المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

التدريب والاكاديميات بمفهوم القائد عبد الله أوجلان

831

التدريب :

يمكننا تعريف التدريب لغة من الفعل درَب اي مرن على فعل الشيء واكتسب من ذلك

مهارة او قدرة ما ،اما في الاصطلاح هي عملية يكتسب من خلالها الفرد والمجتمع المهارات والقدرات عن

طريق ممارسة تطبيقات وتقنيات معينة .  

أهمية التدريب والتعلم :

للتدريب والتعليم دور مصيري في تنفيذ الأهداف الاستراتيجية لكل الأنظمة عبر مختلف

مراحل التاريخ، بدأ التدريب والتعليم مع ادراك الإنسان لذاته وظهور الوعي عند ارتقاء

دماغه في مرحلة الهوموسابيانس (اي الأنسان العاقل والناطق).

اذا التدريب عمل اساسي للعلاقة الجدلية بين الفكر والجانب

العملي الحياتي للإنسان والمجتمع الإنساني الذي هو حصيلة تطور تدريجي دام ملايين

السنيين واستمرار لعالم الأحياء الأسبق منه ، وثمرة عالم عقلي وعاطفي مذهل للغاية

اتسمت بتكامل كلي لهذا فهو كون مدرك لذاته.

شروط وظروف ظهور التدريب :

باشرت البشرية وجودها اعتمادا على المجتمع الطبيعي كأطروحة لبداية وجود المجتمع

المتمحور حول المرأة الأم وثقافتها الاجتماعية وبتوسع التنظيم الاجتماعي زمانا و مكانا

واكتسابه بعدا نوعيا وكميا مع تطور اللغة من لغة الإشارة صوب اللغة الرمزية تطور

الفكر الإنساني وتوسعت ادراكاته الذهنية ولعل اعظم ثورة في التاريخ هي ثورة اللغة  .

 وبتطور اللغة الرمزية اصبح التفاهم والتواصل الاجتماعي افضل ، وامكانية نقل الخبرات والتجارب للأجيال اللاحقة اسهل عبر التدريب والتعليم ،وبنمو القوة الفكرية للإنسان العاقل الناطق وتوفر المناخات المعتدلة تم تمهيد للثورة النيوليتية ثورة (الزراعة-القرية ) اكبر الثورات جذرية وغورا في تاريخ البشرية وفتحت السبيل أمام

تطورات عظيمة في ميزوبوتاميا والهلال الخصيب فقد تخطت البشرية الشكل الكلاني

الضيق نحو شكل ومجتمعية اوسع واكثر رقيا افاقه الفكرية ، اي الشكل القبائلي وتعد في

القبيلة تطور ثوري عظيم بالإمكان نعت الثورة النيوليتية بالثورة القبائلية ايضا ، وقد بدء

التمايز اللغوي والثقافي الى جانب العالقات الاجتماعية الشبه مستقرة بالنماء والازدهار

على ارضية ثقافية وطيدة تكونت قبل الحضارة السومرية بألاف السنين .

كانت عملية التدريب والتعليم مهمة مقدسة تقوم بها المرأة الأم ضمن بنية ذهنية اجتماعية

متكاملة طورت المرأة الأم عبر التدريب والتعليم العلاقات الاجتماعية والوعي الاجتماعي

فكانت الابتكارات وتطوير ادوات الانتاج في شتى مجالات الحياة فكانت ثورة ثقافية

وذهنية عظيمة.

وبتطور الهرمية كانحراف ذهني لمناهضة قيم وثقافة المجتمع الطبيعي فكل الذهنية

المنحرفة نتاج عقل وعمل الرجل القوي الماكر(والهرمية ثمرة فصل المجتمع الطبيعي  (الاخلاقي و السياسي )عن جوهره الكومينالي) هذا الانحراف الذهني تمأسس في ذكوريات سومر تزامنا مع ظهور الكتابة فكانت

المهمة الأولى لتلك الذكوريات انشاء الهيمنة الذهنية عبر التدريب والتعليم كأول عمل يقع

على عاتق الحكام والاحتكارات الاستغلالية طيلة التاريخ حيث ما من غز ٍو اكثر تأثيرا

من غزو الاذهان .

استخدم السومريين التدريب والتعليم كأداة تخريب ضد المجتمع وكسر ارادته الحرة

واستعباده هذه الاداة التي تكونت في معابد سومر. تطبق اليوم على يد الدولة القومية في

المدارس الابتدائية وحتى الجامعات وتستخدم وسائل الاعلام وحتى دور العبادة في فرض

الفكر الصدئ لإبعاد الفرد عن المجتمع وجعله غريبا خلق مجتمع بدون إرادة يقبل

العبودية لأن استراتيجية التدريب والتعليم السلطوي و الدولتي من سومر وحتى اليوم هي

خلق العبودية في الاذهان ، عبر كسر إرادة المرأة واستعبادها وتشتيت وحدة وجوهر

المجتمع الكومينيالي المتكامل ، وتشيء الطبيعة ، فأنشأت التدريب والتعليم التابعة لها لتقوم

بخدمتها وتحافظ على مصالحها .

