأ من ذلك بكثير، ما الذي يجعلنا نشعر به؟ في الواقع هذه ليست مسالة شخصية، بمعنى أنه أمر عام، ونظراً لقيامهم بالأكاذيبـ فإن الكثير من رفاقنا ورفيقاتنا يغضبون ولا يشاهدون، فهؤلاء الرفاق والرفيقات يعرفون بأنفسهم الحقيقة، ويعرفون أنهم يتحدثون عنهم وعن الحقيقة، فكل ما يتحدثون عنه كذب بكذب من أوله إلى أخره،  ولكن لا بد للمرء من متابعتهم، وعلينا أن نعرف ما تقوله وسائل الإعلام الحاكمة وما يجري من نقاشات في تركيا، ولا طائل منها، فهي تضرّ المجتمع بالمقام الأول، وما يؤلم الإنسان في جوهر الأمر هو هذا بالضبط، فنحن نمتلك أساساً فلسفياً، ونظراً لأنه لا يوجد بديل لذلك، فإن الشعب يشاهد ذلك وكأنه يشاهد الحقيقة، فقد تغلغلوا في كل مجالات الحياة، على سبيل المثال، استولوا وتغلغلوا في مجالي الثقافة والفن، حيث تقوم السلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية بذلك بشكل مؤثر، نعم، هناك بعض الأجهزة التي تجعل من الدولة دولة، وقد استقرت في هذه المجالات مع مرور الوقت، وأصبحت تتمتع بالقوة هناك، فعلى سبيل المثال، استولت بشكل كامل على المجال الأكاديمي، فمع مرور الوقت، تم تصفية وسائل الإعلام التابعة للسلطات الأخرى أيضاً، وتم إيصالها فعلياً إلى مستوى الاحتكار. لقد أصبحت وسائل الإعلام بأكملها خاضعة لسيطرة السلطة، والسؤال هنا: على سبيل المثال ما هو هدف السلطة؟ ما نوع السياسة التي تسعى لتنفيذها؟ على سبيل المثال بماذا تفكّر به حيال حزب العمال الكردستاني  (PKK)والحركة الآبوجية والشعب الكردي؟ فكل ما تفكر به السلطة حيال هؤلاء، يتم إسقاطه على الأفراد المرتبطين بهم، أو يتم توجيهه عبر إعلامها، من خلال سياسات نشرٍ واضحة، فكل شيء يُقال يُمرَّر عبر صحفيين موالين للسلطة، وهذا الواقع يفتح الباب أمام موجات من الغضب في أوساط الكرد ومقاتلي ومقاتلات الكريلا، وكما قلتُ سابقاً، لم يعد يُشاهد منذ فترة، فعلى الأغلب جمهورهم ليس نحن، بل مجتمع تركيا ككل، ولهذا السبب، فإن الضرر الأكبر يُلحق بمجتمع تركيا، كما أننا نشاهدهم ونتابعهم ، لنرى حجم ومقدار الجمهور الذي يتابعهم. هل جمهورهم واسع الانتشار؟ يُفهم من الأمر أنه ليس كذلك، فقد وصلوا إلى الحضيض إلى حد ما.

خلق حزب العدالة والتنمية (AKP) حالة عميقة من الانحدار في معايير الجودة

في الواقع، تسبّب حكم حزب العدالة والتنمية (AKP) في خلق حالة واسعة من الانحدار في معايير الجودة في تركيا، حيث عمّم الرداءة على مختلف جوانب الحياة، وافتتح جامعات في كل مدينة تقريباً، ففي السابق كان هناك وزنٌ وثقل للأكاديميين وللجامعات، وكذلك وزنٌ للعمل الصحفي، وهناك احترامٌ للمهنة، وعلى الرغم من كل أوجه القصور، كانوا يملكون القدرة على النقد، لكن مع صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وبسبب طابعه السلطوي المفرط، وربما نتيجة ارتكابه العديد من الانتهاكات، رفع مستوى الرداءة عمداً، بغرض التستر على تلك الانتهاكات، وهذه سمة بنيوية لدى الأنظمة السلطوية، أي انه أحدث هذه الرداءة في الجودة لتصل إلى المجتمع من خلال وسائل الإعلام، وبهذه الطريقة سمّم المجتمع، حيث أن الفن الرديء يسمم المجتمع، وكذلك الثقافة الرديئة أيضاً تسمم المجتمع، فحججهم وبراهينهم قائمة على المغالطات والأكاذيب.

