نداء القائد عبدالله أوجلان: خارطة خلاص من الانهيار الإقليمي وبوصلة لحل القضية الكردية

في قلب منطقة تمر بالصراعات وتُرسم خرائطها على موائد القوى الإقليمية والدولية، ينبثق نداء السلام والمجتمع الديمقراطي الذي أطلقه القائد عبدالله أوجلان كخطاب تاريخي متجاوز للحدود والجغرافيا، يقدم رؤية للحل الديمقراطي الجذري في الشرق الأوسط، ويضع المرأة والشعوب الحرة في موقع الريادة.
هذا النداء لا يعالج أزمة طارئة، بل يلامس جذور المأساة التاريخية للمنطقة: الاستبداد، الذكورية، التهميش القومي، الاحتلال، والهيمنة. هو خطاب يتوجه إلى كل شعوب المنطقة المتألمة، حاملاً بذور التحول، لا عبر عنف الثورة، بل عبر وعي التغيير.
“إن تأسيس السلام ليس مهمة الدولة، بل مهمة المجتمع. فالدولة تخلق الحرب لتعيش. أما المجتمع، فكي يعيش، لا بد له من السلام”.
تركيا… مفترق الطرق
تركيا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا الاستجابة الصادقة لنداء السلام الديمقراطي، والانخراط في مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي الذي يقدّمه القائد عبدالله أوجلان، أو الغرق أكثر فأكثر في مستنقع الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
إن الدولة التركية لا تعيش فقط على العنف، بل تعيد إنتاجه باستمرار، وترفض الحلول الديمقراطية لأنها تهدد وجودها القومي الكاذب.
إذا لم تستجب تركيا لنداء القائد عبدالله أوجلان، فإنها لن تخسر فقط فرصة للسلام، بل ستواجه مستقبلاً مظلماً من الانقسامات الداخلية والانهيار التدريجي لشرعيتها داخلياً وخارجياً.
حل جذري للقضية الكردية
النداء يشكل رؤية متكاملة لحل القضية الكردية من جذورها، خارج إطار الدول القومية والانفصال الكلاسيكي. القائد عبدالله أوجلان لا يدعو لدولة كردية قومية جديدة، بل لتفكيك منظومة الهيمنة من داخلها، ولتحرير الكرد —وكل الشعوب الأخرى— عبر بناء مجتمع ديمقراطي حر ومنظم، تتحقق فيه العدالة والتعددية والاعتراف المتبادل.
“إن تحويل القضية الكردية إلى قضية ديمقراطية عامة هو المفتاح الحقيقي للخلاص، فليس المطلوب فصل الكرد عن الشعوب، بل تحريرهم جميعًا من الهيمنة.
إسرائيل وتوازنات النفوذ في سوريا
في ظل التنافس التركي-الإيراني-الروسي على سوريا، تبرز إسرائيل كلاعب حذر، يُدير مصالحه بميزان حساس. ورغم العداء المعلن مع تركيا، إلا أن إسرائيل تراقب بتأنٍ تمدد النفوذ التركي في الشمال السوري، وتسمح به ضمن حدود لا تهدد ميزان القوى.
القوى الكبرى، ومنها إسرائيل، لا تمانع بقاء مناطق الشمال ساحة صراع محدودة ما دامت تحقق لها أهدافاً استراتيجية: إضعاف الدولة السورية، ومراقبة إيران، ومساومة تركيا. أما صوت الشعب، فغالباً يُستثنى من المعادلة.
لقد تحولت الجغرافيا السورية إلى ساحة صراع بين أطراف لا تملك مشروع حياة. وحدة الشعب المنظم يملك الأهلية لرسم ملامح المستقبل.
بين الانهيار والتحول
الصراع لم يعد فقط بين دول، بل بين نماذج: نموذج الهيمنة والعنف القومي، ونموذج المجتمع الديمقراطي المتحرر الذي تقوده النساء وتدعمه الإرادة الشعبية.
المرأة الحرة والمجتمع المنظم هما وحدهما من يستطيعان كسر دوران العنف وإنتاج زمن جديد، زمن لا يتأسس على السلطة، بل على الحياة.
نداء القائد عبدالله أوجلان ليس حلماً طوباوياً، بل خارطة خلاص حقيقية لمن أراد الهرب من جحيم الحروب والانقسامات.
ومن لم يستجب لهذا النداء، لا يخسر فقط فرصة للسلام، بل يتحول بنفسه إلى مشروع حرب دائم.
أما من يصغي إليه، فهو يدخل من أوسع أبواب التاريخ، لا كضحية، بل كصانع.