العمال الكردستاني يبدأ مراسم تسلِيم السلاح وسط ترقب دولي وإقليمي
يستعد حزب العمال الكردستاني لتسليم جزء من سلاحه في مشهد رمزي يؤكد بدء حقبة جديدة من الكفاح السياسي لاسترداد الحقوق الكردية المسلوبة من قبل دولة الاحتلال التركي.

حالة من الترقب تشهدها المنطقة استعداداً لتنفيذ ما طرحه حزب العمال الكردستاني من قرارات خاصة بنزع السلاح وبدء نشاط سياسي بعد حقبة طويلة من الكفاح المسلح انتهت بإطلاق القائد عبد الله أوجلان نداء السلام ومفهوم الأمة الديموقراطية داعياً الحزب إلى إنهاء العمل المسلح وبدء الكفاح السياسي من منطلق ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحولات جذرية على كل الصعد تستدعي تغيير الاستراتيجية والعمل على خلق حالة من الاستقرار الأمني وفقاً لمبدأ التعايش والإخاء والمساواة.
إشادات دولية
لاقى قرار حزب العمال الكردستاني ردود أفعال إيجابية على الصعيدين الدولي والإقليمي، في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة التي باتت تعاني من اضطرابات وقلاقل جيوسياسية تؤثر على الأمن والاقتصاد، وأشادت تكتلات دولية عظمى بمبادر القائد عبدالله أوجلان وقرار الحزب بنزع السلاح، مؤكدةً أن الحل السلمي للنزاعات هو الطريق الأسلم بعد سنوات من الحرب والكفاح المسلح كما وصفت الدول العربية القرار بالحكيم وأنه يصب في إطار التهدئة واللجوء إلى السلام لزيادة فرص التعايش والإخاء والمساواة، وسط حالة من التوجس من رد الفعل التركي الذي لم يرقَ إلى الخطوة التاريخية للحزب ومبادرة القائد، فلا زالت التوجهات التركية بشأن الحل السلمي للقضية الكردية غائبة وسط محاولات داخلية بطيئة لحلحة الأزمة لا تواكب ما جاء في مبادرة القائد وقرارات العمال الكردستاني التاريخية.
تحوّل تاريخي
رامي زهدي الباحث والمحلل السياسي المصري قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «إعلان حل حزب العمال الكردستاني يُعتبر نقطة تحول تاريخية في الصراع الكردي-التركي، وجاء القرار استجابةً لنداء زعيم الحزب القائد عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى إنهاء العمل المسلح، وهي الخطوة التي قوبلت بترحيب من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حيث وصفها المتحدث باسمه، بأنها مرحلة مهمة في طريق تحقيق هدف تركيا الخالية من الإرهاب».
وفيما يخص مستقبل العملية السياسية خلال الفترة المقبلة، أوضح أنّ حل حزب العمال الكردستاني يفتح الباب أمام فرص جديدة لتحقيق السلام الداخلي وتعزيز الاستقرار السياسي في تركيا، ومع ذلك، فإن نجاح هذه العملية يعتمد على استعداد الحكومة التركية للانخراط في حوار شامل مع المكونات الكردية وتقديم تنازلات حقيقية، ودون ذلك، قد تبقى العملية السياسية معرضة للتعثر، مما يؤثر سلباً على مستقبل الديمقراطية في البلاد، خاصةً وأن قرار حل حزب العمال الكردستاني يمثل فرصة تاريخية لتركيا لإعادة بناء علاقاتها مع المكون الكردي وتعزيز الوحدة الوطنية ، لكن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية والتزاماً بإصلاحات شاملة تضمن حقوق جميع المواطنين.
تقارب داخلي

الدكتور كرم سعيد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المتخصص في الشأن التركي أكد في تصريح صحفي لوكالة فرات للأنباء «ANF»: أن تعليمات القائد أوجلان لحزب العمال الكردستاني بنزع السلاح وبدء عملية سياسية شاملة ضمن نداء السلام جاء بعد تغير إقليمي ودولي فيما يخص القضية الكردية، خاصة بعد سقوط نظام البعث وتولي إدارة مؤقتة مقاليد الحكم ، فضلاً عن تحول في رؤية بعض الأحزاب السياسية التركية للقضية وتبنيها توجهات جديدة للتقارب مع المكون الكردي، وعليه فإن نداء القائد اوجلان يرتبط بمحفزات ومتغيرات محلية وإقليمية مغايرة باتت تدفع في اتجاه المصالحة، خاصةً وأن هناك تراجع لسياسة القوة الصلبة في التعامل مع الخلافات، بعد الخسائر الكبيرة في الطرفين حيث لم يتمكن الاحتلال التركي من محاصرة الإدارة الذاتية بإقليم شمال وشرق سوريا أو إقليم كردستان العراق، ومن ثم كان نداء السلام الذي ألزم حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح وبدء نشاط سياسي جديد في رحلة كفاح قد تمتد لسنوات من أجل حل جذري للقضية الكردية ».