لا يختلف نهج السلطات الأخرى عن نهج هذه السلطة

يعلم الجميع أن تركيا تعيش معضلة جادة في الديمقراطية، حيث مشاكل الديمقراطية التي تعيشها نابعة من عدم حل القضية الكردية، فلا يمكن لتركيا أن تكون ديمقراطية ما لم تقم بحل القضية الكردية، فالذي جعلها قمعية إلى هذه الدرجة ومحورية في الصراع على السلطة هو القضية الكردية، حيث إن نهج السلطات الأخرى خارج دائرة السلطة الحالية تجاه القضية الكردية، والكرد، لا يختلف كثيراً في الجوهر، فهي تتعامل معها بين الحين والآخر وفقاً لحساباتها السلطوية الخاصة، حيث يُلاحظ ذلك في مضمون خطابها الإعلامي، لكن حين يتغير الوضع قليلًا، يتضح أن تعاملهم تجاه حركة التحرر، والكرد ووجودهم، لا يختلف كثيراً عن نهج السلطة، فهم يتحدون معاً بناءً على الأيديولوجية الرسمية القائمة على إنكار الكرد والقضاء عليهم، وهذا ينعكس بوضوح على إعلامهم أيضاً. إذ يُعدّ الكرد اليوم القوة الأساسية التي تقود نضال التحول الديمقراطي في تركيا، وإذا كان هناك تقدّم يُحرز باسم التحوّل الديمقراطي في تركيا اليوم، فإن ذلك قد برز وتحقق نتيجة النضال التحرري للكرد، ولهذا السبب، تقوم بإنشاء تحالفات بين الحين والآخر مع قوى المعارضة، وقد شُوهد ذلك في سياق الانتخابات، وهذا ما يميز وسائل إعلامهم بعض الشيء ويجعله مختلفاً، فعلى سبيل المثال عملية السلام والمجتمع الديمقراطي التي نحن بصددها، تغيّر تركيا، وتغيّر الشرق الأوسط ، على سبيل المثال نحن تغيرنا، فحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض النضال منذ 52 عاماً، قام بحلّ نفسه، وأنهى أسلوب الكفاح المسلح الذي أطلقه لتحقيق وجوده، ونحن بدورنا، نبذل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق التحوّل الديمقراطي في تركيا، ففي الآونة الأخيرة، في 11 تموز الجاري، طرحت مجموعة من رفاقنا ورفيقاتنا نهجنا تجاه الكفاح المسلح، وأظهروا للجميع مدى استعدادهم للسياسة الديمقراطية، من أجل إرساء التحوّل الديمقراطي في تركيا، وأظهروا مدى استعدادهم لإطار عمل قاموا بصياغته مثل قوانين الاندماج الديمقراطي والحرية، ولهذا السبب، فإذا كان لدى المعارضة مشكلة التحول الديمقراطي – وهي موجودة – فهي الآن تواجه سياسة تعيين الوكلاء، فالتحول الديمقراطي بالنسبة المعارضة هو أكثر تحتاجها أكثر من غيرها، وليس السلطة!

فالسلطة الحاكمة تفعل كل شيء.

وباختصار، ما أودُّ قوله هو أن هناك عملية في غاية الأهمية يجري حالياً؛ لكن حين ننظر إلى نهج تناول ما يُسمى بالإعلام المعارض لهذه العملية، نلاحظ أن هناك خللاً كبيراً في أجندته.

السبب في أنَّ تركيا ليست دولة قانون مرتبطٌ بالقضية الكردية 

لا وجود للقانون في تركيا، هدفنا الرئيسي الآن هو كيف ستصبح تركيا دولةً يحكمها القانون، نضالنا كله من أجل هذا، لقد تخلينا عن نموذج “سنقوم بإسقاط الدولة هكذا ونستبدلها بشيء أخر هكذا “، وقد أوضح قيادتنا هذا الأمر شرحاً وافياً وكافياً.

هذه هي مشكلتنا الأساسية الآن، على سبيل المثال، عزا قيادتنا حريق فندق بولو إلى غياب سيادة القانون، لأنَّه لا يوجد قانون، لا يوجد من يُحاسب، لا توجد القوانين والأنظمة، لا يوجد سوى المصالح والسلطة والمحسوبية، على الأقل نعرف من إمرالي من وضع أسئلة امتحان نظام الانتقال إلى المدارس الثانوية” LGS” وكيف تم توزيعها، لا يوجد قانون على الإطلاق.

