“من يقود عملية السلام معتقلٌ فكيف سيتحقق السلام؟”
استحضر عدد من الشخصيات الوطنية التي التقت القائد عبد الله أوجلان، خلال أوقات متفرقة، في كل من حلب ودمشق ولبنان، إلى الأذهان، أحاديث ومواقف حصلت خلال اللقاء.

اختُطف القائد عبد الله أوجلان قبل أكثر من 24 عاماً من قبل دولة الاحتلال التركي، في مؤامرة دولية، شارك فيها عدد من الدول، ومنذ 25 من آذار عام 2021 قطعت تواصله مع الخارج، ومنعته من اللقاء أو الحديث مع محاميه وأفراد عائلته.
في هذا السياق، تحدثت الشخصيات التي التقت القائد عبد الله أوجلان عن “نظام الإبادة والتعذيب” الذي يتعرض له القائد، وأكدوا أنهم لن يتنازلوا أو يتراجعوا عن المطالبة بحريته الجسدية.
“لا تقيدوا أنفسكم بشخصي بل بفكري”
سلطانة شكري التقت القائد عبد الله أوجلان سنة 1984 في منطقة سيف الدولة بمدينة حلب، في عمر الثالثة والعشرين حين كانت أماً لطفلتين، سردت ما جرى من أحاديث ونقاشات خلال الاجتماع الذي عقده القائد للأهالي آنذاك.
لفتت سلطانة شكري إلى تواضع القائد بذكرها أحد المواقف، قائلة: “خلال أحد الاجتماعات الجماهيرية، قام أحدهم بالثناء على القائد قائلاً: أنت وحدك قائدنا، فرد القائد: لا تقيدوا أنفسكم بشخصي، بل بفكري”.
وأكملت سلطانة قول القائد: “من يطور نفسه ويرفع من مستوى وعيه ويحلل ولا يبقى في مكانه ويحدث ثورة ذهنية وروحية في ذاته، ويعمل صالحاً لنفسه ومجتمعه ويرتبط بتراب وطنه ولا يسكت عن حقه ويقاوم، فإنه يسمو إلى مرتبة القيادة، أنا أفدي بنفسي الشخصية التي تجتمع فيها كل هذه الصفات، ناضلوا من أجل ذواتكم وأوطانكم ولا تناضلوا لمجرد أنني قائدكم”.
“قدّم مصلحة شعبه على كل شيء”
ثمّنت سلطانة شكري فدائية القائد عبد الله أوجلان قائلة: “إنسان بهذه العظمة لا يكرره القدر مرتين، كيف لنا أن ننساه، لا مثيل له في عصرنا، حيث الجميع يركض وراء مصالحه ولا يبالي بما يجري لغيره، إلا هو قدّم مصلحة شعبه على كل شيء”.
ولفتت سلطانة الانتباه إلى ما شدد عليه القائد بقولها: “تحدث مطولاً عن الثقافة والأخلاق وكيفية تحويل الصفات السيئة في الإنسان إلى صفات حسنة عبر تنظيمه لنفسه ورفع مستوى إدراكه. ووضع مسؤولية هذا التحويل على عاتق النساء وبالأخص الأمهات لما يمتلكن من قوة إقناع وتأثير بعاطفتهن”.
توجيهات القائد
استحضرت سلطانة جواب القائد على سؤال؛ لماذا يعطي الأهمية الكبرى للأمهات (النساء) في القضية بشكل عام: “أنتم لا تستوعبون ما أقوله بشكله الصحيح، السبب الأول هو أن المرأة هي أكثر من تعرض للانكسارات والظلم وأن من يقدم دون مقابل ومن يقع وينهض بالاعتماد على ذاته هي الأم، وأن الأعمال التي تقوم بها الأمهات لا يستطيع أي رجل في العالم القيام بها”.
نقلت سلطانة توجيهات أخرى طرحها القائد في الاجتماع “حب الغير وتقدير الجوار والوحدة ونزع الحقد والخيانة من النفوس، إن لم تتحدوا فلا وجود لكردستان أيضاً”.
