فريد زهران: أتمنى عدم عرقلة مسار السلام والإفراج عن أوجلان سيكون رسالة إيجابية
لَقِىَ قرار حزب العمال الكردستاني بحل هيكله التنظيمي ترحيباً دولياً واسعاً مستمراً، ودعوات متزايدة للإفراج عن القائد عبد الله أوجلان.

أبدى فريد زهران السياسي المصري البارز والمرشح الرئاسي السابق دعمه للخطوة التي أقدم عليها حزب العمال الكردستاني مؤخراً بإعلان حل هيكله التنظيمي ووقف كافة أعماله المسلحة، في إطار عملية سلام لحل الصراع الكردي – التركي، معتبراً أنه إذا سارت الأمور بشكل إيجابي؛ فإننا سنكون أمام خطوة مهمة لحل القضية الكردية.
وتعكس تصريحات رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي حالة التفاعل الإيجابي العربي والإقليمي الكبيرة مع القرارات التاريخية التي أعلنت في ختام مؤتمر حزب العمال الكردستاني المنعقد في الفترة من 5 إلى 7 أيار، كترجمة واستجابة عملية لدعوة” السلام والمجتمع الديمقراطي” التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان في 27 شباط.
خطوة باتجاه حل المشكلة الكردية
وقال زهران، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن قرارات حزب العمال الكردستاني يمكن اعتبارها مبادرة إيجابية جداً، إذا كانت هناك “استجابة طيبة” من الأطراف الأخرى (أي السلطات التركية)، مضيفاً أنه “إذا سارت الأمور بهذا المعنى، فإننا سنكون أمام خطوة باتجاه حل القضية الكردية حلاً سلمياً ومرضياً لكافة الأطراف، من خلال تفاوض بنّاء، وبالتالي فهذا مسار إيجابي”.
وأعرب السياسي المصري البارز عن أمنياته بألا توضع أي عراقيل أمام هذا المسار، قائلاً: “نرجو ألا يعكّر صفو هذا المسار أي عقبات، أو أي عراقيل من أي طرف كان”، منوهاً بشأن الخطوات المطلوبة من الحكومة التركية إلى أن الكرد لديهم مطالب، فهل يمكن تحقيق بعضاً منها أو كلها عبر جدول زمني، فهذا هو السؤال؟”.
وبينما ترى العديد من القوى السياسية أن قرار الحل لا بد أن يفتح صفحة جديدة، تؤكد أيضاً أن على أنقرة مسؤولية استثمار هذه اللحظة السياسية النادرة، والتخلي عن سياسة القمع والملاحقة تجاه النشطاء الكرد، والانخراط بجدية في مشروع مصالحة وطنية عادلة.
وتذهب تحليلات إلى أن التجاهل الرسمي التركي للقرار قد يفوّت فرصة تاريخية لتحقيق الاستقرار الداخلي، خاصة أن مؤشرات عدة كانت تشير إلى تنامي الأصوات المطالبة بإيجاد حل جذري للقضية الكردية في تركيا.
لا تخلٍّ عن المطالب الكردية
هنا يقول الدكتور فريد زهران إن حزب العمال الكردستاني حين قام بتلك الخطوة لم يتخلَّ عن مطالبه، وإنما يحاول إيجاد أساليب أو طرق أخرى لتحقيق نفس المطالب التي ينادي بها، وجزء كبير منها سيأتي عبر التفاوض أو مع الوقت؛ معتبراً أنه بالتالي من المنطقي أن تكون هناك استجابة من السلطات التركية لهذه المبادرة بتلبية بعض من هذه المطالب.
وبسؤاله عمّا إذا كان ضمن تلك الخطوات الإيجابية التي يتحدث عنها الإفراج عن عبد الله أوجلان، أجاب زهران قائلاً: “هناك أمور لن تكون حلاً للمشكلة الكردية نفسها من جذورها، لكنها إن حدثت ستكون رسائل إيجابية”، مضيفاً أن “الإفراج عن أوجلان وحده ليس حلاً لمشكلة الكرد، وإنما رسالة إيجابية تعني أن هناك نية لدى النظام في تركيا للحل”.
خطوة تاريخية
وفي خطوة تاريخية اعتُبرت منعطفاً مهماً في مسار الصراع الكردي – التركي، أعلن حزب العمال الكردستاني مؤخراً حلّ نفسه وإنهاء كافة أعماله المسلّحة، وهي المبادرة التي حظيت بترحيب واسع على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة أنها جاءت استجابة للقائد عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى “نهج سلام شامل” يقوم على الحلول السياسية بدلاً من لغة السلاح.
وقد فُسرت من قبل العديد من القوى السياسية والحقوقية العربية والدولية على أنها تعكس تحوّلاً جذرياً في استراتيجية الحركة الكردية المسلحة، التي اختارت وضع حد لعقود من العمل المسلح والدخول في مرحلة جديدة تفتح الباب أمام جهود التسوية والحوار.
دعوات تتعالى للإفراج عن أوجلان
وفي أعقاب هذا القرار، تعالت الدعوات للإفراج عن المفكر الكردي عبد الله أوجلان، المعتقل منذ عام 1999 في سجن جزيرة إمرالي، وذلك باعتباره صاحب المبادرة وأحد أبرز الداعين إلى السلام والتعايش. وأكد سياسيون ومفكرون عرب أن استمرار اعتقال أوجلان، رغم مبادراته السلمية، يُعد رسالة سلبية ويقوّض مناخ التهدئة.
ويؤكد مراقبون أن التفاعل مع هذا النداء، وصولاً إلى قرار حل الحزب، يمثل اختباراً حقيقياً لنية النظام التركي في التعامل مع الملف الكردي بعيداً عن المقاربة الأمنية البحتة. وأمام هذا التطور النوعي، تبدو الكرة الآن في ملعب الحكومة التركية، التي يُنتظر منها أن تبادر بخطوات فعلية تثبت حُسن نيتها، وألا تُهدر فرصة تاريخية لبناء السلام.