المبادرة السورية لحرية القائد عبدالله اوجلان

أيام عبد الله أوجلان في روما بكلمات رامون مانتوفاني-2

106

“إذا كان هناك قائد حقيقي في العالم اليوم يوازي نيلسون مانديلا، فهو القائد عبد الله أوجلان، فحريته يمكن أن تضع حداً للحرب”.

قيّم السياسي الإيطالي رامون مانتوفاني، الذي كان في ذلك الوقت عضواً في لجنة الشؤون الخارجية الإيطالية، والذي كان مع القائد عبدالله أوجلان على متن طائرة رحلة روسيا-روما، أيام عبدالله أوجلان في روما ومرحلة المؤامرة التي أُسر فيها، لوكالة فرات للأنباء (ANF).        

يتواصل أسر القائد عبدالله أوجلان منذ 25 عاماً في سجن جزيرة إمرالي في ظل ظروف عزلة مشددة، حيث أن القوى الدولية هي المسؤولة عن الظروف المشددة في الوقت الحالي ومرحلة الأسر، وقيّم عبد الله أوجلان، الذي غادر سوريا في 9 تشرين الأول 1998 لتطوير مرحلة من السلام والمفاوضات، المشهد السياسي منذ تلك الفترة حتى 15 شباط 1999 إذ تعرض للاحتجاز في العاصمة الكينية نيروبي، على أنه “مؤامرة الصلب”.  

ووصل القائد عبد الله أوجلان إلى موسكو في 9 تشرين الأول 1998، وهبط في مطار ليوناردو دافنشي في روما على متن طائرة الخطوط الجوية الروسية في 12 تشرين الثاني 1998، إلا مرحلة صعبة ممتدة من 66 يوماً كانت بانتظار عبدالله أوجلان في روما، ووجد في إيطاليا فرصة لحل القضية الكردية بالأساليب الديمقراطية.   

ومنذ اليوم الأول من احتجاز عبد الله أوجلان، أصبح دور إيطاليا في مرحلة المؤامرة محل للنقاش في العديد من المرات، حيث قال البعض في ذلك الوقت إن الحكومة الإيطالية، التي كانت رئاسة ماسيمو ، لم تلعب أي دور في المؤامرة الدولية، وانتقد آخرون حكومة داليما لم تتصرف بشجاعة لضمان بقاء عبد الله أوجلان في إيطاليا، والحقيقة هي أنه مع مغادرة عبد الله أوجلان من إيطاليا في 16 كانون الثاني 1999، بدأت المرحلة التي قادت إلى الأسر.

وكان الحزب الشيوعي الإيطالي، قبل هذه المرحلة وبعدها، أحد الشهود على أيام القائد عبدالله أوجلان في روما، وكان قد ذهب مع عبدالله أوجلان إلى مطار موسكو، في 12 من تشرين الثاني 1998 على متن رحلة موسكو-روما، وقاوم كثيراً من أجل بقاء عبدالله أوجلان في إيطاليا، وكان ذلك الشخص هو البرلماني عن حزب إعادة التأسيس الشيوعيّ الإيطالي وعضو لجنة الشؤون الخارجية الإيطالية. وأجاب رامون مانتوفاني على أسئلتنا المطروحة عليه.

لقد اضطر عبد الله أوجلان إلى مغادرة إيطاليا على الرغم من تقديمه لطلب اللجوء السياسي، وتسببت المرحلة التي تلتها بأسره في كينيا، وفي تصريحاته حول أسره، وصف أوجلان هذا الوضع بأنه مؤامرة دولية ضده. ما رأيكم في ذلك؟  

تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات التي ترغب في مواصلة استغلال موارد كردستان، وخاصة القوى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والأحزاب السياسية الصديقة لتركيا (يجب ألا ننسى أن أجاويد هو رئيس حزب تابع للاشتراكية الدولية)، مثل الصناعات الأسلحة الخاصة والعامة التي ترى في تركيا كعميل مهم، ولا شك أنهم كانوا يدعمون بعضهم البعض لعرقلة مقترح السلام لحزب العمال الكردستاني، وأتفق تماماً مع السيد القائد في هذا الصدد.

وعندما كانت إيطاليا تصبح محور المسألة، كان الضغط العلني والسري لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية الذي تحدثتُ عن سابقاً، مصحوباً بممارسة ضغوط على حكومة داليما من أعلى مستويات الأجهزة الأمنية الإيطالية، التي كانت أكثر ولاءً لأوامر الولايات المتحدة من حكومتها، وأعرف هذا الوضع من الأحاديث التي أخبرني بها السياسيون وفي الوقت نفسه، ممثلو الحكومة الإيطالية في ذلك الوقت. 