وتحدث أردوغان مؤخراً عن التحالف بين الكرد والأتراك والعرب، لكن لا يوجد كردي ولديه إخوة وأخوات، في البداية يجب الاعتراف قانونياً، ما هو القانون؟ أنَّها دولة لها معاييرها.

نحن نُطلق على الدولة ذات المعايير اسم دولة القانون، لا يوجد معايير في الدولة الحالية، نقول إنَّ السبب الرئيسي لهذه الدولة التي تفتقر إلى المعايير هو القضية الكردية، لأنَّها ترى في الكرد أساس مشكلة الوجود لتركيا، لذا بنت دولتها القومية على أساس تدمير الكرد وقمعهم، والكرد أيضاً يسعون إلى البقاء ويناضلون لأجل ذلك، ولكن هذه المرة، من يهاجم الكرد في إطار أيديولوجيتهم الرسمية، يصبح الآخرون قضايا فرعية، إنَّ مقولة ” عندما يتعلق الموضوع بالوطن، يصبح الآخرون قضايا فرعية” تعني في جوهرها أنَّ “الجرائم ضد الكرد متاحٌ لكم” عند هذه النقطة، تُحقق شروط الأيديولوجية الرسمية؛ وبعد ذلك، تُصبح مافيا أو مرتزق أو عبداً، والطريق مفتوح أمامك”.

وهو متاحٌ أيضاً لأجل الكرد، والآن، يُفترض أنَّ النظام قد فتح أبوابه لبعض الكرد؛ أنَّ الكرد الذين يطلق عليهم اسم الكرد، كما يُقال، ” الكرد الذين من أصل كردي” لكننا لا نُعرّف أنفسنا كالكرد من أصل كردي؛ نحن كرد، هناك فرق جوهري بين الاثنين، إنَّهم يحاولون أن يجدون لأنفسهم مكاناً بقدر قتالهم للكرد.

أود أنَّ أقول هذا، إنَّ سبب كل هذا التفاوت والظلم، وبما فيه ضعف الإعلام، في الحقيقة يعود ذلك إلى غياب دولة القانون، إنَّ نضالنا الحالي هو نضال من أجل بناء دولة يحكمها القانون، إذا تحقق ذلك، فسيكون المجتمع التركي المستفيد الأكبر.
 

لغة الإعلام تُعمّق انعدام الثقة

إنَّ غياب التغيير في لغة الإعلام يؤثر على جانبين: أحدهما على الكرد والآخر على تركيا، إنَّ النشر بهذه اللغة يُعمق انعدام الثقة، لقد عانينا الكثير من هذا، وعلى الأقل نعاني منه منذ قرن، ونسعى جاهدين إلى إثبات وقبول وجودنا منذ مئة عام على الأقل، وقد أصبح هذا المكان موطناً لملايين الشهداء. 

والآن، إذا أردتَ تحقيق السلام، فعليكَ بالنقد الذاتي، على سبيل المثال، إذا أرت التوجه إلى الكرد، إذا أردتَ كسب قلوبهم، إذا أردت السلام معهم، فعليكَ تغيير لغة خطابكم قليلًا، حتى الأمس، لم يُغيّر من كانوا يشتمون الكرد بشتى أنواع الإهانات، والآن لم يُغيّروا في لغة خطابهم بشكلٍ جذري، بل سوى بعض التغييرات الطفيفة، فهل سيُصالح الكرد مع من لم يُغيّروا عقليتهم؟ 

اللغة وسيلةٌ للتعبير عن الوعي، وهذا لا يتغير، وهذا واضحٌ وجلي على الصعيد الكردي، فهم – كما تعلمون – يتعاملون مع الكرد دائماً بشكٍّ وريبة، وكأنّ ممارسات القتل لم يكن يكفيهم، فهذه المرة لا تزال سياسات الدولة في جزءٍ آخر من البلاد تحاول أن تجعل من الكرد مصدراً لانعدام الأمن.