احتكارات السلطة ورأس المال قامت وتقوم على الدوام بحشر الاذهان بالعلوم وما يسمى

بالمعرفة في قوالب ايديولوجية دوغمائية تضمن مصالحها وتعزز تحكمها بالمجتمع

والبيئة تجعل من فئة فوقية بالمجتمع جوهرا في المجتمع وتشيء كافة الفئات الاساسية

ونستطيع القول بأنها ابادة للمجتمع الإنساني فالعلم عندما يغدو سلطة يفقد حريته ودوره

التنويري المفيد لأن ذهنية السلطة والدولة التي تربعت على ميراث ألاف السنين

للمجتمعات البشرية قامت باستثمار العلم والمعرفة ) الخزينة الإنسانية المدخرة ( فكان

احتكار العلم والمعرفة على يد الحكام الطغاة ليستخدموها قوة على شكل انحراف بعد ان

جردوا العلم عن الاخلاق هذا الانحراف تعمق اكثر فاكثر في المرحلة الرأسمالية

بالاستناد على الايديولوجية الليبرالية ) عقل وفكر الرأسمالية ( عملت على فصل الفرد

عن المجتمع ب شكل اعمق من كل المراحل السابقة واساليب الخداع و العلموية المتطورة

جعلت من نفسها شرا ب لذيذ يتناوله الجميع دون ان يدري حتى يفقد المجتمع عقله

وتفكيره ويتأقلم معه .

الرأسمالية استثمرت العلم بشكل مذهل وتحكمت بالمجتمعات بشكل اوسع واعمق

باستراتيجيتها التدريبية والتعليمية لخلق الفرد الأجوف اللامبالي بالقواعد الأخلاقية

الاجتماعية للقضاء على ادنى مقومات ال تماسك ووحدة المجتمع.

وباسم الحرية والديمقراطية تغزو مجتمعاتنا وتقزم الحقائق التاريخية للشرق الأوسط بعد

تشويهها وتصنع شخصيات فارغة في فكرها وجوهرها عديمة الاحساس والمسؤولية

والتملك ادنى درجات الإرادة عبر تسطيح الوعي وبث كم هائل من المعلومات والصور

التي تهدف لإلهاء وإثارة العواطف والغرائز اللاعقلية وباسم الحرية تقوم بخلق فرد ثرثار

ومتكبر ومنكر لمجمعه وحتى لعائلته .

ثقافة المجتمع الطبيعي التي شتت جراء الهجوم المستمر لأنظمة الهيمنة العالمية عليها في

كل مراحل التاريخ وعدم نجاح حركات المقاومة والتمرد والتي خاضت نضالات مشرفة

وكفاحات عظيمة وقدمت التضحيات الجسام لتصحيح المسار التاريخي المنحرف واعادة

قيم المجتمع الطبيعي بدء من حركات النبوة الى سبارتاكوس وصولا لثورة اكتوبر

الاشتراكية في روسيا لكنها جميعا لم تفلح في انشاء نظامها البديل الن استراتيجيتهم

التدريبية وذهنيتهم لم تتجاوز نطاق النظام المهيمن القائم وعدم تحليلهم ظاهرة السلطة

والدولة بشكل شامل وسليم وبالتالي عدم رؤيتهم للطابع السلطاني للسلطة وبالتالي عدم

التمكن من تكوين براديغما بديلة .

فأن قيمنا الحركات النضالية المقاومة للنظام المهيمن سنرى بان ذهنيتها ووسائل نضالها

مشابها لذهنية ووسائل النظام الذي ناهضوه .

لا تكفي المقاومة بمفرها الجل كسر شوكة الهيمنة وايجاد بديل لها بل تستوجب التحلي

بمهارة انشاء النظام المضاد لها .

التدريب عند القائد :

المفكر والفيلسوف عبدالله اوجلان انطلق من الواقع الكردي المحطم والمزري وتعمق

بدراسة كل حركات المقاومة على المستوى العالمي واسباب اخفاقاتها ونقاط ضعفها

وكذلك قام بتحليل الانتفاضات والثورات الكردية واسباب فشلها ليستنتج من خلال

الانتقادات لمجمل النظام المهيمن الذي اوصل المجتمعات البشرية البل الحياة برمتها الى

حافة الهاوية بنظامها الاستغلالي والاحتكاري المدمر للطبيعة والحياة وتوصل الى قناعة

علمية بان قوى الحداثة الرأسمالية ليست في مالها او سلاحها وانما في قدرتها الفائقة على

التلون وخنق كل اليوتوبيات المناوئة لها وصمم على الانقطاع عن البرادغما السلطة

الدولتية ) وسماها بميلاده الثالث ( وبدء بالكشف عن العلوم المنحرفة التي لعبت الدور

الابرز في بقاء القوى المهيمنة والمتحكمة بالمجتمعات الن العلم والمعرفة في ظل الحداثة