ويعرف أي شخص مطلع على تاريخ الجمهورية الإيطالية، كما هو الحال أيضاً في العديد من القضايا الجنائية، أن أجهزة الدولة في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات كانت متورطة في الإعداد لهجمات إرهابية لعرقلة سلطة الحزب الشيوعي الإيطالي والتواطؤ مع وكالة الاستخبارات المركزية، ولذلك، لم يكن مستغرباً في هذه الحالة أن تستخدم وكالة الاستخبارات المركزية رجالها.

وبعد ضغوط من الحكومة الإيطالية، قام الأشخاص الذين تواصلوا مع أوجلان باسم حكومة داليما بالضغط بشكل مباشر على أوجلان لمغادرة البلاد، وحاولوا ممارسة هذا الضغط باستخدام اللغة “الصحيحة”، وبعد دقيقة واحدة من رد إيطاليا السلبي على طلب التسليم إلى تركيا، أصبح بإمكان أي قاض إيطالي اعتقال أوجلان بموجب اتفاقية التعاون ضد الإرهاب الموقعة بين إيطاليا وتركيا في السبعينيات والتي لم يتم إلغاؤها بعد الانقلاب في تركيا عام 1980، كما أنهم هددوا باعتقال أوجلان، الذي نُظم من قِبل الوحدات الخاصة التابعة للشرطة الإيطالية.

وبعد هذا الوضع، تحدثتُ مع القائد أوجلان لفترة طويلة وكمحامي شرحتُ له أن اعتقاله سيكون لفترة قصيرة وستنتهي محاكمته بالبراءة، ولم أقم باقتراح أي شيء لأنه كان على حزب العمال الكردستاني وأوجلان اتخاذ القرار.

وحتى لو طُلب مني إبداء رأي مباشر فلن أتمكن من القيام بذلك، لأنني لا أعرف البدائل المحتملة التي يعمل عليها حزب العمال الكردستاني، وكان هناك نقاش طويل أصر فيه أوجلان على بعض القضايا، كما أكد أن اعتقاله وفشل مقترح التفاوض، بصرف النظر عن سلامته وأمنه الشخصي، كان سيتم تفسيره من قِبل الشعب الكردي على أنه فشل نهائي وسيؤجج بدون شك من الميول والتصرفات اليائسة. 

ولهذا السبب، كان يريد مغادرة إيطاليا والبحث عن بديل، وبعد لقائي مع القائد أوجلان، طلب مني الممثلون البارزون لحزب العمال الكردستاني عقد لقاء معي وأخبروني في هذا الاجتماع أنه بالنظر إلى علاقاتنا الأخوية، فإن حزب العمال الكردستاني يميل إلى بقاء القائد أوجلان في إيطاليا، وبناءً على ذلك، أخبرتهم أنهم إذا اعتقدوا أن ذلك سيكون مفيداً، فيمكنهم إخبار القائد أن حزبي يفكر مثل حزب العمال الكردستاني وأنه من الأفضل له البقاء في إيطاليا. 

وكل ما أعرفه هو أنه بعد مغادرة القائد لإيطاليا، حظي بالتشجيع والدعم من حكومة داليما، ومن ثم تم إخباري من قِبل الإداريين في حزب العمال الكردستاني بما حدث، ولم أشارك لا أنا ولا أي شخص من حزبي بأي شكل من الأشكال في مرحلة مغادرة القائد لإيطاليا.

وبحسب ما فهمت، فإن القائد عاد إلى روسيا بعد إقامته في إيطاليا وبروز أهمية القضية الكردية في المجتمع الدولي، وعاد إلى روسيا بناءً على أخبار ومعلومات لا أساس لها من الصحة بشكل واضح عن تهيئة الظروف لمنح حق اللجوء ودعم مقترح التفاوض.

ولاحقاً، اضطر إلى مغادرة روسيا مرة أخرى بسبب الخطر على حياته أو الاحتجاز، وبعد جولة قصيرة، تم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اليونانية يقضي بوضعه في سفارة يونانية تحت الحماية الدبلوماسية في دولة ثالثة ومنحه حق اللجوء في وقت غير محدد، وبالفعل، وصل القائد إلى السفارة اليونانية في كينيا كما كان مخططاً له، مستفيداً من طبيعة السفارة الدبلوماسية خارج الحدود، وانا على معرفة بذلك بشكل مباشر، لأن جوليانو بيسابيا، الذي كان في ذلك الوقت محامي أوجلان والعضو المسؤول عن العدالة، قد أُتيحت له الفرصة للذهاب إلى نيروبي ومقابلته في السفارة.

ولكن وبشكل مفاجئ في 15 شباط 1999، أمرت الحكومة اليونانية السفير بإخراج أوجلان من السفارة، وبحسب ما تم إخباري، كانت وحدة كوماندوز مكونة من عملاء أتراك وغيرها من الأجهزة السرية تنتظره في الخارج واختطفته بشكل غير قانوني وأخذته إلى تركيا، وبسبب هذه الأحداث، اضطر ثلاثة وزراء يونانيين قاموا بتسهيل العملية إلى الاستقالة، وكان من بينهم وزيرا الخارجية والداخلية.

يتبع…