المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

في ندوة بالقاهرة .. أوجلان كان سباقاً في القضايا التي يطرحها وحلولها

14

قضايا كثيرة كانت حاضرة في فلسفة المفكر والمناضل الأممي عبدالله أوجلان، تسترعي اهتمام الباحثين والكتاب، كونها كانت سباقة في طرحها للعديد من القضايا.

أشاد عدد من المثقفين والباحثين والكتاب بفلسفة المفكر والمناضل الأممي عبدالله أوجلان، وأكدوا أنه كان سبّاقاً بطرحه قضايا مهمة مثل الهوية والتغيرات المناخية والعالم الرقمي، خصوصاً وأنها باتت من القضايا والأزمات الملحة التي تواجه شعوب الشرق الأوسط، مع تقديمه مفهوم الأمة الديمقراطية، وتأكيده على الطبيعة الأخلاقية للعلاقة بين الإنسان والبيئة، وتفنيده لمخاطر العالم الرقمي، وتقديم الحلول اللازمة.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها مركز آتون للدرسات ندوة لمناقشة كتاب “تحولات الأنساق الاجتماعية.. رؤية أوجلانية” للكاتب الشاب الدكتور حسني أحمد مصطفى، وسط حضور واسع لعدد من المحللين والسياسيين والمثقفين والكتاب الصحفيين، والذين أشادوا بتجربة هذا الكتاب المهم بما يقدم من قراءة تحليلية لكتابات المفكر الكردي عبدالله أوجلان فيما يتعلق بقضايا الهوية والتغيرات المناخية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وشارك في مناقشة الكتاب الدكتور علي ثابت صبري الباحث في علم التاريخ، وسيد أبواليزيد الكاتب الصحفي بجريدة الجمهورية، فيما قدمت الندوة الدكتورة سحر حسن أحمد الباحثة في التاريخ، والتي أكدت أننا أمام دراسة واعدة لشاب هو الدكتور حسني أحمد مصطفى تجاه قضايا من منظور أوجلاني، مشيدة بتلك التجربة كونه من الجيد أن يهتم الشباب بأفكار عبدالله أوجلان.

ولفتت إلى أن الكتاب يقدم رؤية تحليلية عميقة لقضايا الهوية والتغيرات المناخية والتواصل الاجتماعي، استناداً إلى رؤية أوجلان، التي تدعو إلى بدائل أكثر عدالة وقادرة على التعامل مع الأزمات الراهنة، والتي أعادت تصور العلاقة بين الدولة والمجتمع والبيئة والفرد.

نقاط رئيسية حول الكتاب

انتقلت الكلمة إلى الدكتور حسني أحمد مصطفى، والذي قدم في بداية حديثه كل التحية والتقدير للحضور، موضحاً أن كتاب تحولات الأنساق الاجتماعية اختزل قضايا تحتاج إلى مساحات واسعة من الدراسات والمقالات الصحفية، لا سيما في ضوء المتغيرات المتسارعة والسيولة الزمنية، على نحو يستدعي عمل فريقي من تخصصات متنوعة بين التاريخ والاجتماع والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، لاستشراف مآلات هذا التغير، ولكي نكون على جاهزية لوضع السيناريوهات التي تتناسب مع هذا التغير.

ويقول الدكتور حسني أحمد إن هذه الأنساق الاجتماعية كان لها تداعيات كثيرة على عديد من القضايا، ما وضع نسق الدولة في اختبار بين تحقيقها لوظيفتها الأساسية وهي الأمن الإنساني والأمن الاجتماعي والأمن الييئي، لتكون هذه الدولة أمام اختبار حقيقي في ضوء تلك التحولات التي تعصف بمفهوم الأمن بكافة صورة وأشكاله، مشيراً هنا إلى إشكالية الأمة العولمية التي تنقطع عن تاريخها وتهرب منها، والتي تقوم كذلك على التذويب لصالح مشروع يتحكم فيه بالأساس رأس المال.

ويلفت إلى أن رأس المال هذا أصبح بيد نخبة تعمل على سلب الذهنية والخيال والحقيقة، ووضعهم في تصور افتراضي قائم على المحاكاة والتقليد ونزع الثقافات الأصلية لمصلحة ثقافة مصطنعة، وثقافة لا تحمل أي شيء من الأساس والثوابت، وإنما تلتقي في صفات مضمونها ضد الثوابت الإنسانية.

وفي ضوء النقطة السابقة، يشير الدكتور حسني إلى أنه قد حدث انتقال من تواصل عبر النسق الجغرافي الطبيعي إلى جغرافية شبكية جديدة تشكل هويات وتنتزع هويات وتصهر هويات مقابل هويات أخرى، منوهاً إلى أن هذا الصهر في العالم الافتراضي يشكل هوية مختلفة تتضاد مع الثقافة الأصلية للمجتمع الواقعي، مشيراً هنا إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي جاءت كترجمة للثقافة الغربية التي جعلت من الفكر الغربي ثقافة مركزية.