وعدّت سلطانة ما تفرضه سلطات الاحتلال التركي بحق القائد عبد الله أوجلان معاملة غير لائقة ومرفوضة “لا يجوز لأي دولة معاملته بهذا الشكل، حيث إنهم يمنعونه من لقاء محاميه وذويه، وهذا ما لا يمت للقانون بصلة.”

بدوره، أكد محمد جميل أولو، الذي التقى القائد عبد الله أوجلان أربع مرات، مرتين في دمشق ومرتين في لبنان، على استحالة نسيان ما نطق به القائد خلال اجتماعه به “كان القائد إنساناً لا ينسى، كان دائماً يقول أسدوا لأنفسكم خدمة واحموا أنفسكم وهويتكم ولا تتخلوا عن بعضكم، كونوا سنداً لبعضكم في الشدائد ولا تحملوا الحقد في نفوسكم، لأن ذلك لا يجلب سوى الهلاك، وواظبوا على أداء عملكم بتفانٍ وحب لتكون نتائجه مرضية بالنسبة لكم”.
الحرية الجسدية مرتبطة بمستوى النضال
عبّر محمد عن سخطه تجاه ما يتعرض له القائد عبد الله أوجلان: “كان يثق بقدرة شعبه على تحقيق النصر والمكاسب وعلينا ألا نخيّب ظنه ونكون لائقين بما قدمه لنا، واليوم قائدنا معتقل في إمرالي ومنذ 3 سنوات لا نسمع صوته ولا يصدر أي خبر عنه، لأن السلطات التركية تمنع محاميه وذويه من اللقاء به. إنهم بلا ضمير ولا رحمة ولا يوجد في قاموسهم مصطلح ومعنى الإنسانية. وبتهم مفبركة يشرعنون نظام التعذيب والإبادة الذي يفرضونه على قائدنا”.
ووجّه محمد رسالة لدولة الاحتلال التركي: “وعلى الدولة التركية قطع أملها في تصفية حركتنا وقضيتنا لأن ذلك لن يتحقق مطلقاً مهما حاولت أن تسكتنا لأن الشعب الذي أدرك قيمته والسائر على فكر وفلسفة القائد لن يتنازل عن حقه”.
كما ربط محمد مسألة تحقيق حرية القائد الجسدية بمستوى النضال، وقال: “تحقيق حريته الجسدية يعتمد على مستوى عملنا ومقاومتنا وتقربنا بجدية من القضية وإكمال النقص الموجود فينا، لن نقطع أملنا برؤيته بيننا وسيتحقق ذلك عما قريب، ومكانه مصان في فؤادي”.
وجدنا ذواتنا في شخصيته ومقاومته
قنبر حسين بكو، والد الشهيدة شيندا الاسم الحقيقي سلطانة بكو، التي انضمت عقب اختطاف القائد عبد الله أوجلان عام 1999 واستشهدت في العام نفسه بعد مشاركتها مع رفاقها في قوات الكريلا في عملية هجومية على مخفر تركي.
تحدث قنبر حسين بكو عن القائد عبد الله أوجلان قائلاً: “نحن ممتنون لقائدنا على ما فعله من أجلنا، وجدنا ذواتنا في شخصيته وفكره ولولاه لتُهنا، استطعنا نحن الكرد أن نثبت أنفسنا بفكر القائد عبد الله أوجلان”.
وأكمل حديثه قائلاً: “نريد حرية قائدنا الجسدية وسنحقق ذلك بعملنا وهذا حقنا المشروع، ونحن أصحاب حق، عليهم السماح لمحاميه وعائلته باللقاء به، لأننا نعاني ونحن لا نسمع صوته ولا نعرف وضعه ولا بأي حال هو الآن، لا نريد حرباً بل سلاماً ومن يقود عملية السلام هو قائدنا ولا أحد سواه”.(ك و)