في الواقع، النقطة التي ينبغي للدولة التركية الوصول إليها هي: ألا تتعامل مع الكرد بالشك والريبة، في الواقع، لا ينبغي للدولة التركية أن تنظر إلى الوجود بهذا القدر من الشك والريبة، إنَّهم شعب يحاول إثبات وجوده، وقد أثبته في هذه المرحلة، ويحاول فقط أن يعيش كوجوده، هذا كل ما في الأمر.

لذلك، يجب أن تتمكن وسائل الإعلام من مخاطبة الكرد بشكل مناسب، وإلا سيتعمق انعدام الثقة.

إنَّهم يخلقون المشاكل بأنفسهم، ويكسبون المال جراء ذلك، أما كسب المال من دماء الآخرين فهو-وفق الأديان- محرم شرعاً.

أنَّهم يسفكون الدماء؛ ماذا غير ذلك؟ هذا خروج عن الإنسانية، أي أنَّه لا يُوصف، في الواقع، ما لا نراه في أي كائن أو مخلوق أخر في الطبيعة، نراه للأسف في الإسلام، الذي يُطلق عليه “أشرف المخلوقات”.

هناك أيضاً الجبهة التركية، إذا بُنيت مفاهيم بناءً على سياسات قائمة على تدمير الكرد على الجبهة التركية، وانتم الآن في مرحلة السلام مع الكرد، فهذا يعني إنهم سيُبنون أموراً أخرى.

 

إذا أردتم حل مشكلة الوجود، ينبغي ترسيخ لغة السلام   

مع ذلك، نؤمن دائماً بهذا، في الواقع، إذا لم تتلاعب القوى الحاكمة بوعي المجتمع، فسيكون المجتمع متساوية في طبيعتها، أي أنَّهم جيران، في الحياة الاجتماعية العادية، يكون الأتراك والكرد – باستثناء بعض الفاشيين وبعض الأشخاص ضعفاء النفوس  – في الغالب شعوباً منسجمة مع بعضها البعض، إنَّهم يعرفون بعضهم البعض، لذلك، إذا كان همهم الحقيقي هو بناء وحدة الشعوب في عملية “السلام والمجتمع الديمقراطي”، وإذا لا يريدون مواجهة القضية الكردية في تركيا، إذا لا يريدون مواجهة مشكلة الوجود، حسب قولهم، إذا كانوا يريدون ترك هذه العملية وراءهم، فمن الضروري أن يخلقوا مفهوماً خاصاً لكل من المجتمع التركي والشعب الكردي، لا يمكنهم ترك أنفسهم ورائهم بمفردهم.

أي أنَّه يجب أولاً ترسيخ لغة السلام، هناك شروط معينة لتطور لغة السلام، بالطبع، لا يمكننا القول إنَّ كل شيء على ما يرام، ولكن هناك تغيير في اتجاه لغة الخطاب، لكنه لا يزال غير كافٍ؛ لأنَّهم فقدوا الكثير من السيطرة في السابق، لقد تلاعبوا كثيراً بالحقائق والوقائع، اعتمدوا كثيراً على سياسات الإبادة الجماعية والصهر والانحلال، ظنوا أنَّهم سيحققون نتائج، بذلوا كل ما في وسعهم لكسب دعم الرأي العام، لكن نضالنا وضع حداً لكل هذا، الآن، هم في حيرة من أمرهم حول كيفية تنظيم أنفسهم، يبدو أن هناك حاجة للتجديد “إعادة بناء”.
 

إذا كانت الظروف مناسبة، نود أن نلتقي بالصحفيين والمثقفين

نريد النقاش بشكا أكثر مع الصحفيين والمثقفين الأتراك، فرغم عيشنا معاً، إلا أنَّنا بحاجة إلى فهم بعضنا البعض بشكل أفضل، وعندما تتبادل شرائح مختلفة في المجتمع المعلومات، تنشأ مثل هذه المشاكل، ولتحقيق هذه العملية، التي عرفناها بعملية “السلام والمجتمع الديمقراطي”، والتي تُشكل أساس التحول الديمقراطي في تركيا، يجب إيصال المعلومات إلى الرأي العام بشكل صحيح.

نريد متحمسون للعملية، ولكننا نحتاج أيضاً إلى كيفية التعامل مع الظروف، أي أننا نحتاج إلى رؤية المزيد من التطورات والانتظار، وهذا ما نتمناه بشدة، إذا كانت الظروف مناسبة، فالأبواب مفتوحة