ويقول الدكتور حسني أحمد مصطفى إننا بالتالي كنا أمام اختبار للمثقفين العرب للوصول إلى مشروع يجمع الجغرافيا القطرية مع الحفاظ على الإرث والتاريخ الثقافي بكل تنوعاته، دون سيطرة إيديولوجيا على أخرى أو صهر أعراق مقابل أخرى، وكل ذلك في ضوء الحفاظ على الهوية، مشيراً إلى أن هذا ما قدمه أوجلان في رؤيته للأمة الديمقراطية، التي تحتوي متنوعاً للثقافات والمعتقدات والأعراق، تحت مظلة لا يقوى فيها فكر أو قومية على حساب قومية أخرى.

البعد السياسي للكتاب

انتقلت الكلمة إلى الدكتور علي ثابت صبري الباحث في علم التاريخ، والذي استهل حديثه بالتأكيد على أن مسألة تغييب الوعي وإحلال حضارات غربية محل حضارات شعوب الشرق الأوسط إشكالية كبيرة، وكان من تطبيقاتها نقل الدول الغربية النماذج التي أفرزتها معاهدة وستفاليا وتطبيقها على مجتمعات الشرق الأوسط بنفس الشكل، وصولاً إلى اتفاقية سايكس – بيكو التي أنشأت دولاً تقوم على فكرة الجمع القسري لكثير من المكونات في المنطقة.

وهنا يلفت الدكتور علي ثابت صبري إلى أن المشروع الأوجلاني يدعو إلى التعايش، وصولاً إلى فكرة الأمة الديمقراطية، لافتاً إلى أن المفهوم الأوجلاني كان أكثر واقعية عن الدولة، فأراد إقرار التعايش السلمي والوصول بالمجتمعات إلى فكرة المجتمع الديمقراطي، وقد انعكست هذه الأفكار على أرض الواقع في نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية بشمال وشرق سوريا، والتي تقوم على التنوع والتضامن، معتبراً أن هذا النموذج عبر عن الثورة الذهنية للمفكر عبدالله أوجلان، التي حارب بها العالم الميت عبر بناء الفرد ومن ثم بناء المجتمع، وصولاً إلى مجتمع الأمة الديمقراطية.

نموذج الإدارة الذاتية وإشكاليات تركيا

وبالحديث عن نموذج الإدارة الذاتية، يقول الدكتور علي ثابت صبري إن هذا النموذج نجح في الإطار السوري، لكن إن أريد تطبيقه في تركيا فهناك إشكاليات كثيرة تتعلق بدرجة تغيير ذهنية النظام الحاكم؛ فإصرار أوجلان على إنتاج التعايش السلمي وحلوله من محبسه في إمرالي كلها تتحدث عن السلام، وهناك حديث مباشر في كل رسائله أنه يملك الحلول العملية والقانونية لحل الصراع، لكن كل ذلك متوقف على ذهنية النظام الذي يدير تركيا وقناعاته.

ويتطرق الدكتور علي ثابت صبري إلى جزء آخر تناوله الكتاب، وهو مفهوم الهوية وعلاقته بمفهوم الأمة ودوره في قيام الدولة، منتقداً ذلك النموذج التصنيعي للدولة وفرضه قسراً على الشرق الأوسط الممثل في الدولة القومية، والتي جعلت الشرق الأوسط مهد الحضارات مهداً للصراعات.

قضية التغيرات المناخية

انتقلت الكلمة في نهاية الندوة إلى الكاتب الصحفي بجريدة الجمهورية سيد أبواليزيد، والذي قال إن المفكر عبدالله أوجلان كان سباقاً في كتاباته بالتطرق إلى قضايا أصبحت محورية وملحة في السنوات الأخيرة، مثل قضية التغيرات المناخية والبحث عن التوازن البيئي، حيث تنطلق رؤية أوجلان للعلاقة مع البيئة من جوانب أخلاقية وإنسانية، هدفها الحفاظ على التوازن البيئي الذي من شأنه الحفاظ على التوازن البشري، وهو الأمر الذي تطرق إليه كتاب الأنساق الاجتماعية للدكتور حسني أحمد مصطفى.

وأوضح أن الكتاب يطرح هذه الإشكالية وما قدمه المفكر عبدالله أوجلان من حلول لها، والتعاطي معها وفق مضامين ثقافية قيمية أخلاقية، فانطلاقاً من رؤيته بالوصول إلى التوازن المناخي يتحقق استمرار وازدهار الجنس البشري، في المقابل فإن التحول إلى التقنيات دون ضوابط والنمو السريع غير المستدام، واستهلاك الموارد واستنزافها يؤدي إلى حدوث العكس.