الرأسمالية لم يتطور على اساس حل القضايا الإنسانية بل الجل خدمة مصلحة السلطة

والاحتكارات وهذا هو سبب الذي يكمن وراء احتواء عصر العلمانية لكل هذه الممارسات

اللاإنسانية من حروب ودمار لذلك اعطا الفيلسوف اوجلان الأولوية للتغيير الذهني عبر

التدريب المتواصل والمستمر واعتبره مثل الماء والهواء والغذاء لا يمكن العيش بدونها

وركز على ضرورة الثورة الذهنية بالخالص بداية من التصاميم والقوالب الذهنية العائدة

لبرادغما السلطة واحتكارات رأس المال ويقول بهذا الصدد من ال يعظم من عالمه الذهني

لن يستطيع خوض صراعه من اجل الحرية على المدى الطويل فلذلك جعل من التدريب

هوية مميزة له ولحركة الحرية في كردستان الن الواقع المعاش في كردستان والشرق

الأوسط البل في كل العالم تحطم من خلال بعثرة ذهنية المجتمع الطبيعي ذهنية الحياة

الحرة وتشويهها من خلال استراتيجياتهم ومناهجهم التدريبية المبنية على اساس الحرب

الخاصة لإيصال الشعوب والمجتمعات البشرية لدرجة عدم القدرة على معرفة ذاتهم

ومحيطهم وفقدان ا لثقة بأنفسهم ويرى المفكر اوجلان ضرورة استيعاب المناهج التدريبية

البديلة لنطاق المعرفة لدى النظام القائم بأكمله ضمن افقها المعرفية كي لا تبقى ناقصة

وبالتالي تنصهر في افاق النظريات المضادة كحقيقة اولية للنضال الإيديولوجي الصحيح

وبذلك خلق ثورة ذهنية كبيرة ثورة الحقيقة ثورة نمط الحياة للخالص من الهيمنة

الإيديولوجية للحداثة الرأسمالية ومن نمط حياتها ويقول في هذا المضمار : لربح المعركة

الأساسية لا بد من ربح المعركة الفكرية كشرط اولي لذلك اعطا اهمية قصوة لتأسيس

الأكاديميات الفكرية والمؤسسات الاجتماعية الديمقراطية ف ي كل الساحات كمراكز

تدريبية لتجديد الشخصية المتحررة من ذهنية النظام الحاكم ورفع مستوى الوعي السياسي

والاجتماعي لمواكبة روح العصر وتوصل من خلال انجازه للثورة الذهنية الى خلق

النظام البديل المتمثل في العصرانية الديمقراطية ) الأمة الديمقراطية – الاقتصاد

المشاعي – الصناعة الإيكولوجية ( مقابل المكونات الثالثة الأساسية للحداثة الرأسمالية

المتجسدة في ) الربح الأعظمي – الدولة القومية – الصناعوية (.

وهكذا انتصر المفكر أوجلان بخلقه لمنظومة فكرية متكاملة وبديلة محررا بذلك الشعوب

والمجتمعات البشرية من أثر البرادغما الطبقية الدولتية واجراء تغيرات جذرية في

البرادغما ) نهجه الفكري ( في احلك الظروف و اخطر المراحل الن كل لحظة في

إمرالي تعني عبور حافة الموت .

خلاصة : التدريب مهم جدا بالنسبة لمشروع الأمة الديمقراطية المبني على فكر القائد والفيلسوف عبد الله اوجلان الذي بدأ بتدريب بعد ما دخل السجن للمرة الأولى وجمع الرفاق الذي كان عددهم لا يتراوح خمسة رفاق وبدا بالتنظيم الذي كان خليط من التدريب الذاتي والتدريب المجتمعي ، وبعد خروجه من تركيا ودخوله الاراضي  السورية وثم فلسطين ولبنان أرض بقاع ،أسس أول اكاديمية شهيد (معصوم قورقماز) الذي بدا فيه التدريب الذاتي والفكري والعسكري مكونة بصفوف المرأة الحرة وتحقيق العدالة والمساوة بين الجنسين من أجل الحرية المجتمعية وشرق الأوسطية ، التدريب بفكر القائد هو الخلاص من اخطاء السلطة والذهنية الذكورية وتحرر من قيود الدولتية والقوموية، كما رأى بأن التدريب يرفع من كفاءة الفرد ويبني الفرد و وينمي لديه التنبؤ والنظرة المستقبلية .

تطور التدريب على هذا الاساس وفتحت اكاديميات بجميع مناطق شرق الاوسط من الجبال الى القرى الى المدينة بعدا عن الظلم والاضطهاد وقمع المرأة ، ومازالت اكاديميات مستمرة بنشر الفكر الحر وتدريب اعضاءها في مؤسسات والإدارات  لتعزيز من قدرات موظفيها ومجتمعها على صعيد الفردي والصعيد العائلي ،وبالتدريب تخلق إرادة الحرة للمرأة وتتنور بماضيها وتاريخها  صلة وصل ما بين ماضي والحاضر .

التدريب الاكاديمي يولد فرد جوهري معادي للاستلام وبمقولة القائد اوجلان التدريب (كالهواء -والغذاء _والماء)وهدف من تدريب بناء اكاديمية بروح كل فرد.

م. محمود كالي